حبيسة هي بين الجدران الملونة والأثاث الفاخر، النافذة المطلة علي الحديقة، وحكايات الخادمة هما أنيسيها، الأشجار العالية تحاصر المكان وتمنع حتي أصوات الحياة من الدخول، كعادته يعود من الخارج في أوقات متأخرة مهرولا لمقعده مشتاقاً إليه، منسجما مع جريدته غير مبال بوجودها. اليوم العطلة الأسبوعية، الشمس مشرقة، الدفء يحتضن المكان. ما رأيك أن نقضي اليوم بالخارج.. نستمتع بالشمس. لم يجب وأسرع لمقعده الهزاز، وشرع في قراءة الجريدة. عند النافذة وقفت تنظرللخارج تارة وأخري ترميه بنظراتها الحادة. الهدوء محكم سيطرته علي المكان. حاولت جذب انتباهه. -أريد أن أقص شعري. - نظر بآخر عينيه ولم يحرك ساكناً. - استطردت: لقد مللت، أريد التغيير. - لم يجد بداً من الأجابة: فقال بدون أن ينظر لها، قصيه. - اعتلي وجهها بعض الراحة وتمتمت.. أخيراً. - نظرت في المرآة المعلقة علي الحائط ، ثم نظرت إليه. - هل أزداد وزني؟ - تظاهر بعدم السمع - سوف ابدأ عمل رجيم قاس. - رفع رأسه بحدة يعني أفهم من كدا أنك هتجوعينا - ساد الصمت من جديد - عادت لنافذتها شاردة. - في الحديقة قطة صغيرة وفراشة ملونة تلهوان تحت شجرة التوت، كصديقتين حميمتين. وقفت ترقبهما بشغف. في خلسة يسترق النظر لها، ثم يعود سريعاً لجريدته. - أريد قطة.. أنا أحب القطط. - لماذا لم تحضر لي قطة من قبل؟ نظر إليها مستنكراً الطفلة التي أمامه، وبغيظ أجاب. - حاضر. - لا أريد أية قطة. - أنا أريد هذه القطة. - سوف أرعاها و أطعمها بيدي.. أجلبها لي. ترك الجريدة علي المنضدة المجاورة والتقط جهاز التحكم، أدار التلفاز، أخذ يتنقل بين قنواته بدون هدف. ما زالت واقفة عند النافذة شاردة، بدأ اليأس يخطو في طريقه نحوها، السحب اعتلت الشمس، السماء تهدي الأرض برذاذ الماء، القطة ما زالت تلهو وتقفز مع من الفراشة الملونة ولا يباليان من علقت عينيها بهما من جديد، تمنت لو كانت فراشة لطارت بجناحيها وتركت هذه الجدران. مارأيك : نظر إليها باهتمام هذه المرة وكأنه سمع صوت أفكارها ثم قال: ما رأيك نقضي اليوم سويا بالخارج؟.