في يوليو عام 2006 تأسس البيت العربي بمدريد، وهو المؤسسة التابعة للحكومة الإسبانية والتي عادةً ما يديرها دبلوماسي. يقول مدير البيت لوبيث بوسكيتس "إن الفكرة في أن يديرها دبلوماسي هي الخبرة الكبيرة في تبادل العلاقات والقدرة علي إنشاء علاقات جديدة مع المؤسسات والحكومات". ويهدف البيت العربي في الأساس لتسليط الضوء علي الثقافة العربية والإسلامية وتوطيد العلاقات السياسية والثقافية بين إسبانيا والعالم العربي. لكن اللافت أن البيت تم إنشاؤه عقب الحادث الإرهابي الذي استهدف محطة مترو بمدريد في الحادي عشر من مارس عام 2004، ما دفعني لأسأل بوسكيتس عن وجود أي علاقة بين الاعتداء الإرهابي وإنشاء البيت العربي، ربما كان من أجل فتح حوار بعد إغلاقه لسنوات طويلة.يقول بوسكيتس:"نعم تم تأسيس البيت العربي بعد الحادث الإرهابي بعامين، هذا حقيقي، لكن ليست هناك علاقة مباشرة بين تأسيس البيت والحادث الإرهابي. دعني أوضح لك أن البيت العربي جزء من خطة واسعة في تأسيس العديد من البيوت، سبقها البيت الأفريقي والبيت الأمريكي والبيت الأسيوي والبيت المتوسطي. هذه البيوت لها أهمية كبيرة ولها هدف داخلي خارجي، فالبيت العربي يتعامل مع وزارة الخارجية الإسبانية والسفارات العربية بمدريد كما يتعامل مع الحكومات الداخلية والمجالس المدنية. أهمية البعدين الداخلي والخارجي أن الأول يهتم بالتعامل مع الجاليات العربية والمسلمة المقيمة داخل إسبانيا، ما يسمح له بالدفاع عن حقوقهم مثل بناء مساجد وغيرها وذلك بالتعاون مع مجالس المدينة. أما البعد الخارجي فيكمن في التعاون مع كل الحكومات العربية، ليس من أجل التمويل، فالحكومات العربية لا تمد البيت العربي بأي تمويل، ولكن من أجل عقد الانشطة الثقافية وتوطيد العلاقات مع هذه الحكومات. وما استراتيجية البيت العربي لنشر الثقافة العربية في إسبانيا؟ - الاستراتيجية الواضحة هي عقد الأنشطة الخاصة بالثقافة العربية، فكل يوم جمعة هناك نشاط من هذا النوع. بالإضافة لمركز تعليم اللغة العربية التابع للبيت، الذي يضم الآن 400 طالب إسباني يدرسون اللغة العربية، في هذا السياق أوضح لك أن هناك العديد من الإسبان من ذوي الهويات المزدوجة الذين يأتون لتعلم اللغة العربية الفصحي. وفضلاً عن هذا، لدينا العديد من المعارض التي يتم من خلالها تقديم التشكيليين المصريين. وفي معبد ديبود الفرعوني الذي أهدته مصر لنا بعد إنقاذ معابد النوبة، تقام الاحتفالات الموسيقية العربية، والمصرية في القلب منها. ومؤخراً استضفنا الكاتب يوسف زيدان لتقديم روايته "عزازيل" التي ترجمت إلي الإسبانية. وهل يهدف البيت لترجمة الأدب العربي إلي اللغة الإسبانية، أو يتعاون مع دور نشر إسبانية في ذلك، أم يتعاون في ترجمة الكتاب الإسباني إلي العربية؟ -بدايةً، هناك الكثير من الكتب العربية المترجمة للإسبانية، دور النشر تقوم بذلك، لكن البيت لا يترجم، ليس مهمته أن يترجم، بل يقدم الكُتّاب وكتبهم. وظيفتنا بالأساس عقد علاقات مع العالم العربي، ونحن نفعل كل ما نستطيع، ويجب أن تعلم أن مصر واحدة من أهم البلاد العربية بالنسبة لنا، علي المستوي الثقافي والسياسي والاقتصادي، بالتالي نقدم في البيت العربي حتي الكتب الإسبانية التي تتناول مصر والثورة المصرية والفترة الانتقالية. بمناسبة الفترة الانتقالية، كيف تنظر إلي الحالة المصرية مقارنة بالحالة الإسبانية؟ - الفترات الانتقالية ليست سهلة إطلاقاً، إنها واحدة من أصعب الفترات التي من الممكن أن تمر بها البلاد. في إسبانيا علي سبيل المثال كان الانتقال هاماً جداً وغاية في الصعوبة، لكن الديمقراطية هي الحل الوحيد، الانتقال الإسباني استمر 5 سنوات، وتعرض لانقلاب عسكري فاشل عام 81 كان من الممكن أن يقضي علي الديمقراطية الوليدة. واستطعنا أن نكتب دستوراً تأسست عليه الدولة. وفي رأيي أن أخطر ما يمكن أن يتعرض له بلد ما في الفترة الانتقالية هو الاستقطاب. الاستقطاب خطير جداً، يجب أن يتنازل كل طرف من الأطراف المضادة عن جزء من مطالبه للوصول للمصالحة أو الرضا، بدون ذلك لن نتوصل إلي شيء. وكيف تنظر للتظاهرات المشتعلة الآن في إسبانيا خاصةً التظاهرات الطلابية؟ وكيف تقيم أداء الشرطة في رد فعلها علي هذه التظاهرات؟ -أوضح لك أن السبب في نشوب التظاهرات الطلابية يرجع بالأساس للأزمة الاقتصادية، فعندما تم تخفيض ميزانية التعليم بسبب التقشف أثر هذا علي الحياة التعليمية، وأنا شخصياً أعتقد أن المتظاهرين من حقهم أن يتظاهروا دون عنف، فالتظاهرات تأتي تحت بند حرية التعبير، لكن العنف مرفوض سواء من ناحية الشرطة أو من ناحية المتظاهرين. الأزمة الاقتصادية والحكومة اليمينية ربما تثيران قلق المهاجر. - الحكومة سواء يمينية أو يسارية لا يمكن أن تضر المهاجرين، الأمر ببساطة أنه لو هناك فرص عمل سيعمل المهاجر، وإن لم يجد فلن يعمل وهنا تبدأ الأزمة. لكن أؤكد لك أن إسبانيا لم تعانِ ابداً من "كره الأجانب"، ليس لدينا هذا المرض. وتأويلي لذلك أن الناس مشغولة بالمستقبل وبالتالي ليس لديهم وقت للتفكير في حماقات مثل العنصرية ضد الأجانب. أهم شيء بالنسبة لي أنه ليس هناك أي سوء معاملة للمهاجر.