إعلام القاهرة تنظم ملتقاها الثاني للتوظيف وتوفير فرص تدريب لطلابها    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    محافظ القاهرة يتفقد لمسات التجميل النهائية للطرق المؤدية إلى المتحف الكبير    رئيس جهاز حماية المنافسة يجتمع مع رؤساء أجهزة المنافسة الأفريقية    للمرة الأولى منذ 6 سنوات.. الرئيس الأمريكى يلتقى نظيره الصينى    دبلوماسية أمريكية سابقة: الضغط الأمريكي سيستمر على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني    «اليماحي» يجدد دعم البرلمان العربي التام لمصر في الدفاع عن أمنها المائي    جيش الاحتلال يتسلم جثمانى أسيرين عبر الصليب الأحمر فى غزة    انطلاق مباراة الزمالك والبنك الأهلي بالدوري المصري    مصرع وإصابة 3 أشخاص في اصطدام دراجتين بالبحيرة    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو اعتداء زوج على زوجته داخل محل عملها بالقليوبية    محمد ناصر يكتب: متحف يتجاوز «الفراعنة»    سفير الهند: المتحف المصري الكبير منارة تُلهم العالم وجسر يربط التاريخ بالإنسانية    نسمات خريفية    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالإسكندرية من العام المالي المقبل    تناولها بانتظام، أطعمة تغنيك عن المكملات الغذائية الكيميائية    براءة الشاب المتهم بالتعدى بالضرب على طفل العسلية فى المحلة    جماهير الزمالك تنفجر غضبًا بسبب مجلة الأهلي.. ما القصة؟    رفع 141 ألف طن مخلفات من شوارع الإسكندرية واستقبال 1266 شكوى    رسوم السحب النقدي من ماكينات الATM والحد الأقصى لعمليات السحب لجميع البنوك    هنا الزاهد أمام الأهرامات قبل افتتاح المتحف المصرى الكبير: مصرية وأفتخر    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    تداول صورة ل توروب مدرب الأهلي خلال زيارة سفارة الدنمارك بالقاهرة    بالتوقيت الشتوي.. مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف LRT    إصابة 5 أشخاص إثر إنقلاب سيارة في ترعة بالبحيرة    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    سوريا وألمانيا تؤكدان أهمية الحوار الدبلوماسي والتواصل المباشر في دعم الاستقرار الإقليمي    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    ارتفاع أسعار الفول وتباين العدس في الأسواق    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    محافظ القاهرة يصدر حركة تنقلات بين رؤساء الأحياء    قافلة بين سينمائيات تطلق ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي 2026 لتأهيل جيل جديد من المخرجات    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.. الأوقاف تطلق (1010) قافلة دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    مستقبل وطن يواصل مؤتمراته الجماهيرية لدعم مرشحيه وحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب (فيديو)    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    الليلة.. الزمالك يسعى لاستعادة انتصارات الدوري أمام البنك الأهلي    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    محافظ بني سويف: تخصيص 11 شاشة عرض لنقل افتتاح المتحف الكبير    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    مرموش يسجل هدف مانشستر سيتي الثاني أمام سوانزي سيتي في كأس كاراباو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة‏25‏ يناير بين التحرير وماسبيرو
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 10 - 2011

لاتحظي الأماكن بالقداسة والرمزية في حد ذاتها ولكن يتفق الناس في أي زمان‏,‏ حول اعتبار أماكن معينة م قدسة ورمزية‏,‏ ينبغي احترامها ولايجوز التعدي عليها‏,‏ وينشأ هذا الاتفاق نظرا لارتباط هذه الأماكن بقيم دينية أوعقائدية أونظرا لارتباطها بأحداث تاريخية اسهمت في فتح الطريق لكتابة حلقة جديدة في تاريخ الإنسانية أو في تاريخ بلد معين.
ولاشك ان المسافة بين التحرير وماسبيرو صغيرة من منظور قياس المسافات, فالمكانان متجاوران ولايفصل بينهما سوي بضع عشرات من الأمتار, بيد ان هذه المسافة من منظور مسار ثورة25 يناير بل وربما مصيرها, تبدو طويلة, وعميقة وتحفل فضلا عن ذلك بالعديد من الدلالات وتموج بشحنات كبيرة من الأمل والرجاء وخيبة الأمل والإحباط.
ففي الوقت الذي جسد فيه ميدان التحرير توق المصريين الي الحرية والكرامة والانعتاق من قيود النظام القديم والتطلع الي تحقيق المواطنة والمساواة الكاملة بين المصريين, وبعث الي حيز الوجود انبل مافي ثقافة المصريين من تقاليد وموروث, ابرزت احداث ماسبيرو مظاهر الفرقة والطائفية والعنف غير المبرر وغياب النظام والدولة او علي الاقل حضور الدولة بطريقة فاقمت العنف والفوضي بدلا من ان تضع حدا لهما. من التحرير الي ماسبيرو هي المسافة التي تفصل بين نجاح الثورة في خلع النظام القديم ورموزه وشل اجهزته الأمنية في مواجهة الاعداد الغفيرة من الثوار, وبين فشل ادارة المرحلة الانتقالية في تحقيق المساواة والمواطنة وسلمية التظاهر والتعبير عن الحقوق بعد ثمانية اشهر من المرحلة الاولي لنجاح الثورة, وفي حين ان التحرير مثل وبوضوح انقطاعا في آليات عمل النظام القديم, واثبت عدم جدواها في حمل الثوار علي التنازل والرضا بالقليل, اي مادون اسقاط النظام, شهد ماسبيرو إعادة إحياء آليات النظام القديم واعادة بعث انماط تفكير النظام القديم وآليات تبرير الاخطاء, في كل مرة يتم الدعوة الي مليونيات في ميدان التحرير كان المجلس العسكري يصدر بيانا ضمن سلسلة البيانات التي يصدرها تباعا منذ توليه ادارة البلاد, مضمونه ان مهمة تأمين المتظاهرين تقع علي عاتق اصحاب الدعوة للتظاهر من القوي السياسية المختلفة, وان اي مساس بالمنشآت الحيوية سيواجه بكل حسم, الا هذه المرة برغم علم جميع السلطات وكل الدوائر بالتظاهرة السلمية التي سوف تنطلق من شبرا في اتجاه ماسبيرو.
في الوقت الذي دشن فيه ميدان التحرير بدء ثورة المصريين السلمية البيضاء البعيدة عن العنف, ثورة كل المصريين مسلمين ومسيحيين, دشن فيه ماسبيرو آليات الشحن الطائفي والعنف الموجه الي صدور شباب الاقباط وبعض عناصر القوات المسلحة, في التحرير كان المتظاهرون يهتفون الجيش والشعب يد واحدة, امافي ماسبيرو فكان من الصعب ان يجد هذا الشعار له مكانا في تلك المواجهة المفجعة التي ادمت قلوب المصريين.
في التحرير كان الوضوح سيد الموقف, وضوح الرؤية والهدف والفاعلين, اما في ماسبيرو فأصبح الغموض سيد الموقف, فالفاعلون مجهولون حتي الآن, الفاعلون هم القلة المندسة وهم اصحاب الايدي الخفية والعابثة هم البلطجية.. الخ. هذه الاوصاف والاشارات التي تصدر وصدرت في مثل هذه المواقف للتبرير والتعمية, حيث لم يكشف احد عن هوية الفاعلين المندسين, وتلك الايدي الخفية وهؤلاء البلطجية الذين يظهرون ويختفون كأنهم من عالم الجن والعفاريت وكأنهم كائنات تعلو فوق القبض والإحضار والاتهام.
ادخل التحرير اقصد الميدان البهجة والثقة والامل في نفوس جميع المصريين, اعاد لهم الثقة في انفسهم وذواتهم فرادي وجماعات,واعطي المصريين ما يستحقونه من احساس بالكرامة والاعتزاز,وبقدرتهم علي تحقيق مايصبون اليه, أما ماسبيرو فقد خلف لدي المصريين كافة خيبة امل واحباط, وأوجد في نفوسهم ووجدانهم جروحا عميقة قد لاتلتئم قريبا الا اذا صدقت النوايا في معالجة اسباب الاحتقان ومصادره علي ضوء استلهام روح ثورة25 يناير وميراث المصريين الحضاري والروحي. نعم لن نستطيع تجاوز محنة ماسبيرو الا اذا تفحصنا جذورها في الواقع وقمنا بتشخيص شامل وعلاج حقيقي لموطن الداء.ونقطة البدء في مثل هذا العلاج الشامل هي ان يصارح المسئولون انفسهم بأنهم لايمكنهم معالجة المشكلة الطائفية والاحتقان الطائفي بنفس التفكير الذي افضي الي وجود هذه المشكلة, وينطبق هذا الامر علي جميع المشكلات والتحديات التي تواجه مصر مابعد الثورة علي مختلف الاصعدة, والحال انه لابد من الانقطاع عن التفكير والروح التي تسببت في هذه المشكلات وفاقمتها. اولي الخطوات في هذا الصدد اي معالجة المشكلة الطائفية هي اقرار حقوق المواطنة ليس فقط دستوريا وقانونيا ولكن أيضا واقعيا وفعليا, اي لايكفي النص علي حقوق المواطنين المصريين مسلمين ومسيحيين في التمتع بجميع حقوقهم السياسية والمدنية والقانونية, ولكن ان يجد ذلك ترجمة عملية وامينة في الواقع, والطريق الي ذلك هو تحقيق حلم الدولة المدنية التي تكفل هذه الحقوق وتسهر علي رعايتها وتحتفظ بمسافة متساوية من كل الاديان والملل وتحمي حقوق العبادة والعقيدة ودور العبادة وتنظم كيفية انشائها وترخيصها علي قدم المساواة للمسلمين أو للمسيحيين.
أما ثانية هذه الخطوات فهي تعليمية ثقافية, واقصد بذلك ان يكون تاريخ المسيحيين جزءا لايتجزأ من تاريخنا نحن المصريين وان يعرف اطفالنا منذ نعومة اظفارهم تاريخ المسيحية في مصر وعصر الشهداء وتاريخ الكنيسة الارثوذكسية المصرية ومواجهتها للامبراطورية الرومانية وذلك جنبا الي جنب مع دخول الاسلام الي مصر.
أما ثالثة هذه الخطوات فتتمثل في ابراز الرمزية الدينية المسيحية جنبا الي جنب مع الرمزية الدينية الاسلامية في مختلف وسائل الاعلام المكتوب والمرئي بهدف كسر الهوة التي تفصل بين هاتين الرمزيتين وتحقيق الالفة المطلوبة كركيزة للمساواة والمواطنة الكاملة. من شأن تطبيق هذه الخطوات ان تكمل إحداها الأخري, وان يلتقي السياسي بالثقافي والتاريخي, وان يتآلف الماضي مع الحاضر, ذلكم هو الطريق الي الوحدة الوطنية الحقيقية والتخلص من ميراث الفتنة الطائفية والاتجاه صوب المستقبل.
المزيد من مقالات د. عبد العليم محمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.