تحل هذه الأيام ذكري ميلاد العالم الجليل الدكتور محمد محمد الفحام شيخ الأزهر الأسبق. وقد ولد الشيخ الفحام في الإسكندرية في الثامن عشر من سبتمبر 1894 وهو ينتمي الي أسرة من بني مر بمحافظة أسيوط.وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ثم التحق في عام1908 بمعهد الإسكندرية الديني حيث حصل علي الشهادة الإبتدائية والشهادة الثانوية ثم شهادة العالميه سنة1922 ليعين بالمعهد مدرسا لعلوم النحو والصرف والبيان والحديث. وفي سنة1935 تم انتدابه بالأزهر الشريف لتدريس العلوم الشرعية والمنطق بكلية الشريعة. في عام1936 وقع اختيار الشيخ المراغي شيخ الأزهر في ذلك الوقت علي الشيخ محمد الفحام ضمن بعثة دراسية من أساتذة الأزهر للدراسة في فرنسا فالتحق هناك بجامعة السوربون الشهيرة. وفي عام1939 وأثناء بعثته الي فرنسا قامت الحرب العالمية الثانية وأصر الشيخ الجليل علي البقاء في فرنسا حيث سافر إلي بوردو لاتمام المهمة العلمية التي جاء من أجلها, وكان له الفضل في إقامة أول مسجد بها. في يوليو سنة1946 حصل الشيخ محمد الفحام علي شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون وكان موضوع رسالة الدكتوراة هو معجم عربي فرنسي لاصطلاحات النحويين والصرفيين العرب. وما أن وضعت الحرب أوزارها حتي عاد الشيخ مع أسرته الي مصر حيث أسند إليه تدريس الأدب المقارن في كلية اللغة العربية بالأزهر الشريف و انتدب أيضا بكلية الآداب جامعة الاسكندرية. و قد قام الأزهر الشريف بإيفاد الدكتور الفحام في بعثات الي عدة دول إسلامية للوقوف علي أحوال المسلمين فيها وتحديد ما يمكن أن يقدمه الأزهر لشعوب البلاد فسافر إلي نيجيريا في عام1951 وكان سببا في إيفاد عدة بعثات من الأزهر إلي نيجيريا لرفع مستوي التعليم الديني واللغة العربية.وفي عام1963 سافر إلي جمهورية موريتانيا الإسلامية مع وفد رسمي ممثلا للأزهر الشريف. كما سافر إلي باكستان لحضور المؤتمر الإسلامي الذي عقد بكراتشي سنة1952 ثم عاد إليها عام1961 بدعوة من حكومة غرب باكستان في مدينة لاهور كمستشار لمصلحة الأوقاف لوضع مناهج لتدريس العلوم الشرعية واللغة العربية. كما اشترك في المؤتمر الذي عقد في باندونج بإندونيسيا عام1964 وسافر إليها مرة أخري في عام.1965 تدرج الدكتور محمد الفحام في مناصب التدريس بالأزهر حتي أصبح عميدا لكلية اللغة العربية عام.1959 وفي18 سبتمبر1969 أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا بتعيينه شيخا للأزهر. وقد زار الدكتور الفحام أغلب البلاد العربية وكثيرا من البلاد الإسلامية خلال فترة توليه منصب شيخ الأزهر. وفي عام1970 سافر إلي الإتحاد السوفيتي السابق موفدا من رئاسة الجمهورية لزيارة الجمهوريات الإسلامية بأوزباكستان وطاجيكستان في زيارة هي الأولي من نوعها لمسئول ديني, ورفض شرط الحكومة الروسية بزيارة مقبرة لينين مؤسس الدولة الشيوعية وهدد بإلغاء الزيارة, فتراجعت روسيا عن مطلبها حفاظا علي العلاقات التي كانت ترغب في الاحتفاظ بها مع العالم الإسلامي, وفي عام1971 زار إيران بناء علي دعوة من مدير مصلحة الأوقاف من أجل التقريب بين المذاهب الإسلامية. و مما لا ينسي للدكتور محمد الفحام فيأثناء تبوئه المنصب الرفيع أنه في عام1971 وبمناسبة وضع مشروع الدستور المصري الجديد أصدر بيانا يطالب فيه بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدرالرئيس للتشريع. وكان وقع هذا البيان شديدا, حيث انهالت البرقيات والرسائل علي لجنة الاقتراحات بمجلس الشعب تؤيد ما طالب به شيخ الأزهر. وبالفعل اصدر مجلس الشعب قراره بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. قد اشتهر الدكتور الشيخ محمد الفحام بعشقه للغة العربية و كان صاحب واحدة من أكبر المكتبات الشخصية لعالم من علماء عصره كما اشتهر بغيرته علي اللغة العربية وكان من كبار المدافعين عن الفصحي واعترض علي الذين يدافعون عن اللغة العامية و يسعون إلي أن يستخدم كل بلد عربي لهجة خاصة به, لأن ذلك سوف يزيد تمزق العالم العربي من جديد وأن هذا هو ما يبغيه أعداء العالم العربي والدين الإسلامي لتظل الفرقة دائما بينها. وفي عام1973 تقدم الدكتور محمد الفحام بطلب للرئيس الراحل محمد أنور السادات ليعفيه من منصبه نظرا لاعتلال صحته و ايضا لعدم رضائه عن تبعية الأزهر الشريف لوزارة الأوقاف. واستجاب الرئيس السادات لطلبه ثم منحه وسام الجمهورية من الطبقة الأولي وهو أرقي وسام مصري تقديرا لما قدمه للإسلام ولمصر وللأزهر الشريف. توفي الإمام الجليل في30 أغسطس1980 في منزله بمنطقة الإبراهيمية عن عمر يناهزالسادسة والثمانين عاما.و قبل وفاته بأسابيع قليلة تم تسمية الشارع الذي يسكن فيه شارع الشيخ الدكتور محمد محمد الفحام.