بلا شك كشفت مسابقة "أخبار الأدب" عن مواهب تستحق الرعاية والاهتمام، 12 مبدعا استطاعوا أن يكسبوا ثقة لجنة التحكيم، الذين انحازوا لهؤلاء المبدعين ولتجاربهم الخاصة. في هذا العدد من "أخبار الأدب" نجري حوارات مع الفائزين لنقترب أكثر من عوالمهم، كما ننشر مختارات من إبداعاتهم من الأعمال الفائزة، وقد أتيح لي أثناء اختيار هذه المختارات أن أطلع علي هذه الأعمال، كما أتيح لي - أيضاً - أن أطلع علي الأرقام التي حصل عليها هؤلاء المبدعون، وكانت المفاجأة لي أن ما يمكن أن أطلق عليه "أول الأوائل" هو الشاعر محمود البنا الفائز بالجائزة الأولي في شعر العامية، فقد حصل علي أعلي الدرجات ليس علي المتقدمين بذات الفرع، بل علي كل الفائزين. بالفعل هو شاعر مدهش بكل المقاييس، عمره 26 عاماً، وهذا هو ديوانه الشعري الأول »مقام الليل،« الذي يضم مجموعة من القصائد التي تبهرك من حيث اللغة والخيال والتجربة المتفردة، وهو ما التفت إليه الشاعر مسعود شومان - عضو لجنة التحكيم - الذي حرص علي أن يكتب لكل ديوان تقريرا منفصلا، ومما كتبه عن "مقام الليل": "ترتكز قصائد الديوان علي إحداث المفارقات الجمالية من خلال المزاوجة بين الفصحي والعامية، مؤكداً علي كسر التراتب بينهما، فتصل القصيدة إلي مناطق باذخة الجمال، كما يستدعي الشاعر رموزاً وعلامات تراثية ليزاوج بينها وبين والرموز المعاصرة فتتوهج عوالمه عبر هذه الثنائيات، كما يجتهد في خلق لغة خاصة به رغم غرامه الشديد وولعه ببعض تقنيات قصيدة والد الشعراء فؤاد حداد، وقصائد الديوان تؤكد علي موهبة ثرية بصورها الشعرية وقدرتها علي خلق عوالم جديدة من خلال الحضور الطاغي للتراث الشعبي والعربي، وأخيراً نحن أمام موهبة ان تحقق لها الاستمرار ستصبح علامة شعرية مضيئة في حياتنا الثقافية". ما كتبه مسعود يستحق السؤال كيف نحافظ علي هذه الموهبة، التي لايختلف اثنان عليها.. بمعني لايختلف عليها "الناقد" و "متذوق الشعر".. كيف نختلف مع من يقول: وكيف.. غريب الدار يقيم الليالي؟ وكيف.. كفيف العين يغض البصر.. عن الغزال اللي ب "باله خطر" وهبت عمري للأمل، ما نظر! وكيف يديم اللحن ذات الوتر؟ وكيف يطول الورد ماء المطر؟ بالفعل نحن أمام موهبة استثنائية، قادرة علي الابهار.. موهبتها تتجاوز سنها بكثير.. ماذا نفعل للحفاظ عليها؟ أعتقد أن مسابقة "أخبار الأدب" خطوة، ستتبعها خطوات، بعضها سنقوم به، والبعض الآخر نتمني أن تقوم به مؤسسات أخري. هذا الأمر لاينطبق فقط علي محمود البنا، بل هناك الكثير من هؤلاء الفائزين، الذين يجب أن نستمر في إلقاء الضوء عليهم، احتراماً لموهبتهم وتفردهم. إن "أخبار الأدب" عندما نظمت هذه المسابقة بدعم مالي من وزارتي الثقافة والشباب، إنما تستعيد دوراً أصيلاً لها في الكشف عن المواهب.. وهو الدور الذي لعبته في الفترة التي تولي رئاستها الروائي جمال الغيطاني، ومعظم الاسماء التي فازت بجوائزها، تحتل الآن الصف الأول بين جيلها.