" شكراً جزيلاً مستر مانيكيل" كانت الرسالة التي بعثها جوزيه ساراماجو عبر مدونته الإليكترونية "الدفتر" إلي الكاتب السويدي هينينج مانيكيل ، الذي كان من ضمن ركاب قافلة الحرية التي حملتْ مساعدات إنسانية إلي غزة . وعقب عودته إلي جوتيمبرج ، صرح مانيكيل ، كاتب الروايات البوليسية ، باعتراضه علي الهمجية الإسرائيلية " ماذا سيحدث لو عبرتْ مئات المراكب ؟" سأل متذمراً وأشار إلي الواقعة بقوله" لم يتردد الجنود الإسرائيليون في الهجوم علينا بعنف مميت وأطلقوا النار علي أفراد نائمين " . مانيكيل كشف أيضاً الكذب الإسرائيلي بخصوص الأسلحة التي كانت تحملها المراكب ، " في المركب كان السلاح الوحيد هو مكنة حلاقة خاصة بي ، وأخذوها مني ورموها "، واتهم الكاتب السويدي إسرائيل ب"الخطف والقرصنة وانتهاك الشرعية الدولية" وأضاف " كنا بعيدين جداً عن الحدود وداخل مياه دولية عندما هاجمونا بطائرات هليوكوبتر وصعد جنود كثيرون إلي المركب وأطلقوا النار ". وصرح مانيكيل أنه يفكرا جدياً في منع ترجمة كتبه للغة العبرية . الغضب الذي تملك هينينج مانيكيل اجتاز أيضاً شوارع إسبانيا ولشبونة وباريس ولندن ، فخرج في برشلونة آلاف من الأفراد في تظاهرة استمرتْ ساعة ونصف تعبر عن غضبهم وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني وتعازيهم لأهالي الضحايا ، وعندما مروا أمام مكتب الأممالمتحدة توقفوا وأبدوا تذمرهم من الموقف الأوروبي المتخاذل أمام الاعتداء الإسرائيلي ، وأعلن بعض النشطاء الإسبان الذين كانوا ضمن القافلة نيتهم في طلب تمثيل إسرائيل امام المحكمة الدولية لأنها اخلت بمعاهدة جنيف واعتبروا الهجوم فعل قرصنة انتهي باغتيال مدنيين . و كتب الشاعر الأرجنتيني الشهير خوان خيلمان ، الحائز علي جائزة ثربانتس ، مقالاً في جريدة الباييس الإسبانية سخر فيه من التبرير الرسمي الإسرائيلي " المهاجمون المعتدون كانوا مهاجرين غير شرعيين " وحسب خيلمان فإن من ينجد الفلسطينيين الجوعي هو متواطيء مع حماس أولاً وإرهابي ثانياً في رأي رئيس الوزراء الإسرائيلي.وأضاف إنها " قديمة ، قديمة جداً ، تقنية المعتدي الذي يتصنع أنه ضحية" . وذكر أن رئيس الوزراء يبرر فعلته بأنه يجب منع وصول أي سلاح لحماس ، جواً أو بحراً أو براً ، وأكّد أن أي اعتراض لن يؤدي لرفع الحصار عن غزة . هنا أشار الكاتب الأرجنتيني "أن تل أبيب لم تتخل عن حلم إسرائيل الكبري وأن الحصار المفروض علي غزة لا يضر حماس وحدها بل بسكانها الذين عانوا من قبل عملية الرصاص التي أودت بحياة 1300 مدني فلسطيني ، وهو ما يسمي بالتنقية العرقية ، وقصتها أيضاً قديمة جداً ". وتوقف خيلمان في مقاله عند مقولة زيف جابوتينسكي ، أيديولوجي الصهيونية الرحعية ، " أن الطريقة الوحيدة لفرض الدولة اليهودية هو سحق العرب " وأضاف إليها اقتراح رون توروسيان ، منظم مظاهرة "نحن مع إسرائيل" ضد المهمة التركية أمام الأممالمتحدة ،" يجب أن نقتل 100 عربي أو 1000 عربي أمام كل يهودي يقتلونه " وتساءل خيلمان ساخراً "ولماذا لا يقتلون مائة ألف أو مليون عربي" وواصل " ألم يكن ارييل شارون مسئولاً عن قتل 500 مدني فلسطيني أعزل في صبرا وشاتيلا ". وانتقد بشدة الإدارة الإسرائيلية التي يقودها مفهوم جابونيتسكي القائل إن الصهيونية أخلاقية وعادلة، وأضاف أنها لو كانت كذلك فيجب أن ينقذوا العدالة حتي لو كان يوسف وسيمون وإيفان وأحمد غير متفقين معهم . واستعان الشاعر بتسمية "عقلية القبو "للدكتور كارلو سترينجير المدرس بجامعة تل أبيب، التي قصد بها أن إسرائيل لا تستمع للنقد الخارجي أو الداخلي وأن هذا السلوك ناتج عن عجرفة لأنها تعتقد أنها محقة وأن الآخرين مخطئون . وعن موقف الولاياتالمتحدة ، كتب خيلمان "أنها أعطت إسرائيل دوماً الفضاء الدولي الضروري لتتحقق هذه الإرادة رغم كل شيئ " وذكر أن مبرر البيت الأبيض لذلك "أن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة "، وأبدي استغرابه من رد فعل أوباما من الاعتداء علي قافلة الحرية وحمام الدم التالي ، ووصفه بأنه "ضعيف" و "إنه لم يدينه فقط طلب استيضاحاً للأفعال وقَبَلَ رفض تل أبيب لندب لجنة تقصي الحقائق " واتهم الرئيس الأمريكي بأنه "شريك في الجريمة " . وختم خيلمان مقاله متهكماً من نائب الرئيس الأمريكي الذي صرح بأنه "من حق إسرائيل معرفة أي حمولة تحملها المراكب " ووصفه بأنه "متسامح " لأنه نسي سريعاً اللكمة التي سددها له نتينياهو في مارس الماضي عندما زاره بايدن ، النائب الأمريكي ، من أجل عملية السلام الإسرائيلية _الفلسطينية، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بعدها بناء 1600 بناية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة !