لا أحد ممن قرروا خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام القائمة أو الفردي واثق من مرور أول تجربة ديمقراطية يختار فيها الشعب ممثليه في هدوء وسلام.. فالمخاوف تسود الشارع السياسي من انفلات امني لاتزال تعيشه البلاد عقب ثورة25 يناير.. ومن بلطجية ومسجلين خطر يصل عددهم إلي93 ألف شخص, ومن كميات كبيرة من الأسلحة صارت في حيازة الخارجين علي القانون.. ومن أشقياء تمثل الانتخابات بالنسبة لهم فرصة كبيرة للحصول علي المال من مرشحين يسعون للحصول علي عضوية البرلمان بأي ثمن, ومهما يكلفهم ذلك. الفوضي, والبلطجة, والانفلات الأمني أصبحت أمرا بالغ الخطورة علي المجتمع ككل, وعلي الانتخابات القادمة.. هكذا قالت لنا د. فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائي ورئيس اللجنة التشريعية السابق في مجلس الشعب, وإذا أردنا أن تكون هذه العملية نزيهة, ومعبرة عن حقيقة وإرادة الشعب, فإنه لابد أن يتوافر وجود أمني كثيف في مقار الانتخابات, وإلا فإن هؤلاء البلطجية سيجدون مجالا خصبا لتشويه العملية الانتخابية, بحيث يتاح لفلول النظام السابق الفوز بنسبة كبيرة من مقاعد البرلمان مما يهدد مستقبل مصر, خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني التي أراها مشكلة المشاكل الموجودة في مصر حاليا, حيث صاحبها انتشار أعمال البلطجة, والنهب, وترويع الآمنين, والقتل, وحينما تحل هذه المشكلة سوف تحل اغلب المشكلات القائمة علي الساحة الآن.. وعلي ذلك, فإن علاج ظاهرة الانفلات الأمني والتي يجب أن تنتهي قبل الانتخابات البرلمانية القادمة تكمن في وسيلتين: الأولي هي ضرورة إعادة كل قوي الشرطة عن الشارع المصري, فلا أتصور أن يتخلف أي ضابط أو أي رجل شرطة عن عمله, دون أن يلقي جزاء عن ذلك, ولذلك فإنه من غير المفهوم وجود هذا الفراغ الشرطي إلي الشارع المصري طوال الفترة التي أعقبت الثورة, مع أن جهاز الشرطة ملزم بأداء واجبه وفقا للقانون, شأنه في ذلك شأن جميع موظفي الدولة, وهذا الانفلات الأمني يضع علامة استفهام كبيرة, من حق المواطنين أن يجدوا إجابة عنها. أما الوسيلة الثانية لمواجهة هذا الانفلات فتتضمن ضرورة توعية الجماهير المصرية كافة بأهمية احترام رجل الشرطة, ومساعدته في أداء واجبه بإخلاص للوطن والمواطن, وهذه التوعية مهمة خاصة مع وجود الفجوة القائمة بين الشرطة والشعب, ويجب أن يعلم الجميع أن هذه الفجوة هي التي تؤدي إلي عدم الأمان للشعب, هنا يجب أن تركز التوعية علي أن ما حدث من إطلاق الرصاص علي المتظاهرين وهو السبب الأساسي في حدوث الفجوة بين الشعب والشرطة, ويجب أن ينحصر الاتهام فيمن خرجوا علي القانون من رجال الشرطة, وكلنا نعلم أن اغلب هؤلاء- إن لم يكن كلهم- يحاكمون حاليا أمام القضاء المصري الذي نثق في عدالته كل الثقة, ولا يجوز أن تتحمل الشرطة كلها كراهية الناس لخروج بعضهم علي القانون, كما أن وقائع الهروب الجماعي للمساجين لابد أن يتم التحقيق فيه بشكل دقيق لتحديد مسئولية الذين قاموا بفتح السجون أيام الثورة. وتتساءل: أين كان هؤلاء البلطجية قبل الثورة؟ ونطالب بالتحقيق مع من يقبض عليه منهم لمعرفة من وراء هؤلاء, ومساءلتهم بشكل صارم عما يحدث الآن من أعمال بلطجة وعنف في الشارع المصري, مشيرة إلي أن المرسوم العسكري الذي صدر أخيرا بتجريم البلطجة, وتشديد العقاب عليها, سيكون له أثره في الحد من هذه الظاهرة, لأنه سبق الحكم بعدم دستورية القانون من قبل, ومن الأهمية بمكان متابعة وجود الأسلحة الآلية في يد المواطنين لان ذلك يسهم في تيسير عملية البلطجة, وكذلك ضرورة تشديد العقاب علي إحراز السلاح بدون ترخيص. والقاعدة في القانون الجنائي تقول إنه لا يمكن القبض علي شخص إلا إذا قامت ضده دلائل قوية علي ارتكابه جريمة معينة, وهذه القاعدة مهمة لحماية الحريات لان الأصل في الإنسان البراءة, ولكن مادمنا نمر بظروف استثنائية, ونريد أن نحجب هؤلاء البلطجية عن العملية الانتخابية, ونريد أيضا عودة الأمن في الشارع المصري, ومادام قانون الطوارئ لا يزال ساريا في مصر, وتم تفعيله أخيرا, فإنه يمكن الاستناد إليه في مواجهة هؤلاء البلطجية لإبعادهم عن عملية الانتخابات, ضمانا لنزاهتها, وحرصا علي دقة نتائجها, علي أن يحرص منفذو القانون علي ألا يمس بغير هؤلاء قدر الإمكان حفظا علي الحريات الفردية. مناوشات انتخابية وبشكل عام, لا يتوقع اللواء محمد عبدالفتاح عمر مساعد أول وزير الداخلية وعضو مجلس الشعب السابق أن تكون هناك بلطجة في معظم الدوائر في الانتخابات القادمة, ومن المتوقع أن تكون هناك مناوشات واحتكاكات بين أنصار المرشحين, كما أن الانتخابات ستكون آمنة مادام ليس هناك تزوير, وعلي الجميع القبول بما يسفر عنه الصندوق من نتائج, مشيرا في الوقت نفسه إلي أن المرشحين الذين كانوا ينتمون فيما مضي إلي الحزب الوطني المنحل لن يحصلوا علي أكثر من10% من المقاعد علي مستوي الجمهورية, في مقابل30% لمرشحي التيار الديني علي أقصي تقدير. بلطجية العواصم والأمر كذلك, لا يستبعد اللواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية, والنائب السابق في مجلس الشعب استخدام البلطجية في الانتخابات في العواصم الكبري كالقاهرة والإسكندرية لاعتياد المرشحين علي هذا الأسلوب, في حين تخلو مختلف المناطق الريفية منهم لاعتماد المرشحين علي العصبيات, والنفوذ العائلي, والرصيد الخدمي.. أما تأمين العملية الانتخابية فهو أمر يسير إذا خلصت النوايا, ومن السهل السيطرة علي الموقف أمام لجان الاقتراع عبر تكثيف الوجود الأمني بقوات مشتركة من القوات المسلحة والشرطة, واتخاذ الإجراءات الفورية والحاسمة تجاه أي شخص يتلاعب أو يقوم بالتأثير علي إرادة الناخبين, فضلا عن ضرورة مساءلة من يحاولون الخروج علي الشرعية, والابتعاد عن سياسة الطبطبة, وتطبيق قانون العقوبات علي المخالفين, حتي تتم العملية الانتخابية بانضباط وهدوء. استثمار الفوضي ويخشي اللواء فاروق المقرحي استثمار البعض حالة الفوضي خاصة في ظل الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد عقب ثورة25 يناير, والتي تعود إلي أسباب مختلفة منها حال التحفز الذي حدث ضد رجال الشرطة من جانب المواطنين نتيجة الشحن الإعلامي الذي تمارسه بعض الفضائيات, والصحف لكسب ود الثوار علي حساب المصلحة العامة, إضافة إلي الحاجز النفسي الذي نشأ بين رجال الشرطة وبين المواطنين بسبب ما حدث عقب ثورة25 يناير, وتحميلهم المسئولية عن أشياء دفعوا إليها دفعا وهي ليست من صفاتهم بحكم أنهم جهاز منضبط وينفذ التعليمات الصدارة إليه, فضلا عن هروب بعض المساجين وهي واقعة تحتاج إلي تحقيق أمين لكشف الحقائق حول كيفية فتح السجون, ومن ساعدهم علي ذلك, حيث لم يتم حتي اليوم فتح تحقيق جدي حول كيفية مهاجمة90 قسما ومركز شرطة علي مستوي الجمهورية في ذات الوقت وبذات الطريقة, فضلا عن انتشار عمليات تهريب السلاح عبر حدود مصر الجنوبية والشرقية والغربية, والتي أغرت البلطجية بحيازتها واستخدامها مستغلين حالة الغياب التي حدثت من جانب جهاز الشرطة, موضحا أن مخاوفه تتركز حول الأحزاب التي ستخوض الانتخابات وليس لها أرضية في الشارع, ومن الجماعات التي اعتقدت أنها ملكت الأرض ومن عليها, حينما تلجأ إلي افتعال أحداث قد تنهي العرس الديمقراطي الذي يحدث لأول مرة في مصر بلا توجيهات, ولا تدخلات من القيادات العليا ممثلة في رأس الدولة ومن معه, أو من القيادات الوسطي وهم المحافظون..