ممتعضا أمضي في سبيلي,أركض باتجاه محاولة امتلاك الحكمة, لكنها بعيدة بعيدة, أحاول مجددا, بيدأن المطر توقف عن معانقة الأرض اليابسة, السحاب سافر الي بلاد أخري. استغرقتني المدن الصامتة, بكيت بأطرافها, صارت دموعي أنهارا لم يبد أحد ممن شاهدها اكتراثا بوطأة انسكابها وفرط غزارتها, ليس ثمة من يكترث للدموع الأن هي دموع أم جروح ؟ سألتني صبية ترتدي قناعا فوق وجهها قلت لها: ماسر القناع قالت هي دموع من نوع آخر دموع أم دماء ؟ سألني يافع لا يرتدي سوي صمته قلت له: ماسر الصمت قال: هو دم مسكوب في القلب رحت أدور في الطرقات أقفز بين نقاط التفتيش والعسس يراقبونني قلت أين هي الثورة ؟ التفوا حولي يسكنهم الذهول: أي ثورة؟ بدت الوجوه علي حقيقتها سطعت شمس الصمت سقطت الاقنعة قلت: هي ثورة, غير أن الصمت فرض سطوته علي المدن هذه المرة لم استجب للبكاء شرعت سيفي لأقطع رقاب الصمت أطارد البصاصين الذين ما زالوا يمارسون غواية القهر لن تنكفئ الثورة لن تكف عن إرسال صيحاتها وإطلاق أناشيدها وكتابة قصائد العشق للبلاد لن يلتفت العسس الي المدن كأكوام حجارة والبشر عبيدا للسادة الذين يرسلونهم صباحا ومساء لأطرافها فالقيامة صارت عنوانا للقصائد التي تراق علي الطرقات والميادين والحارات, والزنقات تعانق النفوس والأحلام والأشواق لن يبقي سوي الثورة المادة الرئيسية في مناهج الدراسة وكتب الشيوخ ودروس وعاظ الأحد فعار علي المدن أن تصبح بلاثورة عار علي النفوس أن تنزوي في أركان الجمود والاستلاب عار علي الثورة, أن يسرقها لصوص السلطة والمال, كتبت في دفتري السري: مذهولا من فعل من صنعوا الثورة ثم نسوها في مهرجانات العواصم والأقاليم وراحوا يلقون قصائدهم العبثية أمامها قلت: هم سارقوها, منتهكوا حرماتها شاربو دماء شهدائها هل أصابتهم غواية الحضور والظهور ؟ أين الاقامة في الميدان ؟ هوسحر أم سجن أم سجان؟ البراءة تغادرنا صيد الغزلان يستهوينا نترك الذئاب فتصر علي افتراسنا, أداعب النهر الخالد النبيل: أي اشواق اجتاحتك لحظة الثورة لم يطل في صمته: أن تخفق راية المحروسة أن تستعيد غزلانها وبراءتنا القديمة فيتدفق الماء صافيا بين ضفافي فتصفوا الوجدانات المحتقنة والقلوب الوجلة والنفوس المشتعلة من فرط قهر السنوات الثلاثين أن تستطيل قامة الحق,يكف الزبد عن تسميم رحيق الأمواج أن تشرق شمس الثورة, تعم أشعتها كل الأرجاء لا تتوقف عند حد أن تبث صيروتها في صدور الأمهات اللائي أوجعهن فقد الأحبة استشهادا أو قعودا لن تصيب الثورة, الغيبوبة أو فقدان الذاكرة بالرغم من هول هجمات الخصوم والقتلة ومصاصي الدماء والجالسين في المواقع العلنية والسرية يقودون الحرب ضد25 يناير ومشعلي النور في المحروسة هي ممتنة للثوار لقصائدهم البطولية في التغني بالمحبوبة الوحيدة التي يحاول المتقاعسون إحالتها الي التقاعد مبكرا الزمن الآتي في زمنك الآتي أبحر نحو الشمس, هي رمز للتوهج واستعادة البراءة الغائبة فعل الثورة كينونتي وخياري الأوحد لن يكون بمقدور الأفاقين والآكلين علي كل الموائد وأنصار الذوبان في حاكم المدينة أيا كان لونه أن يحجبوا هذا الفعل المتوغل فينا المختبئ بأحداق عيوننا المسافر ابدا الينا لن يكون بوسعهم التهام حدائقها التي أورقت في بر المحروسة عصية هي عليهم, عصية دونما حدود ومن قبل ارتويت من خضرة تونس وعزفت الألحان القادمة من طرابلس ومصراته وبني غازي وسرت تيبست الوجوه الباهتة فطلعت قناديل الشعوب تصيبني بعشق غير مسبوق وغير منهي عنه هو عشق الحروف الأربعة:ثاء واو راء تاء مربوطة في المحروسة عشق هذه الحروف مدعاة للمديح, في مديح الثورة أصحو. قومي أيا ثورة المحروسة أركلي المعاندين مزقي دفاترهم الماكرة وخبث نواياهم البين وسخطهم المبين عليك واجلدي الكذابين والدجالين وحاملي مباخر كل عصر قومي فالكتابة لك والانهار لك والحقول لك والعشق لك قومي فاللوح المحفوط يبارك فعلك الأسطوري حددي مسارك جددي لغتك استعيدي توهجك اكتبي أشعارك من جديد لن يتخلي عنك الخلق لن تمضي في الدرب وحدك فكوني الضوء والفرقان بين حال وحال بين العتمة والنهار, الهدي والضلال الحرور والظلال كوني نوري الآتي فيض محبتي القادم فعشقك مغزول بالروح أيا ثورة الشعب الأبي