موعد سداد فاتورة الغاز لشهر يونيو 2024 في مصر    ارتفاع سعر الذهب اليوم فى السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 22 يونيو 2024    شمال القاهرة للكهرباء: تطوير مراكز خدمة العملاء لصالح المواطن    الكهرباء: نسعى دائمًا إلى استخدام أحدث السُبل لتطبيق تكنولوجيا الاتصالات    حزب الله يستهدف 6 مواقع إسرائيلية بالقطاعين الشرقي والغربي من جنوب لبنان    الهلال الأحمر الفلسطيني: إصابات برصاص قوات الاحتلال جراء الاشتباكات في بلدة بيتا    قتيلان ومصابون إثر إطلاق نار بولاية أركنساس الأمريكية    أحمد سالم: الزمالك موقفه واضح من خوض مباريات جديدة في الدوري.. وننوي التقدم بشكوى رسمية ضد ثروت سويلم    بعد تعرضها لوعكة صحية.. نقل لقاء سويدان إلى المستشفى    أهمية تناول الماء في موسم الصيف    يورو 2024، منتخب بلجيكا يتلقى ضربة قوية قبل مواجهة رومانيا    اليوم .. طلاب الثانوية العامة يستأنفون الامتحانات بأداء مادة اللغة العربية    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف حنان محمد.. كرات اللحم بالجبنة وصوص الطماطم    وفاة والدة بيليه عن عمر يناهز 101 عامًا    عاجل - اعرف موعد اجتماع البنك المركزي المصري 2024    إصابة 12 شخصًا عقرهم كلب مسعور في نجع حمادي    أخبار اليوم الأسبوعي| حقائب التحدى ومفاجأة الأعلى للجامعات والجمهورية الجديدة    وصول أول رحلة للحجاج العراقيين العائدين إلى مطار النجف الأشرف    ملف يلا كورة.. موقف الزمالك من القمة.. انتصار القطبين.. وتطورات السوبر الأفريقي    تنسيق الثانوية العامة 2024 محافظة القليوبية المرحلة الثانية المتوقع    رئيس مجلس الدولة الجديد 2024.. من هو؟ مصادر قضائية تكشف المرشحين ال3 (خاص)    عضو لجنة العمرة يكشف مفاجأة بشأن وفيات الحجاج المصريين هذا العام (فيديو)    رد صارم من رابطة الأندية على مطالب الزمالك وعدم خوض القمة أمام الأهلي    عادل عقل يكشف صحة القرارات التحكيمية المثيرة للجدل بلقاء الأهلي والداخلية    «زعل بزعل».. تعليق مثير من شوبير على رفض الزمالك استكمال مباريات الدوري    التعاون الإسلامي: اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي    أمين سر حركة فتح: مصر دفعت الفاتورة الأعلى لدعم فلسطين منذ نكبة 48 وحتى اليوم (فيديو)    طقس المملكة اليوم السبت 22-6-2024 وموجة حارة جديدة تضرب أجزاء من البلاد (تفاصيل)    استعلم الآن مجانا.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس والاسم (رابط مباشر)    تفاصيل تحقيقات 8 ساعات ب واقعة مشاجرة إمام عاشور في مول شهير ب الشيخ زايد    السيطرة على حريق شب فى شقة سكنية بالمنصورة دون خسائر بشرية    مصرع شاب فى حادث انقلاب دراجة نارية بالدقهلية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    يورو 2024 .. كانتي أفضل لاعب فى مواجهة هولندا ضد فرنسا    أشرف زكي: قرارات النقابات المهنية بمقاطعة إسرائيل لا تقبل الجدل (فيديو)    شكر ووعد.. رسالة جديدة من حسين الشحات    أميرة بهى الدين ل"الشاهد": الإعلان الدستورى الإخوانى تجاوز معنى القانون    إيمي سمير غانم ضيفة حسن الرداد في «الليلة دوب».. تعرف على الموعد (صور)    شيرين شحاتة: سعيدة بتأهل روايتي للقائمة الطويلة لجائزة طه حسين    دعاء الثانوية العامة مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة عند الدخول إلى لجنة الامتحان    "التجارة البحرية البريطانية": تلقينا تقريرا عن حادث على بعد 126 ميلا بحريا شرق عدن    رئيس شعبة المحمول بغرفة الجيزة: تحرير سعر الصرف وراء انخفاض الأسعار    أخبار × 24 ساعة.. التعليم لطلاب الثانوية: لا تنساقوا خلف صفحات الغش    أستاذ علوم سياسية: مصر والأردن لهما حساسة تجاه القضية الفلسطينية    عمرو أديب يهاجم الزمالك بسبب رفض خوض مباراة الأهلي: «منتهى العبث»    سباق إيران الانتخابى.. قضايا المرأة والمجتمع والتراشق اللفظى بين المرشحين أبرز ملامح المناظرة الثالثة.. المرشح الإصلاحى يرفض العنف ضد الإيرانيات لإجبارهن على الحجاب.. وانتقادات لسياسة الحجب على الإنترنت    بيان الكنيسة الأرثوذكسية ضد كاهن قبطي ينهي الجدل حول أنشطته.. بماذا رد وكيل مطرانية المنيا؟    إعلام إسرائيلى: الجيش يقترب من اتخاذ قرار بشأن عملية رفح الفلسطينية    بكري يطالب رئيس الوزراء بتوضيح أسباب أزمة وفاة مئات الحجاج المصريين    لطلاب الشهادة الإعدادية، مدارس بديلة للثانوية العامة في الإسكندرية    «وصفات صيفية».. جيلي الفواكه بطبقة الحليب المكثف المحلي    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتاتور يتأمل ذاته في المرآة‏..‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 11 - 2011

مام موجات المد العاتية للطغيان‏,‏ يقف الأدباء الشرفاء شاهرين أقلامهم في وجه كل طاغية يضع شعبه تحت قدمه‏,‏ طمعا في البقاء مهما كانت العواقب‏,‏ وكلما اشتدت الرقابة يلجأ الأدباء إلي استدعاء شخصيات من التاريخ القديم خشية الملاحقة والسجن والقتل أحيانا, أو الفرار إلي الخارج بحثا عن حرية الإبداع, وهناك آخرون يضعون أكفانهم علي أيديهم ويواجهون تسلط الطغاة مباشرة علي صفحات إبداعاتهم بل يجعلونهم أضحوكة كما في ثلاثية ألفريد جاري المسرحية أوبو ورواية حفلة التيس لماريو فارجاس يوسا.
الثوار يتحولون إلي طغاة
د. محمد عناني يقدم لنا خلاصة تجارب شكسبير مع الطغاة في الأدب الإنجليزي بدءا بمسرحية يوليوس قيصر التي تصور تطور شخصيته من بطل مغوار إلي ملك يلتزم الديمقراطية, ثم كيف أصبح مستبدا لا يري إلا نفسه ويشتد الصراع بينه وبين قوي المعارضة في مجلس الشيوخ وينتهي ذلك الصراع بالتآمر علي اغتياله. وتلك المسرحية لا تحسم الصراع لمصلحة جانب علي حساب جانب آخر, ولكنها تقدم عناصر الصراع الدرامي في صور متعاقبة ومتداخلة لتشركنا في تأمله دون التوصل إلي حل, بمعني أنها لا تقدم إجابة حاسمة بقدر ما تطرح أسئلة وتثير قضايا.
ويصف د. عناني ملامح شخصية يوليوس قيصر بأنه تيمور لنك روماني لا حدود لطموحه ويتمتع بعبقرية جبارة, وطاغية رهيب تسبب في تدمير بلاده وحاول بكل ما أوتي من قوة إقرار الحكم القيصري, وبعد اغتياله يفاجئنا شكسبير بكارثة التحول الدرامي لأعضاء مجلس الشيوخ الثوار الذين اغتالوا قيصر الطاغية وأصبحوا هم أنفسهم طغاة.
وفي مسرحية هنري الثامن يقرر الملك الانفصال عن الكنيسة في روما ليتيح للشعب دورا أكبر في إدارة شئون البلاد, بل ليحتكر هذا الدور مستعينا برئيس الوزراء الذي هو نفسه رئيس الأساقفة.. والذي قتله الملك هنري الثامن لما اكتشف أنه حقق ثراء فاحشا بفعل الفساد, فضلا عن أنه كان يؤمن بفكرة الحق الإلهي للملوك وتبلغ سخرية شكسبير أوجها من الطغاة في مسرحية حكاية الشتاء فالملك ليونتيس طاغية ومستبد وينكر أنه كذلك ويعلن دائما أنه منحاز إلي العامة.
الدكتاتور في متاهة
أدب أمريكا اللاتينية عرف بمقاومته لظاهرة الدكتاتورية والطغيان, الذي استمر لعقود طويلة, ومعظم الأدباء هناك تصدوا لهذه الظاهرة ومن أبرزهم كما يقول د. حامد أبو أحمد أستاذ الأدب الإسباني بجامعة الأزهر جارسيا ماركيز, الذي أبدع عددا من الروايات ضد الطغيان ومثل خريف البطريرك وتقدم دكتاتورا تتجسد فيه كل صور الاستبداد والفساد ويصوره ماركيز بشكل ساخر يثير الضحك ويعيش في هذيان مستمر وهو ذو شخصية ضعيفة ولم ينج من الفساد الذي وقفت وراءه السلطة فظهرت عيوبه تلك لتتشابه مع سلوكيات طغاة عرب بدأوا يتساقطون في الآونة الأخيرة.
ثم تأتي رواية حفلة التيس لماريو فارجاس يوسا الفائز بنوبل عام0102, وهي مأخوذة عن وقائع حقيقية تتعلق باغتيال دكتاتور جمهورية الدومينيكان تراخيلو الذي اغتيل في مؤامرة. ويوسا استخدم أحداثا وشخصيات من ذسج خياله ولم يصور هذا الحدث بطريقة مباشرة وابتكر شخصية محامية تعود إلي البلاد, بعد سنوات قضتها في أمريكا الشمالية, لتكون بجوار أبيها الذي يحتضر وكان من المحيطين بالديكتاتور, وظلت تلومه علي عجزه أمام تجبر هذا الدكتاتور وصمته حين طردت بسبب موقفها السياسي. وشخصية الدكتاتور بدت رجلا طريح الفراش بسبب مرضه وعجزه, يتوهم أنه يحكم باسم سلطة إلهية, يستغلها دائما في الإطاحة بأي شخص يعارضه حتي تحول إلي نصف إله وظل يخدع شعبه إلي أن انقلب عليه.
المستبد العادل
في عصر التنوير شاعت صورة المستبد العادل ولقيت قبولا لدي فلاسفة فرنسا مثل فولتير ومونتسكو وبدا الملوك المستبدون مهتمون بالعلوم والفنون والآداب.
وتري د. ابتهال يونس أستاذ الحضارة والأدب الفرنسي بجامعة القاهرة أن هذه الصورة ظلت مهيمنة علي شخصيات الملوك وأفكار الفلاسفة في عصر التنوير حتي قامت الثورة الفرنسية التي أطاحت بالملك لويس السادس عشر, ورغم ذلك تحول زويسبير, أحد قواد الثورة, إلي طاغية مستبد وعرف عصره بعصر الرعب والقتل, مما دعا الشاعر الفرنسي لا مارتين لأن يكتب قصيدة تتناول جرائمه.
وعندما حاول نابليون الثالث الارتداد إلي عصر الملكية وجد أعمالا إبداعية تهاجمه بشراسة منها قصيدة لفيكتور هوجو عنوانها نابليون الكبير وكتبها تمجيدا لنابليون بونابرت وتصغيرا من شأن نابليون الثالث وكلما نقرأ بيتا منها نشعر بقدر السخرية والنفور من هذا الملك.
كما كتب هوجو رواية البؤساء لتمجيد ثورة1835 التي أرادت وضع حد لطغيان ملوك ارتدوا إلي عصر الحكم بالحق الإلهي وظلت فرنسا هادئة بعد ذلك التاريخ وهجرها الطغيان, إلي أن عاد شبحه من جديد في صورة دكتاتورية هتلر في الحرب العالمية الثانية وأمام هذه الهجمة الشرسة كتب ألبير كامي مسرحية كاليجولا وتدور حول إمبراطور روماني شهير عرف بهذا الاسم وجسد ببراعة كل سلوكيات هتلر وموسوليني وأفعالهما المجنونة.
وبشكل عبثي ساخر رسم ألفريد جاري ملامح طاغية وهمي يدعي أوبو وهو ذو شخصية ضعيفة تقوده زوجته حتي يثور ضده الشعب ويتخلص من شروره.
الملك هو الملك
النظم الاستبدادية كانت مثار اهتمام المسرح العربي منذ نشأته الأولي, ومعظم أعمال آباء المسرح مثل مارون نقاش وأبو خليل القباني ويعقوب صنوع الذي قدم مسرحيات وأزجالا مهرها باسم أبو نظارة كتبها وأخرجها للمسرح ليكشف عن ألاعيب الخديو إسماعيل الذي تنبه إلي ذلك ونفاه خارج مصر.
وهناك نموذج مسرحي عربي معاصر يتمثل في مسرحية الكاتب السوري الراحل سعد الله ونوس تؤكد أن العرب لن يتخلصوا من الاستبداد طالما أن نظم الحكم والحاشية هي المسيطرة والشعوب تقف مكتوفة الأيدي.
وعن تجربته الشخصية في كتابة هذا اللون من الأدب يتحدث الكاتب المسرحي أبو العلا السلاموني قائلا: قضية الحكم الشمولي فرضت نفسها علي كتاباتي منذ بدايتي مع المسرح كما في مسرحية الأرض والمغول وتتناول كفاح الشعب في مواجهة هجمات المغول من خلال التصدي للحاكم المستبد الذي تسبب في هذا الاحتلال, ونري فيها أيضا صورا للمماليك الذين يسعون للحكم عن طريق القتل. وفي مسرحية رجل في القلعة ظهر محمد علي كحاكم مستبد ولكنه كان مصلحا ومبكيا فيلميا أيضا, فقد أزاح القيادات الوطنية من طريقه واستمال أصحاب المصالح ليبقي علي كرسي الحكم دون معارضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.