كابتن غزالى يأتي ديوان «أولاد الأرض» للكابتن غزالي ليضيف إلي مكتبة الشعر كلمات لابد وأن يقف أمامها الناقد الأدبي الراصد لحركة شعر العامية، فهذه الكلمات خرجت من قلبه لكي تصبح لواءً ومبدأ ًلكل مصري أصيل ولكي تعيد العلاقة ما بين الكلمة والشعب، فهو يقول: فات الكتير.. يا بلدنا ما بقاش إلا.. القليل إحنا ولادك.. يا مصر وعنيكي السهرانين نصرك أصبح نشيدنا واللي يعادينا مين. فمن منا كمصريين لم يردد هذه الكلمات عن إيمان واعتقاد راسخ، ومن منا لا يؤمن بها لدرجة أنك تشعر من كثرة تكرارها وترديدها بين الشعب المصري بل والعربي أنها أصبحت موروثا شعبيا أو كما يدعي البعض وأشاع، أنها من الفولكلور الشعبي. بل هي للكابتن غزالي الحي بيننا الآن والذي كان نبراساً وابتداءً وملهماً لكثيرٍ من الشعراء والأدباء ممن تأثروا به واعترفوا بذلك أو لم يعترفوا. وهو صاحب الكلمة والتعبير والتركيب البكر غير المسبوق في الشعر العامي، هو القائل: بينا يا للا بينا نحرر أراضينا وعضم اخواتنا نلموا.. نلموا نسنوا.. نسنوا ونعمل منه مدافع وندافع ونجيب النصر هدية لمصر وتحكي الدنيا.. علينا وفي أشعاره نجد أن هذه الكلمات لم تنبع من فراغ لكنها كانت وليدة مشاركة فعالة في الأحداث التي مرت علي مصر منذ قيام ثورة يوليو 1952، ومروراً بالعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967، وحروب الاستنزاف، ثم حرب أكتوبر 1973، وقد كان للسويس الوجود الأول في كلمات هذا الشاعر باعتبارها أرض الأحداث وبيت الشاعر والبطل المحوري والأساسي في قضيته، فالشاعر يري في السويس مدينته الحبيبة المعلم للحب والقوة والإباء والرجولة وفرحة الاستشهاد، ويتضح ذلك في قوله: اتعلمنا منك.. كيف الموت يتحب واتعلمنا منك.. وقت الشدة.. نهب واتعلمنا.. ندوس الصعب نمد الخطوة.. ندق الكعب واتعودنا شهيدك يبقي.. عريس واعودنا اليوم الكاكي ونوم الخندق لجل حماكي يا أعلي مدينة وناس ينباس ترابك.. ينباس يا سويس يا سويس يا سويس وها هو ذا يجدد ويؤكد الميثاق بينه وبين السويس والاستمرار علي المبدأ، في قوله: يا رايح السويس بلدي وأملي.. وغنايا متطلش ع الخرايب ولا تحزن ع اللي.. غايب بكرة تيجي الحبايب.. ونعمر السويس وقد كان التعمير بعد النصر، وكأن الشاعر كان يؤمن بميلاد هذا اليوم. ولِمَ لا والكابتن غزالي أحد أفراد المقاومة وحامل السلاح وطالب الاستشهاد في حروبنا مع العدو الدائم إسرائيل، فلقد قاوم وحارب ضدها بالكلمة علي أنغام السمسمية وبالبندقية علي أصوات المدافع ولقد كان للكابتن غزالي جرأة الإنسان صاحب الحق الذي لا يخشي في الله لومة لائم ولا يخشي من أجل كرامة أرضه شيئا، فلكم عبر عن ذلك في أشعاره وكلماته وواجه السلطة المصرية طالباً منها اتخاذ القرار الحاسم وعدم التخاذل. ولقد كان لنصر أكتوبر في نفس الكابتن غزالي أثر غير كل الأثر في نفوس المصريين، فالكابتن غزالي لا يرضي بالنصر علي إسرائيل وحسب، بل هو صاحب ثأر وموقف لا ينتهي إلا بانتهاء إسرائيل من الخريطة العربية، فها هو يقول: تسلموا يا نسور بلادي في السما زي الرعود تسلموا فوق السفاين زي موج الضي بينشق السدود تسلموا ع الأرض يا أشجع أسود شدوا بكره.. من باب الديابة غيروا يوم الغلابة.. بانتصار هو هنا المطالب بشد «بكره» من نياب الديابة، وتغيير يوم الغلابة بانتصار، ثم يؤكد علي استمرار كفاحه ضد العدو الدائم إسرائيل ولقد صارت حياته رصاصة، وصارت كلماته بندقية دائمة القذف، حتي أصبح أجمل الأشياء لديه وصاحب الفاتحة عنده هو الجندي المقاتل (العسكري والضابط) فنجده يتغزل فيه ويقول:الفاتحة.. للعسكري سبع السباع.. الفللي واقف وحاضن.. مدفعه بطل وحارس موقعه والفاتحة.. لكل ملازم.. بيحب جنوده وملازم وفي النهاية وبحق جاءت كلمات الكابتن غزالي فارس الكلمة البندقية كلمات صدق وشاهد أيام وأحداث شهدتها مصر في حروبها ضد العدو الإسرائيلي، وهذه الكلمات هي التي جعلت منه كلمة صادقة ومبدأ في قلب كل مصري .