رغم قيام ثورة 25 يناير للقضاء علي الفساد إلا أن أحدا لم يتدخل لوقف نزيف كنوز مصر السياحية والتي تتمثل في أراضي التنمية السياحية بمحافظة البحر الأحمر, والتي تم تخصيصها للمحاسيب وأصحاب المصالح علي امتداد السنوات الخمس، الأخيرة باسلوب التخصيص العشوائي, بينما احتفظ أصحابها لتسقيعها والمضاربة بأسعارها وحرمان الأجيال القادمة من حقهم في تنميتها وتعميرها. أسئلة كثيرة تثار حول استنزاف الأراضي الذي وصل إلي نحو180 مليون متر مربع بينما لم يستغل منها سوي10% فقط من اجمالي هذه المساحة! والاجابات عن هذه الأسئلة لا نجدها إلا في دهاليز الهيئة العامة للتنمية السياحية بوزارة السياحة التي تملك كنزا من الأراضي التي تحتضن شاطئ البحر الأحمر بنطاق محافظة البحر الأحمر حيث تمتد أراضي الهيئة لمئات الكيلو مترات بداية من منطقة الزعفرانة شمالا حتي رأس يناس جنوبا وخلال السنوات الأخيرة الماضية حدث هجوم عشوائي شرس علي تلك المساحات من أصحاب النفوذ بحجة ما كان يسمي تشجيع الاستثمار دون ضابط أو رابط فلا ندهش عندما نجد مستثمرا واحدا قد حصل علي أكثر من40 مليون متر مربع من هذه الأراضي وربما ما قام ببنائه لا يمثل10% من اجمالي تلك المساحة, والدليل علي الهجوم الكاسع وغير المخطط لتلك المساحات انه حتي عام2005 بلغ اجمالي المساحات التي خصصتها الهيئة لحفنة من المستثمرين180 مليون متر ناهيك عن عشرات الملايين التي خصصت عقب هذا التاريخ وقدرت الغرف الفندقية التي يمكن اقامتها علي تلك المساحات بنحو400 ألف غرفة وهو هدف يتجاوز كثيرا معدلات النمو السياحي بالمنطقة وهو ما يدفعنا للتساؤل هل تخصيص هذا الكم الهائل من مساحات الأراضي جاء تلبية خطة مدروسة أم كان نتاجا لعدم التخطيط الجيد والمحسوبية التي كانت سائدة آنذاك؟ الدكتور محمود حنفي مستشار محافظة البحر الأحمر لقطاع البيئة والمحميات يؤكد أن غالبية التخصيصات التي تمت بأراض هيئة التنمية السياحية بنطاق محافظة البحر الأحمر طيلة السنوات الماضية جاءت بقرارات عشوائية كان الهدف منها إرضاء حفنة قليلة من المستثمرين ولم يؤخذ في الاعتبار حق الأجيال القادمة في توارث أراضي بكر تستثمرها بمعرفتها, والدليل علي العشوائية التي تمت هو تخصيص أراضي تكي لإقامة400 ألف غرفة فندقية رغم أن المتاح بنطاق المحافظة ومعظمه داخل كردون المدن لا يزيد علي70 الف غرفة ولم تصل نسبة مشغوليتها الي الدرجة القصوي!! ويقول إن هذه الموافقات التي تمت خلال وقت وجيز لم تكن محسوبة علي الإطلاق لأنها لم تراع الموارد البحرية والبرية المتاحة وخصوصا الكائنات البحرية الحية لأن بيئة البحر الأحمر حساسة جدا ومحدودة أيضا وفريدة عالميا, وبالتالي لها طاقتها الاستيعابية من الأنشطة البشرية التي لا يمكن تجاوزها وبالتالي لابد من التوازن بين نمو الانشطة السياحية المختلفة والموارد الطبيعية المتاحة سواء كانت برية أو بحرية كما ان التوسع في الغرف الفندقية يجب ان يتوازن مع الزيادة في عدد السائحين وفق توقعات مدروسة داخل محافظة البحر الأحمر وما يتوازي مع المقاصد السياحية الأخري خاصة في شرم الشيخ والقاهرة والأقصر وأسوان وغيرها كما أن هذه التخصيصات لم تضع في الحسبان قدرة البنية التحتية والمرافق الموجودة بالمنطقة من طرق ومياه وكهرباء وصرف صحي ومطارات وغيرها وكان من المفترض أن تتم التخصصات وفق خطط علمية وعملية مدروستين وفي ظل تنسيق تام بين كافة الجهات, لكن للأسف كانت هناك اعتبارات أخري تمت علي ضوئها هذه الموافقات منها الازعان لذوي النفوذ والمصالح والذين خصص لهم مساحات هائلة من الأراضي دون أن يتوافر لديهم القدرات الكافية علي تنفيذ تلك المشروعات وانما حصلوا عليها بغرض تسقيع الأراضي وبيعها بسعر مرتفع!! ويطالب بوقف فوري وعلي المدي البعيد لأية تخصيصات جديدة بأراضي التنمية السياحية بنطاق المحافظة وتشكيل لجنة علي المستوي القومي تضم كافة التخصصات في مجالات البيئة والسياحة والتخطيط والمرافق لمعاينة الأوضاع القائمة ووضع خطة تشمل تحديد المطلوب علي المدي القريب والبعيد فيما يخص التنمية السياحية بالمنطقة وبما يوقف الاستنزاف العشوائي للأراضي ويمنع في المساحات التي مازالت بكرا ولم تمتد اليها التخصيصات.