المتحدث العسكري ينفي منح ضباط بالقوات المسلحة أي امتيازات بالمخالفة للدستور    "هدايا" جيفري إبستين في عيد الميلاد!    العدل الأمريكية: حذف الصور من ملفات إبستين لا علاقة له بترامب    سيحا: أسعى لكتابة التاريخ في الأهلي.. والتواجد مع أفضل حراس بإفريقيا يمنحني دوافع    أمم إفريقيا – بمشاركة الجميع.. منتخب مصر يختتم استعداده لمواجهة زيمبابوي    السكة الحديد تنفي إنقاذ طفل لقطار بالمنوفية وتوضح حقيقة الواقعة    مظهر شاهين يدعوا صناع وأبطال فيلم "الست" للتعبرع بأجورهم للوطن أسوة بأم كلثوم    أحمد العوضي: أنا دلوقتي مش سنجل واخترت السكوت بعد الانفصال عن ياسمين    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    نشأت الديهي عن صفقة الغاز مع إسرائيل: لست سعيدًا بها.. لكننا قمنا بما هو واجب    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    وزير الثقافة يشهد ختام فعاليات الدورة العاشرة من "ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي" ويُكرم الفائزين ورموز الخط العربي    من قلب عين شمس إلى قمة الدراما.. أحمد العوضي يروي رحلته في «صاحبة السعادة»    محمد بن زايد يبحث مع ماكرون العلاقات التاريخية والاستراتيجية    الصحة: إغلاق 11 مركزًا للنساء والتوليد بسبب مخالفات تهدد سلامة الأمهات    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد مباريات الأحد.. أرسنال يتفوق على السيتي    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    فلكية جدة: هلال رجب يزيّن سماء الوطن العربي    تامر أمين: الهجوم على محمد صبحي خناقة في حارة مش نقد إعلامي    قناة ON تنقل قداس عيد الميلاد من مصر وبيت لحم والفاتيكان    المعهد القومي للاتصالات يفتح التقديم ببرنامج سفراء الذكاء الاصطناعي    ديانج: مستعد للتضحية بنفسي للتتويج بأمم إفريقيا مع مالي    حفل توقيع كتاب "وجوه شعبية مصرية" بمتحف المركز القومي للمسرح.. صور    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    مصر تتقدم 47 مركزًا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025 الصادر عن البنك الدولى    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    محمود توفيق يبحث مع وزير الحج والعمرة السعودي أوجه التعاون بين البلدين    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    تشكيل برشلونة - جارسيا في الوسط بدلا من بيدري.. وتوريس يقود الهجوم ضد فياريال    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    تردد القنوات المجانية الناقلة لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025 .. اعرف التفاصيل    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    توجيهات الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ووزير المالية (إنفوجراف)    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    انطلاق الإثارة في أمم إفريقيا 2025.. المغرب يواجه جزر القمر في افتتاح المجموعة الأولى    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"معلومات الوزراء" يرصد تطورات المشهد الاقتصادي العالمي خلال 2025 بعيون المؤسسات والمنظمات الاقتصادية الدولية
نشر في أهل مصر يوم 09 - 12 - 2025

سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء في تقرير جديد له على أبرز التقارير الاقتصادية للمؤسسات والمنظمات الدولية التي تناولت واقع عام 2025 والتحولات الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد العالمي على مدار العام، وتوقعات النمو داخل الاقتصادات الكبرى والاقتصادات الناشئة والصاعدة، والتطورات التجارية التي لعبت دورًا محوريًا في تشكيل توقعات النمو العالمي هذا العام.
تناول المركز تقرير البنك الدولي -"النمو الاقتصادي في عام 2025 تحدى التوقعات القاتمة"-، والذي استعرض تذبذب توقعات الاقتصاديين بين التفاؤل والتشاؤم للنمو العالمي، وذلك في محاولة لتقديم قراءة شاملة لأداء الاقتصاد الدولي خلال العام، وأشار إلى التقلبات الحادة في مسار الاقتصاد العالمي خلال عام 2025، خاصة على مستوى توقعات النمو، فبينما تذبذبت التوقعات العالمية للخبراء بين موجات من التفاؤل وأخرى من التشاؤم، ويتوقع الآن الاقتصاديون أن ينمو الاقتصاد العالمي بنحو 2.7٪، وهو ما يتماشى تقريبًا مع توقعات بداية العام.
أبرز التقرير تطور التوقعات خلال العام، فحتى نهاية مارس 2025، كان أداء الاقتصاد العالمي قريبًا جدًا من التوقعات الأولية للعام، مع استقرار في التقديرات، لكن الوضع تغير في أبريل، عندما أدت الزيادات الكبيرة في التعريفات الجمركية إلى تصاعد حاد في التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى. وارتفعت حالة عدم اليقين بشأن السياسات إلى مستويات غير مسبوقة، فيما استعدت الأسواق لاحتمال تباطؤ عالمي كبير، مما دفع خبراء الاقتصاد إلى خفض توقعاتهم، وبحلول مايو، أشارت التوقعات إلى واحدة من أضعف النتائج خلال السنوات الأخيرة، مع خفض توقعات النمو العالمي لعام 2025 بمقدار 0.4 نقطة مئوية.
إلا أنه منذ ذلك الحين، شهد الزخم تحولًا حادًا، إذ لم ينتج عن صدمة التعريفات الجمركية الانخفاض السريع الذي كان يخشاه الكثيرون، وحافظ النشاط على مستوياته في العديد من الاقتصادات، وبينما لا يزال مستوى عدم اليقين مرتفعًا، إلا أنه انخفض عن مستوياته القياسية التي بلغها في الربيع، ونتيجة لذلك، استعادت التوقعات لعام 2025 بالكامل ما فقدته في وقت سابق من العام.
أكد التقرير أن هذا النمط ليس جديدًا، فمنذ الجائحة، تخطى الاقتصاد العالمي التوقعات مرارًا، وحقق نموًا أفضل مما كان متوقعًا، فخلال الفترة بين عامي 2011 و2019، كانت توقعات النمو العالمي دقيقة نسبيًا، حيث بالغ المحللون في تقدير النتائج الفعلية بمقدار نحو 0.1 نقطة مئوية سنويًّا في المتوسط في بداية كل عام. أما الفترة التي تلت الجائحة فقد كانت مختلفة تمامًا، فخلال الفترة بين عامي 2022-2024 تجاوز النمو العالمي الفعلي التوقعات المتفق عليها بنحو 0.3 نقطة مئوية سنويًّا. وأسهمت الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من 60٪ من هذه المفاجأة الإيجابية، كما قدمت عدة اقتصادات نامية وناشئة مساهمات ملحوظة.
ذكر التقرير أنه في عام 2025، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر تقلب في توقعات النمو بين الاقتصادات الكبرى؛ حيث انخفضت التوقعات من 2.2٪ في يناير إلى 1.2٪ في مايو قبل أن تعود إلى 2.0٪ بحلول نوفمبر. ويؤكد التقرير أن هذا الانتعاش يعكس قوة الاستثمار المرتبط بالذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، واستمرار الدعم المالي، وتأثير التعريفات الجمركية بشكل محدود. لكن المرونة لم تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية فقط؛ فقد عاد النمو المتوقع في الاقتصادات المتقدمة الأخرى إلى 1.4٪، ارتفاعًا من 1.0٪ في مايو وقريبًا من مستويات يناير، وذلك في ظل استفادة منطقة اليورو من انخفاض التضخم، وتراجع أسعار الفائدة، والإجراءات المالية المستهدفة.
ولعبت التطورات التجارية دورًا محوريًا في تشكيل توقعات النمو العالمي هذا العام، فعلى الرغم من الارتفاع الحاد في القيود التجارية، فإن وتيرة الإجراءات الجديدة قد تباطأت في الأشهر الأخيرة، وانخفض عدم اليقين في السياسات التجارية العالمية، -والذي بلغ ذروته في أبريل-، إلى مستويات مماثلة لما كانت عليه في بداية العام. وقد ساعدت التهدئة جنبًا إلى جنب مع التقدم في المفاوضات التجارية الثنائية والإقليمية، على استقرار ثقة الأعمال وتقليل المخاوف من انكماش تجاري حاد.
وأظهر النشاط التجاري نفسه قوة مفاجئة، حيث نمت حجم التجارة العالمية للبضائع بمعدل شهري متوسط قدره 4.8٪ حتى سبتمبر 2025، مقارنة ب 2.5٪ في 2024. وتعكس هذه المرونة جزئيًا الاستعداد المبكر للشحنات قبل تنفيذ التعريفات الجمركية، وقدرة الشركات على تعديل سلاسل التوريد وتحمل بعض تكاليف التعريفات، كما بقيت تجارة الخدمات قوية وخصوصًا في مجالات المعلومات والخدمات التجارية.
وفيما يتعلق بالاقتصادات الناشئة والصاعدة، التي تمثل الآن نحو 40٪ من التجارة العالمية، فقد ساعدت التكاملات الإقليمية العميقة والاتفاقيات التجارية الجديدة على دعم النشاط الاقتصادي، مما ساعد في تعويض أثر القيود التجارية في أماكن أخرى.
وأظهر التقرير أن التطورات في الأسواق المالية وأسواق السلع دعمت أيضًا تحول التوقعات، فقد تيسرت الظروف المالية بشكل كبير منذ الربيع، مدفوعة بقوة الرغبة في المخاطرة، وارتفاع أسواق الأسهم، وسياسة نقدية أكثر تيسيرًا في الولايات المتحدة الأمريكية، كما ساعد ضعف الدولار الأمريكي وانخفاض العوائد طويلة الأجل في تحسين الوصول إلى رأس المال بالنسبة للاقتصادات الناشئة والصاعدة، مما مكنها من استعادة إصدار السندات بالعملات الأجنبية وساهم في تقليص الفوارق في العوائد. وقد دعمت أسواق الطاقة كذلك هذا التحسن؛ حيث انخفضت أسعار خام برنت بحوالي 12٪ منذ بداية العام، نتيجة لتوافر المعروض وضعف نمو الطلب. وبشكل عام، تظل أسعار الطاقة أقل بكثير من ذروتها في 2022، مما يخفف التضخم العام.
وبرغم المفاجآت الإيجابية قصيرة الأجل، إلا أن مسار الاقتصاد العالمي الأساسي لا يزال يثير القلق. فلا تزال تشير التوقعات إلى نمو عالمي هذا العام أقل من المتوسط بعد الجائحة، ويُعد من أضعف مستويات النمو منذ عام 2008، ويشدد البنك الدولي على أن آفاق النمو قد تتراجع إذا أدت تغييرات في رغبة الأسواق نحو المخاطرة إلى تشديد الظروف المالية، ما يزيد من تقلب العملات وتدفقات رؤوس الأموال، إضافة لذلك، يمكن أن تقوض التوترات الجيوسياسية المتصاعدة الثقة وتدفقات التجارة مرة أخرى. وبشكل أوسع، فإن أي زيادة جديدة في القيود التجارية قد تضر بآفاق النمو.
واتصالاً؛ سلط المركز الضوء أيضاً على التقرير الصادر عن "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" (OECD)، بعنوان "التوقعات الاقتصادية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2025"، والذي يستعرض التطورات في اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وعدد من الاقتصادات الأخرى، ويسعى لتقديم تقييم عام للوضع الاقتصادي الكلي على مستوى العالم.
أكدت المنظمة أن الاقتصاد العالمي أظهر في عام 2025 قدرة على الصمود أكبر مما كان متوقعًا، لكنه ما يزال يواجه اختلالات كامنة؛ إذ لم تظهر بعد الآثار الكاملة للرسوم الجمركية المرتفعة، لكنها أصبحت واضحة في خيارات الإنفاق وتكاليف الشركات وأسعار المستهلكين، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، فيما تباطأ نمو التجارة العالمية بعد الاندفاع القوي لتجارة السلع في بداية العام قبل الزيادات المتوقعة في الرسوم الجمركية.
وتوقع تقرير المنظمة أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 3.2% في عام 2025 إلى 2.9% في عام 2026، قبل أن يرتفع إلى 3.1% في عام 2027، كما يتوقع أيضًا إجراء تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة وعدم حدوث تشديد مالي واسع رغم ارتفاع الضغوط على الموازنات. كما رجحت المنظمة كذلك أن تستمر أسواق العمل في التراجع، مما يزيد الضغوط الهبوطية على نمو تكاليف العمالة والتضخم، وأن يتراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلك في دول مجموعة العشرين إلى 2.8% في عام 2026 ثم 2.5% في عام 2027، مقارنة ب 3.4% هذا العام، مع توقع عودة التضخم إلى المستهدف في معظم الاقتصادات الكبرى بحلول منتصف عام 2027.
ومن المتوقع أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية من 2% في عام 2025 إلى 1.7% في عام 2026 و1.9% في عام 2027. وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن يبلغ النمو 1.3% في عام 2025 ثم 1.2% في عام 2026 ثم 1.4% في عام 2027. ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الصين من 5% في عام 2025 إلى 4.4% في عام 2026 ثم إلى 4.3% في عام 2027.
أوضح التقرير أن هذه التوقعات تخضع لمخاطر كبيرة قد تتفاعل مع بعضها؛ إذ قد يؤدي حدوث زيادات إضافية أو تغييرات سريعة في الحواجز التجارية، بما في ذلك تطبيق رسوم جمركية أعلى على مجموعة أوسع من السلع أو فرض قيود أكثر صرامة على تصدير منتجات حيوية مثل العناصر الأرضية النادرة، إلى إضعاف النمو وزيادة عدم اليقين وإحداث اضطرابات مهمة في سلاسل الإمداد العالمية.
وأضاف أن أولويات السياسات تتمثل في ضمان تراجع دائم للتوترات التجارية وعدم اليقين والتضخم، ومعالجة مخاطر الاستقرار المالي، ووضع مسار مالي موثوق لاستدامة الدين، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز نمو الإنتاجية؛ إذ تحتاج الدول إلى التعاون ضمن النظام التجاري العالمي وجعل سياسة التجارة أكثر قابلية للتنبؤ عبر اتفاقات تخفف التوترات وتوسع العلاقات التجارية، مع تعزيز تسهيل التجارة وتقليص الحواجز التنظيمية أمام أسواق الخدمات وتوسيع القدرات الرقمية لتقديم الخدمات عبر الحدود.
كما ينبغي للبنوك المركزية أن تظل يقِظة وتتحرك سريعًا عند حدوث تغيرات في ميزان مخاطر استقرار الأسعار، على أن تستمر تخفيضات أسعار الفائدة في الاقتصادات التي يُتوقع فيها أن يتراجع التضخم الأساسي أو يظل منخفضًا.
ويوصي التقرير بحاجة الحكومات إلى ضمان استدامة الديون على المدى الطويل والحفاظ على القدرة على مواجهة الصدمات المستقبلية، وذلك عبر تعزيز كفاءة القطاع العام واحتواء الإنفاق وتحسين الإيرادات ضمن مسارات تعديل متوسطة الأجل مخصصة لكل دولة، مع توجيه الإنفاق والضرائب نحو دعم النمو الاقتصادي المستدام وحماية الفئات الأكثر احتياجًا.
أشار التقرير إلى أن الحمائية المتزايدة وعدم اليقين الجيوسياسي وضعف النمو بحاجة إلى إصلاحات هيكلية طموحة تؤكد تُحسن مستويات المعيشة وتعزز المرونة وتدعم الابتكار والقدرة على انتقال العمال إلى القطاعات ذات الطلب المرتفع على المهارات، مما يعزز تخصيص الموارد ويزيد قدرة الاقتصادات على التكيف مع الصدمات المستقبلية، كما يمكن لإصلاحات تنظيم القطاع المالي أن تدعم تخصيصًا أكثر كفاءة لرأس المال وتوفر حماية أكبر ضد المخاطر النظامية.
وفي سياق متصل؛ استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أيضاً التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، حول أوضاع التجارة والتنمية والتمويل عام 2025، حيث تناول بحث أبعاد الارتباط الوثيق بين التجارة والتمويل، وتأثيراتها على تشكيل الفرص العالمية، وكشف أسباب تعظيم المخاطر بالنسبة للدول النامية.
أوضح التقرير أن أكثر من 90% من التجارة العالمية بات يعتمد على التمويل، ما يعيد رسم خريطة الفرص ويعمّق نقاط الضعف في النظام الاقتصادي العالمي، إذ أصبحت التحركات المالية تؤثر في التجارة الدولية بقدر يقارب تأثير النشاط الاقتصادي الحقيقي، الأمر الذي ينعكس على آفاق النمو في جميع أنحاء العالم.
ويشير التقرير إلى أن عام 2025 بدا وكأنه يشهد انتعاشًا لافتًا في مجال التجارة، بعد قفزة في الشحنات نتيجة تهافت الشركات لتجنب الرسوم الجمركية الجديدة في الولايات المتحدة بالإضافة إلى أثر الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، غير أن هذا الزخم يتراجع عند إزالة العوامل المؤقتة، ليهبط نمو التجارة من 4% إلى ما بين 2.5 و3%، مع اقتراب تباطؤ اقتصادي جديد في الأفق.
أكد التقرير أن التباطؤ التجاري يتماشى مع تباطؤ أوسع في الاقتصاد العالمي؛ إذ يتوقع أن ينخفض النمو من 2.9% في عام 2024 إلى 2.6% في عامي 2025 و2026، وهو مستوى أدنى من الاتجاهات السابقة لجائحة "كوفيد-19"، والذي بلغ 3% ويقل كثيرًا عن متوسط النمو المسجل قبل الأزمة المالية 2008-2009 البالغ 4.4%. كما أشار التقرير إلى ضعف الزخم في الاقتصادات الكبرى، مع توقع تباطؤ نمو الولايات المتحدة إلى 1.8% في عام 2025 ثم إلى 1.5% في عام 2026، وتراجع الاقتصاد الصيني من 5% إلى 4.6% خلال الفترة نفسها، مقارنة بمتوسط 6.7% قبل الجائحة، لتبدو مظاهر الصمود التي ظهرت في بداية عام 2025، أقل رسوخًا مما بدا أول الأمر.
أوضح التقرير أن العلاقة بين التجارة والتمويل أصبحت أكثر تداخلًا من أي وقت مضى، فخلف كل شحنة خط ائتمان، وخلف كل حاوية سعر صرف، وخلف كل طريق تجاري شبكة من البنوك والمؤسسات المالية، ومع اعتماد أكثر من 90% من التجارة العالمية على التمويل التجاري باتت المصارف والأنظمة المالية تتحكم في إمكانية الدخول إلى الأسواق وطبيعة الشروط والتكلفة، ما يجعل التجارة أكثر حساسية لتحولات أسعار الفائدة ومعنويات المستثمرين. ويبرز هذا الترابط بشكل أكثر وضوحًا في أسواق الغذاء؛ حيث يأتي أكثر من 75% من دخل أكبر شركات تجارة السلع الزراعية من الأنشطة المالية وليس من نقل السلع الأساسية كالحبوب والبن والكاكاو.
أوضح التقرير أن ضعف عمق أسواق رأس المال في الدول النامية يقلل قدرتها على تعبئة التمويل، فيما يرفع اعتمادها على البنوك الأجنبية تكلفة الاقتراض وتقلبه، فبينما تقترض الاقتصادات المتقدمة بفوائد تتراوح بين 1% و4%، تتحمل الأسواق الناشئة تكلفة بين 6% و12% لإصدار السندات الحكومية، ما يحد من قدرة هذه الدول على الاستثمار في البنية التحتية والابتكار والمرونة المناخية، ويُبقي التنمية رهينة لظروف مالية خارجية مضطربة.
وقدم التقرير مجموعة من الإصلاحات الهادفة لتقليل مواطن الضعف المالية وتعزيز التوافق بين التجارة والتمويل والتنمية، وتشمل إصلاح آلية تسوية النزاعات التجارية متعددة الأطراف لتقليل عدم اليقين، وسد فجوات البيانات الخاصة بالتجارة والاستثمار لتحسين التنسيق بين السياسات، بالإضافة إلى إصلاح النظام النقدي الدولي بهدف الحد من التقلبات الضارة في أسعار العملات وتدفقات رأس المال. كما دعا التقرير إلى تعزيز أسواق رأس المال الإقليمية والمحلية لتأمين تمويل طويل الأجل منخفض التكلفة بالنسبة للدول النامية، إضافة إلى تحسين الشفافية في تجارة السلع الأساسية، وتوسيع الوصول إلى التمويل التجاري الميسر وخاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.