أعلنت الأسبوع الماضي في باريس جائزة الأدب العربي الشاب وحصل عليها الكاتب محمد الفخراني عن روايته "فاصل للدهشة". فوز الفخراني انجاز يضاف إلي الكاتب الذي يتقدم بثبات وثقه كبيرين، ثقه جعلته "من الأصوات الأكثر جرأة بين أبناء جيله" حسب وصف لجنة التحكيم، انجاز الفخراني ليس فقط لقيمة الجائزة التي حصل عليها ولكن للأسماء التي نافسها حيث ضمت القائمة الطويلة:بالإضافة للراوئي يوسف زيدان، ويوسف فاضل، كمال داوود وروايته "ميرسو، تحقيق مضاد"، وجورجيا مخلوف "الغائبون"، ورضا دليل "العمل"، وكبير عمي "مخدع هائل"، ومي التلمساني "أكابيلا"، وسمير التومي "صرخة"، وعبد القادر بنعطية "جوال أو كيمياء السعادة"، وليلي حموتان "شال زينب"، وريم لغراطي بنمحرز "وصفات وأسرار"، وعلي الحفار الزياد "قصر الشمس"، وأنيس مزاور "فريسة العوالم"، وعدنية شلبي "كلنا بعيد بذات المقدار عن الحب"، وديان مظلوم "الليل"، وروزا ياسين حسن "حراس الهواء". الجائزة التي بدأت العام الماضي 2013 بالتعاون بين "معهد العالم العربي" و"مؤسسة جان لوك لاغاردير"، تُقدم عشرة آلاف يورو لعمل أدبي (رواية، مجموعة قصصية، ديوان شعر)، كتبه كاتب عربي بالفرنسية أو ترجم من العربية إلي الفرنسية، فاز بها في دورتها الأولي الكاتب اللبناني "جبور الدويهي" عن روايته "شريد المنازل"، أما صاحب دورة هذا العام فلم يكن لديه أية معلومات عن الجائزة من قبل، يقول:"أول علاقة لي بها هي ظهور روايتي في قائمة طويلة تضم سبع عشرة رواية في شهر يوليو الماضي، ثم قائمة قصيرة تضم ستة أعمال في شهر سبتمبر، بعد ذلك عرفت أن الترشيح يتم من داخل معهد العالم العربي، يقدم مسئولو الجائزة قائمة إلي لجنة مكونة من عدة شخصيات ثقافية، وهكذا تستكمل أعمال الجائزة". الفخراني الحاصل علي جائزة الدولة التشجيعية عن مجموعته "قبل أن يعرف البحر اسمه، وجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة عن مجموعته "قصص تلعب مع العالم" له نظرة خاصة لفكرة الجوائز بشكل عام، أسأله هل تفكر فيها وأنت تكتب؟ ويقول:"بالطبع أي كاتب سيقول أنه لا يفكر فيها وهو يكتب حتي لو كان يفعل ذلك". أنا أسأل محمد الفخراني؟ أعود لأسئلة، ويجيب:"بعد "فاصل للدهشة"، أصدرت ثلاث مجموعات قصصية دون أن أنشغل بما يحدث من الاهتمام المتزايد بالرواية، كان من السهل أن أكتب رواية أخري عن الهامش، لكني فضلت أن أقدم عالمًا جديدًا، كما أني أعمل علي رواية جديدة منذ سنوات، ولم أتعجل في إصدارها، أعدت كتابتها أكثر مرة قبل أن أنهيها، ثم أنهيتها الشهر الماضي، وأعيد كتابتها الآن من جديد، لست معنيًا بالمرة بما يحدث فيما يمكن تسميته "سوق الأدب"، أعمل ما أحبه بالطريقة التي أحبها دون أيّ اعتبار إلا ما أرسمه لنفسي ولكتابتي، وبالنسبة لي الجائزة تمثل حادثا سعيدا أتجاوزه بسرعة، ومبلغا من المال يتيح لي أن أوفر المزيد من الوقت والتفكير للكتابة. -هل تعلن عن الجوائز التي تقدمت لها حتي لو لم تفز بها؟ -إذا سألني أحد إن كنت قد تقدمت إلي جائزة ما سأخبره بالحقيقة، الأمر بسيط جدًا، أن تفوز بجائزة لا يعني هذا أنك الأفضل، وألا تفوز لن يعني أنك أقل، وقد حدث بالفعل أن اشتركت في جوائز ولم أفز. -هل تعتبر الجائزة معيارًا للنجاح مع القارئ؟ -علاقتي مع القارئ مرهونة بما أكتبه، لأن هذا هو المستمر والحقيقي بيني وبينه، أما الجائزة فأمر طارئ، وبالنسبة لي لن أرغم نفسي علي قراءة كتاب لم أحبه مهما كانت الجائزة التي حصل عليها، وأفترض ذلك في كل من يقرأ. -وفق منظورك الخاص لعملية الكتابة كيف تقيم تجربتك الشخصية حتي الآن؟ -أنا أكتب بطريقة وحالة أحبها، هذا مهم جدًا لي، أن أتقدم بإيقاعي الخاص، لكني أعتبر نفسي في البدايات، أتطلع إلي نقطة بعيدة المسافة إليها ما زالت طويلة. - أصدرت عدة مجموعات قصصية، "بنت ليل" و"قبل أن يعرف البحر اسمه" و"قصص تلعب مع العالم" إضافة إلي "طرق سرية للجموح" فمتي تعود إلي الرواية؟ -أنا أعمل علي رواية بالفعل منذ سنوات، السؤال متي تظهر؟ عندما أصل فيها إلي النغمة الصحيحة، هذا الشيء الذي لا أعرف اسمه، لكني أعرف روحه. -كيف تختار الشكل الفني للعمل إن كان قصة أو رواية؟ - في القصة غالبًا ما يأتي الشكل الفني في لحظة الكتابة، في الرواية هناك طرق كثيرة، ربما أبدأ كتابة مقطع ما وأفكر في اللحظة نفسها في تكنيك فني خاص به، أحيانًا تأتي فقرات ومعها شكلها، مقطع آخر سأكتبه بسرد عادي ثم أفكر كيف يمكن أن أثير جنونه بتكنيك فني، في كل الأحوال، قصة أو رواية، العالم الذي أكتبه يحدد بدرجة كبيرة شكل النص، وأيضًا تصوري عن الزمن الخاص لهذا العالم، بالنسبة للمكان أفضل أن أعيد تشكيله بدرجات متفاوتة كي تُحلّق فيه الرواية، فيصير جزءًا من فضائها لا أن يكون حدودًا لها. -"قبل أن يعرف البحر اسمه"، "قصص تلعب مع العالم"، هل يمكن اعتبارها حالة خاصة وانتهت أم مستمرة في الأعمال القادمة؟ -بالإضافة إلي هاتين المجموعتين أصدرت في 2013 مجموعة بعنوان "طرق سرية للجموح"، والمجموعات الثلاث تمثل مرحلة من كتابتي أسميها إعادة تشكيل العالم، تنتهي هذه المرحلة برواية أعمل عليها الآن، والتي رغم اختلافها عن المجموعات لكنها تضع نهاية مفتوحة لهذا العالم. -هل ستعود للكتابة عن المهمشين؟ -أعتبر مجموعة "بنت ليل"، ورواية "فاصل للدهشة" مرحلة الكتابة عن الهامش، أظن أني أعرف العالم الذي سأكتبه في الروايتين القادمتين، وليستا عن الهامش، لا أعرف ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، لا أحب أن أرتب لما سأفعله أبعد من كتابين، حتي لا أصاب بالملل من الفكرة لو أنها ظلت معي وقتًا طويلاً، أريد أيضًا أن أُفاجأ بما يمكن أن أفكر فيه، وفي النهاية لا يمكنك أن تكون متأكدًا من شيء. -الواضح أنك لاتزال رهين حالة تشكيل العالم والاشتباك معه بطريقتك، فهل فكرت في الكتابة عن الثورة مثلا؟ -لا، أفضل الابتعاد عن السياسي، ولديّ أكثر من مشروع مفتوح أريد أن أنجزه في وقت محدد. -كيف تنظر لما كتب عن الثورة حتي الآن؟ -لم أقرأ منه شيئًا.