ولد الكاتب الأنجولي أوندجكي عام 1977 في لوندا، وتخرج في جامعة لشبونة تخصص علم الاجتماع. في عام 2014 دخل ضمن قائمة أفضل كتاب أفريقيا، كما حصل علي جائزة جوزيه ساراماجو عام 2013 يتنوع إنتاج اوندجكي الأدبي بين الرواية والقصة والشعر وكتب الأطفال علاوة علي كتابة السيناريو للسينما والتليفزيون. صدر له عدة روايات مثل "الشفاف" "جرانما التاسع عشر وسر السوفسيت" و"صباح الخير أيها الرفاق". اسمك الحقيقي ندالو دي ألميدا ولكنك تكتب باسم أوندجكي ،ماذا اخترت هذا الاسم و هل له معني؟ - أوندجكي هو الاسم الذي اختاره أبويّ قبل أن أولد، ويعني "المحارب". لذلك حين بدأت في الرسم والكتابة قررت أن أتخذه كاسم مستعار، وأستمتع بكوني أحمل اسمين. درست علم الاجتماع، إلي اي مدي ساعدتك دراستك علي تحليل المجتمع الأنجولي و من ثم الكتابة عنه؟ - أنا لا أعرف شيئًا عن علم الإجتماع، بالطبع تعلمت بسبب دراستي لمدة خمس سنوات، لكنني لا أستطيع أن أقول إن الدراسة غيرت من كتابتي. ربما، يضيف علم الاجتماع بعض الأدوات للكاتب ، غير اني لست متأكدا إن كنت قد استخدمت تلك الأدوات بالفعل أم لا. للحق ، أنا لا أحاول أن أشغل نفسي بتلك الأمور أثناء الكتابة. فأنا أحب كتابة الروايات والقصص، لذلك فأنا أعتمد علي الخيال وهذا ما يعجبني. ربما لهذا السبب أعتقد أن قراءة الأدب تيثير تفكيري وقلمي أكثر من أي شيء آخر. هل تذكر أول شيء كتبته؟ - بدأت بكتابة الشعر علي ما أذكر، لكن أول إنتاج أدبي حقيقي كان قصصًا قصيرة. عموماً، كنت أحب القصص التي أسمعها أو أقرؤها. ربما لهذا لم أستطع المقاومة وشرعت في كتابة القصص، ربما ولهذا لا أعرف الكثير عن علم الاجتماع، إذ أمضيت معظم وقتي في الجامعة وأنا أكتب.. أكتب أثناء المحاضرات، أكتب في المكتبة، أكتب بينما أتظاهر أني أقرأ كتبا في علم الاجتماع. ربما لهذا علي أن أشكر الجامعة التي منحتني الوقت والفرصة للإبداع. هل تأثرت بأحد الكتاب الأنجوليين, أوسكار ريباس علي سبيل المثال؟ - تأثرت جداً بالكتاب الأنجوليين، لكن ريباس ليس من بينهم. ورغم أني استخدمت بعض كلماته في روايتي الأولي، لكني لا يمكن أن أقول إنني متأثر به بقدر تأثري بكاتب مثل مانويل روي, أو الكاتبة أنا باولا تافاريس، فكلاهما أهم كثيرا بالنسبة لي علي المستوي الفكري والابداعي. تكتب القصة القصيرة والرواية, هل تعتقد أن الروايات تحقق الشهرة للكاتب؟ - بشكل عام, نعم. نشر الرواية أسهل كثيرا بالمقارنة مع نشر المجموعات القصصية، وإن كنت أعتقد أن علي الكاتب أن يصمم علي نشرها. القصة القصيرة نوع خاص جدا من الأدب ،لذلك لا يمكن أن نستسلم لفكرة ان المجموعات لا تباع مثل الروايات،وإلا فعلي الشعراء أن يموتوا لأن الشعر أيضاً ليس مطلوبًا بقدر الروايات. في الحقيقة، كتابة القصة القصيرة أصعب كثيرا من كتابة الرواية. ربما لذلك عدد قليل من الكتاب يجيد فن القصة القصيرة وعدد أقل من الناس يقرؤها. سأستمر في كتابتها لأنها قوية ومركزة من حيث المشاعر واللغة. ترجمت أعمالك الإبداعية لعدة لغات، من وجهة نظرك ما الذي تضيفه الترجمة للكاتب؟ - ربما منحتني القدرة علي الاتصال والتواصل مع ثقافات أخري، فالترجمة جسر بين ثقافتين واللغة تقف أحيانًا كحاجز طبيعي، وبترجمة الكتاب نتغلب علي هذا الحاجز. من هنا أعتبر المترجم كاتبًا جديدًا للكتاب، خاصة حين تكون الترجمة متقنة. يرأيي، الترجمة وظيفة رائعة، رغم أن المترجمين لا يقدرون ماديًا بما يتناسب مع جهدهم. حقبة الثمانينيات هي الإطار الزمني لروايتك "جرانما التاسع عشر وسر السوفسيت" و"صباح الخير أيها الرفاق"، وكنت طفلا في ذلك الوقت.. هل يمكن اعتبارك راوي الأحداث؟ - لا لست الراوي ،بل من الخطأ الظن أن أكون أنا. اخترت أن يكون الراوي صوت طفل قد تكون بنتا أو ولدا. لماذا اذن اخترت أن يروي طفل؟ هل تعتقد أنه سيكون محايدا مثلا في سرد الأحداث؟ - في "جرانما التاسع عشر" كنت محتاجا لصوت طفل لكي يسرد الأحداث من وجهة نظره الطفولية، ليس لأن وجهة نظره ستكون أفضل, لكنها طريقة مختلفة لرؤية الحدث، رغم أنها ستكون غير حقيقية، لأنني لم أعد طفلا. أعتقد أنها تقنية أدبية كغيرها من التقنيات التي نستخدمها في الكتابة, فأنا استمتع بكتابة الحوارات والأحلام، والأطفال يميلون لهذا النوع من الحكي. " أكثر ما يثير الحزن, يا بابا ،ليس أننا شفافون لقلة الأكل، نحن هكذا لأننا فقراء".. هكذا كتبت في روايتك "الشفاف". ماذا يعني لك "الفقر" و"الطفولة"؟ - هناك فقراء في كل مكان, هذه حقيقة. فقر يعني ظروفا. كبشر لسنا فقراء، حن فقط نجرب كيف نكون بشرا. المشكلة ليست في الفقر, بل في الفجوة الكبيرة بين من معهم الكثير ومن لا يستطيعون سد احتياجاتهم الأساسية، وهنا تبرز "الغريزة الإنسانية" بعدم المحاولة في تقليل الفجوة، من خلال نسيان من لا نراهم, السرقة والنهب من مال الدولة ومن الشعوب, بعدم المساعدة رغم قدرتنا. أما الطفولة فهي كلمة سحرية وشاعرية. هي كل شيء ولها بعد آخر خصوصا حين كبرت. لهذا أحب أن أذهب لهذه المنطقة في الكتابة, هي وسيلتي لأن أستعيد طفولتي لعدة ساعات. فالطفولة هي البراءة والطاقة التي نفقدها كلما كبرنا. بالحديث عن الطفولة, أنت تكتب للأطفال..إلي أي مدي تشعر أنها أصعب من الكتابة للكبار؟ - نعم،صعبة جداً بالنسبة لي ،لأني لا أريد أن أكتب للطفل، أريد أن أكتب فقط. لكن بالطبع الكتابة لهم تحتاج لأدوات خاصة من حيث البناء والسرد والمحتوي. أظل أكتب حتي أصل لنتيجة مرضية. تم اختيارك هذا العام ضمن أفضل كُتّاب أفريقيا ،ما شعورك حيال هذا الاختيار؟ - أعتقد أن علي الأشخاص القائمين علي الإختيار قراءة جميع الكتب التي كتبها أفارقة، لأن من الواضح جدا أنهم لم يفعلوا ذلك, لأنهم لو فعلوا لما كنت في القائمة أساساً. عموما أنا مؤمن أن وظيفتي الكتابة بغض النظر إن كنت الأفضل أو الأسوأ. أن أكتب قصة جميلة هذا ما علي فعله. العام الماضي كنت الفائز بجائزة جوزيه ساراماجو المرموقة، كيف تلقيت هذا الخبر؟ - كان شعورًا مختلفًا وغريبًا, كنت وحيدا ومستمتعا بوحدتي في تلك اللحظة. خرجت وتمشيت في الحديقة، ثم اتصلت بأمي التي سعدت كثيرا بالخبر. إنها جائزة مهمة باسم كاتب عظيم، لكن تبقي في النهاية مجرد جائزة، دورها تذكير الكاتب بأنه ربما يحصل علي جائزة كل فترة لكن الأهم أن تظل تكتب وفقا لما تراه مناسبا لرأيك وأفكارك. أخيرًا، هل قرأت لكتاب عرب؟ - ليس كثيراً للأسف. قرأت رواية رائعة لنجيب محفوظ وبعض القصائد المترجمة لشعراء عرب في أنطولوجيات.