رغم انها اول زيارة الي تركيا وان لم تتجاوز3 ايام- التي اصبحت مجال حديث دائم بفضل النهضة التي تشهدها الان, الملامح البارزة لمدينة اسطنبول.. شوارعها ومبانيها القديمة والحديثة وايضا العشوائية تدفعك الي المقارنة طوال الوقت. اوجه الشبه حاضرة الي حد كبير مع مدينة القاهرة.. شكل المباني وروحها التي تستمدها من عبق التاريخ, الحضارة, وكذلك المباني العشوائية التي انتشرت في اطراف المدينة خلال سنوات الازمة والتخبط... ولكن شئ ما مختلف بدا حديثا بهذه المدينة انه الاحساس الذي تلحظه بسهولة بان هذه المدينة العريقة بدأت بكل جدية وسرعة تنفض غبارالعشوائية المتراكم عبر سنوات التيه لتلبس ثوب النهضة. بكل ما يتضمنه من تحديث وتطوير بدءا من ارصفة الشوارع التي تستطيع ان تسير فوقها دون نتوءات او تعثر, اويصدمك استيلاء الباعة الجائلين فيجبرك للسير وسط السيارات, ومرورا بنظافة الشوارع, واتوبيسات النقل العام, وحركة المرور, فالازحام موجود وربما يشابه لحد كبير الحال بالقاهرة مع فارق مهم وهو الالتزام والانتظام وهي كلها عناوين مهمة للتحضر تلمسها بسهولة, وانت, تشعر بالغيرة والحسرة علي ماكانت عليه قاهرة المعز, وما اضحت فيه الان, بعد ثلاثة عقود نصفها تقريبابدأت العشوائية هي العنوان والفوضي بديلا عن القانون, الفجوة بدت كبيرة عندما تشاهد حجم التطور التكنولوجي الهائل في الصناعة صناعة الالات والمعدات الصناعية التي تمثل الانتقال الي دائرة الدول الصناعية تشاهد ذلك في الات الطباعة والصحافة والصناعات الخشبية في معرض الصناعات الهندسية الذي تنظمته هيثة المعارض التركية سنويا, والذي تحرص علي دعوة ممثلي غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية للمشاركة في اعماله في اطار اهتمام البلدين بدفع التعاون المشترك في التجارة, والاستثمارات المشتركة. ولكن تركيا التي تشهد الان طفرة اقتصادية كانت تعاني ازمة اقتصادية ضخمة قبل8 سنوات فقط, الا انها خرجت منها هي لتحتل المرتبة ال16 ضمن اكبر الاقتصاديات العالمية في العام الماضي والتي تسعي بقوة للانضمام الي اكبر10 اقتصاديات في العالم عام2023 الذي يوافق100 سنة علي ثورة اتاتورك, ما تحقق يعطيها مواصلة الانجاز والنجاح فقد تضاعف حجم الناتج المحلي الاجمالي من نحو231 مليار دولار الي736 مليار دولار خلال8 سنوات فقط من2002 الي2010, لازم ذلك قفزة في متوسط دخل الفرد تجاوزت10 الاف و79 دولارا مقابل نحو2590 دولارا, ناهيك عن قفزة في الصادرات تعكس التطور الهائل في تنافسية الاقتصاد والارتقاء بمعدلات الجودة, حيث سجلت الصادرات نحو114 مليار دولار مقارنة ب36 مليارا, فلاشك ان هذه المؤشرات تعززالشعور بالتفاؤل في قدرة مصر في الخروج من تحديات المرحلة الانتقالية الراهنة, لدي مصر الامكانيات والمقومات, ينقصها بناء النظام الديمقراطي علي اسس سليمة دون ابطاء او تعثروهذا هو المهم, لان هذا الامر هو سر نهضة تركيا الان, ومن قبلها كثير من اوروبا الشرقية الياسيا واقربها الينا ماليزيا. رغم التحديات التي يعاني منها الاقتصاد المصري حاليا بعد مرور نحو9 اشهر علي الثورة الا ان التكلفة لا تقارن بما شهدته الدول التي مرت بتجربة مصر الحالية, كما لاتقارن بالتوقعات بالافاق الرحبة والتطور الهائل الذي ينتظر الاقتصاد وهو امر يؤكده الخبراء ومنهم الدكتور احمد جلال كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي السابق والمدير التنفيذي لمنتدي البحوث الاقتصادية وربما الازمة الضخمة التي كان يعاني منها الاقتصاد التركي خير دليل حيث تعرضت الليرة التركية لما يشبه الانهيار, ولم يكن مستغربا ان تدفع وقتها للتاكس200 الف ليرة مثلا في مشوار قصير, الان الليرة استعادت قوتها وتحقق تطورا بفضل الزيادة المضطردة في الناتج المحلي الاجمالي حتي ان سعر صرف الدولار امام الليرة في تراجع مستمر حيث يصل الي8,1 ليرة الان, معدل التضخم سجل عام2002 ما يقارب30% الان4 ,6%, حجم الدين العام المحلي كان قد بلغ7 ,73% من الناتج المحلي الاجمالي تراجع العام الماضي الي ما دون ال40%. التوجه الاسلامي لحزب العدالة والتنمية لم يمنع الاهتمام بتنمية قطاع السياحة الذي يمثل احد القطاعات المهمة في الاقتصاد ليتضاعف عدد السائحين من5 ,8 مليون سائح ال 8,20 مليون وتصل ايرادات هذا القطاع22 مليار دولار, توقعات دوائر الاستثمار والمال العالمية في السوق التركية شهدت تطورا كبيرا بفضل الشفافية ومكافحة الفساد وتطوير الادارة والتعليم وتدريب تأهيل الموارد البشرية, حيث اجتذبت السوق التركية مايزيد علي22 مليار دولار العام2007, ثم تراجعت تأثرا بالازمة العالمية, واذا كانت ثورة25 يناير بمصر قامت من اجل العدالة الاجتماعية فمن المهم ان نشير الي ان تركيا نجحت خلال هذه الطفرة الاقتصادية التي تراوح فيها متوسط معدل النمو الاقتصادي ما بين7 الي8% ان تقلل من الفجوة بين شريحة اكبر20% من الاغنياء ونفس النسبة من الفقراء. ووفقا لنائب رئيس الوزراء التركي علي باباجان فان معدل النمو سجل11% في النصف الاول من العام الحالي رغم الازمة التي تطارد اقتصادات العديد من دول الاتحاد الاوروبي وابرزها اليونان جارة تركيا, كما سجل الربع الثالث8,8% في حين كانت التوقعات تدور حول6% لتسجل تركيا احد اكبر الاقتصادات العالمية نموا, السؤال الان مالذي ينقصنا في مصر لتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية يجني ثمارها فئات كلها ولايقطفها قلة قليلة من الاغنياء ؟تجارب الدول التي سبقتنا حاضرة انه التحول الديمقراطي الذي يؤسس لدولة القانون والمحاسبة والشفافية ويقضي علي الفساد والمحسوبية, مع اعطاء اولوية لتطوير التعليم وزيادة تناقسية العنصر البشري الذي هو ثروة مصر الاساسية.