الماشطة..! يقول المثل الشائع: إيش تعمل الماشطة في الوجه العكر, ومعناه أن أي تغيير شكلي مظهري خارجي لن ينجح, ولابد من تغيير الجوهر بالكامل. فمن يا تري الماشطة.. ومن الوجه العكر في لحظتنا التاريخية العجيبة تلك؟ فأما الماشطة مجازا فهي المجلس الأعلي العسكري الذي يدير شئون البلاد الآن, وأما الوجه العكر فهو للأسف الشديد معظم مؤسسات الدولة المصرية, التي أكل عليها الفساد وشرب, حتي ضج الناس, فخرجوا ذرافات ووحدانا, يتظاهرون ويحتجون ويعتصمون (أليس الكل يتظاهر في مصر الآن؟) وقد يكون من المناسب, في هذا السياق, التنبيه إلي مدي خطورة التقرير الذي أصدره اتحاد المستثمرين المصريين منذ أيام, والذي أشار إلي توقف 850 مصنعا عن العمل بشكل نهائي في المدن الجديدة بعد الثورة, واقتراب 205 مصانع أخري من التوقف خلال أسابيع( ويالها من مفارقة: ثورة 52 بنت لنا ألف مصنع لتأتي ثورة 25 لتغلق ألف مصنع!) فما المطلوب بالضبط من المجلس؟ المجلس الأعلي في الواقع أمامه خياران: إما أن يأخذ بيد مصر, فيدخلها ويدخل معها التاريخ من أوسع أبوابه, أو أن يستسهل, فيستعجل, ويقبل بأبسط الحلول, فتبقي الأمور علي ما هي عليه, ونمضي جميعا في مسيرة الخروج من التاريخ.. والعياذ بالله. وماذا علي المجلس الأعلي أن يفعل بالضبط, بعيدا عن الإنشاء والكلمات الفخيمة الرنانة؟ إن الفساد هو آفة مصر الكبري الآن, فإذا سارع المجلس الأعلي ومعه الحكومة طبعا إلي اجتثاث الفساد من جذوره نجح ونجحنا معه. وليس خافيا علي أحد أن كل المؤسسات (ولا حول ولا قوة إلا بالله) فاسدة, وهذا ليس تعميما ولا تجنيا علي أحد, وإنما انظروا فقط إلي حشود الصارخين قي الشوارع والطرقات, ألم يخرجوا مستغيثين من وطأة الفساد وانعدام العدالة؟ كما لا يخفي علي فطين أن المجلس الأعلي بسماحه بمحاكمة الفاسدين المفسدين من رموز النظام البائد إنما أراد أن يبلغ الجميع رسالة واضحة لا لبس فيها: نحن لن نسكت علي فساد بعد الآن. علي كل حال, حانت لحظة الحقيقة ودق الناقوس, ومهما حاولت الماشطة, ومهما استخدمت من مساحيق وأدوات تجميل (الجديد منها والقديم) فلن تغير الأصل القبيح, وسيظل العكر عكرا حتي لو دهنوه. افتحوا الملفات المتراكمة في الرقابة الإدارية والمركزي للمحاسبات وأراشيف المحاكم والصحف, وقولوا للناس الغاضبة الحقائق, وكما نجحت عبقريتكم في ملحمة أكتوبر العظيمة التي تحين ذكراها بعد يومين ومحوتم عن مصر عار الهزيمة فإن بإمكانكم أن تأخذوا بيد مصر إلي واقع جديد مشرق.. فهل تفعلون؟ ليتكم تفعلون وسنذكرها لكم! المزيد من أعمدة سمير الشحات