بحضور الوزير شريف فتحي.. تفاصيل إطلاق حملة «إحنا مصر» لتنشيط السياحة    رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يفتتح فعاليات مبادرة "كن مستعدًا"    «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر أغسطس 2025    علامة استفهام لماذا تتلكأ الدول الكبرى فى تصنيف الإخوان جماعة إرهابية    آرسنال يعود بانتصار صعب من عقر دار مانشستر يونايتد    عبد اللطيف منيع يعود للقاهرة بعد معسكر مكثف بالصين استعدادًا لبطولة العالم المقبلة    سيدة تستغل "السوشيال ميديا" بالرقص والمخدرات.. والداخلية توقفها    فى ذكرى رحيله.. «درويش» وطن فى شاعر    أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    جراحة ناجحة لمريض بتثبيت كسور بالوجه والفك السفلي في العريش    7 أطعمة ومشروبات غنية بفيتامين D    غوارديولا يتحدث عن صفقاته الجديدة    جامعة المنصورة تُشارك في مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب والخريجين    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات: الذكاء الاصطناعي ضرورة لمستقبل الاقتصاد المصرى    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    «الصحة» تغلق 10 عيادات غير مرخصة ملحقة بفنادق في جنوب سيناء    معلق مباراة ريال مدريد وأوساسونا في الدوري الإسباني    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    دورة إنقاذ ومعرض تراثي.. أبرز أنشطة الشباب والرياضة في الوادي الجديد    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    يسري الفخراني بعد غرق تيمور تيمور: قُرى بمليارات كيف لا تفكر بوسائل إنقاذ أسرع    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    توجيهات حاسمة من السيسي لوزيري الداخلية والاتصالات    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية والفيضانات في باكستان إلى 645 قتيلا    صراع من أجل البقاء.. مأساة الفاشر بين الحصار والمجاعة والموت عطشًا    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    تعرف علي شروط الالتحاق بالعمل فى المستشفيات الشرطية خلال 24 شهرا    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    إصلاح الإعلام    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    خطأ أمريكي هدد سلامة ترامب وبوتين خلال لقائهما.. ماذا حدث؟    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكلا‏..‏ بوابة الفتح الاسلامي لشرق إفريقيا
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 09 - 2011


أيمن السيسي :
طقس مرتفع الحرارة ورطوبة تزيد نسبتها علي ما يستطيع أن يتحمله المسافر في شهور الصيف وقلوب طيبة‏.‏ هذه هي المكلا أو حضرموت الساحل‏.‏ الخيصة وهي الخليج الآمن للمراكب وبحارتها المكلا حاليا والتي عرفت قبل هذا الاسم ببندر يعقوب. والبندر هي الكلمة التي كانت تطلق في جنوب اليمن والهند وسواحل مليبار وإندونيسيا والصومال علي المدن الواقعة علي البحر.. يطغي فيها جبل يقف حارسا للمحيط من أن تطغي مياهه علي البر وشاهدا علي انتشار ضوء القمر فوق صفحته في ليالي الصيف, حيث الساهرون فوق مدرج الكورنيش وما بين البحر والجبل مسافة لا يصل أكبر اتساع لها الي كيلو مترين يسكنها أهل المدينة في بيوت زادها اللون الأبيض كما القلوب بهاء وسنا.
كان علي أن أبدأ مغامرتي لولوج أوكار قراصنة الصومال من ميناءها الصغير. عندما غادرت صنعاء بطقسها اللطيف. لم أكن أتوقع عند خروجي من مطار ريان المكلا هذا الارتفاع في الحرارة والرطوبة وإن كنت توقعت طيبة أهلها وكرمهم الذي استقبلت به في خانوت خارج المطار طلبت من صاحبه السماح بمكالمة هاتفية لصديقي الذي كان يجب أن ينتظرني. لم أجد غرابة في رفض صاحب الهاتف أخذ ثمن المكالمة وزاد عليه بمنحي زجاجة مياه باردة عليها تطفيء قيظ الطقس. عندما اصطحبني صالح الرمادي الي المدينة التي تبتعد عن المطار بأكثر من عشرين كيلو مترا كان أول ما واجهته من معالم هو حصن الغويزي الذي يوجه الزائر للمدينة قادما من المدخل الشمالي الشرقي, ويبدو حصن الغويزي مرتفعا شامخا رغم تقلبات الزمن.
يقول محمد الرص كان الهدف من انشائه علي صخرة مرتفعة تشف علي الوادي والطريق المؤدي الي المدينة لمراقبة الغارات التي تستهدف الميناء والمدينة من الشمال خصوصا التي تشنها السلطنة الكثيرون من عاصمتها سيئون والسلطنة الشحرية, ويتكون من طابقين فضلا عن جدار عال ارتفاعه02 متر غير مسقوف فوق الطابق الثاني ويتكون الطابق الأول منه من عدة حجرات بها نوافذ منشورية الشكل.
معقل القراصنة
وتمتد مدينة المكلا بضم الميم وتشديد الياء مسافة11 كيلو مترا كحاضرة لإقليم حضرموت في الجنوب الشرقي لليمن علي المحيط الهندي وهي أقرب الموانيء اليمنية الي ميناء بوصاصو معقل قراصنة البحر الصوماليين وإليها تحمل السنابك وهي سفن الصين الخشبية أسماك ومواشي الصومال ويحترف سكانها الصيد وانتاج عسل السدر والزهور. وهي موطن مهم للحراك الجنوبي كانت في الأزمنة القديمة ملجأ لقراصنة المحيط الهندي وبحر العرب من إندونيسيا والصومال والقرن الافريقي كخيصة ساحلية يأوون إليها بسفنهم هربا من غضب البحر وطمعا في الراحة في الشتاء.
قال لي حسين بازياد ينازع هواء البحر علي جباه المسافرين صهد الجبل فقلت أو دفء القلوب وكرم السكان هنا مشكوك فيه كما قال لي علي العطاب مدير إدارة التبادل في هيئة الإعلام اليمنية.. لماذا قال ضاحكا: هم كأهل دمياط لديكم مشهورون بالبخل أو الحرص إن شئت أن تهذب الكلام. وإن كنت شخصيا لم أصادف فيها إلا الكرم فإن للبخل حكايات ترويها لشوفونية المناطقية ولكنهم الحضارمة ينفونها ويردون ذلك إلي أهل لحج وتنتشر عنهم نكتة يرويها حسين بازياد المدير السابق لاذاعة حضرموت بأن أصحاب لحج يسألون الضيف شي تبا غدا أو اتغديت. يعني هل تريد غدا أم اتغديت... تيجي ترتاح عند بالبيت ولا المسجد برود أحسن أم أن المسجد برد. وأيضا واحد قالوله ابن عمك جه من صنعا فقال: ايش جاب أمه فرد عليه قائلا: بس علي فكرة شفت معه سمن وعسل وبر فقال: مرحبا به ايش قلنا, سألت صالح الرمادي عن مكان نشرب فيه القهوة فقال: ضيافتنا للغريب كوبا من العصير وزجاجة مياه و شاي إن أردت أن نزيد أما القهوة فلا تقدم إلا في المنازل للاضياف الكرام وطبعا لا أحد يستضاف بالمنازل, الغريب أنني لم أتناول فنجانا من القهوة في حضرموت واليمن بلاد البن ارتبطت المدينة القديمة باسم قري يعقوب بن يوسف بندر يعقوب نسبة إلي الولي الشيخ يعقوب بن يوسف الذي وفد إليها من العراق عام355 هجرية ودفن بها في مقبرته المعروفة حاليا باسم حجر كانت عامرة بالسكن وأصبحت الآن مجرد خرابات يلهو فيها الأطفال بالآثار ومنها كما يقول صالح الرمادي الواح عليها كتابات مسمارية وحميرية, وبها حصن بارتفاع ملحوظ يري الرائي منه البحر علي بعد08 كيلومترا وينبش السائحين فيها فيعودون بالفضة القديمة والتماثيل الأثرية الصغيرة.
ومن أقدم العائلات التي سكنت خيصة المكلا آل المنصوري ومنهم آل بكيران وآل بازنبور وآل بن شرف والعكابره وآل الشيخ وآل بازهير.
ويقال إن أول من سكن هذه الخيصة شيخ المنصور الجفري الذي جاء من عمان مع أعداد كبيرة من عشيرته ومعه معدات وقوارب الصيد وسكنوها والمنطقة القديمة المواجهة للميناء تجمع في عمارتها أساليب العمارة القديمة ومازالت أبواب المدينة القديمة تفضي إلي الميناء من الناحية الغربية وقبل ميناء بروم كان ميناء خلف الذي لاتزال أطلاله باقية حتي الآن الميناء الأول في المكلا.
وعرفت المكلا أول عملة نقدية للتداول عام1882 في عهد السلطنة الكسادية أما أول مقهي فكان مقهي خميس بازهير عام1923 وقد تحول مكانه منذ عام1969 إلي معرض لبيع الملابس. وإن كان وسط المدينة يعرف الآن عددا كبيرا من المقاهي التي يختلط العمل في أغلبها بين تقديم الشراب مع الطعام وخصوصا السمك المقلي وهي الأكلة الشعبية الأولي التي تقدم مع نوع من الخبز الذي يصنع عند طلبه وهو ما يشبه البتاو في صعيد مصر.
وعلي الكورنيش توافرت مساحات لمقاه وكافيتيريات شعبية بسيطة هي أهم أماكن التنزه وقضاء الوقت بعيدا عن غرف المنازل الحارة خصوصا وأن انقطاع الكهرباء في المكلا متكرر مما يمنع الأهالي من الاستمتاع بأجهزة التكييف المعلقة علي جدران منازلهم خصوصا في الأيام الاربعينية كما يسميها أهل حضرموت وهي التي تزداد حرارة الشمس فيها علي بلادهم.
وتنتشر وسط المدينة مطاعم الأسماك وهي الانتاج الاكثر في المكلا ولحم الضأن وهو الاكثر استيرادا من بوصاصو الصومال التي لا تبعد عن المكلا اكثر من مائتي ميل بحري وينتشر الصوماليون أيضا فيها بشكل كبير من خلال الميناء أو نزوحا من خلال ساحل بئر علي, ولم لا والمدينة هي نقطة التقاء الصومال مع اليمن وفيها يكثر تزاوج أبناء البلدين ولهم في ذلك تاريخ طويل.
وفي ميدان المدينة بجوار مسجد الروضة ينتشر الصيادون الصوماليون واليمنيون وبه جمعية العباري وهي سفن ومراكب الصيد الخشبية الصغيرة التي لايزيد طولها علي20 مترا ولاترتفع اكثر من أربعة أمتار.
يقول سالم باداود رئيس الجمعية إن علاقاتهم التاريخية مع الصوماليون تجعلهم في أمان من خطف القراصنة الجدد لسفنهم شريطة دفع ألفي دولار لكل سفينة يمنية تقترب من سواحلهم للصيد وأحيانا تكون هذه السفن ملكيات مشتركة بين صومالي ويمني مما يؤمن لها فرص الصيد الأمن, ورغم ذلك فقد إرتفعت أسعار الأسماك فوصل بعضها إلي دولارين للكيلو متضاعفا عما قبل وهو ما أدي إلي زيادة أسعارها كوجبات في مطاعم المكلا ورغم ذلك فلاتزال بحساب السائح والمسافر قليلة فأغلي الأكلات لاتتجاوز30 دولارا وإن كانت ثقافة الطهي في المكلا تأثرا بالصوماليين فيها والذين لايقلون عن30% من سكانها غير مريحة للغريب فالأسماك كثيرة الزيت ولحم الضآن غير ناضج تماما.
ولأن المدينة بميناءها كانت ملجأ وملاذا للكثير من البحارة والتجار فلا يتعجب المسافر اليها من تنوع الوجوه والأخباس فيها خصوصا أفارقة القرن الأفريقي وأسيوبوساحل المحيط الهندي من أندونيسيا والهند مثل أنور علام الذي لاتخطئ لم يحترف الفن لارتمائه في أحضان الميري كمراجع حسابات وإن كانت لوحاته التي تزين جدران منتدي الخيصة الثقافي تؤكد إجادته لفن الرسم وقد حفظ بلوحاته التي صارت تباع كارت بوستال صور مدينة المكلا القديمة إما نقلا عن صور فوتوغرافية أو استدعاء من الذاكرة. ويؤكد أنور أصله الهندي بقوله ولد جدي في حيدر أباد1875 وجاء مع صديقه السلطان عوض بن عمر القعيطي ولأنه كان محترفا في نقش ورسم الزخارف والعكوف الهندية التي تميز قصور الهند ومنازل أغنيائها فقد أبقاءه السلطان معه ولأنه كان هاوا لفن الغناء أيضا فقد كان أول من أدخل الخرمونية الهندية والايقاع الهندي في الغناء الحضري وتتلمذ علي يديه الفنان أحمد جمعة خان وشقيقه محمد وهما هنديين أيضا وبرع محمد في صياغة الألحان الهندية الأصل بكلمات عربية تعبر عن التراث الحضاري الاسلامي في حيدر أباد وهو والد أفراح خان نائبة مدير إذاعة حضرموت ولاشك أن التواصل والتمازج بين مدن سواحل المحيط الهندي وبحر العرب قد ساهم في تكوين الشخصية الحضرمية والعكس فقد شكل الحضارمة عنصرا مهما من عناصر نشر الاسلام والحضارة العربية في هذه البلاد.
نقطة إشعاع
وبفضل ميناءها إشعاع علي هذا الطرف من العالم سواء في الهند والجزيرة العربية أو السواحل شرق أفريقيا والقرن الأفريقي وجزر المحيط الهندي, ففي بلاد الهند والسند كان للتجار الحضارمة دور رائع وكبير في انتشار الإعلام بداية من سواحل مليبار في الجنوب الغربي لشبه القارة الهندية بل من خلالهم ظهرت تأثيرات للغة العربية ومفرداتها علي لغات السند والهند وآدابهما وحروف كتاباتهما. وتجلت مظاهر تأثيرات الحضارة الإسلامية العربية الحضرمية في العمارة الهندية مثل منارة قطب التي شيدت عام1911 م بمدينة دلهي والتي يبلغ ارتفاعها238 قدما, والقلعة الحمراء التي بناها الإمبراطور المسلم شاه جيهان عام1673 م وبني داخلها مسجد اللؤلؤة.
وظهر أيضا تأثير الحضارمة في نقل الإسلام وحضارته إلي دول الساحل الأفريقي الشرقي من الصومال وحتي مدينة سغالة في موزمبيق. من خلال عدد من المراكز التجارية التي حط فيها التجار اليمنيون وانتشروا منها مثل زنجبار وبمبا ومافيا وممباسا وجزر القمر ومدغشقر وكونوا فيها جاليات كبيرة أنشأت أحياء مستقرة ومساجد ومدارس علم انتشر فيها الإسلام وفي الصين كان للبخور اليمني مكانته في التجارة مع الصين.
أما في مصر فقد ساهم الحضارمة اليمنيون بأعداد كبيرة في جيش الفتح عام18 ه وهناك من الرواسات ما تؤكد أن أغلبية جيش الفتح الإسلامي لمصر من اليمنيين من قبائل عك وغافق ولخم وكتدة وحمير وهمدان ومهرة. ومنهم عبدالرحمن بن معاوية بن خديج ووالده ويزيد بن حبيب الأدي الذي تذكر الأدبيات الإسلامية أنه كان أول من أظهر علوم الدين والفقه في مصر وساهم في نشر اللغة العربية والصحابي عبيد بن محمد المعاقري.
أما تخطيط مدينة عمرو بن العاص في مصر( الفسطاط) فقد جاء علي رأي وتخطيط معاوية بن خديج. والي مصر في عهد عثمان بن عفان وشريف المرادي وعمرو الخولاني وبن ناشرة المعافري.
التعليم في المدينة رؤي
والتعليم في المكلا قديم منذ عهد الدولة القعيطية ابان الاحتلال الانجليزي كان عدد المدارس في حضر موت الساحل سبعة مدارس وفي المكلا كانت المدرسة الانجليزية التي أنشأها السلطان عمر القعيطي عام1934 الي جانب عدد قليل من المعاهد الدينية ويطلق عيها الرباط أنشئت مدرسة عميد بخت الرضا في هذه الأثناء كان للأزمة الإقتصادية العالمية بين الحربين العالميتين تأثيرها علي مصر والسودان مما اضطر الحكومة الي خفض مرتبات مدرسي المدارس في السودان وفي عام1939 قدم الي المكلا أحد نظار المدارس الأولية في السودان ليعمل مساعدا ثقافيا للمستشار الانجليزي المدنوب السامي ثم ناظرا للمعارف بالسلطنة لينقل من السودان تجربة التعليم فيها كخطة للتعليم في المكلا والسلطنة القيعيطية التي يحكي لنا عنها حسين الجيلاني رئيس منتدي الخيصة الثقافي مؤكدا حسب التاريخ المدون والشفهي أن المكلا لا يزيد عمرها علي005 عام حيث تأسست أول إمارة فيها هي آل كساد اليافعيين واستمرت منذ عام1115 الي1278 هجرية الي أن استولي الانجليز عليها فأسقطوها ونفوا سلطانها. وحتي أوائل القرن التاسع عشر كانت امارات اليمن الجنوبي في صراع دائم مع بعضها البعض وكان أثرياء الحضارمة في مدن الاغتراب مثل حيدر أباد يدعمون بعضهم, بل ويتطلع عدد من هؤلاء التجار الأثرياء الي حكم حضر موت ومنهم عمر بن عوض القعيطي الذي أرسل له السلطان صلاح الكسادي يستنجد به ضد آل باوزير فأوفد ابنه عوض الذي عقد معاهدة عسكرية مع الكسادي واستقدم جنودا مرتزقة من جنوب السودان والهند وساندوا الكسادي في القضاء علي حكم عمر باعمر ونفوه الي الصومال وساعدوهم في السيطرة علي كامل اقليم حضر موت حتي تريم وسيئون. بعدها طالب عوض بنصيبه من السلطان الكسادي وسرعان ما قام بتأسيس سلطنه قعيطيه في الشهر علي حدود المكلا وباع له الكسادي نص المكلا بديونه بعدها قام بطرده الي الشحر وبمساعدة الانجليز اقيمت السلطنة القعيطية عام7781 واستمرت حتي سقطت في سبتمبر7691 علي يد الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن الذين اخرجوا الانجليز ليبقي قصر السلطان القعيطي قائما علي شاطئ المكلا في حماية الجبل أمامه كورنيش المكلا حيث صخور صد الأمواج وحديقة المكلا التي تنتشر فيها العائلات في نزهاتها وثنائيات الحب من تحت النقاب والسوق الشعبية وهو عبارة عن بسطات وعشش يبيع فيه الشماليون النازحون بظائعهم الصينية الرديئة.
أهازيج صوفية
وخلف قصر السلطان عوض القعيطي يقع مبني الإذاعة وهو مبني قديم يزيد عمره عن100 عام كان دار لمستشار السلطان القعيطي. وأنشأت به الإذاعة عام.7691 وتغطي إذاعة المكلا نصف مساحة اليمن تقريبا وتجربتها غير مسبوقة في اليمن بتناولها قضايا المواطنين حاليا0102 وتنتقد المسئولين طبعا في برامج محددة ولمسئولين صغار.
تعرفت فيها علي عدد من الإذاعيين. أهمهم ذلك الرجل الكفيف أو الذي يري خيالات حسين الأسد صاحب نكتة مرح ساخر حتي من عماه درس في معهد الموسيقي العربية في مصر أصوات بحكم ضعف بصري. ودرست المقامات وفي حلب درست لعام. حدثني عن الغناء في حضر موت والمأخوذ من الأناشيد الصوفية والرقصات الموجودة المصاحبة لغناء النساء ولا إيقاعات مصاحبة وألفاظ ليس لها مدلول. أو لم يبحث الباحثون عن مدولها. وهي التي تردد بعد كل بيت من النظم أو الشعر في صورة كلمة تتكرر ياخيبعان وإن كان البعض يردها كما قال لي حسين الأسد الي لفظ كان يردد أثناء طقوس عبادة سيم آلة القمر في المكلا ودوعن وسيئون, وهديني التي تتردد في أغاني النساء للعروس. والغناء في حضر موت هو نتاج تلاقح ثقافات موسيقية ممتزجة من حضر موت والهند وكينيا وتنزانيا ومنها أغاني اللغة السواحلية تنتشر بين البحارة والصيادين والميناء.
وأهازيج الصوفية للأطفال وغناءهم في رمضان يامه صييامه وبكسر الصاد هاتي لقامة( وتنطق بالجيم لجامة)
وهي أغاني الساحل في رمضان المعادلة لوحوي ياوحوي في مصر, قال: والطريف في الأمر أن النساء في حضر موت أكثر حفاظا علي التراث الصوفي الغنائي. ومازالت الأغاني الصوفية في اليوم الثامن لعرس تغني للعروس فتجتمع النساء في صوان أمام المنزل. ذكر النبي فايدة يبخت من صلي عليه.
وأضاف أن هناك ألحانا صوفية نظم لها الشعراء كلمات عاطية استغلالا لانتشار الألحان الصوفية وإن كانت الصوفية بدأت تشهد تضييقا علي أيدي العائدين من الجزيرة العربية والجمعيات والمساجد في حضر موت بازرعة والروضة.
الذي أسس عام1581 ويقع في مواجهة بوابة الميناء في المنطقة القديمة من البلدة. ويعتبر أهم مساجد البلدة.
أما شواطئ المكلا التي تمتد اكثر من30 كيلو متر ويرتادها السكان للاستجمام والاستحمام فيتنوع الشاطئ بين صخري ورملي. وأخطر المواقع الرملية الرخوة هو شاطئ فوه بالقرب من مخارج الوديان حيث تكثر فيها الدوامات وأما المواقع الصخرية فهي منتشرة, ويزداد الخوف من الارتطام بالصخور عند ارتفاع الأمواج, إلا في الخلجان الصخرية الضحلة بالمنطقة الشرقية بخلف.. ويشتد التحذير من الغوص والاستحمام أمام الحاجز الصخري( الكبس) حيث يقع كورنيش السلام.
أفضل المواقع الآمنة للسباحة والتريض هنا وليكن ذلك صباحا هو الخليج الشرقي للمدينة المعروف بسيف حميد الواقع بين لسان حارة البلاد غربا ولسان ميناء خلف شرقا, وتعود أفضليته إلي أنه محمي من هيجان البحر والرياح الجنوبية الغربية( الكوس) وقليل العمق ورماله وصخوره قليلة.
مسجد الروضة
أما مسجد الروضة وهو أقدم مساجد المكلا بني عام1581 م فله خصوصية في ليالي الختم حيث تذهب النسوة العجائز إليه حيث يؤدين صلاة التهجد حتي الثانية صباحا. أما البنات الصغيرة. والأطفال فيجلسون علي منصه عالية داخل المسجد وحين تخرج الزفة الصوفية فيطلقون الزغاريد ويرشون عليهم العطور. أما أخرختم فتكون في قبة ومقبرة الشيخ يعقوب بني يوسف والذي قدم الي حضرموت من العراق5811 وعاش ودفن في تربتها. وتخرج الزفة الصوفية من داخل القبة ويحمل الصوفية التريك( الكلوب) وينشدون وهم يتمايلون أما في الشحر فإن الانتشار الواسع للصوفية ووجود عدد كبير من السادة( ال البيت) فيها ينشر الصفاء الروحاني ولا تبدأ الختم إلا بعد منتصف رمضان وتتم كل ليلة في مسجد وتزيد فيها الأذكار والخضرات والأناشيد الصوفية وتكون الليلة الختامية في مسجد العيدروس كما يقول محمد عوض بن ربيعة ويخرج الصوفية أيضا وهم يحملون التريك وهم ينشدون أناشيدهم حتي يصلون الي دار الشيخ العيدروس من أحفاد صاحب المقام.. ويتميز طعامهم في الافطار بالشوربة( الذرة المكسرة مع السمك والماء يضاف اليها السمن البلدي والبصل الي جانب السمبوسة( السمبوكسة في مصر) المحشوة باللحم أو الجبن أو البيض وكذلك هناك العتر وهو من الفصيله العدسية ويغلي مع الطماطم والبصل والحامض والفلفل الاخضر الحار
أما العشاء والذي يكون من الارز والسمك أو اللحم وقبل أيام من نهاية رمضان تبدأ محلات بيع الحلوي في عرض الفافودي وهي العرائس المصنوعة من السكر وتشكل علي هيئة مراكب وطائر وسفن وأحصنه وهي التي تعرف في مصر بعروسة المولد وتقدم في أيام الاحتفال بالمولد النبوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.