في مسلسل طمس هويتنا العربية أصدرت وزارة التربية والتعليم في 15 يوليو 2010 قرارا مجحفا بغلق باب القبول أمام الراغبين في الالتحاق بمدارس تعليم الخط العربي وبموجب هذا القرار الجائر تضع الوزارة فن الخط العربي في مهب الريح. فتغلق أكثر من 300 مدرسة أبوابها أمام الآلاف من طلابها وراغبي الدراسة فيها وهدم صرح تعليمي كبير تخرج فيه أجيال كثيرة, حفظت قيم الخط العربي من الضياع. علما بأن مدارس الخطوط العربية تعمل منذ عام 1922 بشكل منتظم حين قام الملك فؤاد الأول بتأسيس أول مدرسة للخطوط العربية في مصر علي يد الخطاط الكبير والقدير عبدالعزيز الرفاعي وكانت تتبع القصر الملكي مباشرة لأهمية الخط العربي, في ذلك الوقت. وعندما قامت ثورة 25 يناير كان أول آمال المهتمين بالخط العربي أن تعيد هذه الثورة العظيمة الكرامة والهيبة إلي هويتنا الثقافية, وفي مقدمتها اللغة العربية والخط العربي, لكني فوجئت هذا العام بمد العمل بقرار وقف قبول دفعة جديدة في مدارس الخط العربي بموافقة وزير التعليم الحالي. ومن هنا أتساءل: لماذا القضاء علي الخط العربي تحديدا؟ وأين دور المؤسسات الرقابية والثقافية من ذلك القرار؟ وأين دور وزارة الثقافة نفسها التي تعد الجهة المعنية الأولي بالارتقاء بذوق المجتمع والحفاظ علي هويته الثقافية؟ الخط العربي هو فن أصيل تتباهي به اللغة العربية علي سائر لغات العالم بأنواعه المختلفة والكثيرة, فهو يساعد التلاميذ في مرحلة التعليم الأساسي تحديدا علي تحسين وتجويد كتاباتهم مما يسهل لهم الحصول علي الدرجات المرتفعة في الامتحانات. والخط العربي من الفنون التي تربي الذوق الجميل في نفوس الناس والأحاسيس والمشاعر المرهفة والرقيقة. ويقول عنه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عليكم بحسن الخط فإنه من مفاتيح الرزق والخط الحسن يزيد الحق وضوحا وأينما حل الإسلام حلت معه اللغة العربية وحل معهما الخط العربي. وفي الوقت الذي نادي فيه كثيرون من الكتاب بإعادة مادة الخط العربي والاهتمام بدراسته في المدارس, نجد رد الفعل الغريب والمثير للجدل من وزارة التربية والتعليم بإصدار قرار بوقف قبول طلاب جدد بمدارس الخط العربي, ثم وقف التعيين أو الاستعانة بالحصة لأي شخص جديد. صدر هذا القرار بتاريخ 15/7/2010, بتعليمات من وزير التربية والتعليم السابق د. أحمد زكي بدر, وفي هذا العام قرر الوزير الحالي د. أحمد جمال الدين موسي تمديد القرار السابق لأنه لم يصدر قرار آخر في هذا الشأن حتي تاريخه من الوزارة. إن الاستمرار في غلق مدارس الخطوط العربية علي مستوي الجمهورية يمثل كارثة ثقافية علي مصر, وإن هذا القرار الذي نطالب بإلغائه فورا يهدد أكثر من50 ألف دارس ومدرس في مجال هذا الفن الرفيع في المدارس التي لا تكلف الدولة شيئا لأنها تعمل بمصروفات. وأيضا الحفاظ علي سمعة مصر الثقافية والتاريخية, حيث إن مصر من الدول السباقة والرائدة في مجال هذا الفن الراقي. وإذا كان مبرر إغلاق هذه المدارس هو إحداث التطوير بها, فيجب أن تستمر الدراسة في مدارس الخطوط العربية لحين الانتهاء من هذا التطوير وليس غلقها, كما هو الحال في تطوير مناهج الثانوية العامة.. فهل من المعقول أن يتم إغلاق مدارس الثانوية العامة لحين الانتهاء من تطوير المناهج؟ أو العملية التعليمية بكامل فروعها المختلفة. إن الاستمرار في إغلاق هذه المدارس عامين آخرين معناه القضاء علي جيل بأكمله من طلاب ومدرسين وبالتالي القضاء علي مستقبل اللغة العربية المكتوبة لتبقي لغتنا الغربية الجميلة لغة شفاهية معرضة للإنقراض. ومن هذا المنطلق نناشد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة والدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء التدخل الفوري لإلغاء هذا القرار قبل أن تحل كارثة عربية مفزعة تقضي علي ما تبقي من هويتنا الثقافية! المزيد من مقالات محمد المغربى