وسط حالة من الترقب والحضور الإعلامي المكثف, وإجراءات أمنية مشددة, قضت أمس محكمة النقض بقبول الطعن المقدم من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي ومحسن السكري ضابط أمن الدولة السابق. وقررت المحكمة إلغاء حكم محكمة جنايات القاهرة الصادر في25 يونيو العام الماضي بالإعدام شنقا لكل منهما, لإدانتهما في قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم داخل شقتها بدبي, وإعادة محاكمة المتهمين من جديد أمام دائرة أخري بمحكمة جنايات القاهرة, حيث سيتم إرسال أوراق القضية الي محكمة استئناف القاهرة لتحديد جلسة لإعادة المحاكمة. وفور إعلان الحكم سادت حالة من الفرحة داخل قاعة المحكمة, حيث علت أصوات الزغاريد والصياحات بالتكبير وترديد جملة يحيا العدل, وأخذ الجميع يتبادلون التهاني والأحضان وأكد منير السكري والد المتهم الأول, أنهم كانوا متأكدين من قبول الطعن وإعادة المحاكمة من جديد, وأنه يتوقع براءة نجله في المحاكمة للمرة الثانية. كما أكد عم هشام طلعت اللواء إبراهيم حسبو أنهم يثقون في قضاء مصر العادل الذي سينصف كل بريء من كل الاتهامات التي توجه الي كل المظلومين. صدر الحكم برئاسة المستشار عادل عبدالحميد رئيس محكمة النقض وعضوية المستشارين رضا القاضي ومحمد محجوب وأبوبكر البسيوني وعاطف خليل وأحمد مصطفي وعبدالرسول طنطاوي وأحمد حافظ ولاشين إبراهيم ونبيل الكشكي وحسام خليل وبسكرتارية أيمن كامل مهني وحسام خاطر ووليد رسلان. وكانت الجلسة قد بدأت في تمام الساعة التاسعة حيث طلبت هيئة المحكمة قبل خروجها للقاعة عدم وجود أفراد أمن أو غيرهم بالقرب من منصة المحكمة, ثم خرجت وتناولت عددا من الطعون لم يشملها طعن هشام طلعت والسكري لأنه كان مؤجلا من الجلسة الأولي يوم4 فبراير الماضي للنطق بالحكم, وبعد انتهاء المحكمة من نظر نحو12 طعنا رفعت المحكمة الجلسة للمداولة, وفي أثناء هذه الفترة بدت علامات التوتر والقلق علي أسرة هشام طلعت حيث حضر عمه اللواء إبراهيم حسبو والدكتور إيهاب ماضي جراح التجميل زوج سحر شقيقة هشام وشقيق زوجته الأولي وعدد من موظفي شركته, كما حضر والد المتهم الأول اللواء السابق منير السكري ونجله قبل بدء الجلسة بساعة, حيث أكدا أن آخر زيارة لمحسن السكري كانت داخل محبسه يوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وأشارا الي أن محسن أكد أنه متأكد من قبول الطعن وإعادة المحاكمة, وقال لوالده إنه لم يرتكب الجريمة أو خطأ واحدا يستحق عليه يوما حبسا.. وأكد لوالده أنه ملتزم بالصلاة ويواظب علي صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع. وبعد ما يقرب من الساعة ونصف الساعة, خرجت هيئة المحكمة لإعلان الأحكام في الطعون حيث أصدرت المحكمة برئاسة المستشار عادل عبدالحميد رئيس المحكمة أحكامها في الطعون جميعا, وكان آخرها الحكم في طعن هشام طلعت مصطفي ومحسن السكري حيث تلا رئيس المحكمة نص الحكم في الطعن قائلا: حكمت المحكمة بقبول عرض النيابة في القضية وقبول الطعن المقدم شكلا ونقض الحكم وإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة جديدة. وبعدها علت الصرخات والصيحات والزغاريد داخل أروقة المحكمة وظل أقارب الطاعنين يرددون يحيا العدل والله أكبر وتعانق الجميع وكان مرتضي منصور قد حضر قبل النطق بالحكم وبعد إعلانه انطلق باتجاه فريد الديب محامي هشام طلعت ليهنئه بحرارة علي الحكم الصادر من محكمة النقض .أسباب الطعن وكان دفاع المتهمين قد قدم ما يقرب من أربعين سببا للطعن علي حكم محكمة جنايات القاهرة, التي عاقبت المتهمين بالإعدام شنقا لاتهامهما في واقعة مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم في دبي, وكان أبرز تلك الأسباب أن الجنايات رفضت الاستجابة الي طلب فتح باب المرافعة الذي تقدمت به هيئة الدفاع عقب حجز الدعوي للحكم استنادا منها الي أن هذا الطلب يعطل الفصل في الدعوي ودفع محامي المتهمين بعدم اختصاص القضاء المصري بنظر الدعوي لوقوع الجريمة خارج البلاد وبطلان استجواب المتهم الأول محسن السكري بتاريخ6 أغسطس عام2008 لعدم حضور محام معه وأيضا بطلان التحقيقات التي أجراها المكتب الفني للنائب العام مع المتهم الثاني هشام طلعت في نفس اليوم لعدم رفع الحصانة عنه, وأن الحصانة تم رفعها يوم25 من ذات الشهر مما يبطل التحقيقات التي تمت قبل رفع الحصانة, وأن محكمة الجنايات استندت في حكمها الي الاسطوانات المدمجة التي رصدت تحركات المتهم الأول قبل واثناء تنفيذ الجريمة بالرغم من أن الصورة لم تكن توضح معالم المتهم الذي تم تصويره, كما أن الحكم عول علي التسجيلات التي أجراها المتهم الأول بالرغم من طعن دفاع المتهم الثاني عليها بالتزوير, كما ذكر الحكم شهادة المحامية يارا إلياس التي أكدت أن المجني عليها ذكرت لها تلقيها تهديدات بالقتل دون أن توضح الشاهدة طبيعة تلك التهديدات والشخص الذي قام بتهديدها وكان من بين الأسباب أن دفاع المتهمين طلب من المحكمة انتقال هيئة المحكمة بكاملها أو ندب أحد أعضائها لمعاينة مسرح الحادث في دبي, ومطابقة المعاينة علي الوقت الذي سجلت كاميرات المراقبة فيه دخول وخروج المتهم الأول من العقار في أثناء تنفيذ الجريمة, وهو ما لم يتحقق, وأشار الدفاع الي أن كل الأدلة في القضية المرسلة من نيابة دبي من واقع اسطوانات مدمجة والتي من السهل تغيير ما جاء فيها من صور ومادة فيلمية وأنه طلب جميع المشاهد التي التقطت للمتهم منذ وقت دخول المجني عليها للعقار الذي تقيم فيه وحتي وقت ارتكاب الجريمة, ولم تتم الاستجابة لهذا الطلب أيضا, وأكد الدفاع أن حكم الجنايات شابه العوار في إخلاله بحق الدفاع, حيث لم تستجب المحكمة لعدد من طلباته في الدعوي بالرغم من تمسكه بها والخطأ في تطبيق القانون. وكان هشام طلعت مصطفي قد تابع لحظات النطق في الطعن الذي تقدم به من داخل محبسه وهو يرتدي بدلة الاعدام الحمراء مع أعضاء الدفاع عنه, وبعض أفراد عائلته الذين حضروا جلسة النقض ووفقا للمقربين منه, انه عبر عن فرحته بأداء صلاة شكر لله, مشيرا الي أنه يثق في براءته وقضاء مصر العادل. ومن بين الأسباب أيضا, بطلان الاستدلال بشهادة عدد من الشهود في القضية ومنها شهادة والد المجني عليها في التحقيقات التي أجرتها شرطة دبي, كما اعتمد الحكم علي تقرير قدمه أحد الضباط دون أن يورد مضمون هذا التقرير ومدي استدلاله وما جاء به علي ثبوت التهمة بحق السكري وهشام, كما اعتمد الحكم أيضا علي التسجيلات التي قام بتسجيلها المتهم الأول محسن السكري لهشام طلعت بالرغم من بطلانها وكان يجب ألا يتم الاعتداد بها كدليل ادانة وأن الرسائل المتبادلة بينهما لا تعتبر دليلا علي اتفاق هشام مع السكري علي قتل المجني عليها, وأشارت الأسباب أيضا الي بطلان الاستناد الي تسجيلات الفيديو للمتهم الأول وشهادة الطبيبة الإماراتية فريدة الشمالي التي قامت بعمل تقرير البصمة الوراثية للسكري. وقائع القضية وقائع القضية تعود الي6 اغسطس عام2008 عندما ورد كتاب انتربول أبوظبي بشأن طلب التحري عن المتهم الأول لارتكابه واقعة قتل المجني عليها في إمارة دبي بدولة الامارات, وأنه في إطار اتفاقية التعاون القضائي والقانوني بين دولتي الامارات وجمهورية مصر العربية تم ضبط المتهم الأول وأمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بإجراء التحقيقات في مكتبه الفني وطلب كل المعلومات وإجراء الاستدلال وصورة التحقيقات التي أجرتها السلطات القضائية في دبي بشأن تلك الواقعة وفور ورودها تم استجواب المتهم الأول وأشار في أقواله الي دور المتهم الثاني هشام طلعت مصطفي في هذا الحادث, واتخذت النيابة العامة كل الإجراءات القانونية التي يفرضها القانون والاتفاقيات الدولية واستخدمت صلاحيتها في حظر النشر فيها استنادا لسلطاتها المقررة قانونا وتم احالتهما الي محكمة الجنايات محبوسين وتحديد جلسة لنظر القضية وبعد29 جلسة لمحاكمتهما أمام الجنايات أصدر المستشار محمدي قنصوه حكمه في القضية يوم25 يونيو عام2009 بمعاقبتهما بالإعدام شنقا, وطعن المتهمان علي الحكم أمام محكمة النقض التي حددت جلسة4 فبراير لبدء نظر الطعون ومن أول جلسة حجزت محكمة النقض الطعن للحكم بجلسة4 مارس الحالي حيث أصدرت حكمها المتقدم.