جواسيس يرتدون ثياب الوطنية (1) أخشي أن أقول أن حالة السيولة الراهنة في الأوضاع الإقليمية بسبب قوة الرياح والعواصف السياسة المواكبة لربيع الثورات العربية ربما تمثل فرصة متجددة لإسرائيل ليس فقط للرهان علي نشر الفوضي وإثارة النعرات في هذا القطر أو ذاك وإنما بالعمل علي زراعة المزيد من العملاء والجواسيس في مناطق صناعة القرار التي يعاد تشكيلها كأحد الاستحقاقات العاجلة للمناخ الثوري الملتهب. وقد دفعتني هذه المخاوف المشروعة إلي معادوة التقليب في بعض الأوراق القديمة التي أحتفظ بها.... وبينها ملف المفاوضات السورية الإسرائيلية خلال النصف الثاني من حقبة التسعينات والتي كانت ترتكز إلي ما سمي وقتها بوديعة رابين التي التزم فيها اسحق رابين رئيس الحكومة الإسرائيلية عام 1995 بالانسحاب الكامل من هضبة الجولان مقابل التزام نظام الرئيس حافظ الأسد في سوريا بالتطبيع الكامل مع إسرائيل. كان الشئ اللافت للنظر أنه خلال كل جولات التفاوض السورية الإسرائيلية تحت إشراف الإدارة الأمريكية في عهد كلينتون كان المفاوضون الإسرائيليون يلمحون- دائما ويلحون- أحيانا- علي موضوع بعينه وهو طلب استعادة رفات الجاسوس الإسرائيلي اليهودي إيلي كوهين الذي عاش في سوريا عدة سنوات بالقرب من أهم مناطق صناعة القرار تحت اسم مستعار كامل أمين ثابت باعتباره مواطنا سوريا عاد لبلاده بعد عشرات السنين من الإقامة في الأرجنتين ليرد الدين لبلاده ويسهم في تنمية اقتصادها ودعم توجهاتها القومية... إلي أن لعبت المقادير دورها وجري اكتشاف حقيقة إيلي كوهين بالصدفة البحتة في صباح يوم 18 يناير 1965 حيث جري القبض عليه متلبسا بإرسال برقياته الشفرية إلي تل أبيب ولم تمض سوي عدة أشهر حتي كان إيلي كوهين قد جري إعدامه علنا في أحد ميادين دمشق في شهر مايو 1965 تنفيذا لحكم المحكمة العسكرية العليا في سوريا. إن هذه القصة تستوجب التوقف أمام دروسها لكي نضع خطا فاصلا بين مشاعر الألفة والكرم وحسن الضيافة مع القادمين من الخارج.. وبين السذاجة وعدم الاحتراز في هذه المرحلة الدقيقة من بدايات ربيع الثورات العربية. وغدا نواصل الحديث.
خير الكلام: لا توجد حكومة ذئاب سوي في مجتمعات الأغنام! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله