دخلت شخصية "دون جوان" أو دون خوان الأسطورية في الفلكلور الحكائي الإسباني في القرن السابع عشر، ورغم تأكيد الرواة أن دون جوان شخصية من صنع الخيال فإن البعض يؤكد أن لها مرجعية واقعية في إسبانيا القرون أوسطية. تقول الأسطورة الأصلية إن دون جوان كان عاشقاً شهيراً غوي أكثر من 1000 امرأة. وبقلب الأسطورة (تأنيثها) يُطرح السؤال لماذا لا يتعاطي المجتمع مع الدون جوانة مثلما يتعاطي مع الدون جوان؟. بمعني آخر لماذا يتقبل المجتمع وجود الدون جوان بل ويعتمده كمثال للرجولة في حين أنه قطعا سوف يطالب برأس الدون جوانة، وعنه أي المجتمع أنه قال: الغازية لازم تنزل! الذكورة والأنوثة نتاج اجتماعي وليس نتاجا للطبيعة، لا يقلل ذلك بالطبع من العوامل البيولوجية ولكن ذلك يعني أن الرجل يولد رجلا ولكن عملية تحويله إلي ذكر هي عملية اجتماعية بحتة ذلك أن ممارسات المجتمع داخل الأسرة بداية ثم الشارع بعد ذلك والتي تمنح الذكر حرية أوسع مما تمنحها للأنثي، فضلا عن الرقابة المشددة علي الأنثي في مقابل تساهل المؤسسات الرقابية نفسها مع الذكر (تخفف تلك المؤسسات قبضتها قليلا علي الأنثي حين تصبح أما كما لو أن الأنثي تتحصن وقتها في فكرة الأمومة كما لو كانت أمومتها عامل نفي لأنوثتها) فضلا عن انغلاق مجتمعات الذكور في المدارس وفي المقاهي وعند النواصي حيث الأنثي موضوع افتراس ومحور قصص يعلن بها الأولاد لرفاقهم أنهم صاروا ذكورا، كل ذلك وغيره هو ما يجعل من هؤلاء ذكورا ومن هؤلاء إناثا. التمييز بين الولد والبنت داخل البيت وخارجه هو ما يصنع لدي الولد صورة ذهنية عن نفسه باعتباره ذكرا ولدي البنت صورة ذهنية عن نفسها باعتبارها أنثي الأمر الذي يترتب عليه سلسلة من الممارسات الآلية التي ينخرط فيها الأولاد والبنات دون وعي والتي تؤكد كون الذكر ذكرا وكون الأنثي أنثي مما ينشأ عنه إحساس بطبيعية هذه الآليات ونسبتها للطبيعة بما يعني تضليل الذكور والإناث جميعا لأن البشر عادة ما يجعلون من الإجماع مشروعية حتي وإن لم يخضع هذا الإجماع لاختبار الصلاحية. علينا إذا ألا نسمح لأولادنا أن يكونوا ذكورا أي أن نفهمهم أن مصادفة الميلاد لا تعني تمايزا إنسانيا أبدا، وألا نسرب إليهم فكرة أنهم مميزون بحكم الطبيعة كما علينا أن نقلل من مجتمعات الذكور المنغلقة علي نفسها سواء في المدارس أو في الجامعات أو حتي علي مستوي مجموعات الصداقة. لدينا تعبير كثيرا ما يقال دون أن نفهم حقيقته وهو "أنت مالكش أخوات بنات" والذي يفترض من الذكر أن يكون أكثر لياقة مع الأنثي لأن لديه أخت أي أنثي قابلة للتحرش بمنطق "داين تدان"، وفي رأيي أن هذه العبارة تتضمن أيضا أن الذكور الذين يندمجون مع الإناث داخل مجتمعاتهم باعتبارهم جميعا بشرا سوف يكونون أكثر احتراما للإناث لأن "الأنثي" لن تكون موضوع افتراس ولكنها سوف تكون موضوع شراكة. البشر عادة ما يجعلون من الإجماع مشروعية حتي وإن لم يخضع هذا الإجماع لاختبار الصلاحية.