انقطاع الكهرباء، وهيمنة الظلام علي الأجواء، مشهد اعتاده المصريون، رغم سخطهم منه واستنكارهم له، إلا أنهم اعتادوه شركوا في تقبله بل والتعايش معه في كافة جوانب الحياة اليومية، لكن الملفت للانتباه والمثير للتساؤل، هو كيف يصل الإهمال بأجهزة الدولة إلي حد انقطاع التيار الكهربائي خلال تقديم أحد أهم العروض التراثية، والذي يعد أحد عناصر جذب السياحة الأجنبية إلي الأماكن التاريخية والتراثية بمصر القديمة، وهو عرض "التنورة"، المصاحبة للإنشاد الصوفي والآلات الموسيقية الشعبية، ك"الربابة، والمزمار، والطبلة"، والذي يقدم ب"وكالة الغوري" علي مرأي من الجميع. لم يكن علي البال، أن تنال أزمة انقطاع التيار الكهربائي، من المنشآت الآثرية، والتي من المفترض أن تكون جاذبة للسياحة والاستثمار بالطبع، ففي يوم الأحد الماضي وبعد دقائق قليلة من بدء عرض "التنورة" والذي يقدم علي مسرح مركز إبداع قبة الغوري، التابع لصندوق التنمية الثقافية، ووسط حشود من الجماهير المصرية العاشقة للفن التراثي الأصيل، بحضور عدد ليس بالقليل من السياح والأجانب، فوجئ أعضاء الفرقة وهم يعتلون المسرح بانقطاع الكهرباء، ليسود الظلام الساحة، وهو ما تسبب في حالة من التوتر خلال العرض وإحراج شديد لمقدميه أمام الجماهير. الظلام علي عرض "التنورة"، في أول أيام استئناف العرض عقب توقف دام سبعة أيام متتالية؛ حدادًا علي شهداء مصري في مذبحة ليبيا، وما كان من الجمهور في محاولة لاحتواء الموقف؛ وتقديرًا لقهرية أعضاء الفرقة إلا أن بدأ التصفيق الحاد، تشجيعًا لأعضاء الفرقة وتحميسًا لهم. ظهر الكشاف الكهربائي، رغم بدائيته ليكون المنقذ الوحيد والحل السريع، حيث بدأ منظمو الحفل يتحركون تحت ستار الظلام حول الجمهور كالخفافيش الطائرة، بحثًا عن الكشافات الكهربائية، بينما استمر أعضاء الفرقة والعارضين أعلي المسرح مستمرين في عرضهم دون توقف، وبالفعل استطاع المنظمون العثور علي 3 كشافات متوسطة الحجم، وقاموا بتوزيعها علي مسافات متساوية أعلي المسرح، إلا أنها لم تصمد طويلا، فسرعان ما فرغت بطاريات الشحن، وعاد الظلام من جديد ليسيطر علي أركان ال"وكالة" بالكامل. القدرة والمهارة، ليست مجرد عبارات متداولة أو كلمات متناثرة، هذا ما أثبته أعضاء فرقة "التنورة" من راقصين ومنشدين ولفيفة، حيث استمر انقطاع التيار الكهربائي قرابة ساعة متواصلة إلا أنهم لم يتوقفوا دقيقة واحدة؛ احترامًا وتقديرًا منهم للجمهور والحضور. ومن جانبه أكد محمود عيسي، المشرف الفني لفرقة التنورة التراثية، أن صندوق التنمية الثقافية، والذي يرعي الفرقة، ناشد، وزارة الكهرباء ممثلة في شركة جنوب الكهرباء بمنطقة القلعة مرارا وتكرارا، من أجل مراعاة توقيتات العروض بالمنطقة، واستبعاد ساعات العرض وأيامها من تطبيق منظومة تخفيف الأحمال بقطاع الكهرباء لكن دون جدوي. وأضاف، أنه طالب باستثناء أيام "السبت والاثنين والأربعاء" من الساعة ال6 : 9 وهي مواعيد تقديم العرض، حفاظًا علي الجمهور، مشيرًا إلي أن انقطاع التيار يصل إلي ساعة متواصلة بمقدار مرتين في الشهر الواحد أثناء العروض، لافتًا إلي أن آخر مرة انقطع فيها التيار كانت في العرض السابق قبل بدء فترة الحداد مباشر، واستمر لمدة نصف ساعة وترتب عليه تأخير بدء العرض عن موعده. وفي نفس السياق، أوضح عيسي، أن الفرقة تتغلب علي تلك "المشكلة" بالمهارة والقدرة الفنية العالية لأعضائها، من خلال مواصلة العروض تحت أي ظروف، وأضاف أن فريق التنورة كله من الفنانين التلقائيين وليس الاستعراضيين، وهو ما يمكنهم من تدارك العواقب ومباشرة العروض. وشدد علي أهمية إيجاد حلول للأزمة لعدم هروب السياح والمقبلين علي عرض "التنورة" ب"الوكالة" وأوضح ل"أخبار الأدب"، أن عرض الاحد الماضي كان يشهده ما يقرب من 81 زائرًا أجنبيًا، و180 مصريًا علي الأقل، وأشار إلي أن انقطاع التيار الكهربائي تسبب في عدم استكمال الفرقة بقية فقرات العرض، حيث انتهي بدون مباشرة فقرة الإنشاد الديني، والتي كان مقررا أن يختتم العرض بها.