الوجهة الرئيسية للمتحف الإسلامى فى الأربعينيات من القرن الماضى ترجع فكرة متحف الفن الإسلامي إلي عام 1869 حين اقترح المهندس "سالزمان" علي الخديو إسماعيل إنشاء متحف للآثار الإسلامية يضم ما تيسر من تحف وآثار، غير أن هذه الفكرة ظلت معطلة حتي عهد الخديو توفيق، وحتي صدر عام 1880 مرسوم بتكليف وزارة الأوقاف بتخصيص مكان للمتحف الوليد. لكن الحكاية بدأت قبل ذلك بكثير حين رأي مثقفو أوروبا المهتمون بالدراسات الشرقية مدي ما وصلت إليه حالة الآثار الإسلامية في مصر من تدهور شديد وإهمال، علي عكس الآثار الفرعونية التي كانت تحظي باهتمام العالم كله في ذلك الوقت من القرن التاسع عشر، وقتها اقترح "جابرييل شارمز" أحد أهم الكتاب الفرنسيين إنشاء لجنة لحفظ الآثار الإسلامية في مصر، علي غرار لجنة تأسست في باريس سنة 1837 لحفظ وحماية الآثار التاريخية وإحياء الطراز المعماري القوطي. وكان من نتائج نشر كتاب "وصف مصر" أن قدم إلي مصر كثير من علماء الآثار المبهورين بالآثار الإسلامية، وشاهدوا وكتبوا عن تلك الآثار، ورسموها أيضا ومنهم "بريس دافن"، و"باسكال كوست"، و"بورجوان"، كما ألف عالم الآثار "أوين جونز" كتابه النادر عن قواعد الزخرفة الإسلامية. وكان حصيلة ما أنجزوه من كتب مصورة تسجيلا لحالة الآثار في القاهرة قبل حركة الترميم والتجديد التي بدأت سنه 1882. وبعد نشر هذه الكتب وغيرها في أوروبا كان لابد أن تؤتي ثمارها، فنشأت في باريس "جماعة محبي الفن الإسلامي"، ووفد آلاف السياح إلي مصر، وكان من بينهم مغامرون ولصوص نهبوا الكثير من التحف الإسلامية والعناصر المعمارية وباعوها إلي متاحف أوروبا وأصحاب المجموعات الخاصة وتجار الآثار. ونتيجة للنهب الذي حدث للآثار الإسلامية، استأنف الكاتب الفرنسي "جابرييل شارمز" دعوته إلي ضرورة إنشاء لجنة لحفظ الآثار العربية في مصر وحمايتها من السلب، وحث جابرييل علماء الآثار في أوروبا عن طريق كتاباته اليومية في صحف باريس علي أن يتحركوا لتحقيق ذلك، وكتب أن حكام مصر لم يهتموا علي الإطلاق بعمل أي شيء لترميم وحماية الآثار الإسلامية، رغم أنهم من جهة أخري- قاموا ببناء العديد من القصور الملكية الفخمة في القاهرة والإسكندرية، ولم يتوقف عن نضاله حتي أسفرت جهوده واستجاب الخديو توفيق، وفي 18 ديسمبر سنة 1881 أصدر الخديو أمرا عاليا بتشكيل لجنة حفظ الآثار العربية برئاسة محمد زكي باشا ناظر الأوقاف والمعارف العمومية، وكان الأعضاء المصريون في اللجنة سبعة فقط من بينهم محمود سامي البارودي وزير الحربية، ومصطفي فهمي باشا وزير الخارجية، واتخذت اللجنة الرواق الشرقي من جامع الحاكم بأمر الله مقرا لها. عقدت لجنة حفظ الآثار العربية أول اجتماعاتها في فبراير 1882 وأعلنت عن أربع مهام أساسية تعمل اللجنة علي تحقيقها: إجراء اللازم لجرد وحصر الآثار العربية القديمة، وملاحظة صيانة تلك الآثار وحفظها من التلف، والنظر في الرسومات والتصميمات التي تُعمل عن المرمّات اللازمة لهذه الآثار، وأخيرا إجراء حفظ جميع الأشغال التي تنجزها اللجنة في أرشيف نظارة الأوقاف، ونقل القطع التي تتخلف عن العمائر التي تم ترميمها إلي الأنتيكخانة. ولما امتلأ الرواق الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله بالتحف والعناصر الأثرية التي تنقلها اللجنة من المباني القديمة، والتي وصلت وقتها إلي تسعمائة تحفة، لم يعد المكان يتسع للمزيد، فسعت اللجنة لدي نظارة الأوقاف لبناء مقر جديد لدار الآثار العربية بصحن الجامع يتسع للعدد المتزايد من التحف الأثرية، خاصة بعد أن رفض علي باشا مبارك وزير المعارف العمومية وقتها تخصيص مبني خال في وزارته لنقل مقتنيات المتحف المتزايدة إليه، وبالفعل تم تشييد مبني في صحن الجامع ونقلت التحف إليه سنة 1884 وبامتلاء هذا المبني بصحن جامع الحاكم طلبت لجنة حفظ الآثار العربية من نظارة الأوقاف إنشاء مبني أكبر يتسع لعدد التحف الأثرية الذي يزداد بصفة مضطردة، وفي 1899 وضعت أساسات المبني الحالي في باب الخلق علي الضفة الغربية للخليج المصري الذي تم ردمه في السنة نفسها. وصمم المبني مهندس معماري ايطالي اسمه "ألفونسو مانيسكالو" وبناه من طابقين علي الطراز المملوكي المتطور، واكتمل البناء سنة 1902 وخصص الطابق الثاني من المبني ليكون مقرا لدار الكتب الخديوية "المصرية بعد ذلك" أما الطابق الأرضي فقد أصبح مقرا لدار الآثار العربية. وفي السنة نفسها بدأ نقل التحف الأثرية من مبني الحاكم بأمر الله إلي المبني الجديد في باب الخلق.