كانت الدروس المستفادة من حرب يونيو 1967 هي نقطة الانطلاق باتجاه تصحيح الأوضاع السياسية والعسكرية علي أسس قوية وراسخة... وكان الدرس الأهم هو أن التفوق العسكري الإسرائيلي. في حرب يونيو أساسه التخطيط الجيد للمعركة والتدريب الشاق علي مواجهة كل المتغيرات المحتملة وليس ناتجا عن قدرات خارقة أو أساليب قتالية جديدة ومستحدثة, فالذي حدث في يونيو 1967 كان مشابها لكل الحروب السابقة التي كانت تتفادي فيها إسرائيل حدوث التحام وقتال مباشر مع قواتنا. كانت عودة الفريق طيار مدكور أبو العز لقيادة سلاح الطيران الذي دمر بالكامل في حرب يونيو 1967 هي أحد أبرز علامات الجدية في عملية إعادة بناء القوات المسلحة.. ورغم أن مدكور أبو العز لم يمكث في موقعه الجديد أكثر من خمسة أشهر إلا أن هذه المائة وخمسين يوما كان لها فعل السحر في استعادة الطيارين المصريين لثقتهم بأنفسهم وثقتهم في الطائرات التي يقاتلون بها. ومثلما كتبت عنه في يوم رحيله خلال شهر أكتوبر عام 2006 أنه نسر مصر الصامت وأحد فرسانها العظام الذين أسهموا في صنع مجد العسكرية المصرية في التاريخ الحديث, فإنني أوضحت أيضا أنه أحد الآباء الشرعيين للضربة الجوية الأولي ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973. كانت عودته للقوات الجوية في 11 يونيو 1967 بعد ثلاث سنوات من الإبعاد في منصب محافظ أسوان أشبه بخروجه من قيادة سلاح الطيران في نوفمبر 1967 بعد خمسة أشهر فقط... في المرة الأولي لم يتحمل المشير عامر والفريق صدقي محمود إصراره علي ممارسة صلاحياته كرئيس لأركان حرب القوات الجوية ومطالبته بزيادة عدد المطارات وتكرار تقدمه بطلب الاستقالة.. وفي المرة الثانية بسبب شكايات الفريق أول محمد فوزي للرئيس عبد الناصر بأنه لا ينفذ أوامره.. وطبقا لما قاله لي مدكور أبو العز فإن سلاح الوشاية المدعوم بعمق الغيرة كان أقوي من كل الحسابات الأخري رغم أن عبد الناصر كان يثق به ويعرف قدراته. إن مدكور أبو العز ومعه الفريق أول محمد فوزي والفريق أول محمد أحمد صادق والفريق عبد المنعم رياض واللواءات عبد القادر حسن وعلي عبدالخبير ومحرز عبد الرحمن مصطفي وعبد التواب هديب واللواء مصطفي الحناوي واللواء طيار علي بغدادي.. وغيرهم كثير من رموز العسكرية المصرية الذين ممن لم يشاركوا في6 أكتوبر ولكن بصماتهم كانت محفورة وواضحة علي أرض المعركة! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: العاقل من يأتنس بغيره ولا يواجه الشدائد بمفرده! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله