يعج حي الأزريطة الواقع بوسط أروقة محافظة الإسكندرية بالمعالم التاريخية والمعالم الإنشائية ذات الطابع الإيطالي؛ إذ أنه شاهد علي المسرح البطلمي الذي كان مقرا لاجتماعات الشعب واندلاع ثورة ضد اليهود، وهنا دق قلب الملكة الساحرة كليو بترا لتنشأ قصة حبها مع أنطونيو. ويعد حي الأزريطة من أرقى أحياء وأرقى وأعرق مناطق الإسكندرية نظرًا لموقعه الجغرافي الواقع بمنتصف عروس البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن كونها من أقدم أحياء الإسكندرية، والتي يظهر بها جليا الفن الروماني بالبناء الروماني واليوناني القديم والذي ينتشر في جميع أنحاء الإسكندرية ويتمركز بشكل كبير بالحي الساحر "حي الأزريطة". نشأت منطقة الأزريطة بعد أن قرر محمد علي باشا في فترة حكمه لمصر أن ينهض بمدينة الأسكندرية فأنشأ بها مجلسا صحيا إلا أنه بعد انتشار مرض الكوليرا فكر في إدخال نظام الحجر الصحي المعمول به في أوروبا؛لذلك جمع قناصل الدول، وشكّل منهم لجنة؛ وأصدر بعدها قرارا بإنشاء أول محجر صحي يقع بجانب الميناء الشرقي الذي ترسو به سفن الجاليات الأوروبية والأجنبية. ويشغل حاليا مكانه مستشفى الجامعة الرئيسي «الأميري». وقد أطلق عليه اسم «لازاريت»، (Lazarette)، نسبة إلى أول محجر صحي تم بناؤه في فرنسا في جزيرة «سانت ماري دو نازاريه»، حيث كان يفد إليها القادمون من الشرق؛ فأقاموا هذا المحجر كنوع من الرعاية الصحية، ولفظ لازاريت (Lazarette) أصله لاتيني، ومعناه (Ladre)، أي الأبرص أو المجزوم، حيث كانت الدول الرومانية تبالغ في الحجر على المجذومين، فكانوا يضعوهم في الحجر طوال حياتهم، ومن ذلك اللفظ اشتقت كلمة (الأزاريطة). وفي عصر البطالمة الذي ضم المكتبة القديمة والمجمع العلمي «الموسيون» اللذين استمرا يبثان العلم لجميع أنحاء العالم حتى عام 272م، إلى أن أحرق الإمبراطور أوريليان الحي بأكمله بما فيه من معابد ومقابر ملكية.وشهد قصة أنطونيو وكليوباترا وانتحار كليوباترا بعد هزيمتها في معركة أكتيوم البحرية كانت " الأزريطة " آنذاك الحي الملكي «البركيون». ومع قمتها وقيمتها التاريخية تعددت جنسيات قاطنيها فأعتبر حي الأزاريطة حي كوزموبوليتاني والذي ضم العديد والعديد من الجاليات المختلفة جاء في مقدمتهم اليونانيين الذين كانوا يمثلون غالبية السكان، واشتغلوا بالتجارة والبقالة، حيث يوجد المربع اليوناني بالحي، وهو يضم المدرسة اليونانية«سالفاجو»، والملجأ اليوناني «مانا». وكانت الجالية تجتمع بمقر النادي اليوناني الذي يقف على ناصية شارع «سوتر»، فكانت موسيقى الحفلات الصاخبة تدوي في أرجاء هذا الحي وعندما هجروا الإسكندرية عقب ثورة يوليو عام 1952، تحولت محالهم إلى ورشات للحرفيين، وورشات قطع غيار السيارات وخاصة في الجزء الجنوبي منها(الناحية الاخرى بعد شريط ترام الرمل اتجاه الشلالات)،أما الجزء الشمالي منها فهو الذى شهد ما ذكرناه وهو الجزء الراقى المطل على شاطىء بحر السلسلة المميز، وسكن بيوتهم المصريون. من جهة أخري تقف مكتبة الإسكندرية الجديدة بمبناها المتميز على حدود الحي ويجاورها مسرح «كوتة» الشهير الذي يعد أحد أهم المسارح بالإسكندرية، وتجاوره أرض المعارض التي يقام عليها سنويًا معرض الإسكندرية للكتاب، كما يخترق الحي العريق ترام الرمل الأزرق. ومن أهم الشوارع التي يشتهر بها حي الأزاريطة شارع «سوتر»، وهو لقب بطليموس الأول الذي تولى الحكم بعد وفاة الإسكندر الأكبر، وهو من أكثر الشوارع ازدحاما على مدار اليوم ؛لأنه يطل على مجمع الكليات النظرية بجامعة الإسكندرية، يليه شارع البطالسة المليء بالقصور والفيلات التي تحولت إلى مراكز ثقافية أجنبية، يوجد المركز الثقافي الألماني «غوته»، وفي الامام المركز الثقافي الروسي، وفي شارع الفراعنة المتاخم للبطالسة يوجد المركز الثقافي الأمريكي، الذي كان سابقا فيلا لعائلة سكندرية ثرية. يتميز حي الأزاريطة بشارع شامبليون والممتد إلى ميدان الخرطوم الذي كان يطلق عليه «ميدان سعيد»، وسمي بالخرطوم بعد استرداد الخرطوم في الثاني من سبتمبر (أيلول) 1898م، وهو ميدان يتوسطه عمود بطلمي ضخم، وكان يوجد على جانبي العمود تمثال للإلهة سخت ذات رأس الأسد. وأيضا شارع مسجد القائد إبراهيم الذى يمتد من أمام مكتبة الإسكندرية إلى محطة الرمل مرورا بمسجد القائد إبراهيم وأرض مسرح كوتة المطلّة أيضا على شاطىء السلسلة. وتضم منطقة الأزاريطة أيضا «حدائق الشلالات» التي كانت تعرف فيما سبق ب«حدائق البلدية»، التي صممها مونفرونت، وهي حدائق تمتد بمحاذاة خط الأسوار العربية التي شيدها أحمد بن طولون في القرن الثالث الهجري، وينتهي حي الأزاريطة بمسجد القائد إبراهيم، الذي سمي على اسم ابن والي مصر محمد علي. وتضم الأزريطة قائمة من أعلام العالم العربي والدولي من بينهم " أفلاطون أشهر الفلاسفة الإغريق، أرخميدس عالم الطبيعة والرياضيات الشهير، الفيلسوفة السكندرية الشهيرة هيباتيا، المخرج العالمي يوسف شاهين، والمطرب مصطفى قمر".