الخميس 31 يوليو 2025.. الدولار يرتفع 15 قرشا خلال تعاملات اليوم ويسجل 48.80 جنيه للبيع    12 شهيدا وعشرات المصابين في مجزرة إسرائيلية بحق طالبي المساعدات وسط غزة    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    مانشستر يونايتد يفوز على بورنموث برباعية    رد مثير من إمام عاشور بشأن أزمته مع الأهلي.. شوبير يكشف    أساطير ألعاب الماء يحتفلون بدخول حسين المسلم قائمة العظماء    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    إصابة شخص صدمته سيارة مسرعة بمنطقة المنيب    السكة الحديد تنهي خدمة سائق قطار ومساعده بعد حادث محطة مصر    حملات الدائري الإقليمي تضبط 16 سائقا متعاطيا للمخدرات و1157 مخالفة مرورية    منير مكرم أول الحضور في وداع لطفي لبيب من كنيسة مارمرقس    ب2 مليون و516 ألف جنيه.. روكي الغلابة يخطف صدارة شباك التذاكر في أول أيام عرضه    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    لطلاب الثانوية 2025.. كل ما تريد معرفته عن تنسيق ذوي الاحتياجات الخاصة    لافروف: نأمل أن يحضر الرئيس السوري أحمد الشرع القمة الروسية العربية في موسكو في أكتوبر    مواعيد مباريات الخميس 31 يوليو 2025.. برشلونة ودربي لندني والسوبر البرتغالي    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    اليوم.. انتهاء امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة بالغربية وسط إجراءات مشددة    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    اعتماد المخطط التفصيلي لمنطقة شمال طريق الواحات بمدينة أكتوبر الجديدة    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    تصل ل150 ألف جنيه.. زيادة تعويضات مخاطر المهن الطبية (تفاصيل)    ذبحه وحزن عليه.. وفاة قاتل والده بالمنوفية بعد أيام من الجريمة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    أيادينا بيضاء على الجميع.. أسامة كمال يشيد بتصريحات وزير الخارجية: يسلم بُقك    الخميس 31 يوليو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    خالد جلال ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة: «الأب الذي لا يعوض»    لافروف يلتقى نظيره السورى فى موسكو تمهيدا لزيارة الشرع    1.6 مليار دولار صادرات الملابس المصرية في النصف الأول من 2025 بنمو 25%    وزير الإسكان يتابع مشروعات الإسكان والبنية الأساسية بعدد من مدن الصعيد    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البورصة تفتتح جلسة آخر الأسبوع على صعود جماعي لمؤشراتها    رئيس قطاع المبيعات ب SN Automotive: نخطط لإنشاء 25 نقطة بيع ومراكز خدمة ما بعد البيع    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    مجلس مستشفيات جامعة القاهرة: استحداث عيادات متخصصة للأمراض الجلدية والكبد    الكشف على 889 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بقرية الأمل بالبحيرة    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    حسين الجسمي يطرح "الحنين" و"في وقت قياسي"    الكنيسة القبطية تحتفل بذكرى رهبنة البابا تواضروس اليوم    روسيا تعلن السيطرة على بلدة شازوف يار شرقي أوكرانيا    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    "بحوث أمراض النباتات" يعلن تجديد الاعتماد لمعمل تشخيص الفيروسات للعام السادس    عقب زلزال روسيا | تسونامي يضرب السواحل وتحذيرات تجتاح المحيط الهادئ.. خبير روسي: زلزال كامتشاتكا الأقوى على الإطلاق..إجلاءات وإنذارات في أمريكا وآسيا.. وترامب يحث الأمريكيين على توخي الحذر بعد الزلزال    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    بدء تقديم كلية الشرطة 2025 اليوم «أون لاين» (تفاصيل)    بعد الزلزال.. الحيتان تجنح ل شواطئ اليابان قبل وصول التسونامي (فيديو)    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    بسبب خلافات أسرية.. أب يُنهي حياة ابنته ضربًا في الشرقية    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    الانقسام العربي لن يفيد إلا إسرائيل    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنا قاهرة السبعينات
نشر في أخبار الأدب يوم 17 - 05 - 2014

هل جلست يوما في مقهي "متاتيا" أو مقهي "استرا"! هل طلبت يوما زجاجة بيرة في "جروبي"!
إذا كنت من الأجيال التي لم تلحق ببعض هذه الأماكن أو لحقت ببعضها بعد أن عصفت بها رياح المحافظة والتعلق المظهري بالدين، فإن رواية "هنا القاهرة" للكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد ستحملك في رحلة عبر الزمان إلي مدينة أخري غير القاهرة التي نعرفها حاليا إنها قاهرة السبعينات.
إنها رحلة في دروب مدينة عجوز تشهد استمرارا بالقصور الذاتية لملامح القاهرة الملكية وسط زحف بطيء لا يكل لمدينة أخري قادمة من الريف، مدينة لا تحب شرب البيرة ولا أغاني أم كلثوم وتفضل عليهما الشيخ كشك.
المدينة الجديدة تأكل الأخضر وتحيله إلي يابس، تأكله حرفيا لا مجازيا عبر تحويل الأراضي الزراعية إلي مبان، وهو مارصده عبد المجيد في الربع الأخير للرواية عندما انتقل البطلان للسكن في أحد البيوت التي نمت في ضواحي الجيزة وسط الغيطان وفوقها والتي سرعان ما التهمت الأراضي الزراعية حولها.
رواية إبراهيم عبد المجيد تقتصد في أسماء الشخصيات لتفسح المجال للمدينة لتملأ فضاء العمل، فالشخصيتان الرئيسيتان في العمل هما "سعيد صابر" و"صابر سعيد"، وقائدهما في دروب التحشيش بالمدينة هو "عمر إبراهيم" وعندما ينتهي دوره في العمل يسلمه إلي "إبراهيم عمر"، وكذلك هناك صفاء الأولي وصفاء الثانية.
شخصيات العمل علي أهميتها تمثل مفاتيح للمدينة أكثر مما تمثل قيما خاصة، فكرية أو روحية، فتفاعلاتهم مع محيطهم يظل ذا قيمة أهم في العمل من "صفاتهم الأصلية". يجمع إبراهيم عبد المجيد في الرواية التي صدرت عن الدار المصرية اللبنانية في 500 صفحة بين عدة أساليب سردية، فبينما يبدأ العمل بتداعي الذكريات فإنه يميل إلي البنية الحكائية المحفوظية، حيث تتطور القصة ببطء وتتجمع الخيوط لتصل إلي لحظة ذروة، لكنها في "هنا القاهرة" ليست لحظة ذروة واحدة بل عدة لحظات تجعل العمل أقرب إلي مدينة ضخمة بعدة ميادين كبري.
ويستخدم العمل أسلوب الوصف السينمائي مرارا، فيميل الكاتب إلي وصف المباني والأماكن بصورة مفصلة دون أن يغفل الأصوات والظلال التي تضفي جوا خاصا عليها.. فعل ذلك مع ميدان التحرير وسلمه الحديدي القديم الذي لم يعد موجودا ومع شارع كلوت بك ومع حقول الجيزة التي توشك أن تتحول إلي مبان اسمنتية قبيحة.
ولكن عبدالمجيد لا يستسلم لأسلوب واحد، فنجد بين فصل وآخر مشاهد وشخصيات اقرب إلي عالم الواقعية السحرية، فهناك النوبي الباكي الذي يرغب في أن يفسر له الله سبب مظالم العالم، وهناك الغرزة غير التقليدية، التي تغشاها النساء في رأس السنة والعيد والتي تبدو من مستوي ضيوفها وكأنها ناد للمثقفين والفنانين أكثر من غرزة حشيش، وهناك الفتاة لصة الكتب غير المحترفة التي ترافق البطلين إلي منزلها وتبدأ هناك في التخفف من ملابسها، وتبيت في المنزل ثم ترحل صباحا دون أن تسمح لهما أن يمساها أو يعرفا اسمها، وهناك الجدة العجوز في منزل فتاة الليل التي تنتظر أي عابر سبيل يخبرها أي شيء عن نجيب محفوظ.
ويبدو محفوظ حاضرا بقوة في العمل، سواء من خلال تأثيره أو شخصه الذي يظهر عدة مرات، ومن خلال حديث الشخصيات عنه، ففي الفصل 12 يقول الراوي:
بدأسعيد يحكي لي عن شارع خان الخليلي وشارع المعز قلتله ضاحكا "أعرف الكثير عن الشارعين ولاتنس أني أمضيت رمضان العام الماضي والذي قبله تقريبا هنا"؛ثم قلت له: إن نجيب محفوظ الذي لم أواظب علي لقائه بالأدباء هو السبب الحقيقي لمجيئي إلي القاهرة بما قرأ ته له من أعمال، الثلاثية وخان الخليلي وبداية ونهاية وزقاق المدق، ثم حدثته كيف أنني تجولت هنا كثيرابعد أن ينتهي عملنا كل
رمضان في السرادق الذي تقيمه الثقافة الجماهيرية بحديقة الخالدين تقدم فيه فنونها وكنت أتذكرك لماكتبه نجيب محفوظ وأدقق في وجوه الناس علني أري السيد أحمد عبدالجواد أو كمال أو ياسين أو رشدي في خان الخليلي أو عباس الحلو أو حميدة في زقاق المدق.
ليس نجيب محفوظ هو الوحيد من سبعينات القرن العشرين الذي يحضر بقوة في العمل، فالرواية تعرج كذلك كثيرا علي عالم اليسار السري، وتظهر عدة شخصيات باسماء أقرب إلي أسمائها الحقيقية، فملامح شخصية "الرفيق الأكبر: عامر فضل عامر" تحيل العارفين بتاريخ اليسار الشيوعي في مصر مباشرة علي شخصية المناضل اليساري النوبي "مبارك عبده فضل"، ولكن رغم هذا التواجد الكثيف لليسار في الرواية فإنها تظل بعيدة عن ذلك النوع من الروايات "النضالية" أو الكارهة لليسار والسياسة عموما، فاليسار في "هنا القاهرة" تائه؛ يحسب أنه يعرف ما يريد ولكنه يرسب في الامتحان عندما يواجه لحظة حاسمة.
والبطل اليساري في الرواية- يظهر كذلك مثل حزبه الشيوعي، يظن من الصفحات الأولي للعمل أنه يعرف لماذا قدم إلي القاهرة (قدم لكي يناضل في حزب سري)، ولكن المدينة العجوز تعرف أكثر كيف تستدرجه إلي عالمها، وكيف تغويه بنسائها وكيف تربطه في ساقية أنشطتها، فحين يحسب أنه يملكها يكتشف أنها تمتلكه فلا يستطيع لها مغادرة.
لا يعيب رواية "هنا القاهرة" سوي تباطؤ إيقاع بعض فصولها، فكان يمكن اختصار بعض المقاطع والفقرات دون إخلال بالعمل، ويدفعنا ذلك إلي الإشارة إلي أن غياب وظيفة محرر الأعمال الأدبية عن مجال النشر في مصر هو احدي مشكلات المجال الحادة، فكان يمكن للمحرر بسهولة أن يكتشف أن "سامي" في ص 470 هو "سعيد" ويصحح هذا الخطأ البسيط.
لا تنتهي الرواية بنهاية سعيدة ولا حزينة، بل بنقاش مع ناقد مفترض للعمل، فالعمل الذي يعبر بك أحياء القاهرة ويمر علي سجونها، يرغب في أن يكون تجربة حية متفاعلة مع قارئها، تعطيه من خلاصة تجربة قاهرة السبعينات لتقوده إلي أسئلة الحب والوطن والمدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.