نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    الجنيه يواصل الارتفاع أمام الدولار في البنوك المصرية    محافظ الفيوم يبحث آليات إنشاء مدرسة صديقة للفتيات وعيادة للصحة الإنجابية للمرأة الريفية    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    البورصة المصرية تخسر 6.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    شروط صب السقف داخل وخارج الحيز العمراني (تعرف عليها)    نتنياهو: المقترح الأمريكي ليس دقيقا ولم نوافق على بند إنهاء الحرب في غزة    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    هل تعمد مدحت شلبي تجاهل إبراهيم فايق بسبب أفشة؟    التشكيل المثالي لدوري أبطال أوروبا موسم 2023/2024    الأرصاد: غداً طقس شديد الحرارة نهاراً مائل للحرارة ليلاً على أغلب الأنحاء    25 سبتمبر.. تأجيل محاكمة ميكانيكي وآخر بتهمة قتل شاب خلال مشاجرة بالقاهرة    ل الأبراج النارية والترابية.. الكثير من النقود والمكاسب خلال شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    محافظ المنيا يهنئ فريق بانوراما البرشا بالفوز بجائزة العين الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي    محافظ المنيا: تواصل استقبال القمح وتوريد 346 ألف طن منذ بدء الموسم    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    صندوق الأغذية العالمي يعلن تقديم مساعدات إنسانية ل65 ألف متضرر من الفيضانات في أفغانستان    «نسك».. بطاقة ذكية تُسهل رحلة الحجاج وتُعزّز أمنهم خلال حج 2024    تأييد حكم حبس مدير حملة أحمد الطنطاوي    تخرج دفعة جديدة من ورشة «الدراسات السينمائية» بقصر السينما    مهرجان روتردام للفيلم العربي يسدل الستار عن دورته ال 24 بإعلان الجوائز    لإنتاج 6 مسكنات ومضادات حيوية.. وزير الصحة يشهد توقيع شراكة بين «الدواء» وشركة أمريكية    نقيب المعلمين: تقديم الدعم للأعضاء للاستفادة من بروتوكول المشروعات الصغيرة    عميد الكلية التكنولوحية بالقاهرة تتفقد سير أعمال الامتحانات    مقابلات للمتقدمين على 945 فرصة عمل من المدرسين والممرضات في 13 محافظة    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    القاهرة الإخبارية: 12 شهيدا جراء قصف إسرائيلى استهدف المحافظة الوسطى بغزة    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    وزير الصحة يستقبل مدير المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض لتعزيز التعاون في القطاع الصحي    "أسترازينيكا" تطلق حملة صحة القلب فى أفريقيا.. حاتم وردانى رئيس الشركة فى مصر: نستهدف الكشف المبكر لعلاج مليون مصرى من مرضى القلب والكلى.. ونساند جهود وزارة الصحة لتحسين نتائج العلاج والكشف المبكرة عن الحالات    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    رئيس «شباب النواب»: الموازنة تأتي في ظروف صعبة ولابد من إصلاح التشوهات وأوجه الخلل    منتخب إنجلترا يواجه البوسنة في البروفة الأولى قبل يورو 2024    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    رئيس جامعة المنوفية يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    عمرو درويش: موازنة 2025 الأضخم في تاريخ الدولة المصرية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد حصوله علي التقديرية: سيد حجاب: الثورة منحتني الجائزة
نشر في أخبار الأدب يوم 01 - 09 - 2013


الإخوان جماعة حلمت حلما خرافيا
في زمن لا يعود للوراء مطلقا
حصولي علي الجائزة يعني أن لجان الجوائز
تغيرت حساباتها وأصبحت لا تعتمد علي الموائمات
السياسية وإنما علي القيمة الحقيقة للمبدع
"بعد الطوفان" حصل سيد حجاب علي جائزته.
كان لابد أن تقوم ثورتان حتي يأخذ ما يستحق، إبداعه الغزير وارتباط الناس به لم يشفع له عند من تنبأ بسقوطهم في قصيدته العبقرية "قبل الطوفان الجاي" التي كانت بشارة لثورة 25 يناير رغم أنه بدا وقتها كالصارخ في البرية. لكنه ورغم ذلك سعيد بالتأخير يقول:"أحمد الله أنها تأخرت حتي لا أنالها في الوقت الذي كان ينالها فيه المقربون للنظام، الأقل قيمة وقامة مني".
بعد دقائق من إعلان فوزه بجائزة الدولة التقديرية كنت أمام منزله بالمعادي. توقعت أن أجده متأثرا، لكنه كان علي العكس متفائلا. متفائلا جدا. أجرينا هذا الحوار وسط عشرات الاتصالات المهنئة . هاتفه وزراء ومبدعون وفنانون ومنسيون. فاجأني بتسامحه الشديد مع فكرة تأخر الجائزة، قال:" تأخرت فعلا لكن الترشيح تم بعد ثورة 25 يناير، في وزارة الدكتور عماد أبو غازي من خلال بيت الشعر، ثم نلتها -بعد أن أوقفها وزير الثقافة الاخواني علاء عبد العزيز- بعد ثورة 30 يونيو وهذا أكثر ما يسعدني".
يعتبر سيد حجاب أن المجموعة التي نالت الجوائز مؤخرا أبناء لهاتين الثورتين "وإن كان عمرهم يزيد عن ذلك كثيرا، مثل أحمد عبد المعطي حجازي، وصديق العمر محفوظ عبد الرحمن، وآخرين"!
يؤمن بأن لكل جائزة موائمات تحسم من تذهب إليهم ابتداء من نوبل وحتي أقل جائزة، في إطار هذا المفهوم لم يحصل هو علي أي جائزة من الدولة؛ لا التشجيعية ولا التفوق ولا غيرهما "كل ما حصلت عليه لا يتعدي شهادات تقدير من الثقافة الجماهيرية والتليفزيون" لذلك كان سعيدا بجائزة كفافيس للشعر التي تمنحها اليونان لشعراء من البحر الأبيض المتوسط، "ربما لكونها أول تقدير حقيقي خارج التقدير الشعبي" لكن سعادته هذه المرة مضاعفه "لأن حصولي علي الجائزة يعني أن لجان الجوائز تغيرت حساباتها وأصبحت لا تعتمد علي الموائمات السياسية وإنما علي القيمة الحقيقة للمبدع".
السياسة عطلت حصولك علي الجائزة؟ أسأله ويجيب:"اعتقد هذا. حدة المواقف السياسية، وعدائي للقهر والاستغلال في كل العصور، أظنها هي التي حالت دون حصولي علي الجائزة".
خلال التحضير لهذا الحوار لاحظت أن أغلب حواراتك في السنوات الثلاث الأخيرة كانت سياسية، الواضح أنها فرضت نفسها عليك كما حدث مع الجميع، لكن ألا تري في ذلك تعطيلاً لدورك الأساسي كمبدع؟
المبدع إنسان يعيش في واقع، بالتالي الهم الانساني كله يهمه، ينبغي أن يعي المبدع كل الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المجتمع وفي العالم، لكن أظن أن صعوبة المعادلة بالنسبة للمثقفين جميعا، أن المثقف بشكل عام يكون من الطبقة المتوسطة وموقعها في الصراع الطبقي ملتبس، هم أول من يكتسب الوعي في إطار اهتمامهم بالعمل الفكري، ثم يحددون موقفهم، هل أوظف هذا الوعي لمصلحة شخصية أم لمصلحة الناس جميعا؟ هذه واحدمة، الثانية هي عندما يهتم المبدع بالسياسة لا ينبغي أن ينخرط في السياسة العملية التي يمكن أن تكبل أجنحته كمبدع لا يرتبط إلا بالمطلقات الحق والخير والجمال.
السياسة العملية تتضمن بعض السلوكيات التكتيكية التي يمكن أن تعطل خياله وإبداعه، أظن أنني منذ عام 70 تقريبا، قررت الخروج من عالم السياسة العملية اليومية الحزبية وكنت منخرطا في العمل السري من منطلق يساري، قررت أن دوري الأساسي في المجتمع هو الإبداع، ولتكن كل الرؤي المجتمعية والسياسية في خدمة هذا الإبداع، ولا يكون الإبداع في خدمة السياسة المتغيرة.
هذا يقودنا لنقطة خلافية هي دور المثقف بشكل عام، فمؤخرا برزت مقولات تبناها عدد من المثقفين تقول إن الشعب هو المعلم، وهناك علي الجانب الآخر من يري أن علي المثقف أن يقود عملية التغيير وأن يكون هو المعلم والقائد؟
المسألة المعرفية لا تتحرك في اتجاه واحد. من المؤكد أن المثقفين هم الطليعة في الوصول إلي المعرفة، لكن إذا اختزن هؤلاء المثقفون هذه المعرفة لذواتهم ولم يضعوها في خدمة مجتمعاتهم والإنسانية فهم يتحولون إلي سكان للبرج العاجي كما كانوا يقولون قديما. المسألة جدلية، لكن ببساطة نحن نتعلم من شعوبنا، وعلينا إذا اكتسبنا وعيا مضافا أن نعود به إلي شعوبنا.
وأين تضع دور الدولة في هذا التصنيف؟
حين تولي السيد فاروق حسني وزارة الثقافة سٌئلت من جريدة الأهالي، ماذا تنتظر من وزير الثقافة القادم؟ فقلت انتظر أن يحدد سياسة ثقافية جديدة، وأن نعرف هل أتي ليضع إمكانيات الوزارة والدولة في خدمة الثقافة والمثقفين، إذا كان قد أتي من أجل ذلك فعليه أن يعيد النظر في نظام الجوائز وتكوين المجلس الأعلي للثقافة، والوفود التي تمثل مصر في المهرجانات الدولية، ومسألة تحول الثقافة إلي مهرجانات وليس خدمة وطنية كما كانت في عصر عبد الناصر وثروت عكاشة، ففي هذا العهد كانت الدولة تري في الثقافة خدمة ينبغي أن توصلها لمستحقيها ومن أجل هذا حاولت تحسين هذه الخدمة من خلال الثقافة الجماهيرية ومعاهد الفنون، قلت وقتها إذا كان الوزير يريد أن يضع الثقافة والمثقفين وأدوات الوزارة في خدمة الشعب فهذا حسن، أما إذا كان قد أتي ليحكم الثقافة بإمكانيات الدولة فسيظل المثقفون يبدعون الثقافة بالرغم من وزارة الثقافة، وأظنه اختار الثانية، ففي عصره دمرت الثقافة الجماهيرية، وخرجت الثقافة من السينما التي كانت تقدم فيها أعما طليعية، وانحدر المسرح، وتحولت الثقافة لمهرجانات وسلعة للقادرين علي حجز تذكرة للأوبرا في معبد الأقصر مثلا، وانصرف تماما عن أداء الخدمة الثقافية للراغبين وفيها ومستحقيها، وبرغم ذلك ظل المثقفون يبدعون، ولعل ثورة 25 يناير كانت اختمار اً لجهود مثقفين كثر منذ عصر السادات إلي اليوم، ربما بدأت هذه الثورة بقصيدة لا تصالح لأمل دنقل، ظل مبدعون كثر يبدعون شعرا مقاوما في ظل سنوات القهر والطغيان والعمالة والخيانة التي سادت.
هل كان للثورات دور في تغير هذه المفاهيم لديك، وهل أضافت فعلا إلي وعي الناس؟
في العصور الماضية كان المثقف المؤمن بالإنسان يقبض علي إيمانه هذا كالقابض علي الجمر، لأنه لم يكن هناك دور حقيقي للمثقف إلا في التهليل للسلطة أو التغريد خارج السرب معاديا لهذه السلطة، أو مقاوما لها، ثورة 25 يناير وبعدها 30 يونيو أسستا لواقع ثقافي جديد، في يناير سقطت منظومة قيم قديمة وسقط مزاج متخلف قديم، ربما لو عدنا بالذاكرة قليلا لقبل 25 يناير سنجد أن المزاج بدأ تحوله مع غزو العراق، وأن هذا انعكس علي ثقافتنا بسقوط ما كان يسمي المسرح السياحي، الذي كان مسرحا تجاريا يستهدف زبونا عائدا من الخليج أو قادما منه، وكان يعتمد علي الإضحاك العبثي، ثم تتالي تغير المزاج الشعبي، إزاء فنون كثيرة، موجات الغناء المتلاحقة التي كانت تبدأ قوية ثم تنهار كانت تعني أن المزاج يبحث عن جديد، وقد أعلن هذا المزاج الغنائي عن رفضه لكل القديم وبان هذا واضحا في رفض بعض ممثلي هذا النوع من الغناء القديم في ميدان التحرير، وفي ميلاد نوع جديد من الغناء تقدمه بعض الفرق القديمة والتي استجدت منها اسكندرلا، سلالم، مسار اجباري، مشروع كورال، وغيرها، هناك تغير في المزاج يبحث عن فن جديد ربما لم تستقر أسسه بعد. قبيل الثورة أيضا لاحظنا بداية هبوط اجباري لسينما "المضحكاتية" التي كانت تبدأ دائما بنجاحات عالية جدا ثم تنتهي كأن لم تكن، وبدأ نمط جديد من السينما لاحت بشائره مع "سهر الليالي" ثم "سقوط بغداد"، وبعد الثورة حدث انتعاش رهيب في السينما التسجيلية وشقت مسارات جديدة، مع تطور آلات الاتصالات الحديثة، مسرح الدولة أيضا كان قد انهار برغم المحاولات الجادة لإحيائه بين الحين والحين لكن انصرف عنه الجمهور، قبيل الثورة انتعشت حركة المسرح الحر بوفرة بالفرق والمحاولات
والاجتهادات، هناك تغير حقيقي في المزاج العام، واكبته ثورة جزء منها ثورة ثقافية، ثورة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية نقلت الوعي المصري إلي مرحلة أخري.
لكن لايوجد تغيير ملموس حتي الآن؟
25 يناير كانت إسقاطا لمنظومة قيم قديمة وإعلاء لقيم جديدة هي قيم الحداثة، الحرية والمسؤولية، قيم الوحدة الوطنية »"أيد واحدة« قيم حقوق الإنسان "سلمية سلمية" هناك نوع من البشارة بأننا مقبلون علي مرحلة ثقافية وفكرية مختلفة وأن العقل العام الجمعي ينتقل من عصور الخرافة والتناول الغبي للغيبيات. سقط هذا كله في ميدان التحرير، وبدأت البشارة بفنون جديدة وبآفاق جديدة للفنون، تأكد هذا بعد الموجة الثالثة للمد الثوري الثالث الذي بدا في 25 يناير وانكسر علي يد المجلس العسكري ثم الإخوان المسلمين، ثم استرد الشعب ثورته في 30 يونيو، خلال هذه الفترة دخل الشعب المصري فصول دراسات عليا للديمقراطية والعلم والحداثة والفنون، نحن الآن بصدد تأسيس مصر ما بعد الحداثة، مصر المعلوماتية، مصر التي تبني مستقبلها علي العقل والعلم والمعرفة، وأظن أننا بحاجة إلي استكمال أسس هذه الثورة.
رصدت تحولات وتغيرات المزاج الشعبي بالنسبة للمسرح والسينما والغناء، هل توجد تحولات مماثلة في الشعر والرواية؟
ظلت القصة والرواية والشعر فنوناً تنتمي إلي النخبة الثقافية والاجتماعية، ولم تتحول إلي منابر تخاطب الشعب وظل مبدعوها يتحاورون مع بعضهم البعض، لكن هذا لا ينفي أن كثيرا من الإبداع استطاع أن يصل إلي الناس، ربما من خلال تحويل بعض الأعمال إلي مسلسلات وما شابه.
لكن المؤكد انه بعد هاتين الثورتين، لم تظهر بعد بوادر انعكاس هذه الثورات علي الشعر والرواية، ربما لأن المعتاد دائما أن الأعمال الأدبية الكبري تولد بعد اختمار الثورات في العقل الجمعي للأمة، وأنا متوقع أن يمتد هذا المد الثوري إلي أدبنا من شعر وقصه ورواية في أزمنة قريبة جدا.
لماذا في نظرك تم استدعاء الشعر القديم؟ الشعراء الذين كانوا يقاومون قبل الثورة هم الذين صعدوا علي منصات التحرير، أنا نزلت الميدان ولم أكن وحدي. كان موجوداً زين العابدين فؤاد وأحمد فؤاد نجم، وكان من الطبيعي استدعاء فؤاد حداد وصلاح جاهين وأمل دنقل، وتولدت في الميدان أحلام شعرية وبزغت نجوم واعدة منها مصطفي إبراهيم ومحمد طلبة وظاهرة هشام الجخ.
كيف تحكم علي فترة حكم الإخوان؟ وكيف تنظر لمستقبل الجماعة الآن؟
الفكرة لم يعد لها مستقبل. ولابد الآن من إلغاء كل الأحزاب القائمة علي أساس ديني ومحاسبة كل من تورط في العنف، وتطبيق مبدأ العدالة علي الجميع.
أما فترة حكم الإخوان فأحمد المسلماني لخص الأمر كله حين قال إن حلم 80 سنة انتهي في 80 ساعة، حقيقة الأمر أن بعضنا انخدع كثيرا في الإخوان المسلمين، هذا التنظيم منذ تأسيسه يوحي بفاشيته التي ظهرت حين تولي السلطة، هذا التنظيم تأسس في ظل صعود النازية والفاشية بعد الحرب العالمية الأولي، وبعد انهيار رجل أوروبا المريض في بلادنا، وبعد شيوع فكرة الدولة القومية في العالم، أتي بفكرة أستاذية العالم من خلال تربية تلقينية لا تفتح العقل للفكر والديمقراطية، أسس التنظيم رجل من تلاميذ الشيخ الإمام محمد رضا الذي عرفنا كم تعاون مع المخابرات البريطانية، أستاذ لم ترد في أدبياته كلها لا كلمة الثورة ولا كلمة الوطن، جماعة حلمت حلما خرافيا بعودة التاريخ لعصور الخلافة التي انتهت، في زمن لا يعود للوراء مطلقا. هو من البدء تنظيم معاد لحركة التاريخ وللشعوب وللفكر الحر، وهو مشروع استبدادي بالأساس وفاشي.
حتي مشاركتهم في حرب فلسطين "اللي صدعوا دماغنا بيها" كانت مشاركة محدودة ويحدثنا الأستاذ هيكل عن أدوارهم، وأنا شخصيا أعرف من أهل بلدي أن من تطوع منهم لم يكن أكثر من عسكري مراسلة، فلا يصدعونا كثيرا بالنضال من أجل فلسطين التي باعوها في أول منعطف حين تولوا السلطة.
وقفوا في وجه المشروع الناصري واستطاع عبد الناصر أن يهزمهم سياسيا، اختبأوا في الجحور ثم عادوا أثناء العدوان الثلاثي يحلمون بإسقاط عبد الناصر، وبعدها انتشروا في العالم العربي، ثم أعادهم السادات ليحاول بهم ضرب الحركة الوطنية والثورية ومواجهة المد الناصري واليساري في الجامعة، وفي هذه الفترة رأينا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يحكم حفلات غنائية ويهاجم الطلاب. أتي بهم السادات كلابا يحمونه ممن تصور أنهم ذئاب فأكلوه، كل تاريخهم تاريخ عماله وخيانة للحركة الوطنية وقفز وسرقة للحركة الوطنية كما فعلوا بعد أن أدانوا فكرة الثورة قبيل اندلاعها شاركوا فيها متأخرين ليسرقوها بمؤامراتهم التي بدأت بالهجوم علي السجون وبالاتفاق مع الاستعمار الامريكي وعملائه من القيادات العليا في الجيش آنذاك. وصلوا للثورة ليلتفوا عليها هم والمجلس العسكري السابق، وأنا أضعهما في نفس الخانة ومع مبارك أيضا مع اختلاف أساسي أنهم أكثر تدنيا وخسة من الجميع. فمبارك وطنطاوي كانا حريصين علي وحدهة التراب الوطني، وما تصوروا انه السلم الاهلي ولهذا خضعوا للابتزاز الاخواني.
منذ تولي الرئيس الساقط محمد مرسي ومنذ أعلن إعلانه الاستبدادي شن الحرب علي المجتمع المصري كله! لذلك فهو تنظيم محكوم عليه بالنهاية، ونحن نشهد الآن نهاية حلم 80 سنة.
- لكنك كنت مع المجلس العسكري السابق..
مقاطعا: في البداية فقط. وكنت مؤيد ولكن بطريقتي قلت له:
يا المجلس الأعلي إحنا شعبك الأعلي
ولا أعلي منا سوي سبحانه جل علاه
وأنت وكيلنا وبتدير باسمنا الدولة
وطاعة الشعب واجبة بعد طاعة الله
حين كنت أحمل بعض العشم في هؤلاء لم يكن من منطلق التبعية ولكن من منطق المعبر عن وجهة نظر الشعب.
- والمجلس العسكري الحالي..
المسألة مختلفة. المجلس السابق كان الحل السعيد الذي يرضي جميع الأطراف، لكنه كان حل قوي الاستعمار مع قوي الثورة، أتي عبر موائمات واتفاقات لها راع دولي واقليمي توصوا جميعا إلي انه يمكن أن يستمر النظام محققا للمصلحة الاستعمارية في المنطقة بهذه الوجوه المختلفة، بتصور أمريكي أن صديقهم الأساسي هو الجيش المصري، وكما يقول تشوميسكي فأمريكا تساند الديكتاتور لآخر لحظة، ثم حين تفشل في استمرار هذا التأييد تقول كلاما طيبا عن الديمقراطية وتبحث عن مصالحها مع شخص آخر، ووجدوا ضالتهم في المجلس السابق ثم الإخوان، وربما يكونوا هم من قدموا الإخوان لتصدر المشهد.
لكن مجلس الدفاع الوطني الآن لم يأت هكذا، هناك ثورة شعبية حقيقية غير مسبوقة بأعدادها وسلميتها، هذه الثورة استدعت جيشها الوطني الذي كان دائما عمود خيمة الدولة المصرية، وتاريخه كله يقول هذا من أيام أحمس، وحور محب، أحمد عرابي، لجمال عبد الناصر لعبد المنعم رياض ووصولا لعبد الفتاح السيسي.
لكن الناس لم تطالب بالجيش؟
الناس نزلت رافضة الفاشية الدينية التي تهدد حياتهم ومستقبلهم، القوة الوحيدة القادرة علي الحسم بين هذه الجموع الهادرة وبين العصابة الغادرة كانت القوات المسلحة المصرية التي استشرفت أن البلد علي مشارف حرب أهليه فتدخلت لتحقيق الإرادة الشعبية والفارق كبير جدا.
ألا تخشء أن تقع الدولة في فخ العسكر مجددا؟
ضمانه أي مستقبل لهذه الأمة تكمن في دستورها الذي يحدد صلاحيات الرئيس، ويحدد النظام الذي سننتخب بناء عليه الرئيس. مع محبتي الشديدة واحترامي الفائق للعبقرية الوطنية المصرية الفريق أول السيسي لكن يسعدني جدا تأكيده المرة بعد المرة انه ليس مرشحا للرئاسة، مع انه لا ينبغي علينا أن نرفض بشكل مطلق أن يكون علي رأس الدولة رجل له خلفية عسكرية إذا كان الدستور يحدد سلطاته، كثير من الرجال ذوي الخلفية العسكرية قدموا لأممهم خدامات عظمي، أيزنهاور بعد الحرب العالمية كان مجدد أمريكا، ديجول أسس الجمهورية الرابعة في فرنسا، وكلاهما قدم لدولته خدمات عظمي، ربما في بلادنا نحن طالما أن عدونا الرئيسي ظل وسوف يظل لفترة قادمة هو الاستعمار الاستيطاني المسمي بالكيان الصهيوني أظن أنه يجب أن يكون لمن يفهم في مقتضيات الأمن القومي موقعاً في سلطتنا حتي تتحرر فلسطين وحتي تنكشح كل أوهام التقسيم وكل أوهام مشروع الشرق الأوسط الكبير.
بصراحة هل تطالب بالفريق السيسي رئيسا؟
أنا أقبل في البداية دستورا يحدد صلاحيات الرئيس، ولا يتقدم بالترشيح من هو في سلطة تنفيذية، لكن بافتراض أنه تقدم بعد أن خرج من القوات المسلحة فليس من حق أحد أن يحرمه لخلفيته العسكرية.
أخيرا كيف تري موقف د.البرادعي؟
لا ينبغي أن نأخذ كل من يسعون لحلول تفاوضية وسلمية في سلة واحدهة، هناك تنوع شديد بين مواقفهم، هناك عشاق السلم الأهلي وهناك الانتهازيون الذين يحاولون أن يجدوا لأنفسهم مكاناً في العملية السياسة، أنا من البداية لم أصدق أن يصبح البرادعي بتاريخه كله أيقونه للثورة كما أوهمونا، ولا أستطيع أن أندفع لتخوينه في نفس الوقت، وإن كانت لي ملاحظات كثيرة تصب في غير صالحة طوال مسيرته الوظيفية والسياسية.
لكني أري في مسألة الاستقالة موقفا يصب في خانة المشروع الاستعماري ومشروع الفاشية الدينية الإخوانية، وهو بهذه الاستقالة يخون مقتضيات وظيفته التي ارتضاها خلال هذه الثورة، ربما هو تخاذل ربما خضوع لفكر خارجي وربما موقفه الخاص، لكنه في النهاية قرار خاطئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.