احتفاءً ب توقيع اتفاقية الدفاع المشترك.. أبراج السعودية تُضئ بعلمي المملكة وباكستان (صور)    غزل المحلة يرفض خوض إى مباراة تحت إدارة الحكم محمود بسيونى مرة أخرى    «واضح وصريح».. الأهلي يتخذ قرارًا جديدًا بشأن سداسي الفريق.. شوبير يكشف    وزير التربية والتعليم يعتمد نظامًا جديدًا للدراسة والتقييم في الثانوية العامة يبدأ من العام الدراسي 2025/2026    أخبار × 24 ساعة.. الخارجية: لا بديل عن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية    رسميًا بعد مد فترة التقديم.. آخر موعد حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2025 لمحدودي الدخل    مصفاة "دانجوت" النيجيرية تصدر أول شحنة بنزين إلى الولايات المتحدة    90.2 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    محمد صلاح يتجاوز ميسي ومبابي ويكتب فصلًا جديدًا في تاريخ دوري الأبطال    ترامب: زيارتي للمملكة المتحدة أحد أسمى التكريمات في حياتي    «نومي بار يعقوب» المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة السابقة: إسرائيل تنشر الفوضى.. و«هجوم الدوحة» يستوجب صوتًا عربيًا واحدًا (الحلقة 41)    قبل أيام من انطلاق المدارس.. تحويلات الطلاب مهمة مستحيلة!    نقيب المحامين يكرم400 طالب متفوق من أبناء محامي الإسكندرية    لأول مرة.. ترشيح طالب من جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو 2025    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    "أوبن إيه.آي" تتجه لإنتاج شريحة ذكاء اصطناعي خاصة بها.. ما القصة؟    أسامة فراج بعد محمد محسوب .. ساحل سليم تتصدر قائمة التصفية خارج إطار القانون من داخلية السيسي    مكافحة الإدمان: علاج 100 ألف مدمن خلال 8 أشهر    كنت باخد لفة بالعربية من ورا بابا، اعترافات المتهم بدهس مسن بسيارة دبلوماسية في المهندسين    تكريم أمينة خليل.. تفاصيل حفل إطلاق النسخة السابعة من مهرجان ميدفست مصر (صور)    الشاعر الغنائي فلبينو عن تجربته مع أحمد سعد: "حبيت التجربة وهو بيحكيلي عليها"    أحمد سعد مداعبا المؤلف الغنائي محمد الشافعي: "بكلم مامته عشان يألف لي"    مؤسس مهرجان ميدفست مصر: جوائز مالية بمليون و250 ألف جنيه لدعم صناع الأفلام    محمد عدوي يكتب: الخفافيش تعميهم أنوار الشمس    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مدينة القصاصين بعد تعرضه لوعكة صحية    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    هتتفاقم السنوات القادمة، الصحة تكشف أسباب أزمة نقص الأطباء    أسباب الإمساك عند الطفل الرضيع وطرق علاجه والوقاية منه    عاجل- بعد قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة.. حركة أسعار المجوهرات في محلات الصاغة    إعلام إسرائيلي: ديرمر التقى وزير الخارجية السوري في لندن بحضور المبعوث الأمريكي براك    استشهاد 99 فلسطينيًا في غارات الاحتلال على غزة خلال يوم    «الأرصاد» تُطلق إنذارًا بحريًا بشأن حالة الطقس اليوم في 8 محافظات: «توخوا الحذر»    عاجل| "الشعاع الحديدي": إسرائيل تكشف عن جيل جديد من الدفاع الصاروخي بالليزر    سعر الموز والتفاح والمانجو والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 18-9-2025    إنتاج 9 ملايين هاتف محمول محليًا.. وزير الاتصالات: سنبدأ التصدير بكميات كبيرة    ميدو: ياسين منصور رحل عن شركة الكرة بسبب التدخلات.. وهناك تصور لوجوده نائبًا مع الخطيب    موعد مباراة برشلونة ونيوكاسل يونايتد في دوري أبطال أوروبا والقناة الناقلة    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا بالدوري    "بعد هدف فان دايك".. 5 صور لمشادة سيميوني ومشجع ليفربول بعد نهاية المباراة    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    رئيس جامعة طنطا يشهد حفل تخريج الدفعة ال30 من كلية الهندسة    زي المحلات.. طريقة «أكواب الرمان» بالكركدية    احتفاءا بالوفاء.. صور لتكريم الراحلين والمتقاعدين والمتميزين في جامعة القاهرة    أ ب: مصابان على الأقل بحادثة إطلاق نار في ولاية بنسلفانيا الأمريكية    دوري أبطال أوروبا.. بايرن ميونخ يكرم ضيافة بطل العالم    إصابة سيدة في انهيار شرفة عقار غرب الإسكندرية    باريس سان جيرمان يكتسح أتالانتا برباعية ويعلن انطلاقته القوية في دوري الأبطال    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يكرمان الفائزين بجوائز التنسيق الحضاري    4 أبراج يحققون إنجازات خلال أسبوع: يجددون حماسهم ويطورون مهاراتهم ويثبتون جدارتهم في العمل    العمل تعلن وظائف جديدة في الأردن بمجالات صناعة الكرتون والشيبسي    ما حكم كثرة الحلف بالطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحب يين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن شلقم..شاهد على جنون القذافي
جعلوه ناصر..فرأى نفسه ملك الملوك

حين أبلغت معالي الأستاذ عبدالرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي الأسبق ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة برغبتي في حوار معه‏,‏ جاء رده بالموافقة سريعا لما يحمله لجريدة الأهرام من مودة خاصة‏,‏ تعود إلي أيام تدربه فيها في أوائل السبعينيات من القرن الماضي أبان دراسته الصحافة بجامعة القاهرة. وأيضا لعلاقة الزمالة التي جمعتنا معا في جريدة البلاغ الليبية عقب حرب اكتوبر1973 م بشهور.
وفي هذا الحوار الطويل يكشف شلقم النقاب عن أسرار عدة, وجوانب مخفية بعضها يتعلق بالقذافي وبعضها بسياسته, منها أن هدفه من ثورة الفاتح من سبتمبر كان شخصيا. نابع من توهمه أنه النسخة الليبية للزعيم جمال عبدالناصر, ولهذا كانت محاولته عزل مصر بعد كامب ديفيد للانفراد بكرسي الزعامة العربية, ثم اطلاقه نظريته العالمية الثالثة, حيث تضخمت ذاته وبات المجال العربي أضيق من أحلامه, وما أتبع ذلك من اعلان نفسه ملك ملوك إفريقيا.
شمل الحوار أيضا خلفيات علاقة القذافي بمبارك وزين العابدين بن علي وعمر سليمان, وكيف مات وزير الخارجية الأسبق منصور الكيخيا في أحد سجون طرابلس, وما تحمله الأيام من لغز اختفاء الإمام الصدر, وحرص القذافي علي افقار الشعب الليبي تجنبا لمطالبته بالديمقراطية.. وأشياء أخري تقرأونها في السطور التالية.
تعود علاقتكم بالقذافي الي مرحلة الصبا قبل الفاتح من سبتمبر, فكيف كانت شخصيته وافكاره وقتها؟
لم ألتق شخصيا بمعمر القذافي قبل الثورة, عندما كان هو طالبا بمدرسة سبها الثانوية, بجنوب ليبيا, وكنت طالبا بالمرحلة الابتدائية, بقريتي الغريفة التي تبعد عن سبها170 كم. كان معمر القذافي عندئذ, يقود المظاهرات, ويلقي الخطابات الثورية, تأييدا لثورة الجزائر, والكونغو, سنة1958 .1959 وارتفع نجمه بين الطلاب, وأصبح حديث الناس, عندما قاد سنة1961 مظاهرة كبيرة بمدينة سبها, رفضا لانفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة, وتقرر طرده من ولاية فزان, كان طلاب من قريتي يدرسون معه, ومن بينهم شقيقي الدكتور مفتاح شلقم, كانوا ينقلون لنا الاعجاب والاكبار, لهذا الطالب الظاهرة, الذي هو جمال عبدالناصر الصغير كان يقلد أسلوب عبدالناصر في الخطابة, ويردد شعاراته عن الحرية, والوحدة العربية, وهجومه علي الاستعمار إلخ.. كان حلم الكثير من أبناء جيلي, أن يلتقي بمعمر القذافي, اعجابا بافكاره, وعندما حصلت علي الشهادة الابتدائية من مدرسة قريتي سنة1962 ذهبت الي سبها, فوجدت صدي صوت معمر القذافي, لا يزال يتردد في أرجاء مدينة سبها وخاصة في مدارسها. تعرفت فيما بعد علي الطالب سيد محمد قذاف الدم, ابن خال معمر القذافي, وربطتنا علاقات وطيدة, وكان عريفي في فرقة الكشافة, وكان حديثنا عن معمر القذافي, وأفكاره, لا ينقطع.
عرفتكم بعد حرب أكتوبر1973 م واحدا من الأقلام التي تنافح بقوة عن أفكار القذافي وتروج لها, كما توليتم مناصب عليا عدة بدءا برئاسة تحرير الفجر الجديد الصحيفة شبه الرسمية لنظامه ومرورا بتولي مسئوليات وكالة الأنباء الرسمية ثم وزارة الاعلام فوزارة الخارجية, وانتهاء بمنصب مندوب ليبيا في الأمم المتحدة, وطوال هذه الفترة باستثناء الأشهر الستة التي تحددت اقامتكم خلالها كنتم من أقرب المقربين له, فكيف ومتي بدأ إحساسكم بضرورة الانشقاق عنه؟
بعد تخرجي في آداب القاهرة قسم صحافة سنة1973,1972, عينت محررا في صحيفة الفجر الجديد, وعملت فيما بعد بصحيفة البلاغ, ومجلة الوحدة العربية, ونقلت للعمل بقسم الاعلام لمجلس قيادة الثورة, وفي سنة1975, عينت رئيسا لتحرير صحيفة الفجر, في تلك الفترة, كان الحماس للفكر القومي العربي, والتركيز علي التنمية, وبناء ليبيا الثورة, ليبيا الجديدة, لم يكن الاعلام يخدم شخص رئيس مجلس قيادة الثورة, ولم يسم معمر القذافي آنذاك بالقائد, كان فقط, الأخ العقيد أما الترويج لافكاره التي وضعها فيما بعد وبشكل محدد وواضح, فلم أكن من المنافحين عنها أو المروجين لها, ولا أدعي أن ذلك كان لبطولة مني, أو أنني كنت في الطرف الآخر, لكنني بحكم المواقع التي شغلتها, كانت مهمتي اعلامية وبالتحديد إخبارية ذات طابع سياسي, أما الجانب الفكري, فكان له أركانه, وأغلبهم من أساتذة الجامعة, وتحديدا من أهل الفلسفة, بالاضافة الي العناصر المعروفة من حركة اللجان الثورية, التي لم أرتبط بعلاقة ود بها, ووصل الأمر بيننا الي حد أنني واجهت عقوبة الاعدام مرتين بترشيح من تلك الحركة, وكان القذافي هو الذي أنقذني من ذلك في المرتين. أما عن انشقاقي عنه, فقد فكرت أكثر من مرة أن أترك ليبيا, وأن أذهب الي استراليا طلبا للهجرة, وكذلك, بعد عودتي من ايطاليا.
أما الاحساس بالإنشقاق, فلا أستطيع أن أجد له تاريخا, فقد كنت في كثير من المواقف أعبر عن رأيي, وأنتقد الكثير من الممارسات والتوجهات, حدث ذلك مرات ومرات بشكل علني, وقد اعطاني معمر القذافي هذا الهامش, وقلت دائما ولا أزال أقول إنه هامش المثقف, ولم يضعني في قفص الموظف, وفي حالات كثيرة, حدث خلاف حاد بيني وبين بعض اولاده, وأعضاء من مجلس قيادة الثورة السابقين وأمانة مؤتمر الشعب العام, وكان القذافي يدافع عني, ويحميني لأنه يرتاح الي هذا الخلاف, ويخدم توازناته, خاصة عندما كنت وزيرا للخارجية, فخلافي وحتي صدامي مع هؤلاء, يضمن له ألا أحد غيره يستطيع أختراق وزارة الخارجية. كان معمر القذافي, شخصية تآمرية بأمتياز, فبقدر ما ينشد الي المثقفين الموالين له, فإنه يتوجس حذرا منهم, فبعد إعفائي من منصب وزير الخارجية في مارس2009, وتعييني في منصب مندوب ليبيا بالأمم المتحدة, ذهبت إليه لتوديعه برفقة رئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي, وقبل مغادرتي الخيمة قال لي: ياعبد الرحمن أنا خائف عليك أن تهرب وعندما سألته لماذا هذا الخوف؟! قال: أن بعض الذين عملوا في نيويورك قد هربوا وفيما بعد أخبرني الدكتور محمد عبدالمطلب الهوني وهو صديق ومقرب جدا من سيف الإسلام معمر القذافي أن هذا الأخير كان يكرر أمامه اكثر من مرة: أن شلقم سيهرب وعندما سأله الهوني عن سبب هذا الإحساس, أجاب سيف: إن شلقم غاضب مما وصلت إليه أمور البلد, وأنه وصل الي حافة اليأس.
ومتي كانت آخر مرة التقيت القذافي وعما تحدثتما؟
آخر مرة قابلت فيها معمر القذافي, أثناء زيارتي الأخيرة الي طرابلس كانت يوم6 نوفمبر2010, جلست معه لمدة ساعتين وعشرين دقيقة, حدثته بالتفصيل الممل عن تردي الأوضاع في البلاد, عن انهيار التعليم, والصحة, والبطالة التي وصلت نسبة36% وعن الاختلاس. كان صبورا ووافقني في كل ما قلت
متي في رأيكم بدأ القذافي ينحرف عن اهداف الفاتح من سبتمبر, وهل يعود ذلك لطبيعة شخصيته ام لنفاق من حوله؟
لا اعتقد أن معمر القذافي قد انحرف عن أهداف ثورة الفاتح من سبتمبر, فهدفه كان هو, معمر القذافي, وقد استطاع أن يغلف هذا الهدف بقشور متعددة ومتبدلة, رفع شعارات مختلفة من مرحلة لأخري, حسب الظروف الداخلية في ليبيا والأوضاع العربية والدولية, كان القذافي مستلبا بالكامل لشخصية جمال عبدالناصر, حلمه الأكبر, أن يكون ملء دينا العرب وشاغل قلوبهم بعد حرب اكتوبر1973 حدث تطوران اعتقد معمر القذافي أنهما الجناحان اللذان سيرفعانه الي سدرة الزعامة القومية العربية. الأول: أن أسعار النفط قد ارتفعت بدرجة غير متوقعة وتدفق المال علي الخزينة الليبية, وتدافع إعلاميو الضمائر المفروشة من مشرق الوطن العربي يمجدون القذافي, ويصورون له, انه خليفة عبدالناصر الأوحد. ويبدو أن المالي النفطي يحمل في سيولته مس الزعامة القومية, وإلي اليوم نري دويلات مجهرية, تحلم بامتشاق صولجان الزعامة القومية العربية بقوة دولاراتها. الثاني: بعد توجه أنور السادات نحو أمريكا, وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد إعتقد معمر القذافي في جازما, أن مقعد الزعامة القومية العربية, من يخل فقط من شخص الزعيم, بل أيضا من عبقرية البلاد, أي من مصر, وهكذا اندفع في موكب الصمود والتصدي, والرفض, لتكريس عزل مصر, حتي يؤمن كرسي الزعامة من منافسة الشخص والبلاد. أي من السادات, ومن مصر. ولما فاضت الخزينة الليبية, رأي أن المجال العربي أصبح أضيق من أحلامه, فصاع النظرية العالمية الثالثة, وشرع ينشرها من الفلبين إلي ايرلندا, والكاريبي وإفريقيا بقوة المال والسلاح والإرهاب.
أكثر من سؤال حائر عن الأسباب التي حدت بالعقيد التخلص من زملائه في مجلس قيادة الثورة واحدا تلو الآخر, بخاصة مع ما تناقل عن النهاية الوحشية التي انتهت بها حياة الرائد عمر المحيشي, هلا أوضحتم؟
التخلص من أعضاء مجلس قيادة الثورات, هو سياق أو ظاهرة, لم يبتدعها القذافي, فقد حدث ذلك في سوريا, ومصر, والعراق, واليمن جنوبه وشماله وكذلك في الجزائر, فالكرسي, لا يتسع إلا لفرد واحد, وابتداء من سنة1973 عندما بدأ الخلاف بين معمر القذافي, وأنور السادات, ارتفعت أصوات من داخل مجلس قيادة الثورة وبعض أعضاء تنظيم الضباط الأحرار, تطالب بحل المجلس والتنظيم, ونقل البلاد الي الحكم المدني, وفي سنة.1975 اجتمع هؤلاء بنادي الضباط وطلبوا من القذافي الإستقالة, وكان علي رأس هؤلاء: الرائد بشير هوادي, الرائد عوض حمزة, النقيب عمر المحيشي, الرائد عبدالمنعم الهوني, وحددوا شهر أكتوبر 1975 لإستقالته أو فصله. قام القذافي بتأسيس تنطيم داخل الجيش من أقاربه وبعض الموالين له وهم: الرائد عبدالسلام جلود, والمقدم أبو بكر يونس, والرائد الخويلدي الحميدي, والرائد مصطفي الخروبي, وأعتقل بمساعدتهم الضباط المناوئين له بتهمة التآمر علي الثورة.
أما بالنسبة للرائد عمر المحيشي, فقد كانت العداوة الشخصية بينه وبين القذافي مبكرة جدا. فالمحيشي يعتبر نفسه متميزا عن كل أعضاء مجلس قيادة الثورة بإستثناء معمر القذافي وعبدالسلام جلود. تلك التكوينات الكيميائية بين الرجلين, أنتجت ركام من الحقد, جعل عمر المحيشي يعمل لإزاحة القذافي من السلطة, وحاول قبل ذلك قتله. وعندما تمكن معمر القذافي من رقبة المحيشي, أمر أحد أدواته وهو المهندس سعيد راشد خيشه يجز تلك الرقبة.
كيف تم اختطاف وزير الخارجية الأسبق منصور الكيخيا ومن المتورطون في هذه العملية؟ وماذا حدث للكيخيا بعد وصوله ليبيا؟
حسب معلوماتي, فإن منصور الكيخيا, قد تم إستدارجه إلي منزل المرحوم إبراهيم البشاري الذي كان مندوبا لليبيا بالجامعة العربية, تم نقل إلي طبرق ومنها إلي سجن أبي سليم بطرابلس, حيث بقي سجينا, وتوفي بسبب المرض.
في تصريحات صحفية ذكرتم أن نائب الرئيس السابق عمر سليمان كان رجل القذافي في مصر, فما طبيعة العلاقات بين الرجلين التي دفعتكم لهذا القول؟
نعم كان عمر سليمان هو ضابط الاتصال الأمني والسياسي مع ليبيا, وكان العقيد عبدالله السنوسي, مدير الاستخبارات العسكرية, وموسي كوسا, رئيس جهاز الأمن الخارجي, هما اللذان يتوليان الاتصال والتنسيق معه, خاصة في الأمور الدقيقة والحساسة, وكان القذافي يثق في عمر سليمان عبر عبدالله السنوسي, ولم يتأخر اللواء سليمان في تقديم يد المساعدة للقذافي مع أولاده. وقد نجح عمر سليمان وعبدالله السنوسي في تحقيق الوحدة الاندماجية الأمنية بين ليبيا ومصر.
وما صحة ما يقال عن منح القذافي الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي راتبا شهريا؟ وشرائه طائرة للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك؟ وما طبيعة علاقته بالرجلين؟
بالنسبة للقذافي, فإن الأمو الأمنية, خاصة تلك التي تمس أرجل كرسية, تأتي في مقدمة كل شيء, وقد وجد في الرئيسين زين العابدين بن علي وحسني مبارك نفس الترتيب, قدم القذافي دعما غير محدود للرئيس التونسي, وأشتري طائرة للرئيس المصري, ضمن الدعم المتصل له.
ألا تتفقون معي أن ما سمي بربيع الثورات العربية لم تفجره مأساة انتحار الشاب التونسي بو عزيزي ولكن عوامل كثيرة أخري, فقط الحيرة تتملكني بالنسبة للتوقيت, فبم تبررون تواليها في توقيت واحد؟ واين في تصوركم ستكون الثورة المقبلة؟
ثورة الشباب العربي تأخرت كثيرا, فقد ثارت شعوب أوربا الشرقية ضد الأنظمة الشمولية, وتمكنت شعوب أمريكا اللاتينية من الانتقال سلميا الي الديمقراطية, وكذلك الشعوب الأفريقية, في الألفية الثالثة, لامكان للطغيان وقهر الشعوب, وتسلط الحاكم الفرد. ومع ثورة الاتصالات, وفعالية تقنيات التواصل الاجتماعي, ووسائل الاعلام العابرة للفضاءات, وارتفاع قوة الأمل, توافرت شروط الثورة, لم تعد الشعوب تنساق وراء الشعارات, وتنام بتخدير شطحات الزعماء, الثائر, والمثار عليه, شب العرب علي الطوق, وجاز الظالمون المدي, فحقت الثورة.
اختفاء الإمام الصدر ظل ولايزال لغزا بلا إجابة, فما هي الأسباب التي تجعل القذافي يتخلص من رجل دين لا علاقة له بليبيا, وماذا حدث للإمام بالضبط؟
بخصوص الإمام الصدر تعددت الروايات والحكايات, والأيام القادمة ستكشف التفاصيل الكاملة والموثقة عن هذا الموضوع.
ما عدد محاولات الانقلاب والاغتيال التي تعرض لها القذافي وفشلت؟
يقولون إنها28 محاولة انقلاب, أما محاولات الاغتيال فهي كثيرة, لكني لا أستطيع أن أحصيها.
حتي منتصف السبعينيات كان الرائد عبد السلام جلود الرجل الثاني فما أسباب استبعاده ولماذا أبقي القذافي عليه حيا ؟
أسباب تنحي عبدالسلام جلود, بعضها فوق السطح, وبعضها تحته, ففي أواخر الثمانينات من القرن الماضي, بدأ معمر القذافي يتفرد بالسلطة, أدرك جلود أن العالم يتغير, وأن ليبيا تتغير, جلود أكثر اختلاطا بعامة الناس, فهو يمارس الرياضة مع شرائح مختلفة من الناس, ويلعب الورق, ويسهر, ويحتك بالاقتصاديين والمثقفين, ويستمع لهم. معمر كان يعتقد أن أي إصلاح أو تنازل لطلبات الشعب سيجعله يطلب المزيد, وبدأ الخلاف بين الاثنين وفضل جلود الانسحاب. ولم يظهر جلود في نفس الوقت أي نشاط سياسي معاد للقذافي وكان يتحرك بحرية داخل البلاد وخارجها, وتتولي الدولة تغطية كل نفقاته.
من كان الرجل القوي بعد القذافي في السنوات العشر الأخيرة؟ ومن من أبنائه كان الأقرب إليه والأكثر تأثيرا في قراراته؟
بعد انسحاب عبد السلام جلود, لم يسمح القذافي بوجود رجل ثان في ليبيا, وزع الصلاحيات علي أشخاص متعددين, كان يطمئن الي صنيعة مراكز القوي أكثر من قوة المؤسسة. في السنوات الأخيرة تفرغ القذافي لحلم الاتحاد الإفريقي, ولعالمه الليلي, وترك تفاصيل الأمور في داخل ليبيا لرئيس الوزراء البغدادي المحمودي, الذي كان مطلق اليد في الأموال الليبية, فاستفاد وأفاد, حاول سيف الإسلام القذافي أن يستعمل البغدادي المحمودي, لكن الواقع الذي حدث هو العكس.
ما قصة تقبيل رئيس الوزراء الإيطالي سيفليو برلسكوني يد القذافي؟
سيلفيوبرلسكوني, شخصية فريدة, التقت فيه شخصيات كثيرة, فهو رجل مال, وفنان مغني عاشق للنساء, مهووس بالسلطة والقوة. وله خيال لا تحده حدود, رأي في القذافي كونا من التركيبات التي شدته إليه, عندما يلتقيان, يكون الحديث عن النساء, والليل, والمتعة هو المحور, لا يتوقف سيلفيو برلسكوني, عن دفق النكت والقفشات عن موضوعه المحبب النساء, يستمع القذافي بإبتهاج, وإن تظاهر بالخجل, بسبب وجود مترجم.
عامل آخر شارك في صناعة هذه الكيمياء بين الاثنين, وهو حب برلسكوني لليبيا, فقد بدأ حياته مغنيا علي مركب يحمل السواح من إيطاليا الي ليبيا, وأول نقود دخلت جيبه, كانت من تلك الرحلات الغنائية. أضف الي ذلك أن إيطاليا هي الشريك الاقتصادي لليبيا, فعندما قبل يد القذافي كان يشعر أنه يقبل يده هو.
ملك ملوك أفريقيا, نكته ضحك العالم كله لسماعها, فمن كان وراء إدخال هذه الفكرة الكوميدية إلي ذهن العقيد؟
ملك ملوك أفريقيا, من القفزات العبثية التي شاركت في قصم ظهر القذافي, كانت وليدة خياله, جلست مع بشير صالح بشير يوم30 أغسطس2008, نأكل المكرونة خارج خيمة معمر القذافي, بعد أن قمنا بمراجعة مشروع المعاهدة الليبية الايطالية معه, لاحظت ضيقا باديا علي بشير, سألته, ما الأمر؟ قال هناك فالطة أي مشكلة كبيرة, صاحبك يقصد القذافي يريد أن يعلن نفسه ملك ملوك أفريقيا, كنا في مزرعة القذافي بمنطقة الهواري ببنغازي, كان بشير مضطربا يكاد يبكي, أشار بيده إلي أن معمر القذافي يعيش حالة جنون, قلت له هل تحدثت مع ابنه سيف الاسلام, قال نعم وأن سيف الاسلام يبكي, إقترحت علي بشير, أن أدخل علي القذافي لإقناعه بالتخلي عن الفكرة, نهض بشير وقال بإنفعال, أرجوك لا تفعل, لقد حاولت مناقشته, ورفض ذلك, أحد الملوك التقليديين من غانا, قدم هذا الإقتراح, وفرح به القائد, وبادر بعض الانتهازيين الليبيين, باعداد التاج والصولجان.
برغم أن الشعب الليبي كان مؤهلا لأن يصبح واحدا من أعلي شعوب العالم دخلا قياسا بنسبة تعداده مقارنة بثروته المعدنية, إلا أن نسبة الفقر بلغت حتي قبل سقوط النظام بأشهر نحو ثلث السكان, ألم تصل هذه الإحصاءات لأسماع العقيد؟
معمر القذافي, كان له إعتقاد راسخ, بألا تشهد ليبيا أي نوع من أنواع الانفتاح الاقتصادي, أو السياسي, أو الثقافي, لأن ذلك سيقود إلي المطالبة بالديمقراطية والحرية السياسية وحرية الرأي, كان يقول إن الذي يملك المال مثل الذي يمتلك السلاح, ورفع مقولة السلطة والثروة والسلاح بيد الشعب, وفي الواقع ألا يكون أي شيء من ذلك في يد الشعب, وكان هو من يتدخل شخصيا في كل تفاصيل النشاط الاقتصادي, ويأمر بمحاربة كل من يكون ثروة, ويحرص علي تفكيك البني الاقتصادية بإستمرار لإعادة تكوينها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.