أحمد القاصد ببحث التعاون المشترك بين جامعة المنوفية والجامعات الصينية    المغرب.. إنتاج 45%من احتياجات الكهرباء بالطاقة المتجددة    الطاقة الذرية الإيرانية: الصناعة النووية متجذرة في بلدنا ونموها لن يتوقف    كأس العالم للأندية 2025.. بنفيكا يحسم الشوط الأول أمام بايرن ميونخ بهدف    لاعب برشلونة يدخل حسابات ميلان    بدء تقديم تظلمات الشهادة الإعدادية في جميع المحافظات.. اعرف الخطوات والمواعيد    مينا مسعود يفاجئ جمهور فيلم في عز الضهر داخل السينمات: ردود الفعل أغلى من أي نجاح    "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ    زيارة مفاجئة لرئيس الشئون الطبية بالتأمين الصحي لمستشفى النيل لمتابعة جودة الأداء والتطوير    نوتنجهام يفتح محادثات مع يوفنتوس لضم وياه ومبانجولا    الأهلي يجهز تقريرا طبيا عن إمام عاشور لإرساله إلى المنتخب    هولندا تقدم حزوة مساعدات لصناعة المسيرات في أوكرانيا    القبض على سيدة القروض الوهمية بالمحلة بعد استيلائها على 3 ملايين جنيه من 40 ضحية    أوقاف شمال سيناء تطلق مبادرة توعوية بعنوان "احمى نفسك"    بريطانيا تعرب عن قلقها العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة في طرابلس    شتلة صغيرة استدامة طويلة.. شعار جامعة حلوان في اليوم البيئي    جائزة لرجل الصناديق السوداء    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر بعد هجوم إيران.. ويطالب بضرورة احترام سيادة الدول على كامل أراضيها    البطريرك يوحنا العاشر يستقبل المبعوث الأممي بيدرسون في دمشق    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    العرض الأفريقي الأول لعائشة لا تستطيع الطيران بمهرجان ديربان السينمائي الدولي    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    «بسمة بوسيل» من الغناء إلى الكاميرا.. و«بيج رامي» يشعل صيف السينما    محمد مطيع يناقش خطة اتحاد الجودو مع المجلس العلمي لوزارة الرياضة    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    ماكرون يخشى من خطر تزايد «تخصيب اليورانيوم» سرّا في إيران    «الداخلية» تمد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    جنايات دمنهور تؤجل محاكمة عامل بكفر الدوار لاتهامه بخطف أطفال والتعدى عليهم    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    «ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة» في احتفالية ب أسيوط    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    سانتوس يقترب من تجديد عقد نيمار    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    تبدأ 26 يوليو.. محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للنقل والشهادة الإعدادية    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    ملكة هولندا تستضيف زوجات قادة الناتو خلال قمة الحلف    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    إزالة 1883 حالة تعدٍ بالبناء المخالف على أملاك الدولة ببني سويف    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    القومي للمرأة يشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    رسائل قوية من بوجبا عن أزمة المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهرام تستطلع مسار الثورة في تونس‏(5)‏
إسلاميون لا ينادون بتطبيق الشريعة
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 10 - 2011

قبل إجراء حوار الأهرام مع الشيخ راشد الغنوشي بيومين فقط‏,‏ أصدر حزب حركة النهضة برنامجه لخوض انتخابات المجلس التأسيسي غدا‏,‏ وذلك تحت عنوان من أجل تونس الحرية والعدالة والتنمية.. تونس كما نراها. علما بأن شعار الحزب بالأصل هو حرية.. عدالة.. تنمية. والنهضة حزب له تاريخه وتراثه غير المنكورين بين حركات الإسلام السياسي, وقد أصبح مرشحا بقوة لحصد أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات ومن دون منازع. وتظل مشاركته المنتظرة في حكم تونس حدثا غير مسبوق في التاريخ الحديث لمنطقة المغرب العربي وفي الوطن العربي إجمالا. كما يتوقع أن تكون له تداعيات علي المستقبل. ونظرا للتوجه الإصلاحي التجديدي الذي اتخذته قيادة النهضة من داخل تيار الإسلام السياسي, فقد سعينا الي أن نخص هذا الحزب بقراءة في برنامجه الانتخابي, علما بأن الساحة السياسية في تونس تضم حاليا نحو عشرة أحزاب وتنظيمات إسلامية أخري تعد هامشية ولا يضارع أي منها حزب وتيار الغنوشي في جماهيريته و تأثيره علي الأحداث, و أغلبها علي يمين' النهضة' وتعارض خطابه الحداثي الذي يتقدم به الآن للمجتمع والناخبين.
ويخلو البرنامج الذي يقع في50 صفحة تماما من أي ذكر لالشريعة الإسلامية أو الدعوة لاستلهامها أو تطبيقها. وحتي في الجزء الخاص بالسلطة القضائية لايوجد أي نص علي مرجعية الشريعة لقوانين البلاد. ويكتفي عند الإشارة الي الإسلام باستعادة النص الموروث عن أول دستور في عهد بورقيبة( دستور عام1959) تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها. وأقصي استدعاء للإسلام في البرنامج لا يتجاوز كونه مرجعية وسطية متفاعلة عبر الاجتهاد ومع كل خبرة بشرية تثبت فائدتها وبوصفه مكونا حضاريا. واللافت كذلك أن نصا بهذا الحجم يصدر عن حركة إسلامية بالأصل لم يلجأ للاقتباس من آيات القرآن إلا في حدود أربع مرات فقط و بإيجاز بالغ. والنصوص الأربعة في مجملها تحض علي الحرية وتعلي من قيمة الإرادة الإنسانية وإشاعة الأمان والطمأنينة. كما أن نص البرنامج كان واضحا في الالتزام بالامتناع عن استخدام المساجد في الدعاية الحزبية والمجادلات السياسية حين قال: تري الحركة أن المصلحة العامة تقتضي تحييد دور العبادة عن الدعاية الحزبية, وهي التي طالما قيل انها استخدمت المساجد والزوايا في التجنيد لها في عهد الرئيس المخلوع بن علي.
برنامج حزب النهضة يتبني مدنية الدولة بدون النص علي أية مرجعيات إسلامية كانت أو غير إسلامية. ويتحدث عن دولة عصرية توفر مقومات المواطنة. وفي لغة تصالحية مع التاريخ الحديث للبلاد, يقدر جهاد التونسيين وروادهم الذين حققوا الاستقلال وبنوا الدولة التونسية الحديثة. وعند تصور البرنامج للنظام السياسي المأمول بناؤه في تونس فإنه لا يستدعي إلا الصياغات الديموقراطية الحداثية التي ترسخ الحريات العامة والفردية والتعددية والتداول السلمي للسلطة والمؤسسات الحديثة وتستأصل جذور الحكم الفردي وتقطع الاستبداد وتقوم علي المواطنة و سيادة الدستور وإحترام القانون وسائر شروط الحكم الرشيد.
كما يلفت النظر في وعي برنامج النهضة بهوية تونس أن الإسلامية حلت في المرتبة الثالثة حين ينص علي أن تونس بلد متعدد الأبعاد والصلات: مغاربية عربية وإسلامية وإفريقية. وبالأصل فإن مقدمة البرنامج تطرح سؤال النهضة المطروح علي العالم العربي منذ القرن التاسع عشر, وتشير الي الإجابات الإصلاحية التي قدمها في ذلك الحين أعلام الفكر والسياسة كرفاعة الطهطاوي في مصر وخير الدين باشا في تونس. ولذا فإن هذه المقدمة تتحدث عن الوعي بالتخلف الحضاري مقارنة بما حققه الغرب من تقدم أكسبه قوة وعزة وثراء ويشدد علي ردم هذه الهوة عن طريق بذل الوسع في اكتساب العلوم الحديثة والتقنيات وتطوير الإدارة والمؤسسات السياسية و أساليب الإنتاج و درء آفة الإستبداد. وبوضوح فإن المقدمة تنص علي أن حركة النهضة تعتبر نفسها إمتدادا لرسالة الإصلاح السياسي والاجتماعي والثقافي وبمرجعية المشروع الإصلاحي التحديثي عند العرب منذ القرن التاسع عشر. كما تتكرر كلمة' الحداثة والتحديث علي نحو لافت في مواضع عدة بالبرنامج. ويسعي البرنامج الي تقديم وعي حركة النهضة بذاتها بوصفها إمتدادا لمدرسة الإصلاح هذه. كما يفيد في هذا السياق نص البرنامج علي القول بأن الحركة تعتبر أن الفكر الإسلامي بحاجة الي تجديد مستمر ليكون قادرا علي مواكبة التطور, مع إشارات لافتة الي الحاجة الي إعمال العقل وفتح باب الإجتهاد و لأهمية مواثيق حقوق الإنسان الدولية من موقع التقدير والاحترام والالتزام لا المخاصمة.
ويقطع برنامج حزب حركة النهضة بوضوح مع تراث الأصولية والجهادية بما في ذلك الحاكمية لله, حين ينص دون لبس علي أن السلطة للشعب... وعلوية( أولوية وسيادة) الدستور والقانون.
وفي أبواب الثقافة والتعليم و السياحة لا ذكر لأية محددات أخلاقية أو رقابية باسم الدين ولا أثر لأية لغة تحريمية, بل حديث واضح عن تراث وطني وخطط وطنية للنهوض بهذه المجالات. وبخصوص الموقف من حقوق المرأة تحديدا فإن البرنامج يعتمد لغة مطمئنة. فيتعهد ب الحفاظ علي مكتسباتها و تفعيل دورها في مختلف المجالات. وينص علي تكافؤ الفرص مع الرجل في كل المستويات السياسية والإدارية. وهو بذلك وضمنيا لا ينكر علي المرأة تولي أي منصب بما في ذلك رئاسة الدولة أوالولاية الكبري. كما أن البرنامج لايتضمن أي نص يدعو لمراجعة وتعديل مجلة( قانون) الأحوال الشخصية الموروث من زمن الرئيس الحبيب بورقيبة, والتي تمنح المرأة التونسية حق تطليق نفسها و يحظر ويجرم تعدد الزوجات. وينص البرنامج بوضوح علي رفض التدخل في حرية الملابس التي تختارها المرأة للظهور بالمجتمع, حجابا كان أو تنقبا أو سفورا, فيقول ب حماية المرأة ومناهضة إكراهها علي نمط معين من اللباس.
وعلي مستوي علاقات تونس الخارجية, يلفت الانتباه السعي لبناء علاقات متميزة مع دول الاتحاد الأوروبي وبخاصة الدول المتوسطية الأعضاء في الاتحاد وعلي أساس الطموح الي مكانة الشريك المتميز. والبرنامج يتضمن أيضا إشارة خاصة بشأن مصر حين ينص علي: بعث سوق مغاربية مشتركة وبحث إمكانية تفعيل هذا الفضاء الإقليمي ليشمل مصر.
ومع كل ذلك, فإن معظم البرنامج يذهب الي معالجة قضايا لا تتصل بمهمة وضع دستور الجمهورية التونسية الثانية المكلف بها المجلس التأسيسي. بل ينطوي علي وعود تتعلق بالمرافق والخدمات والإقتصاد مثل التعهد بتوفير590 ألف فرصة عمل في غضون خمس سنوات. لكن مراقبين إعتبروا أن خطاب البرنامج العصري الحداثي قد يصدم الأحزاب والجماعات الإسلامية في المشرق العربي علي نحو خاص ويمثل تحديا لتلك التي تدعو لتطبيق الشريعة وتنادي ب دولة إسلامية أو دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية أو تتردد إزاء حق المرأة والأقباط في المساواة و تقلد كل الوظائف السياسية بما في ذلك رئاسة الدولة والحكومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.