خطوة عزيزة عبارة تحملها قطعة قماش مشغولة بطريقة الخيامية علي باب مدخل مكان اقرب الي الخيمة البدوية, تجذب من يراها وتحرك فيه الرغبة في الدخول والرد علي صاحبته بكلمات: يعز مقدارك ويشرف دارك. ومع أول خطوة إلي الداخل يشعر الزائر بأن صاحبة المكان طافت بكل محافظات مصر ودخلت نجوعها وكفورها والتقطت من كل منها قطعة فنية صنعت بأنامل مصرية ثم نثرتها بفن وذوق في المكان علي الجدران المكسوة بالخيش والأرض المغطاة بالكليم والأثاث الذي لا يتعدي كنبة عربي ودكة بلدي ليصبح المكان لوحة فنية تشع منها رائحة التراث. صاحبة المكان هي رشا لطفي شابة في نهاية الثلاثينيات من عمرها, زوجة لطبيب وأم لطفلين, حاصلة علي بكالوريوس تجارة في جامعة عين شمس, قررت استكمال دراستها العليا التي بدأتها بدبلومة في الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية, في نفس الوقت الذي التحقت فيه بوظيفة بشركة استثمارية كبري واستمرت بها ثلاث سنوات, ولكن مواعيد العمل حالت دون استمرارها به بعد زواجها وانجابها طفلها الاول فتركت العمل وبحثت عن بديل تكون هي فيه صاحبة تحديد المواعيد, وبالطبع كانت أول فكرة خطرت علي بالها مثل معظم المصريات هي افتتاح بوتيك, وتعثرت وكررت المحاولة عدة مرات لأنه كان هناك شيء آخر تبحث عنه, فمجرد البيع والشراء لمنتجات ليس لها فيها دور لم يكن يرضيهالذا كانت تخصص في كل محل افتتحته ركنا للمشغولات اليدوية من ابتكارها, حتي وجدت ضالتها.. فقد اكتشفت انها قادرة علي إعادة تصنيع المشغولات التراثية بفكر جديد. فمثلا الفخار المصري المعروف عالميا الذي يصنع في قرية جراكوز بمحافظة قنا في شكل أوان وأدوات منزلية يمكن ان يكون جدارية رائعة, ومنسوجات أخميم وشندويل ونقادة والحرانية يمكن أن تنتقل إلي سيوة لتطرزها النساء, وحتي هذا الفن السيوي بخيوطه ورسومه المميزة الذي لا تجيده سوي نساء سيوة ويستخدمنه لتزيين الملابس يمكن ان يصبح حقيبة يد أو تابوها بديعا, هنا تيقنت ان هناك نقلة حدثت في حياتها فتخلت عن فكرة افتتاح بوتيك او الاشتراك في معرض او سوق في ناد وبدأت بعمل معارض خاصة بمنتجاتها التي حصلت علي موافقة بعرضها في مكتبة الاسكندرية, وشاركت بمنتجاتها في احدي المبادرات الدولية, وصممت حقائب لبعض المؤتمرات.. وهكذا وبعد تسع سنوات من البداية ستتجه قريبا للتصدير. هي الآن متخصصة في تصنيع منتجات تراثية بخامات بيئية مصنوعة بأياد مصرية وتعتمد في تسويقها علي أفكار مبتكرة, فهي تؤمن أن الابتكار مهم في الانتاج والتسويق والادارة, وأنه لابد من تهيئة المناخ الذي يروج منتجاتها, كما تؤمن بأن اليوم42 ساعة يمكن, فيها عمل الكثير وأن ما يفقد من مال يمكن تعويضه أما الوقت فيستحيل استعادته. هذا الكلام قالته رشا في جلسة ودية هادئة, تخللتها رشفات الشاي بالنعناع الاخضر في هذا المكان الذي تحتار هي نفسها في تسميته فتقول إن البعض يسميه جاليري والبعض يقول إنه محل او مشغل, أما هي فتصفه بأنه مكان عملها الذي تخصص فيه يوما شهريا يتخلي فيه المكان عن هدوئه لاستضافة الاطفال البسطاء وأصحاب الظروف الخاصة ليتمتعوا باللعب والرسم وعمل المشغولات كشكل من أشكال العمل التطوعي الذي تقول انها لا يمكن ان تعيش بدونه لتشعر الاطفال بأنهم مثل كل ضيوفها.. أصحاب خطوة عزيزة.