لن يكون " أحمد أبو الغيط " الأمين العام الجديد للجامعة العربية مجرد " أمين عام طبيعي" يتولى تسيير أمورها والتنسيق بين المواقف المختلفة لدولها. وبحسب أبرز التحليلات السياسية لالعربية والدولية " سيكون أمين الصدامات الأولى بالجامعة العربية بلا منازع ". وتكون فترته التي ستبدأ في يوليو 2016 المقبل لمدة خمس سنوات فترة ساخنة ومتأججة للجامعة العربية على مختلف الأصعدة، ليس فقط على المستوى العربى الرسمي. وحيث أنه مع الفشل العربى الرسمى في الوصول إلى حلول نهائية وجذرية لمشكلة الارهاب المتفشى في سوريا والعراق، ومشكلة الدول العربية التي تتحلل وتضيع كما هو الحال في ليبيا واليمن وسوريا، والتي ستعلن وفاة النظام الرسمى العربى وستكون فترة بالغة السوء. هناك أيضا فترة صدام على المستوى الشخصى بين أحمد أبو الغيط الامين العام الجديد للجامعة العربية، والعديد من الدول العربية التي أعلنت رفضها مجيئه وتوليه منصبه وهى خمس دول عربية " أى ربع دول العالم العربي" ظهرت منها إلى العلن كلا من قطر والسودان، وهو ما يجعل الاسئلة مشروعة حول أسرار وتداعيات الصدام المقبل بين " أبو الغيط الأمين العام المصرى الجديد للجامعة العربية وبين قطر والسودان على وجه التحديد". وترى مصادر عربية مطلعة أن التصريح الذى أدلى به وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى فور موافقة قطر على تولي أبو الغيط منصب الأمين العام بعد يوم كامل من الخلافات العاصفة في مبنى جامعة الدول العربية قبل شهر، هو تصريح كاشف عما سيكون خلال الفترة المقبلة. بعدما قال "آل ثان" إن بلاده كانت تدعم مرشح مصر لتولي منصب أمانة جامعة الدول العربية، ولكن كان لديها تحفظ على شخص أبو الغيط، وقد أبدت مقترحا بتأجيل التصويت عليه شهر الى حين التوافق عليه. لكن فى ضوء التوافق العربي وافقت قطر على اسم المرشح المصري أبو الغيط، وتعرب عن أملها في أن يعمل على توحيد التوافق العربى واثبات جدارته للمنصب. وهذه الجملة الأخيرة التي قالها وزير خارجية قطر، وهي أن يعمل أبو الغيط على اثبات جدارته بالمنصب، هي التي علق عليها الكثيرون من الخبراء العرب بأنها ستكون المفتاح للعلاقات المصرية القطرية في الجامعة العربية خلال الفترة المقبلة، فقطر تنوي أن تتحرك في الملفات العربية المختلفة بأسلوبها "النشاز" فإذا كان هناك توافقًا عربيًا حول قضية ما، فإن الموقف القطري سيكون مغايرا لهذا الاجماع، مثلما اعتادت الدبلوماسية القطرية خلال السنوات الاخيرة. وهنا سيكون المحك مع أحمد أبو الغيط وستتوالى الاستفزازات له، لانه سيفاجأ بمواقف قطرية وسودانية ضد الاجماع العربى وعليه ساعتها - كما يقول الخبراء - أن يوازن بين مصريته وألوياته العربية فهو لايمثل مصر فى هذا المنصب الرفيع قدر ما يمثل " حالة التوافق العربى "، وأنه إذا خسر مكانه بمعارك جانبية ستختلقها قطر ومعها السودان والدول التى كانت رافضة لمجيئه لضاع المنصب للأبد من مصر. وهنا تؤكد مصادر دبلوماسية عربية رفيعة، أن ما تردد حول نية الامين العام الجديد للجامعة العربية عمل جولة عربية خارجية يزور فيهما كلا من قطر والسودان لترطيب الأجواء بعد توليه ستكون بادرة طيبة، لكنها فى رأيهم لن تقضى على التربص القطرى السودانى أو التحرش الذى ستعمل كلا الدولتين على القيام به ضد شخص أبو الغيط لإثبات أنه لم يكن ليستحق المنصب. وترى مصادر دبلوماسية مصرية أن استمرار القطيعة المصرية القطرية وحالة الاحتقان والشد والجذب بين مصر وقطر، وآخرها الموقف الذى قام به سامح شكرى وزير خارجية مصر عندما ألقى بميكرفون قناة الجزيرة القطرية مرتان خلال الفترة الماضية منهما مرة أثناء مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا ستعرقل مهام وعمل "أبو الغيط". فالعلاقات المصرية القطرية مشحونة، وعليه التوفيق بينهما حتى وإن كان منحازا للموقف المصري بحكم هويته وبحكم ضميره الدبلوماسي. فى الوقت نفسه تشير الوقائع الراهنة إلى أن كلا من قطر والسودان لن ينسيا لأبي الغيط مواقفه الصارمة ضدهما ومنها موقفه عام 2009 عندما خرج إلى الاعلام بتصريحه الشهير ليعلن فيه أن مصر تصدت بكل قوة لافشال القمة العربية التي كانت مقررة فى الدوحة عام 2009 للتضامن مع غزة، مؤكدا أن الهدف لم يكن غزة على الاطلاق أو التضامن معها ولذا جرى إفشالها. كما لن تنسى قطر أنه عارض عودة العلاقات القطرية المصرية إلى سابق عهدها طوال سبع سنوات قضاها كوزير للخارجية المصرية وكثير ما تصيد للقطريين مواقف مناهضة واتهم الدوحة بالإرهاب. علاوة على أنه يأخذ موقفا متشددا من كلا من حركتي حماس وحزب الله، والكل يذكر تصريحه الشهير " كسر رجل أي فلسطينى يدخل القاهرة " بعد اجتياح الفلسطينين للسياج الحدودي مع مصر عام 2006. فهو يحتفظ بعلاقات عدائية مع حماس وحزب الله في حين أن قطر والسودان علاقتهما بهما جيدة. الفخاخ القطرية فى الجامعة العربية ضد " ابو الغيط " كما تقول دوائر عربية عدة لن تقف عند التحرش الثنائي أي بين قطر والأمين العام ولكنها ستتحرك متخفية بين دول مجلس التعاون الخليجى وهو ما يجب أن يكون متنبها له أبو الغيط جيدًا، ويفصل بين المواقف القطرية المنفردة والمواقف القطرية ضمن دول مجلس التعاون الخليجي حتى لايقع في مطب العداء لدول الخليج، وهى الدول التى تحرك الجامعة العربية الان. فى الوقت نفسه لا ينبغى ل "أبو الغيط " ان يكون أمينا خليجيا للجامعة العربية يتحرك بأوامر دول الخليج، وإنما يجب عليه أن يحدد وجهة للجامعة العربية تكون مستقلة فى كل المواقف والقضايا. كما تشير بعض المصادر إلى أن أبو الغيط ينبغي عليه دراسة كل من الملف السوري والليبي واليمني جيدا باعتبارهم أهم الملفات العربية الان، والوقوف على المواقف العربية المختلفة بشأنها حتى لا يجرفه التيار ناحية موقف معين فيضيع استقلال الجامعة واستقلاله الذاتى. ويشير " السفير محمد العرابى " وزير الخارجية المصرى الأسبق إلى أنه لم يفاجأ من الموقف القطرى ضد السيد أحمد أبو الغيط، لانه كان يعرفه وكان يتحسب جيدًا له لكنه راقبه من الأول إلى الاخر، والذى انتهى بالاقرار بأبو الغيط أمينا عاما للجامعة العربية. مشيرا إلى أن مصر نجحت على لسان وزير خارجيتها سامح شكري في الا تستجيب للمرواغات القطرية أو للعناد القطري وتسحب ابو الغيط مرشحها الأصلى وتدفع بمرشح آخر على غرار ما تم مع الدكتور مصطفى الفقي، ولكن اصرارها عليه هو ما دفع قطر فى النهاية للموافقة مجبرة على أبو الغيط نزولا على التوافق العربي. وشدد "العرابي" أن هذا الموقف ينبىء بعلاقات ساخنة بين قطر والأمين العام الجديد لابد أن يكون متحسبا لها.