قدس الفراعنة القط لدرجة الألوهية، فقد كانت القطط تحافظ علي المحاصيل الزراعية مثل الشعير والقمح من الفئران التي كانت تنتظر موسم الحصاد وتلتهم المحاصيل، فأصدرت القوانين التي تحذر من إيذاء أو قتل القطط، والتي وصلت عقوبة بعض منها إلي الإعدام وارتقت منزلة القطط إلي الآلهة حيث كان المصريون يقومون بتحنيطها عند الموت وصنعوا لها التوابيت المرصعة بالذهب والتماثيل الرائعة التي ظهرت في كثير من حالاتها لتعبر عن الشموخ والعظمة، وترمز القطط أيضا إلي الإلهة "باستت"، التي كانت تصورها الرسومات علي شكل امرأة لها رأس قطة. ومن هذا المنطلق نظمت جمعية الصداقة المصرية البلجيكية معرض "القط الفرعوني" بمشاركة خمسين فنانا من بلجيكا ومصر، حيث يقول د. سمير محمود النفيلي منسق المعرض ورئيس جمعية الصداقة المصرية البلجيكية إن فكرة المعرض واتته عام 2012 عندما تمت دعوته لحضور حفل تأبين أحد رسامي الكاريكاتير البلجيكيين المشهورين، وكان هذا الفنان عاشقا للقطط التي ظهرت كثيرا في أعماله ، ومن هنا فكر في تنظيم معرض عن القط بين فنانين من مصر وبلجيكا وبالفعل أقيم المعرض الأول بمشاركة 20 فنانا تشكيليا في بروكسيل، وبعد ذلك فكرت في تنظيم معرض " القط الفرعوني" في مصر وقد أقيم المعرض في التحرير لاونج بالقاهرة قبل انتقاله إلي الإسكندرية. ولعل أحد الأمور التي ميزت معرض "القط الفرعوني" هو مشاركة اثنين من البراعم الصغيرة ممن عرضوا لوحاتهما بجوار لوحات الفنانين التشكيليين فأحمد الشافعي وهو طفل يبلغ من العمر ست سنوات يدرس الفن التشكيلي بإحدي الورش الفنية كما قدمت ماريا وتبلغ من العمر ثماني سنوات تابلوها فنيا في غاية الإبداع بورق البردي. ومن جانبها ذكرت الفنانة ريهام السنباطي التي قدمت لوحة باستخدام فن الجرافيك أن العمل مستوحي من مقولة المؤرخ هيرودوتس: عندما كانت تشب النار في مكان ما في مصر، كان الرجال يهرعون لحماية القطط قبل التفكير في إطفاء النار، فمن كان يقتل قطة خطأ أو عمدا يُقتل، يتجمع الناس ويقتلونه، يعاقبون كل من يؤذي قطًا، بعقوبة تصل إلي حد الموت، وعندما يموت قط كانوا يحلقون حواجبهم علامة، علي الحداد ويحولون القطط الميتة إلي مومياوات، وقد وجد علماء الآثار مقبرة قديمة للقطط في مصر. ويقول الفنان هشام طه: بقراءة التاريخ المصري نلاحظ أهمية ومكانة القط الفرعوني، ولذا تبدو فكرة المعرض ممتعة للغاية . وقد قدم الفنان هشام طه عملا باستخدام فن الجرافيك أيضا تحت عنوان "الحارس المقدس". ويضيف هشام أن مثل هذه المعارض تساعد في نقل جانب من حضارتنا إلي العالم، وهي تعطي فرصة لتعريف المشاهد المصري بفنون الغرب والعكس صحيح، وهي تخلق حالة من الانصهار والامتزاج بين الفنانين المصريين والأجانب . وقد تنوعت الأعمال المعروضة بين التصوير والرسم بالفحم والرصاص والجرافيك كما قدم الفنان حسن الرازقي وهو فنان سكندري لوحة بخشب الأركيت، وهو العمل الخشبي الوحيد الموجود في المعرض. جدير بالذكر أن جمعية الصداقة المصرية البلجيكية تأسست في بلجيكا بمدينة ليج عام 1990 وهي تهتم بالفن والفنانين علي مدي أكثر من 15 عاما، وقد افتتحت فرعا في العاصمة بروكسل عام 2003، وتوسعت في نشاطها وافتتحت فرعا آخر في مدينة الإسكندرية عام 2006.