«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الببلاوي ل"الأهرام" :حدود قصوى للاجور بالحكومة من يناير.. تمويلات عربية ودولية ب 1.4 مليار دولار لتوفير السيولة
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 10 - 2011

هو اول لقاء له مع الصحافة المصرية بشكل عام‏,‏ وحرص أن يكون مع الاهرام التي ينتمي اليها منذ نحو 4‏ عقود‏,‏ كان أحد كتابها المتميزين في مجال الاقتصاد‏,‏ وجاء اللقاء في موعده تماما خاصة بعد الكثير من الأقاويل التي اثيرت مؤخرا بعد تقديمه لاستقالته ليس تهربا من مسئولية ولا خوفا من تدهور الاوضاع الاقتصادية كما اشاع البعض,ولكن احتجاجا علي مواقف سياسية واعتذارا للشعب عن عدم اتخاذ مواقف بعينها تجاه ما حدث مؤخرا أمام ماسبيرو, والدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية مشهود له بخبرته الاقتصادية العريضة ومكانته العالمية في مجال تخصصه.
حرص من خلال حواره مع اعضاء القسم الاقتصادي بالاهرام علي ابلاغ رسالة مهمة للمجتمع المصري وعلي المستوي العالمي ايضا ان الاقتصاد المصري بخير وسيتعافي قريبا, ومقوماته الاساسية التي تم بناؤها علي مدار السنوات الماضية راسخة وقادرة علي حمل العبء الثقيل الملقي علي عاتقها في الوقت الراهن, والمشكلة الرئيسية التي يعاني منها الاقتصاد هي نقص السيولة وهو أمر طبيعي ومنطقي في ظل تراجع واضح في ايرادات الدولة والاستثمارات الاجنبية المباشرة, واعرب عن تفاؤله بالمستقبل, وتحدث في الحوار عن الاشكالية المطروحة علي الساحة حاليا حول الاقتراض واي الطريقين افضل الاقتراض الداخلي أم الخارجي ومزايا ومضار كل منهما, كما تحدث عن قانون الضرائب العقارية الذي هو حديث الشارع المصري وهل سيتم تطبيقه بالفعل في يناير المقبل ام سيتم ارجاؤه الي العام الذي يليه, كذلك قضايا الحد الادني والاقصي للاجور بالنسبة للحكومة وماهو الموقف منهما ومتي سيتم بدء التطبيق وقضايا الدعم وغيرها من القضايا التي تم طرحها خلال الحوار, والذي اداره رئيس التحرير.
يقول الببلاوي في بداية حديثه ان الموقف الحالي في مصر بالغ الخطورة والاهمية, فبعد الثورة دخلت مصر إلي منحني هائل وتغير نوعي ممكن ان يدفعها دفعات كبيرة للتقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي, فمصر مهيأة منذ سنوات لتكون من الدول الرائدة, وعلينا ان ندرك ان ما ندفعه حاليا هو ثمن طبيعي, وعلينا ان نحاول بقدر الامكان ان نهذب او نقصر من الفترة الانتقالية, وعلينا ان نفكر اكثر في المستقبل ولا نبالغ في ان كل الاشياء يمكن ان تتحقق بسرعة, وكما تعلمت من تجاربي علي مدي اكثر من 40 عاما واكثر, ففي الاقتصاد لاشيء يمكن تحقيقه في التو واللحظة ولابد من مرور فترة من الزمن قبل ما يتحقق ما نريد, كما تعلمت انه لاشيء مجانا في الاقتصاد, ويشير الدكتور الببلاوي الي ان ما نواجهه حاليا من متاعب اننا تجاهلنا الامرين انه لا يمكن تحقيق النتائج فورا, ولاتوجد نتائج بدون دفع الثمن, وعندما يتحدث وزير المالية عن الوضع الاقتصادي فالمجتمع ينتظر الحقائق وان يطمئنهم عن المستقبل, وبدون مبالغات اقول ان مصر بلد واعد بالفعل, وانها من اكثر الدول المرشحة للانطلاق وحققت في السنوات الاخيرة مظاهر جيدة في بعض الجوانب, وان كان علي حساب سياسات لم تكن مناسبة خاصة فيما يتعلق بجانب العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للدخل, كما انه لم يكن هناك وضوح للرؤية بالنسبة لشكل الاقتصاد, ولكن هذا لايمنع ان هناك نتائج تحققت لابأس بها, فكان هناك انضباط في ميزان المدفوعات وحماية لقيمة النقد وسعر الصرف, وجاء ذلك علي حساب تجاهل تحقيق العدالة الاجتماعية, بالاضافة الي وجود مظاهر للفساد زائدة عن الحد.
وقال عندما نتحدث عن الاقتصاد علينا ان نؤكد انه منذ فترات طويلة تم وضع قواعد لبناء اقتصاد لابأس به من حيث توفير بنية أساسية معقولة من طرق وموانيء ومطارات ومحطات توليد كهرباء وقواعد صناعية متعددة وعلاقات اقتصادية جيدة, واسواق تم فتحها امام المنتجات المصرية, وتطوير للقطاع السياحي, ولدينا قوة بشرية كبيرة, ولدينا ايضا مشاكل في كثير من الادارات الحكومية والبيروقراطية, ولكنها امور قابلة للتعديل والتطوير, ولكن اساس الاقتصاد جيد, لذلك عندما قامت الثورة لم يتم المساس بهذا الاساس الاقتصادي, ولكن ماحدث ان السياحة تعطلت وبعض الصناعات والمصانع زادت فيها المطالب وتوقفت إما جزئيا او كليا, هذا ما تأثر به الاقتصاد العيني, تأثر في جانب السيولة, فعدم الوضوح بالنسبة للمستقبل والاحتمالات المتعددة في التوجه السياسي والاقتصادي ومدي القدرة علي الاستقرار في المستقبل, هذه الامور خلقت مناخا من عدم اليقين الذي أثر علي المستثمر الذي يمكنه التعامل مع كل المتغيرات إلا عدم القدرة علي التنبؤ بالمستقبل, لذلك اما ان يتوقف عن اتخاذ قرارات جديدة او يخفض ما هو قائم, وهو ما حدث بالنسبة للاقتصاد, فبعد ان كانت الاستثمارات المباشرة والتي بدأت تأخذ اهمية لابأس بها في ضبط الاقتصاد بدأت تنخفض, وهو ما خفض من الكثير من الموارد التي كانت تأتي الي مصر, بالإضافة الي أموال خرجت استباقا للتخوف من المستقبل, هذا في الوقت الذي زادت فيه المطالب الاجتماعية, وتراجعت السياحة بشكل كبير والتي تعد موردا مهما.. ورغم كل هذا هناك بعض المؤشرات التي تؤكد ان الاقتصاد لديه القدرة والمناعة والمقاومة فقد زادت الصادرات ليس بسبب ارتفاع اسعار البترول, ولكن بسبب زيادة الصادرات السلعية, كما ان معدل النمو الذي شهد في الربع الاول من العام الحالي بعد الثورة انخفاضا بالسالب الي اكثر من4% زاد في الربع الثاني2 ر0%, صحيح ان الزيادة ليست كبيرة, ولكنها خطوة مهمة. ويشير الببلاوي الي ان مشاكل السيولة المالية مسائل مهمة, وهو ما نواجهه حاليا, فمشكلة العجز لدينا كبيرة ولكنها ليست مخيفة فنحن نتحدث عن عجز في الموازنة اقل من10%, وكان هذا العجز في الثمانينات يصل لنحو20% من الناتج المحلي الاجمالي وهي كانت اسوأ فترة مرت فيها مصر اقتصاديا وهي الفترة من عام80 وحتي عام91 وكانت فترة بالغة السوء فكان هناك عجز شديد وتضخم شديد ايضا.اما عن العجز الذي نتحدث عنه حاليا والذي يزعجنا فهو مؤهل ان يزيد في السنة او السنتين القادمتين لذلك علينا ان نحقق الانضباط في الداخل بقدر الامكان لخفض العجز والاستعانة بالمصادر الخارجية ان امكن, وامامنا طريقان بالنسبة للتمويل الخارجي,إما ان نفتح البلد لاستثمارات اجنبية وشركات تستثمر في مصر إما منفردة او بالشراكة مع مصريين, أو عن طريق الاقتراض, والطريقان عليهما كثير من المناقشات وقد نختلف, ولكن هناك بعض الحقائق لابد من طرحها امام الناس, فنحن خلال السنوات العشر او الخمسة عشرة الاخيرة كان معدل الادخار القومي في حدود15%, واذا اردنا ان نحقق نهضة اقتصادية فنحن نحتاج الي10 او15 سنة لايقل فيها معدل الاستثمار عن30 او35%, وهذا معناه اننا سنواجه بفجوة تصل لنحو15% ينبغي سدها من خلال الاستثمارات الخارجية.
وفي هذا السياق يشير الدكتور الببلاوي الي ان هناك آراء ترفض الاقتراض من الخارج لانهم يعتبرونها مذلة وقد يكون ذلك صحيحا لانهم متأثرون بتجربة الخديو اسماعيل في الاقتراض والتي ادت في النهاية الي الاحتلال وايا ما كان الظلم الذي تعرض له الخديو اسماعيل إلا ان آثار الاقتراض مازالت عالقة في الاذهان حتي الآن, لكن علينا ايضا ان نتذكر ان القروض الاجنبية ساعدتنا في مشروعات نفتخر بها مثل السد العالي وكذلك اعادة فتح قناة السويس, فما اريد ان اؤكده انه ينبغي ألا يكون هناك موقف مسبق من الاقتراض الخارجي, فلابد ان يكون لدينا قدر من المرونة, ويؤكد الببلاوي ان حجم تأثر اقتصاد مصر العيني من جراء احداث يناير قليل ولم يصب اصابات بالغة, وهو ما يجعل مستقبله جيدا, وما نعاني منه هو ازمة سيولة لاتمكنا من استخدام مقومات الاقتصاد المتاحة الاستغلال الامثل.
وفي معرض حديثه يقول الببلاوي اريد ان اؤكد حقيقة تطمئن المجتمع فهناك من يقول ان الاحتياطي النقدي تراجع خلال8 شهور بنحو10 مليارات دولار في اشارة الي ما يعانيه الاقتصاد من متاعب, وهنا اريد ان اوضح ان حجم التراجع في الاحتياطي والذي يقدر بنحو10 مليارات دولار هي قيمة ما فقدناه بالفعل من موارد خلال هذه الفترة سواء من خلال الاستثمارات المباشرة والتي كانت تتراوح ما بين6 و8 مليارات دولار, وأما خروج ما يقرب من2 مليار دولار, ويؤكد الببلاوي في حواره انه لايوجد قرار بعدم اللجوء للاقتراض من الخارج ولكن الواقع الفعلي يشير الي اننا منذ الثورة حصلنا علي قرض من بنك التنمية الافريقي بقيمة500 مليون دولار, وهناك قرض مع البنك الدولي بقيمة400 مليون دولار, كما زار ممثل بعثة من صندوق النقد العربي وهناك مباحثات حول الحصول علي قرض من الصندوق بقيمة نصف مليار دولار, فليس هناك موقف من الاقتراض الخارجي, ولكن هناك تخوفات بموروث قديم من ان قروض صندوق النقد الدولي دائما يصاحبها فرض شروط علي السياسة الاقتصادية, وطالما انه لاتوجد شروط فلماذا رفض القرض.
ويتساءل في حال عدم الحصول علي قروض من المؤسسات الدولية فكيف نعالج عجز الموازنة, فليس امام الحكومة سوي الاقتراض من السوق المحلية عن طريق أذون الخزانة التي تكتتب فيها البنوك بالدرجة الاولي, واول شيء تفعله البنوك عندما تكتتب في الاذون انها ترفع اسعار الفائدة, فكان المعتاد اننا نقترض من أذون الخزانة باسعار فائدة في حدود9 و10% ارتفعت لتصل الان الي ما بين13 و4و14% وهذا الامر بالغ الخطورة علي الخزانة وعلي الاقتصاد القومي لان ذلك يزيد من عبء خدمة الدين والتي تمثل نحو22% من حجم الميزانية المصرية, فحجم العجز في الموازنة هذا العام يقدر بنحو134 مليار جنيه, والعجز الحقيقي بين المصروفات والايرادات يقدر بنحو28 مليار جنيه, اما باقي قيمة العجز والمقدر بنحو106 مليارات جنيه لخدمة الدين عن سنوات سابقة, فالاقتراض من السوق المحلية تأثيراته مستمرة لسنوات مقبلة, وعبء خدمة الدين ليس العيب الوحيد للاقتراض من السوق المحلية, ولكن هناك عيبا آخر لايقل خطورة وهي ان البنوك عندما توجه الجزء الاكبر من ودائعها في الاكتتاب باذون الخزانة, معني ذلك انها لاتقوم بوظيفتها الاساسية وهي تمويل الاستثمار الداخلي, واذون الخزانة تعلم البنوك الكسل ويحقق لها مكاسب طائلة دون اي مجهود وهناك وسيلة اخري للاقتراض من السوق المحلية عن طريق الاقتراض من البنك المركزي كما كان يحدث قبل عام90, ولكن هذا الامر يمثل خطرا هو الآخر لانه يتسبب في احداث المزيد من التضخم, وبالتالي الاثر سيكون بالسلب علي جميع المصريين خاصة الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة وذلك بتراجع القوة الشرائية لامواله بنسب ارتفاع معدلات التضخم, في النهاية التمويل الخارجي بسعر فائدة5 ر1% وبدون شروط افضل أم الاقتراض الداخلي وهنا اجزم انه لاتوجد من هذه القروض الخارجية في الوقت الراهن, ولكن علينا ان نتفهم الامور وفق مصالحنا ولا نأخذ مواقف مسبقة, لانه في النهاية لافرق بين صندوق النقد الدولي او البنك الدولي فلا الصندوق تابع للقوي الاستثمارية ولاالبنك تابع للقوي التحررية؟!
الشارع يسأل اين يتجه الاقتصاد القومي هل مع القطاع الخاص أم ضده هل سيعاد النظر في الخصخصة وما هو شكل النظام السياسي وما هو موقف الحكومة من كل هذا؟
الببلاوي: موقف الحكومة واضح وهو اننا مؤمنون باقتصاد السوق وبالنظام الديمقراطي وبدولة القانون, واننا نحترم العقود والتعهدات السابقة, وعدم المساس بالحقوق المكتسبة للغير حسن النيه, ولكن ايضا تؤمن باحترام احكام القضاء فعندما يصدر حكم يخالف ما نعتقده ونؤمن به فيمكن الطعن عليه, ويمكن ايجاد الوسائل لطمأنة المستثمرين, فنحن نؤمن بعدم الاضرار بالمتعاملين حسني النية الذين لم يرتكبوا اي ذنب وكانوا ضحايا بسبب عدم المعرفة, ولكن هذا لايمنع من عقاب المفسدين.
هذا هو موقف الحكومة الحالية, ولكن هذه القناعات هل ستستمر خلال الفترة المقبلة في ظل حكومات لانعرف توجهاتها وبالتالي الامر يثير قلاقل لدي المستثمرين؟
الببلاوي: انا لااستطيع الاجابة علي ذلك باعتباري عضوا في الحكومة الحالية, والحكومات المقبلة لا استطيع ولا احد يستطيع معرفة ما ستنتهي اليه الانتخابات وشكل التحالفات المقبلة.
ولكن وفق رأيي الشخصي ان مصر تحتاج الي استثمارات من الخارج ولمدة طويلة, ونحن نتعامل في اطار الاقتصاد العالمي القائم وفق معاييره التي تتبعها معظم الدول واعتقد ان من يخالف قواعد السوق الحرة عالميا لن يتعرض لعقوبات او تهديدات وانما السوق ستعاقبه بعدم التعامل معه, واعتقد ان مصر ستأخذ بنظام السوق الحرة علي المدي المنظور15 او20 عاما المقبلة اذا ارادت الحكومات المقبلة ان تلحق مصر بركب الدول الكبري, ولكن هذا هو رأيي الشخصي.
ماذا عن تاثير الازمات المالية التي لا تنتهي؟
الببلاوي: الازمات المالية التي يعاني منها العالم حاليا, لن تؤثر مباشرة علي مصر وانما سنعاني منها بصورة غير مباشرة, وذلك من خلال عدم قدرة حكومات الدول الكبري علي مساعدتنا بصورة مباشرة حيث لا توجد لديها موارد كافية بسبب متاعبها الاقتصادية الداخلية,
هناك قلق من عدم تطبيق الحد الاقصي للاجور حتي الآن, وذلك بسبب أقاويل بوجود خلافات في مجلس الوزراء حول الحد الاقصي, ما حقيقة ذلك؟
الببلاوي: هذا غير صحيح بالمرة, فقد وعدت بعد اسبوع واحد من دخولي الحكومة, بان اقدم لمجلس الوزراء ورقة عمل حول افضل السبل لوضع حد اقصي وادني للاجور, هذا كان يوم24 يوليو الماضي وفي24 اغسطس قدمت الورقة بالفعل, وتصوراتي حول الحد الاقصي للاجور قائمة علي مبدأين هما, الشفافية والافصاح ووضع علاقة مباشرة بين الحدين الاقصي والادني للاجور في الجهات الحكومية المختلفة, ونحن لن نفرض حدا اقصي برقم معين, وانما سنوجد قواعد مستمرة بحيث لايزيد الحد الاقصي في اي جهة حكومية عن36 ضعف الحد الادني المطبق في هذه الجهة, واخترنا رقم36 بمنطق محدد, وليس لان36 تقبل القسمة علي عدة امور مثلا, فنحن نعلم ان الموظف الحكومي في مصر يعد وظيفته هي حياته حيث يقضي فيها عمره بالكامل, وهكذا نجد ان المصري يلتحق بالعمل وعمره22 عاما ويخرج للمعاش وعمره60 عاما او يزيد في بعض المهن, وبالتأكيد فان هذا الموظف يحتاج الي علاوة وزيادة في راتبه ودخله كل عام وبجانب تلك الاسباب للزيادة فانه لا توجد دولة في العالم لا يوجد بها ارتفاع في الاسعار اي تضخم, ولذا يجب ان نعوضه عن هذا الارتفاع المستمر في الاسعار, ولكل هذه الاسباب وضعنا في حسابنا ان يرتفع اجر ودخل الموظفين في الحكومة سنويا بما لا يقل عن10% واذا انتقلنا الي جدول الفائدة المركبة واخذنا جنيها واحدا واجرينا حساباتنا بان ندفع عنه فائدة مركبة بنسبة10% سنويا ولمدة38 عاما سنجد ان هذا الجنيه علينا ان نزيده بنحو35.7 جنيه اي36 جنيها ومن هنا جاء رقم الحد الاقصي36 ضعف الحد الادني, وهذه التصورات كنا حريصين علي عرضها اولا علي المجموعة الاقتصادية والتي وافقت عليها, ثم عرضناها علي لجنة وزارية برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء وايضا وافقت علي تلك المباديء, ثم عرضت علي مجلس الوزراء وبدوره وافق. وأنا الآن في حوار مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة والذي يتولي اعداد القواعد التنفيذية لتطبيق الحدين الاقصي والادني للأجور بالحكومة وفقا للمباديء التي قدمتها وزارة المالية, وقد وعدني رئيس الجهاز بالانتهاء من اصدار تلك القواعد قبل نهاية ديسمبر المقبل حيث من المقرر البدء في تطبيقها اعتبارا من يناير.2012
ماذا عن موعد تطبيق الضريبة العقارية؟
الببلاوي: لم يتم اتخاذ قرار نهائي حول موعد بدء تطبيق الضريبة العقارية, حيث تم تأجيلها اولا لمدة عام ثم صدر قرار من المجلس العسكري ببدء التطبيق من يناير المقبل, وحاليا هناك اتجاه لتأجيلها مرة اخري وان كان لم يصدر بذلك قرار حتي الآن..وعلي كل حال نحن كنا حريصين علي ازالة جميع نقاط اعتراض المجتمع علي الضريبة العقارية, ولهذا ندرس ادخال بعض التعديلات التشريعية علي القانون لتحقيق اقصي درجة من العدالة الاجتماعية و تشمل تلك التعديلات اعفاء المسكن الخاص من الخضوع للضريبة وهو كان اهم نقاط الاعتراض علي القانون, ومنعا من تحول هذا الاعفاء الي اعفاء للاغنياء فقد رأينا ان نضع حدا اقصي لهذا الاعفاء ورأينا ايضا تخفيفا للاعباء عن المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر منحها اعفاء تاما من الضريبة. ايضا اعدنا تعريف المكلف باداء الضريبة لتفادي ثغرة قانونية كان يمكن من خلالها التهرب من اداء الضريبة.
ذكرت ان الصادرات زادت, ولكن هناك تخوفا من توقف هذه الزيادة بسبب عدم وجود تعاقدات جديدة وتوقف منظومة دعم الصادرات, كيف تري ذلك؟
الببلاوي: عندما ذكرت ان الصادرات زادت وان هذا امر جيد, لم اعني انه بالضرورة ستستمر في الزيادة فطبيعي ان الامور تتغير بين فترة واخري, وانا كنت ادلل علي ان الثورة المصرية تنطلق من وضع جيد فهناك كثير من الامور الجيدة والمطمئنة, ولكن استمرارها رهن بما نقوم به من جهد.
هذا يأخذنا الي الحديث عن ملف الدعم, ودعم الطاقة تحديدا, ألا تري ان رفع الدعم عن الصناعة قد يؤثر علي مناخ الاستثمار؟
الببلاوي: بداية فان ملف الدعم يجب اعادة النظر في منظومته بالكامل فاستمرار الدعم بالشكل الحالي يمثل سرطانا في موازنة الدولة حيث يلتهم نحو ثلث الموازنة, ولذا يجب اعادة هيكلته, علي ان يتم ذلك بصورة تدريجية وبما لايمس الطبقات العريضة من المجتمع, ولهذا فقد رأينا ان نبدأ بامور لا تؤثر من قريب او من بعيد بمصالح الطبقات العريضة او بالمستهلك النهائي للسلع والخدمات, وهناك عدد من الصناعات التي ترتبط بالاسعار العالمية وليس لها ادني علاقة بالتكاليف التي تتحملها الصناعة في الداخل, ومنافسو تلك الصناعات يتعاملون بالاسعار العالمية, حيث يحصلون علي عمالة عالية الأجر وطاقة بالأسعار العالمية, ولذا فما الداعي لدعمهم في مصر علي حساب رجل الشارع البسيط والذي يدفع قيمة هذا الدعم في واقع الحال. واود ان اؤكد اننا سنعيد النظر في هذا الملف مع احترام التعاقدات السابقة وبما لا يؤثر علي مناخ الاستثمار.
أخيرا هل تري ان وضع المعاشات أمر مقبول, ألا يوجد تفكير في تحسين قيم المعاشات؟
الببلاوي: نحن نتعامل مع المعاشات باكبر قدر من المراعاة الاجتماعية, ولكن يجب ان نراعي ايضا ان المعاش ليس منحة من الدولة, ولاتوجد دولة تستطيع ان تتحمل مزايا تأمينية تفوق بكثير حجم الاشتراكات المدفوعة من المجتمع, فلابد ان تكون المعاشات قائمة علي اسس مالية سليمة, فاذا لم تكن كذلك فسوف تضطر للاعتماد علي موارد الدولة وبالتالي تتحول الي مشكلة وعبء علي موازنة الدولة وهو ما حدث في موازنات دول صناعية كبري مثل الولايات المتحدة والعديد من الدول الاوروبية.
وانا اعتقد انه اذا تمت زيادة المزايا التأمينية بصورة تفوق بكثير حجم الاشتراكات التأمينية المدفوعة من العاملين واصحاب العمل وعائد استثمارها, فاننا نوجد مشكلة كبيرة لا تؤثر علي الجيل الحالي بل مشكلة لنظام التأمينات والمعاشات برمته, واذا زادت الضغوط علي الموازنة العامة فانها لن يمكنها دفع زيادات المعاشات فقط بل ولا دفع الاجور والمرتبات للعاملين بالدولة.
شارك في الحوار: آمال علام وأحمد العطار وابتسام سعد وإيمان عراقي
وأعده للنشر: ورأفت أمين وأحمد صابرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.