إطلاق حرية التفكير(2) مع كل الاحترام والتقدير للأهداف والمقاصد السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترتفع راياتها هذه الأيام يظل التحدي الحقيقي لهذا الوطن مرتهنا بمدي القدرة ومدي الجدية علي الشروع باتجاه إحداث تغيير جوهري في فلسفة العملية التعليمية بكل مراحلها. إن كل أهدافنا ومقاصدنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشروعة يصعب بلوغها في غيبة من نظام تعليمي متكامل قادر علي توفير رأس المال البشري المؤهل لمجاراة عصر المعرفة والمعلوماتية بكوادر بحثية تقود مهمة التحديث المجتمعي والتطوير العلمي المنشود تحت رايات الديمقراطية التي لا تكتمل إلا بإطلاق حرية التفكير والتأمل والخيال العلمي. ومع التسليم بصحة ما يقال من عدم قدرة الدولة المصرية في الوقت الراهن علي توفير التمويل اللازم لإحداث ثورة تطوير التعليم في شكل زيادة عدد المدارس والمعاهد والجامعات وتجهيزها بالمعامل الحديثة مع تحسين أوضاع هيئات التدريس في المراحل التعليمية فإن روح الوطنية المصرية المتأججة منذ ثورة يناير يمكن توظيفها في استنهاض همم القادرين في هذا المجتمع علي إعادة استنساخ إسهامات العظماء من أجدادنا الذين أنشأوا المدارس بأموالهم الخاصة علي طول البلاد وعرضها وكان لهم فضل إنشاء أول جامعة مصرية قبل أكثر من 90 عاما. ولعل ذلك ما يدفعني لطرح اقتراح متواضع يمكن أن تتبناه وزارات التعليم والبحث العلمي لإقامة حوار وطني واسع تحت لافتة' تطوير التعليم والبحث العلمي' لا تقتصر المشاركة فيه علي الأساتذة من خبراء التعليم فقط وإنما بمشاركة النخبة المستنيرة من رجال الأعمال كخطوة ضرورية علي طريق إيجاد قنوات اتصال سهلة وشرعية بين مؤسسات التعليم والبحث العلمي وبين المدن الصناعية الجديدة حتي يمكن مواجهة المشكلات الإنتاجية ببحوث ذات تكلفة اقتصادية معقولة. إن مثل هذا التواصل يمكن أن يشجع علي طرح ما أعتقد أنه مهم وضروري وملح في المرحلة المقبلة من أجل تخفيف عبء الإنفاق الحكومي علي البحث العلمي بحيث تتحمل الصروح الصناعية والزراعية في المدن الصناعية والمجتمعات الزراعية الجديدة نصيبها من ميزانية التعليم والبحث العلمي التي ستعود بالفائدة علي هذه الصروح بشكل مباشر وغير مباشر. خير الكلام: لا تنم في' خبيئة' الماضي وإنما عليك البحث عن' كنوز' المستقبل! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله