بدأ التمهيد النيراني للمدفعية الساعة الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر السادس من اكتوبر بعد نجاح الضربة الجوية الاولي والتي أفقدت العدو سيطرته علي قواته والتي جعلت القوات المصرية تشعر بالفخر والقوة والثقة وضاعفت الأمل بالنصر. وكان الإعجاز في تنفيذ هذه الضربة الجوية هو مفتاح النصر لقواتنا المسلحة وسطرت صفحة مجيدة في تاريخ العسكرية المصرية. ونفذ التمهيد النيراني بقوة2000 قطعة مدفعية تدك حصون العدو وتسكت وتدمر دباباته ومدفعيته لمدة53 دقيقة. وتحت ستر هذه النيران القوية المؤثرة اندفعت مفارز من القوات تعبر القناة لتستولي علي مصاطب الدبابات في العمق القريب وتنصب الكمائن المضادة للدبابات لتدمير الاحتياطيات القريبة المعادية ولمنعها من التدخل ضد قواتنا أثناء الاقتحام, وتمكنت المدفعية من إسكات معظم بطاريات المدفعية المعادية. وبلغ عدد الدانات في الساعة الاولي10500 بكثافة175 دانة في الثانية الواحدة وتحول خط بارليف الحصين إلي جحيم مشتعل بنيران المدفعية المباشرة وغير المباشرة, وتحولت النقط الحصينة الي مقابر لمن فيها. وقامت الصواريخ التكتيكية والتعبوية أرض أرض بضرب جميع مراكز القيادة والسيطرة الرئيسية المعادية وكذلك مركز الإعاقة في أم خشيب ومسار شعير المتقدم وتدمير عدد من الطائرات المستعدة للانطلاق كما ذكر أحد الطيارين الاسرائيليين الأسري وحققت هذه الضربات الصاروخية إفقاد العدو السيطرة علي قواته منذ بداية الهجوم. واستمرت المدفعية في تقديم المساعدات النيرانية للقوات المهاجمة. وفي أقل من ست ساعات كانت القوات المصرية قد استولت علي أكثر من نصف نقاط العدو الحصينة في خط بارليف وحاصرت الباقي منها. وعبرت الموجات الأولي قناة السويس وتابعت تقدمها لتنفيذ المهام القتالية المكلفة بها. .. دور الصواريخ المضادة للدبابات: كانت الصواريخ الموجهة للدبابات إحدي المفاجآت الكبري التي أعدت لتدمير دبابات العدو وعرباته المدرعة. وكان الرجال خلفها بمهارتهم وتدريبهم القتالي العالي وروحهم المعنوية العالية وثباتهم وتصميمهم حققوا أكثر من مفاجأة. وحاولت الدبابات الإسرائيلية منذ الساعات الاولي التوجه نحو النقط الحصينة ولكنها لم تنجح وتكبدت خسائر جسيمة حيث فوجئت بما أطلق عليه القادة الإسرائيليون الكرات النارية الطائرة( ويعنون بها الصواريخ المضادة للدبابات) التي كانت تدمر دباباتهم.. وأعطت القيادة الإسرائيلية أفضلية قصوي لمحاولات إنقاذ المحاصرين في حصون خط بارليف, وكان يقدر عددهم بحوالى 700 ضابط وجندي بينهم قتلي وجرحي. وقد وصف الجنرال الإسرائيلي مندلر ذلك الموقف في قوله: في لحظة معينة أوقفنا دفع الدبابات لإنقاذ رجال التحصينات لأننا قدرنا أنه لو استمرت هذه المحاولات وسنبقي في النهاية بدون دبابات. وقد صرح الكولونيل بارخ قائد إحدي الكتائب المدرعة الإسرائيلية المكلفة بالهجوم المضاد لتدمير القوات المصرية التي عبرت القناة والوصول إلي السواتر الترابية علي قناة السويس, بأننا فوجئنا بالكرات النارية الطائرة تتراقص أمامنا في الهواء وتندفع نحو دباباتنا لتدمير دبابة تلو الأخري وتحيلها إلي كتل من النيران. وفي صباح الأحد7 أكتوبر1973 توجه موشي ديان وزير الدفاع إلي مركز القيادة المتقدم في سيناء علي بعد30 كم من القناة, واستمع باختصار الي التقارير اليائسة التي تعكس خطورة الموقف, وتأمل الخرائط واستمع الي أصوات من تبقي من قادة مواقع خط باريف المحاصرة في الجهاز اللاسلكي ثم اعطي قراره بإخلاء خط التحصينات علي امتداد القناة بأسرع ما يمكن والتوقف عن خوض معارك المدرعات علي هذا الخط وإقامة خط دفاعي جديد لصد الهجوم علي سفوح جبال المضايق, ثم أردف قائلا التحصينات ليست هامة, وليحدث ما يحدث إذا لم تنجح محاولة إيقاف المصريين علي خط الجبال, فلابد من الانسحاب الي عمق أكبر. وعندما عاد ديان والتقي برئيسة الوزراء جولدا مائير وأبلغها بخسائر إسرائيل في اليوم الأول للحرب نحو600 قتيل,1000 جريح, وتدمير حوالي200 دبابة, ووقوع مئات من الأسري, وقال إننا نفقد المعبد الثالث فكان رد رئيسة الوزراء إذن أعدوا لحرب القيامة, وهنا بدأ يفكر ديان في إعداد الصواريخ أرض أرض أريحا بالرؤس النووية ولم توافق الولاياتالمتحدة علي هذا الفكر.