على مقربة من أعتابها المباركة، شد المسلمين والأقباط الرحال، عازمين على نيل البركات بمولد السيدة العذراء بدير جبل الطير المطل على الطريق الصحراوي الشرقي بمركز سمالوط شمال المنيا؛ عكفوا خلالها زوار المحبة على المبيت داخل أروقة الأرض الشاهدة على عبق التاريخ ورحلة العائلة المقدسة. نحو 3 ملايين مواطن ما بين مصريين وأجانب يقصدون الكنيسة الأثرية للسيدة العذراء سنويًا، ويحرص المواطنين على الذهاب إلى احتفالات مولد السيدة العذراء باستقلال لانشات ومراكب نيلية ثم السير على الأقدام، وحتى صعود درجات السلم المؤدي إلى الدير رغم ارتفاع درجة الحرارة إلا أن المواطنين واصلوا زيارتهم إلى الإحتفالات خاصة مع تزامنها مع شهر رمضان وللمرة الأولى تتزامن مع عيد الفطر 2019.أكبر سوق تجاريلم تكن احتفالات مولد السيدة العذراء تقتصر فقط على الجانب الديني والتبرك إلا أنها تضم أكبر سوق تجاري على مدار فترة المولد تحت الخيام المصنعة على أرض جبل الطير، فما بين بيع الصلبان والصور والمجسمات الدينية تحول المولد إلى سوق تجاري ضخم يضم أسواق للحلوى والأدوات المنزلية، والملابس، بيع اللحوم والدواجن، ألعاب الأطفال وبيع الحجاب أيضا، يقصد خلالها الباعة من كافة المحافظات.أرزقية مولد العذراءعلى جانب آخر، يقصد المئات من المواطنين من المسلمين والأقباط مولد العذراء، طلبًا للرزق فما بين رسامي الوشم القادمين من عدة محافظات إلى دير العذراء، والخيالة، وعازفي المزمار، والطبلة البلدي، بات مولد العذراء بجبل الطير موسمًا سنويًا للرزق على أرض منية الفولي. ألعاب ترفيهية رغم وقوع كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمنطقة دير جبل الطير في منطقة جبلية إلا أن أصحاب الالعاب ومراجيح المولد يقصدون مولد السيدة العذراء لقضاء وقت على أرضها المباركة للتبرك تارة وللرزق تارة أخرى، حيث يعد مولد العذراء أكبر مولد بمحافظة المنيا يضم ألعاب ترفيهية ليس فقط على مستوى مركز سمالوط بل على مستوى عروس الصعيد. تطوير المنطقة للمرة الأولى شهدت منطقة دير جبل الطير، ومحيط كنيسة السيدة العذراء فى الفترة الأخيرة تطورًا ملحوظًا بعد سنوات من الإهمال، شرعت خلالها الدولة بتطوير المنطقة لدعم السياحة الدينية، والتي تعد رحلة العائلة المقدسة جزء منها ودير جبل الطير بمركز سمالوط جزء من رحلة العائلة المقدسة الشاهدة على عبق التاريخ القبطي. يقول الأنبا متى كامل خادم كنيسة السيدة العذراء بدير جبل الطير: "إن قصة الكنيسة الأثرية بدأت منذ هروب العائلة المقدسة إلى مصر وتوجهها إلى منطقة مصر القديمة ومنها إلى محافظة المنيا والتي تنقلت من خلالها بين 4 مناطق، هي: البهنسا ودير الجرنوس وأشنين النصارى بمغاغة وأخيرا منطقة جبل الطير آخر محطاتها بالمنيا قبيل الانتقال إلى محافظة أسيوط لاستكمال رحلة هروبها. وأوضح الأنبا متى كامل، أن جبل الطير سمي بهذا الاسم نسبة إلى طيور البوقيرس المهاجرة، والتي كانت تأتي سنويًا وتستقر على سفح الجبل وتنقر في صدع الجبل، وكان كل طائر يمسك بالجبل يرفرف بجناحه حتى الموت، وأثناء عبور العائلة المقدسة نهر النيل كادت صخرة أن تسقط عليها من أعلى الجبل فتوجست السيدة مريم خيفة على حياة الطفل يسوع الذي أشار بيده ورفع كفه لأعلى ناحية الصخرة ودون أن يلمسها طبع كفه عليها وظلت الصخرة موجودة حتى أخذها الرحالة أيام الاحتلال الإنجليزى لمصر، وبسبب ذلك يطلق أحيانًا على المنطقة دير الكف أو جبل الكف أو كنيسة الكف؛ وذلك تكريمًا لأثر كف المسيح التي طبعت على الصخرة". واستكمل، جاءت الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين الأول إلى الجبل في عام 328 ميلادي وحينما علمت أن العائلة المقدسة زارت هذه المنطقة واختبأت في المغارة أمرت بنحت وتفريغ الصخرة المحيطة بالمغارة على نظام طقس الكنيسة الأرثوذكسية ثم أطلقت عليها اسم "كنيسة السيدة العذراء"، لافتًا إلى أنها عبارة عن صخرة واحدة تم تفريغها إلى أربعة حوائط صخرية وبالصحن 10 أعمدة صخرية وفي عام 1938 تم تجديد وبناء الطابق الثانى وبعدها الثالث". وأردف الأنبا متي كامل، أن دير جبل الطير يضم 5 مناطق أثرية في مقدمتها المغارة التي لجأت إليها العائلة المقدسة، وأقامت بها 3 أيام، ويليها المعمودية الأثرية وهي منحوتة في أحد أعمدة الكنيسة ويعود تاريخها للقرن الرابع الميلادي ولا يوجد مثيلها في جميع الكنائس، كما يوجد اللقان الآير وهو في صحن الكنيسة عبارة عن تجويف تستخدمه الكنيسة ثلاث مرات في السنة لقان عيد الغطاس وخميس العهد وعيد آبائنا الرسل، لافتا إلى أن الملايين يقصدون زيارة مولد السيدة العذراء سنويا وسط إجراءات أمنية مشددة.
