لست من المغرمين بالرثاء, ليس لانه من صنوف الشعر العربي القديم, ولكن مآثر البشر في مسيرة حياتهم يكتبها من يعلم صدقها وجوفها, ولكن لفقدان الاحباء والأصدقاء لوعة الفراق الزمني الذي لا يقهر الا ما يفيض به الكريم علي عباده من رؤي ثلج الصدر لرؤية حبيب أو صديق. ولقد فقدت صديقي وزميلي الشاعر الرقيق محمد عبدالعزيز شنب, وكان لفقده غزة في القلب لانسان عاش الشعر قبل ان يكتبه, فصارت كلماته خطوات وسلوكا تجاه كل من يوجه له الحديث أو يختصه بالصداقة, وكنت لحسن حظي واحدا من هؤلاء, جاورني في ظروف عمل صعبة فلم يسرب لي مرة مرارة الظلم بل سعي ان يشرح قلبي بالحديث الجميل في الشعر وفي الأدب وفي الاقتصاد ثقيل العبارات وطيء التفكير علي من لم يعتاده من الشعراء والرومانسيين وهواة الأدب والحديث, فكان صديقي حريصا كل الحرص علي أن يجذب اطراف الحديث لشيء أهوي حديثه رغم غلاظة شكله وباطنه ولكنه كان يسعي لاسعادي فيما أهوي الحديث فيه. والشاعر الجميل بجانب حبه للتجديد في شعره, كان مغرما بالتاريخ وبالشعراء الملتبسين في لغة الضاد وفي مقدمتهم المتنبي, ذلك العبقري الذي احدث اخطر الانقلابات الثورية في الشعر العربي لينزل به من علياء وغطرسة نساجه لعقل استيعاب البشر العاديين ولغتهم العربية السلسلة فاستحق الرجل ما طلبه لنفسه من مجد, وإن طوي بين مسيرة حياته ما يثير الجدل وبالذات النبوءة والتنبؤ حتي سمي أو سمي نفسه بالمتنبي. وصديقي محمد عبدالعزيز شنب كان من المغرمين مثلي بالمتنبي, ولكنه حول غرامه لمشروع شعري لكتابة مسرحية عن هذا العبقري الملتبس بالتنبؤ, ووعدني أن اقرأ ما كتب, ولكن الأيام فرقت بيننا.. نسي هو ونسيت أنا, ولكن لا أعرف إذا كان ما كتبه مازال موجودا أم لم يتم, وهذه مسئولية عائلته الصغيرة أن تكشف عما كتب وتسعي لنشره. فصديقي يستحق الاهتمام لما كتب وأثري به الشعر, فقد عاش عاشقا للشعر ولمعني الشعر.. يكتبه ويسطره في قوافي وصور جميلة, ولكنه أيضا عاش الشعر دما ولحما ونهجا ترجمها لخطوات ساربها في الحياة. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. آمين. المزيد من مقالات مصطفى امام