السؤال الذي يشغل »أباطرة« الثقافة المصرية الآن. من سيحصل هذا العام علي جائزة (مبارك سابقا النيل حاليا) ؟ لم يسأل أحد منهم السؤال الأهم: ما أهمية هذه الجائزة أصلا؟ محاولة الاجابة تعيدنا إلي كيف تأسست الجائزة أصلا. يحكي الدكتور جابر عصفور في واحدة من مقالاته حكاية الجائزة »تقدم النائب محمد أبوالعينين بمشروع تطوير الجوائز الذي وضعته، ودعمه بكل اتصالاته التي تبدأ من الرئيس السابق ولا تنتهي بحظوته الحزبية في الكيان الفاسد الذي كان اسمه الحزب الوطني وناقشت لجنة المقترحات المشروع في مجلس الشعب، واستطعت بحماستي المدعومة بحماسة محمد أبوالعينين الذي انتقلت إليه عدوي الحماسة النجاح في إقناع أعضاء اللجنة للمشروع الذي أحالوه إلي لجنة التربية والتعليم للنقاش وكان الأمر سهلا في هذه اللجنة، ووافق أغلب أعضاء اللجنة علي المشروع.(.....) وأوكل لي الصديق فاروق حسني أن أكون نائبا عنه في مجلس الشعب، وتأجل عرض المشروع أكثر من مرة في جلسة واحدة، إلي أن بدأ عرضه قبيل الساعة الثانية عشرة ليلا، ولم تحدث معارضة كبيرة،... وأذكر عند قراءة الجزء الخاص بجائزة التفوق أن طلب النائب محمد أبوالعينين الكلمة فأذن له رئيس المجلس؛ فذكَّر أبوالعينين أعضاء المجلس بأنه قد مضت دقائق علي انتصاف الليل، وأنه يقترح تسمية الجائزة الجديدة التفوق باسم الرئيس مبارك، فقد دخلنا يوم عيد ميلاده ولم يجرؤ أحد علي الاعتراض. ولكن حنكة الدكتور فتحي سرور دفعته إلي تذكير الجميع بالإرهاق الذي لابد أن يكون نالهم، وأنه من الأفضل تأجيل التصويت علي الموافقة إلي جلسة الغد الصباحية وأعلن انفضاض الجلسة، ووجدت نفسي محاطا بزكريا عزمي وفتحي سرور وكمال الشاذلي في طريقنا إلي مكتب فتحي سرور وقال كمال الشاذلي، ونحن في الممر، مخاطبا محمد أبوالعينين ولكن اسم الرئيس أكبر من قيمة جائزة قدرها خمسة وعشرون ألف جنيه، لابد من وجود جائزة كبيرة وكنا وصلنا مكتب الدكتور فتحي سرور، ونظر لي زكريا عزمي سائلا لماذا لا توجد جائزة كبري في المشروع المقدم؟ قلت لأني لم أكن واثقا من موافقة لجان المجلس علي جوائز أكبر وعلي كل حال، هناك في المجلس مشروع جائزة باسم جائزة النيل قدرها مائة ألف جنيه وتمنح للمصريين والعرب جميعا ويمكن توسيع الصياغة لتتضمن جائزة النيل، فقال كمال الشاذلي وأنا أقترح إطلاق اسم جائزة مبارك بدل جائزة النيل ووافق الجميع علي هذا الاقتراح«..هذه حكاية جابر عصفور نفسه عن الجائزة..,يكفي أن كل الأسماء التي كانت طرفا فيها لاتزال في السجون أو حوكمت بتهم ابسطها الفساد. لا يعني أن الجائزة بلا قيمة لمجرد أن أطرافها متهمون في قضايا فساد وإفساد..ولكن جائزة الدولة التقديرية التي تمنحها الدولة المصرية هي الجائزة الأكبر، ومن الحكمة الحفاظ علي قيمة الجائزة التي فاز بها في سنواتها الأولي طه حسين ولطفي السيد والعقاد والحكيم وغيرهم من كبارنا الذين مثلوا رموز الثقافة العربية في أجلي صورها تأثيرا، وأعظم انتاجها. وخاصة أن ما تلاها من الجوائز لم تكن إلا بغرض نفاق السيد الرئيس..وما بني علي نفاق غير جدير بالبقاء. فالجائزة ليست سوي وسيلة لزيادة أرصدة البعض في البنوك.. يمكن بالطبع النقاش حول هذه الأفكار..يمكن زيادة قيمة جائزة الدولة التقديرية..ويمكن وضع شروط صارمة لجائزة النيل حتي تستمر... ربما يكون من بينها مرور عشر سنوات علي من حصل علي جائزة الدولة للحصول علي جائزة النيل..لا أن يمنح البعض من يجيدون التربيط وشيليني وأشيلك جائزة الدولة التقديرية هذا العام..ثم يمنحون جائزة مبارك في العام الذي يليه. وإن كان الأفضل هو إلغاء الجائزة نهائيا..واستغلال قيمتها المالية مليون ومائتي ألف جنيه في تنمية الثقافة في أقاليم مصر المختلفة!