غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    محافظ الغربية يتفقد محور محلة منوف والخدمات الصحية بمستشفى طنطا العام الجديد    التوسع فى استخدامات الطاقات المتجددة بالصناعات كثيفة الاستهلاك    مجزرة ل«الدعم السريع» فى الفاشر    «كاميرات المراقبة تظهر لحظة وقوع زلزال باليكسير في تركيا».. حقيقة الفيديو المتداول    التحالف الوطني: استمرار تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    موعد مباراة الأهلي وبتروجيت والقنوات الناقلة في الدوري المصري الممتاز    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    جوارديولا يُشيد ب عمر مرموش قبل مباراة مانشستر سيتي القادمة.. ماذا قال؟    مصدر في الزمالك لليوم السابع: محمد السيد يبالغ في طلباته المالية لتجديد عقده    تفاصيل جديدة من صديق المتهم في «جريمة فيصل».. صلاة ونسكافيه بعد المأساة (فيديو)    وكالة أفريقية: افتتاح المتحف المصرى حدثا دبلوماسيا عالميا يجسد تراث مصر    طرح أغنية «كلكوا فلة» ل بوسي والعسيلي من فيلم «السادة الأفاضل» (فيديو)    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    "المنشاوي" يشهد افتتاح فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثامن لجمعية أسيوط للصدر    تامر الحبال: افتتاح المتحف المصري الكبير إعلان ميلاد عصر ثقافي جديد برؤية مصرية خالصة    لافروف: روسيا بحاجة إلى ضمانات بأن لقاء بوتين وترامب سيحقق نتائج    محافظ الجيزة يبحث شكاوى المواطنين بأحياء ومراكز العجوزة والطالبية والمنيرة الغربية وأطفيح    «مستقبل وطن» يواصل عقد اللقاءات الجماهيرية بالمحافظات لدعم مرشحى مجلس النواب    وكيل تعليم القاهرة يتابع سير العملية التعليمية بمدارس مصر الجديدة    إسلام عباس يكشف عن تمثال شخصية الملك لير ويؤكد: نال إعجاب يحيى الفخرانى    السياحة: استعدادات مكثفة داخل المتحف المصرى الكبير تمهيدا للافتتاح المرتقب    وزير الرياضة يُهنئ النوساني بعد فوزه على اللاعب الإسرائيلي في بطولة كندا للإسكواش    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    وجبة الإفطار مرآة جسمك.. ما لا يخبرك به فقدان الشهية الصباحية عن حالتك الهرمونية والنفسية    بعد وفاة طفل بسببها.. ما خطورة ذبابة الرمل السوداء والأمراض التي تسببها؟    موعد صرف معاشات نوفمبر 2025 في مصر وآليات الحصول عليها    بعد تسريب بيانات 183 مليون حساب.. تحذير عاجل من الهيئة القومية للأمن السيبراني لمستخدمي Gmail    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    اللجنة الفنية باتحاد الكرة: حلمي طولان محق في تصريحاته ويجب الحفاظ على شكل المنتخب    «تعمير» تعلن عن شراكة استراتيجية مع «The GrEEK Campus» بمشروع «URBAN BUSINESS LANE»    ماليزيا تعلن استعدادها للانضمام إلى "بريكس" فور قبولها    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    روزاليوسف.. ساحة الاختلاف واحترام التنوع    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    البابا تواضروس فى حوار خاص.. الكنيسة لا تعمل بالسياسة    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    قبل العرض الرسمي.. إليسا تطلق أغنية «السلم والتعبان – لعب العيال»    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    الإفتاء توضح الحكم الشرعي لتقنية الميكرو بليدينج لتجميل الحواجب    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    موعد مباراة أتالانتا وميلان في الدوري الإيطالي    الداخلية تعلن البدء فى إجراء قرعة الحج بعدد من مديريات الأمن بالمحافظات    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    بعد خسائر 130 دولارًا| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وليام كارلوس ويليامز..
شاعر الغلابة الذي دفع الثمن مرتين
نشر في أخبار الأدب يوم 28 - 02 - 2015

وليام كارلوس ويليامز (نيوجيرسي 1884-1963) هو واحد من القامات الكبيرة في الحركة الحداثية في الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن العشرين، والأب الروحي لعدة أجيال. تعد قصائده نماذج للنزعة التصويرية، بروح سريالية قوية. كان مريضاً بالقلب، وعاني من أزمات قلبية كثيرة، إلا أن مرضه لم يمنعه من الإنتاج الأدبي، والحركة الدؤوب من أجل تشكيل حركة إبداعية طليعية في الولايات المتحدة. ولم يتوقف يوماً عن الكتابة إلا من أجل الالتقاء بالأصدقاء من الأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين، والإسهام في تكوين الجماعات الأدبية.
ولد ويليامز لأب إنجليزي وأم من بويرتوريكو، وسافر إلي فرنسا ليدرس لمدة عامين في المرحلة الثانوية، ثم عاد إلي الولايات المتحدة ليدرس في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا، وتخرج عام 1906. عمل طبيباً في بداية حياته العملية، إلا أنه تخلي عن مهنة الطب، وتفرغ للكتابة. كتب الشعر والقصة القصيرة والرواية والمسرحية والسيرة الذاتية والترجمة، وكان شديد الانتظام في الكتابة، فلا تمر ليلة دون أن يكتب فيها، عدا أيام العطلات. وربطت الصداقة بين وليامز وبين عدد من أبرز الكتاب والفنانين التشكيليين في الولايات المتحدة، ومثقفي أوربا الذين سافروا إلي الولايات المتحدة إبان الحرب العالمية الأولي. ومن بين أبرز أصدقاء وليامز عزرا باوند وجيمس جويس. في 1915، انضم إلي جماعة "الآخرون" في نيويورك، والتي ضمت العديد من الكتاب والفنانين الطليعيين، ما يُفسر تأثره بالسمات الأساسية للحركة الدادئية والسوريالية في قصائده الأولي. وأسهمت كتابات وليامز وصداقاته، وانغماسه في فعاليات جماعة "الآخرون" في الإشارة إليه باعتباره أحد رموز الحركة الحداثية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ورغم تأثره بأدب القارة الأوربية، إلا أنه سعي إلي تناول موضوعات وأفكار محلية في قصائده، ولم يشارك تي إس إليوت شغفه في الاقتباس من الأعمال الكلاسيكية. حاول وليامز أن يكتشف عالمه وشعبه وتاريخه، وصك شعاراً في أحدي قصائده: "لا أفكار بمعزل عن الأشياء"، ليوضح رأيه بشأن دور الشاعر في الحراك الاجتماعي. وبالطبع دافع عن الموقف الحداثي، ودعا الشعراء إلي التخلي عن الأنماط الشعرية العتيقة، والابتعاد عن البلاغة الجوفاء، والتعبير عن العالم كما هو. ولقد أشار أحد النقاد إلي لغة وليامز قائلاً: "لقد كتب بلغة أمريكية، واستخدم تعبيرات أمريكية، يفهمها الجمع". وكان ويليامز يرفض تأثير الشعراء الانجليز علي الشعر الأمريكي، ويسعي إلي كتابة شعر أمريكي خالص، ويتطابق موقفه هذا مع موقف الروائي الأمريكي مارك توين، الذي رفض تقاليد الرواية الأوربية في كتابة الرواية، وسخر منها في أعماله، ودعا إلي كتابة أدب أمريكي خالص، يُعبر عن سمات المجتمع والشعب الأمريكي. ومن الغريب أن دور النشر البريطانية تجاهلت كتبه، وكانت المرة الأولي التي تطلب فيها دار نشر بريطانية نشر أعمال وليامز قبل وفاته مباشرة. وكان ويليامز يعتبر مشروعه الشعري مشروعاً أمريكياً مُتمايزاً عن الشعر الأوربي، وتعبيراً عن الثقافة الأمريكية.
لعب وليامز دوراً كبيراً في رعاية ودعم الشعراء الشباب، لذا يعتبره عدد كبير من الشعراء، ومن عدة أجيال، أستاذاً لهم، أو علي الأقل، صاحب تأثير قوي عليهم. كما كان تأثيره واضحاً علي الحركات والجماعات الأدبية الأمريكية، ولعب دوراً محورياً في صياغة المشهد الإبداعي الأمريكي. ومن الطريف أنه أعرب أكثر من مرة عن عدم سعادته بذلك التأثير، وأنه يُفضل التفاعل بين الأنماط الجمالية والتعبيرية المُختلفة.
من أهم أعمال ويليامز الشعرية: "كورا في الجحيم" 1920، "الربيع وكل شيء" 1923، "صور من بروغل وقصائد أخري" 1963، و"باترسون" 1963، و"تخيلات" 1970، بعد وفاته بسنوات. وتعد قصيدته، "عربة اليد الحمراء"، نموذجاً كلاسيكياً للحركة التصويرية.
لقد ثار ويليامز علي الرؤية التقليدية، والجماليات المُتوارثة للشعر، وسعي إلي الاستعانة بمفردات الحياة اليومية، وحياة البسطاء، واستحضر خبرته الأولي كطبيب في المستشفيات، بين المرضي والألم، كموضوعات لقصائده وصوره الشعرية. واعتمد علي تفعيلات متنوعة، وكسر الإيقاع التقليدي للشعر الانجليزي، كتب السطر الشعري الطويل؛ المُقسم إلي ثلاث وحدات. وفي بحثه عن هارموني جديد، استعان بإيقاع موسيقي الجاز الحي الحيوي الصاخب. ونزع إلي استخدام التعبيرات الدارجة؛ ابنة الواقع والعلاقات اليومية المباشرة. ويمكن القول إنه سعي إلي انتزاع الشعر من أحضان الطبيعة والتاريخ، وألقي به في خضم المجتمع، وأسقط عنه جمالياته وسمته الفردية، ليصبح الشعر حالة جماعية واجتماعية، بعد أن خلُص إلي إن المدنية الحديثة طورت وعي الناس، كما طورت لغة خطابهم، وطريقة تواصلهم. لقد اعتبر الشعر "أحد مستلزمات الحياة، ونبراساً يكشف طريقاً في العتمة".
تشكلت الرؤية المضمونية والجمالية للشعر عند ويليامز من منطلق أيديولوجي، حيث كان اشتراكياً، مناهضاً شرساً للرأسمالية، ما اتضح في قصيدته "اليخوت"، المنشورة 1935؛ والتي يهاجم فيها البرجوازية ويصفها بالطفيلية، ويُبشر بثورة جماهيرية. وفي مقدمة ديوانه "الإسفين"1944، اعتبر الاشتراكية أمرا حتميا وضرورة تاريخية لتطور البشر والإبداع، ورأي أن الإبداع له دور في تنمية وعي الطبقة العاملة. وفي 1952، تم فصله من منصبه كمستشار لمكتبة الكونجرس، في إطار الحملة التي شنتها الولايات المتحدة علي المبدعين الاشتراكيين. أسفر عزل ويليامز من منصبه، عن تعرضه لأزمة صحية عنيفة، وخلل نفسي جعله يقضي بعض الوقت في إحدي المصحات. إلا أن ويليامز تجاوز الأزمة، وعاد شعلة من النشاط من جديد، واستأنف دوره في الكتابة والنضال ودعم المواهب الجديدة، واعتبر أن ما حدث ثمن لمواقفه عليه أن يدفعه بصدر رحب. لكن الثمن الذي دفعه وليامز لم يقتصر علي فصله من منصبه، بل امتد لتجاهله وحجب صوته عن الجماهير التي حاول أن يكون صوتها. ولم ينل ما يستحق من شهرة تتناسب مع مكانته، مُقارنة بغيره من رفاق دربه أو تلامذته.
وبعد أن رحل عن الحياة في 4 مارس 1963، نال ويليامز بعض التكريم، حيث تم منح اسمه جائزة بولتزر في الشعر، عن ديوانه "صور من بروغل وقصائد أخري" في مايو 1963. كان قد حصل علي الميدالية الذهبية للشعر من المعهد الوطني الأمريكي للفنون والآداب، كما كرمته جمعية شعراء أمريكا بإطلاق جائزة تحمل اسمه لأفضل كتاب غير هادف للربح. وتم اعتبار منزله في نيوجيرسي معلماً أثرياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.