لا شك أن ثورة يناير وما تلاها من أحداث، قد أثر تأثيرا كبيرا في وجدان العديد من المبدعين ممن عبروا عن رؤاهم الفنية في أعمال تنوعت بين الكتابة والتصوير والأغاني والأفلام الروائية والوثائقيات، التي أرخ بعضها بصورة مباشرة للثورة، وآخر اختار الرمزية سبيلا للتعبير . ولعل تلك الأحداث التي مرت بها مصر عبر ثلاث سنوات، قد فجرت طاقات الفنان طارق عبد العزيز، الذي قدم 60 لوحة عن الثورة المصرية تحت عنوان "رؤي مصرية" استضافتها قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية. يقول الفنان إنه قدم من خلال عرضه هذا رؤيته للحالة التي تعيشها مصر، بل إنه يعتبر هذا المعرض أقرب لفيلم تسجيلي يؤرخ لأحداث الثورة في شكل لوحات صامتة تعكس تأثره كفنان بمختلف المراحل التي مرت بمصر في ظل ما عرف بثورات الربيع العربي وما تبعها من أحداث. استهل الفنان معرضه بعدد من اللوحات التي مجد من خلالها لدور القوات المسلحة المصرية خاصة في ظل ما عاناه الجنود من استهداف وقتل، ثم انتقل منه إلي الإرهاب الغاشم الذي عانت من ويلاته مصر في الآونة الأخيرة، وهو ما عبر عنه من خلال عدة لوحات أبرزها لوحة بعنوان "صرخة" التي أرخت لذكري اغتيال جنود رفح في رمضان، ذلك اليوم الأسود الذي أطلق فيه الشعب المصري كله صرخ ضد الإرهاب. وقد لجأ الفنان في كثير من أعماله للرمزية المكثفة، ففي لوحة صرخة رمز الفنان لشعب مصر بوجه شاب يصرخ واستخدم ألوان علم مصر التي امتزجت بوجه الشاب، في حين رمز للإرهاب في لوحاته الأخري بعدد من الوجوه القبيحة المتداخلة، تلك الوجوه التي قد تعيش وسطنا ولا ندرك وجودها. كذلك استعان بالمركب في بعض لوحاته ليرمز إلي مصر حيث يقول: شبهت مصر بالمركب التي تصارع الأمواج والعواصف، والأمواج هنا هي المشكلات التي تعوق هذه المركب من الوصول لبر الأمان وفي آخر لوحة من هذه المجموعة تصل المركب إلي شاطئ الأمان كأمنية من الفنان لمصر الحبيبة . وقد استعان أيضا بعدة رموز آخري ليشير إلي مصر ومنها الخيول والحمام ووجه أحد الأطفال يتسم بالبراءة، ويعلق الفنان علي ذلك قائلا إن الخيل يرمز إلي الكبرياء والعزة والكرامة، أما وجه الطفل البرئ فيحمل نظرة أمل للمستقبل، أما الحمامة فهي الانطلاق والحرية والسلام. واختتم المعرض بمجموعة من اللوحات لعازفي الموسيقي والورود، حيث يأمل الفنان أن تصل مصر بعد كل تلك المصاعب التي مرت بها لحالة من الاستقرار والتناغم التي نجدها في الموسيقي والورد ، وجاءت اللوحة الأخيرة بالمعرض لتحمل عبارة "يا رب احفظ مصر" استغرق الفنان طارق عبد العزيز سنتين وأربعة شهور للإعداد لهذا المعرض، وهو يستخدم فنون الجرافيكس، وكان الفنان قد سبق ذلك بمعرض آخر عن الثورة أقيم تحت عنوان "حرية" استضافته قاعة المكتبة الموسيقية بدار الأوبرا عقب ثورة يناير وتحديدا في سبتمبر 2011 ، والذي خرج ليعبر عن انطلاق الشعب المصري علي اختلاف طوائفه إلي الحرية من خلال 30 لوحة . جدير بالذكر أن الفنان حاصل علي بكالوريوس فنون جميلة قسم الجرافيك ، وهو صحفي وفنان تشكيلي بدار أخبار اليوم ، وقدا شارك في العديد من المعارض الجماعية ومنها " حرية الفكر والإبداع"، "فنون حضارتنا"، "صالون الشرق الأوسط الدولي"، وحصل علي العديد من الجوائز، وقد صدر له كتاب بعنوان "حلوة بلدنا مصر: ضمن إصدارات كتاب اليوم الثقافية.