«آي صاغة»: الذهب يسجّل أعلى مستوى تاريخي مدفوعًا بالإغلاق الحكومي الأمريكي وتزايد الطلب على الملاذات الآمنة

سجلت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعات قياسية جديدة خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتلامس أعلى مستوياتها في التاريخ، وذلك بالتزامن مع دخول الحكومة الأمريكية في أول إغلاق رسمي لها منذ ما يقرب من سبع سنوات، بعد فشل الكونجرس الأمريكي في تمرير مشروع قانون التمويل الحكومي.
وبحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات، جاء هذا الصعود مدفوعًا بارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة وسط حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، إلى جانب ترقب الأسواق لقرارات السياسة النقدية الأمريكية خلال الفترة المقبلة.
تحرّكات أسعار الذهب محليًا وعالميًا
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 60 جنيهًا خلال تعاملات اليوم مقارنة بختام تعاملات أمس، حيث صعد جرام الذهب عيار 21 ليسجل 5240 جنيهًا.
وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت الأوقية بمقدار 30 دولارًا لتسجل 3888 دولارًا، بعدما لامست صباحًا مستوى 3900 دولار كأعلى سعر في تاريخها.
كما أوضح إمبابي أن جرام الذهب عيار 24 سجل 5989 جنيهًا، بينما بلغ سعر عيار 18 نحو 4491 جنيهًا، وعيار 14 وصل إلى 3487 جنيهًا، فيما استقر سعر الجنيه الذهب عند 41920 جنيهًا.
أفضل أداء شهري منذ 16 عامًا
كشف تقرير «آي صاغة» أن الذهب سجل أداءً استثنائيًا خلال شهر سبتمبر، حيث أنهى الشهر على قمة تاريخية جديدة ليحقق أفضل أداء شهري له منذ 16 عامًا.
وأشار إمبابي إلى أن أسعار الذهب محليًا ارتفعت خلال سبتمبر بنسبة 11%، أي ما يعادل 490 جنيهًا، إذ افتتح جرام الذهب عيار 21 تعاملات الشهر عند 4690 جنيهًا وأغلق عند 5180 جنيهًا.
أما عالميًا، فقد ارتفعت الأوقية بنسبة 12% وبقيمة 411 دولارًا، حيث بدأت تعاملات الشهر عند 3447 دولارًا وأغلقت عند 3858 دولارًا.
ومنذ بداية العام، صعدت أسعار الذهب في السوق المحلي بنحو 1490 جنيهًا بنسبة 40%، بينما ارتفعت عالميًا بنحو 1264 دولارًا بنسبة 48%.
الذهب يقفز مع مشهد عالمي مرتبك
اندفعت أسعار الذهب عالميًا اليوم مع بدء الإغلاق الحكومي الأمريكي، وهو ما أحدث حالة من الارتباك في الأسواق المالية. ورغم أن تأثير الإغلاقات السابقة كان محدودًا على الأسواق، إلا أن التوقيت الحالي يكتسب أهمية خاصة كونه قد يؤدي إلى تأجيل نشر بيانات اقتصادية محورية، مثل تقرير الوظائف الأمريكية المنتظر يوم الجمعة.
وأضاف التقرير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدّد باستغلال الإغلاق لتسريح أعداد كبيرة من الموظفين الفيدراليين، في وقت لا يزال فيه مدى استمرار الأزمة غير واضح. ويأتي هذا الإغلاق بعد سابقة تاريخية في ولايته الأولى استمرّت 34 يومًا وكانت الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة، تراجعت الأصول عالية المخاطر لصالح الذهب الذي عزز مكانته ك«ملاذ آمن» وسجل مستويات قياسية جديدة هذا العام.
بيانات العمل الأمريكية والدولار تحت الضغط
أظهرت بيانات ADP حول التوظيف في القطاع الخاص الأمريكي تراجعًا في الوظائف بمقدار 32 ألف وظيفة خلال سبتمبر، مقارنة بتوقعات السوق التي أشارت إلى زيادة قدرها 50 ألف وظيفة. كما أظهر التقرير ارتفاع الأجور بنسبة 4.5% على أساس سنوي.
وعلّقت الدكتورة نيلا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين في ADP، قائلة إن أرباب العمل باتوا أكثر حذرًا في التوظيف رغم استمرار النمو الاقتصادي.
وبالتوازي، تعرض الدولار الأمريكي لموجة بيع، حيث تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.27% إلى مستوى 97.53 قبل أن يستقر قرب 97.80، مما عزز جاذبية الذهب للمستثمرين الأجانب.
توقعات: هل يصل الذهب إلى 4000 دولار للأوقية؟
أشار التقرير إلى أن العديد من البنوك الاستثمارية الكبرى ترى أن الذهب مرشح لاختراق مستوى 4000 دولار للأوقية، مدعومًا بمشتريات البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد والمؤسسات.
وقال جوني تيفز، الاستراتيجي في بنك «يو بي إس»، إن الذهب لا يزال غير مملوك بشكل كامل من قِبَل المستثمرين، متوقعًا استمرار الاتجاه الصاعد خلال الأرباع المقبلة مع بدء دورة التيسير النقدي من مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ورجّح «يو بي إس» أن تتباطأ وتيرة المكاسب بنهاية عام 2026 مع تحسن الظروف الاقتصادية، لكن مع التحول الاستراتيجي الذي يجعل الذهب عنصرًا أساسيًا في المحافظ الاستثمارية، ستظل الأسعار مستقرة عند مستويات تاريخية مرتفعة.
الأجندة الاقتصادية ورهانات خفض الفائدة
يراقب المستثمرون خلال الأسبوع الحالي بيانات JOLTS للوظائف الشاغرة، وبيانات ISM الصناعية، وأرقام التوظيف غير الزراعي «NFP»—والتي قد يتأخر صدورها بسبب الإغلاق الحكومي.
وبحسب أداة CME FedWatch، فإن الأسواق تسعّر احتمالية 95% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر المقبل، مع احتمالية 78% لخفض إضافي في ديسمبر.
في المقابل، أبدت تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي انقسامًا بين تأييد خفض الفائدة تدريجيًا والتحذير من محدودية المساحة المتاحة لمزيد من التخفيضات.
دخلت الحكومة الأمريكية رسميًا في حالة إغلاق بعد فشل مجلس الشيوخ في تمرير قانون التمويل، حيث لم يحصد سوى 55 صوتًا مقابل 60 صوتًا مطلوبة.
هذا الإغلاق يضع مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين أمام خيار العمل دون أجر أو الحصول على إجازة إجبارية، كما يعطل إصدار بيانات اقتصادية مهمة مثل طلبات إعانة البطالة والوظائف غير الزراعية، وهو ما يعزز من ضعف الدولار ويدعم مكاسب الذهب.
يأتي الصعود القياسي للذهب في لحظة سياسية واقتصادية فارقة، حيث يتقاطع الإغلاق الحكومي الأمريكي مع توقعات التيسير النقدي من الفيدرالي، إلى جانب حالة من عدم اليقين الجيوسياسي العالمي.
ومع اقتراب الأسعار من مستوى 4000 دولار للأوقية، تبدو التوقعات المستقبلية داعمة لمسار صاعد طويل الأمد، خاصة مع استمرار مشتريات البنوك المركزية وتزايد الطلب الاستثماري على المعدن الأصفر كخيار استراتيجي.