لم يوقظها في تلك الليلة اصوات امعائها الخاوية, فقد تعودت علي النوم حتي وهي جائعة , استسلمت غادرت سريرها مكرهة فتحت الثلاجة وبدأت في التأمل وهي تأكل , تقاوم ثرثرة عقلها بالاندماج في الاحساس بقطع البطاطا المثلجة تحت اسنانها ..تجلس القرفصاء علي الارض امامها عدة اطباق لا تراها وعلبة سجائرها علي ساقها اليسري, تحدق في سقف مطبخها بالضبط عند زاوية التقاء الحائط الايمن بالسقف ..تحاول الحفاظ علي توازن قطع البطاطا في المسافة ما بين يدها وفمها لكن لا فائدة تناثرت بعض القطع الصغيرة علي ثوبها البني انا جائع نعم اعرف ..لذلك انا اقرأ الان انا جائع نعم اعرف ..لذلك انا استمع الي الموسيقي انا جائع نعم ..اعرف لذلك انا امشي علي البحر واري الغروب انا جائع ..انتي لا تفهمين..الا تفهمين ؟! انا جائع!!! في كل محاولة للتأمل ليلاً قبيل النوم كانت تدخل في معارك كهذه مع ذلك الصوت الداخلي ..كانت دائما تقاوم وتصرخ فيه باكية حتي تنام من الاعياء والانهاك .. وكانت تراه هناك يضحك يضحك بصوت عالي فتضع سماعات الموبايل تسمع الموسيقي حتي تهرب من الصوت, لكنها هذه المرة قررت ان تستمتع له في هدوء ان تستلم لرغباته تجعله يفصح عن كل ما بداخله بينما تستغرق هي في اكل البطاطا محدقة في اعلي زواية حائط المطبخ الازرق الداكن! اخذها من يدها ببطء اجلسها هناك علي سرير دافئ داخل غرفة مظلمة ثم اغلق الباب بقوة ..وقتها سمعت بداية موسيقي اغنية كانت تكررها كثيرا "صوت في سكوت الليل بيناديني" فجأة كانت تجلس بجوار صندوق مغلق ..تعرفه تماما غير انها تظاهرت بعدم رؤيته .. فاذا به يحتضنها بشدة ويضع ذاك الصندوق امام عينها ملمسه جاف خشن..لكنه ملئ بالالوان المضيئة..بمبي..برتقالي..ازرق..بنفسجي ..اصفر..ذهبي.. فتحت الصندوق برفق ..فتجلي لها شال ازرق شتوي ..احتضنته بيديها ..لفته حول رقبتها ..صوف الشال حاد الاطراف ..خيط غليظ يتلف حول بعضه ويكاد يحرق جلدها الابيض! انتي جميلة ..ذكية..انتي هنا ..طبيعية ..حية ..اهدي ..تنفسي يا عزيزتي! وصدقته..كيف لا تصدق كل ذلك الغزل بنور ابتسامتها ..او ان ترفض كل هذه الطاقة التي تمد يدها لها وتساعدها علي النهوض؟! جرت وراء ذاك الصوت الي النهاية ..هناك استمعت الي موسيقي اغنية اخري "الخير داخلي وانا في محلي ..يادي التجلي" تنفست , استرخت..فتحت النور لستائر غرفتها..كانت تأكل كل يوم قبيل النوم قطع الموز بالفراولة .. توحدت..اخذها من يدها اليسري فتح نور الغرفة المظلمة ..استرخي بجانبها علي السرير ..كشف عنها الغطاء استمعت لكل رغباته بوضوح..وبعد ان وصفت له كل ما تراه ورايته حتي تلك الندبة بجوار نهديها الصغيرين ..ظل يقاوم وهي تقاوم ..حتي تجلت رغبته بوضوح وصدقت نبوءتها واختفي ...! كانت انتهت من التهام قطع البطاطا وبدات تطل من عينها الدموع وهي في تلك الوضعية صامتة نهضت ,.سقطت سجائرها وانفرطت علي الارض, رأته لازال يحدق بها يجمع لها السجائر ويرمي بالعلبة الفارغه اخذها من يدها اليمني .. حينها سمعت طرقا شديدا علي الباب . .فتحت رأت وجهه. هو بندوب وجهه وجسده المنتفخ .., عينيه الضيقتين اللتين تشع منهما طيبة ..تذكر تماما ادق التفاصيل ..هذه العلاقة استغرقت منها 11 شهرا واثنين من الاطباء النفسيين ومستشارة علاقات ونوعين من ادوية القلق والاكتئاب و10 كيلو جرامات من وزنها وحوالي 21 يوما اجازة من العمل ..تراه يعرف؟! تأملها لحظات..جلس هناك بعيدا عنها ..تحدث كثيرا وهي ساهمة ..تذكر حوراتهم النظرية حول حرية العلاقة والرغبات انا الرغبة هنا معك ..انا ابنة الرب ايضا لا تطرديني ..اتراه يذكر؟! كان يتحدث بعمق ..يعبر ..يصرخ..يتهمها..تحمر عيناه ..ينظر الي الارض ويحك رقبته ..يشكو ..احست بانها احبته من جديد وهو اخيرا يتجلي امامها بطبيعته ..فكرت في المغامرة من جديد ان تكشف عن رغباتها ببساطة..ان تحضنه من الخلف تتعلق به وتضع قبلة علي خده الايمن وهو يحملها بيديه الكبيرتين فوق كتفيه تشعره بدقات قلبها تعطيه اكثر من دفء انفاسها رقة ابتسامتها عُريها الكامل هذه هي الطريقة الاخيرة في التواصل ..هيا لا تفكر كثيرا ..انا سعيدة الان تواصل معي سأسمعك واصلك بروحي ستزول كل الندوب والعيوب ..هيا خذني هناك انت تنجح الان وانا جاهزة الان همّت حتي تلبي نداء المغامرة وتسقط كل رغباتها امامه ..الا انه بدا بارداً فجأة نهض واغلق الباب بقوة وكأنه تذكر ميعادا قد نسيه للتو ..كعادته الحمقاء في تلك اللحظة كانت قد انتهت من دخان سجارتها بطعم الفانيليا ..كانت تلعن في سرها كل جلسات التأمل والوعي ..وذلك الصوت الجائع ..جلست علي ركبيتها بجوار سريرها ..انزلق عنها ثوبها ..وضمت كفي يديها ثم سمعت النداء الاخير لصوتها ..يارب انا جائع ..جائع..واود النوم في سلام؟! كانت تصلي!!