قليلة هي الرسائل الجامعية التي تتناول السيرة العلمية لشخصية لها حضور مؤثر في حياتنا الثقافية،ومن هنا تجيئ أهمية الرسالة المقدمة لقسم اللغة العربية، جامعة جنوب الوادي، التي تدور حول المسيرة العلمية للدكتور الطاهر مكي، وحملت عنوان »الطاهر مكي ناقداً ومبدعاً« حصلت عنها الباحثة مني عبدالعظيم محمد، علي درجة الماجستير بإشراف الشاعر الدكتور محمد أبوالفضل بدران أستاذ النقد الحديث، والدكتور السيد محمد علي. جاءت الرسالة في ثمانية فصول، في الأول تناولت الباحثة السيرة الذاتية للدكتور مكي صورت فيه الكثير من العوامل الحياتية التي أثرت في كتاباته، وجعلته صاحب أسلوب متميز من بين أقرانه، وكان من بين هذه العوامل، القرية، مسقط رأس د. مكي، بما تحمله من ظروف نشأته، وتعليمه، يليها الصحافة التي تعلق بها د. مكي منذ صباه، وعلي المدي البعيد نجد شاعر الربابة، والذي كان يتشوق د. مكي لسماعه في مولد الأمير غانم، وأخيراً كانت البعثة إلي اسبانيا والتي عرف من خلالها نوعاً آخر من الأدب، وهو الأدب الأندلسي. واختتمت الباحثة هذا الفصل بالحديث عن أهمية ما أنجزه د. مكي من مؤلفات علي المستوي العربي، حيث إنه أثري المكتبة العربية بالعديد من الكتب في جميع المجالات: النقد، الأدب المقارن، الأدب الأندلسي، الأدب العربي، فضلاً عن ترجماته لكثير من المستشرقين في لغات مختلفة. وفي الفصل الثاني تناولت الدراسة جهود الطاهر مكي في مجال النقد، قامت الباحثة بتحليل كتبه في مجال الأدب المقارن وحملت عنوان (مجالات البحث في الأدب المقارن)، وكانت في: الترجمة، الكتب والموضوعات، الرحلة والرحالة (الوسطاء، الكتّاب، والمؤلفون) دراسة التأثير والتأثر. وبعد أن انتهت الباحثة من ذلك، عقدت مقارنتين أولاهما بين المتنبي، وابن هانئ، والأخري بين ملحمتي (السيد والسيرة الهلالية) كما قامت بتحليل ودراسة كتاب (الأدب الإسلامي المقارن) باعتباره أحد فروع الأدب المقارن. وتعرضت الباحثة لمجموعة من نظريات الأدب المقارن التنظيري ومنها: نظرية هردر، نظرية تين، نظرية زولا، نظرية تكست. وفي حقل المقال جاءت مقالات د. مكي وهي كثيرة ومتعددة، منها المقال الأدبي، المقال اللغوي، المقال السياسي.. كما كان له نوع آخر من الإبداع وضعته الباحثة تحت عنوان (مقدمات الكتب) حيث قدم مكي للكثير من الكتب في مجالات مختلفة، كان ضمن ما قدم كتاب (بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال). ومن بين جهود د. مكي العلمية أيضاً ما قدمه للدراسات الأندلسية حيث كان الأدب الأندلسي، إحدي البصمات المميزة في أعمال د. مكي، فقامت الباحثة بتحليل ودراسة كتاب (دراسات عن ابن حزم الأندلسي وكتابه طوق الحمامة)، وبينت علاقة هذا الكتاب بالمخطوطة الأساسية وهي (طوق الحمامة في الألفة والآلاف) لابن حزم الأندلسي القرطبي. ومن جهود د. مكي في الترجمة، أفردت الدراسة له العديد من التراجم.. عن الفرنسية: الشعر الأندلسي في عصر الطوائف (هنري بيريس)، (الحضارة المصرية في اسبانيا) ليفي بروفنسال، (هذه المرأة لي) رواية لجورج سيمنون، مع مقدمة عن حياته وفنه، والرواية البوليسية عامة صدرت عن كتاب الهلال عام 1989 وعن الإسبانية ترجم: من شعراء الأندلس والمتنبي (إمبليو غرسيه غومث)، الفن العربي في اسبانيا وصقلية فون شاك، والشعر العربي في إسبانيا وصقلية) مناهج النقد الأدبي (انريك اندرسون) ملحمة السيد، التربية الإسلامية في الأندلس أصولها المشرقة وتأويلاتها الغربية (خوليان ريبيرا). وعن الإنجليزية ترجمة الرمزية (أنابلكيان)، الثقافة واللغة والتعليم في مصر الحديثة (لويز آرمين). وفي مجال التحقيق: حقق (طوق الحمامة في الألفة والآلاف لابن حزم الأندلسي والأخلاق والسير في مداواة النفوس، تحفة الأنفس في شعار سكان الأندلس لابن هذيل. وفي مجال الإبداع، كان عمله (السلطان يستفتي شعبه وحكايات أخري، بابلونيرودا شاعر الحب والنضال. وعن نشاطه الثقافي، تم انتخاب د. مكي عضواً بمجمع اللغة العربية، كما تم اختياره عضواً بالمجلس القومي للثقافة والفنون والآداب، وعضواً بلجنة منح الجوائز العربية (العويس في الإمارات، البابطين، التقدم العلمي بدولة الكويت). حصل د. مكي علي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام 1990، جائزة الدولة التقديرية عام 1992