حرب أكتوبر.. أوراق مقاتل(5) لعل ما زاد من صعوبة الموقف السياسي العربي والموقف المصري تحديدا أن عام1972 لم يشهد فقط تلك الصفقة المخيبة للآمال العربية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي تحت راية ما يسمي ببدء مرحلة الوفاق العالمي بينما تواصل إسرائيل احتلالها لسيناء والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وإنما شهد أيضا اهتزازا في جدار الثقة بين القاهرةوموسكو إثر قرار مصر بالاستغناء عن الخبراء السوفيت في يوليو.1972 باختصار شديد يمكن القول: إن إعلان حالة الوفاق بين موسكو وواشنطن كان من الصعب قراءته في هذا التوقيت بعيدا عن مشاعر الصدمة واعتباره بمثابة خسارة سياسية ومعنوية للأمة العربية التي أدركت أن دعوات الاسترخاء العسكري التي تنادي عليها الأمريكيون والسوفيت في بيان الوفاق معناها مباركة صريحة من القوتين العظميين لتكريس وترسيخ حالة اللا سلم واللا حرب في الشرق الأوسط... وهو ما يلبي أهداف ومقاصد الأجندة التوسعية لإسرائيل! كان طبيعيا في ظل هذه الآثار السياسية والنفسية المتلاحقة بدءا من صدمة الهزيمة عام1967 ووصولا إلي صفقة الوفاق العالمي عام1972 أن تتسع في العالم العربي بؤر القلق والتمزق التي تتغذي بمشاعر اليأس والإحباط وأن تؤدي إلي تعميق الهوة بين أنظمة الحكم العربية خصوصا في مصر وسوريا وبين شعوبها نتيجة الإحساس بعدم جدية الاستعداد لخوض الحرب الضرورية من أجل استعادة الأرض المغتصبة. والحقيقة أن اتساع الهوة في هذا الوقت لم يقتصر علي علاقة الأنظمة العربية بشعوبها وإنما كانت الهوة تزداد عمقا بين الأنظمة العربية وبعضها البعض استنادا إلي تجارب الماضي التي كانت قد أفرزت كما هائلا من الوساوس والشكوك وعدم اطمئنان العواصم العربية لبعضها خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بقرارات مصيرية محتملة مثل قرار الحرب الذي كان يزداد الإلحاح عليه بالنداءات الضاغطة خصوصا في الشارع المصري الذي بدأ صبره في النفاذ عام.1972 وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الرجل الشهم يصعب عليه أن يري الحق مهضوما ويسكت! [email protected]