الميجانا ( او الميجنا ) هو ثاني أهم الفنون الغنائية الشعبية الأكثر شهرة في بلاد الشام والعراق، وعلي الأخص في الريف و البوادي، والميجنا لها مكانة مرموقة في الغناء الشعبي الشامي واللبناني علي وجه الخصوص، ويرددها العامة في مناسبات الفرح والسمر والأنس، وعادة ما تكون مصاحبة للعتابا . ودرج المغنون علي أن »الميجنا« تسبق العتابا في الغناء - يقولون إن المغني »يسنّ« بها صوته - خاصة أن بيت الميجنا يصاغ علي »بحر الرجز« - بوزنه ونبراته البطيئة - نالتي تساعد المغني علي الدخول في الغناء .. حيث يبدأ الغناء بمطلع - واسمه » كسرة « حسب التعبير الشعبي - وهذا المطلع عبارة عن كلمات مسبوكة وشبه موزونة - علي حد قول الباحث ابراهيم شعبان - والمطلع يكون صدره الشطر الشعري (ميجانا ويا ميجانا ويا ميجانا) ، وعجزه جملة تامة المعني مستقلة عما بعدها ، تنتهي كلمتها الأخيرة بالمقطع »نا« مثل : (ميجنا ويا ميجنا ويا ميجنا ... مرقت قبال الورد حيّا وانحني) ثم تلا ذلك مقطوعة الميجنا، وهي مثل مقطوعة العتابا، تتألف من أربعة اشطار، الثلاثة الأولي تنتهي بنفس اللفظة - مع ضرورة الاختلاف في المعني - بينما الرابع ينتهي ب »نا« حتما .. والاختلاف بين العتابا والميجنا هو في الوزن فقط - علي حد قول الباحث شعبان - في حين أننا لاحظنا أن كتاب »الأغاني الشعبية اللبنانية« أشار إلي أن هناك أكثر من اختلاف بينهما : - * فالعتابا لا مطلع لها ، أما الميجنا فمطلعها بيت شعري مكون من شطرين ، ويبدأ دائما ب »يا ميجنا« - كما أشرنا - لذا فإن الغناء في العتابا - غالبا مايبدأ بمطلع ميجنا - الذي يسمونه الكسرة - لذا يقولون عن ذلك : (اكسر ميجنا وكفن عتابا) . * وكذلك فإن الدور- أو الرباعي أو البيت - في العتابا ، غالبا ما ينتهي بياء ساكنة ، أو بألف مقصورة أو ممدودة ، في حين ينتهي دور الميجنا بكلمة آخرها نا ، وذلك للعودة إلي قافية أو ما يسمونه بالكسرة . * والاختلاف الثالث هو أن العتابا تستوجب تجنيس القوافي، في حين أن الميجنا لا تستوجبه - رغم أن الذي يشيع الآن هو نظمها مع الجناس * ثم إن العتابا يتم نظمها علي أكثر من بحر شعري ، أما الميجنا فلا تنظم إلا علي بحر شعري واحد هو ما يسمونه البحر اليعقوبي وهو نفسه بحر (الرجز ) . يقول أنطوان السر علي من فن الميجنا : يا ميجنا ويا ميجنا وياميجنا... مرقت قبال الورد حيّا وانحني مركب حْبابي موج ها الأزرق عبر... ويا ما عيوني بعدهم ذرفت عبر وقلبي تعلّم من جفا حْبابي عبر... هِنِّي نسوني ليش ما بنْسي انا . أما سبب تسمية الميجنا بهذا الاسم ، فهناك عدة آراء، ولو عُدنا إلي النصوص الأساسية لهذا اللون من الغناء، سنجد افتتاحياته - غالبا - ما تخاطب الذي يجيء اليهم من الأحبة أو الذي يشرف من الضيوف فيقولون : ( يامن جاءنا ) فتحولت إلي »ياميجانا، أو ياميجنا« مثل : (يا ميجنا ويا ميجنا ويا ميجنا ...أهلا وسهلا شرفونا حْبابنا)، أومثل : ( ميجنا ويا ميجنا ويا ميجنا .... ضحكت حجار الدار طلوا حْبابنا) ويقول آخرون إنها من الجملة الشعبية (يا ما جانا ) أي ما أكثر ما أصابنا ، والبعض الآخر يقول إنها من ( ياما جني ) من الجناية ، أي يا من جار وظلم ، ومن الباحثين من رأي أن »ميجنا » و»عتابا« هما بنتان لأحد الأمراء كانتا تتغنيان بمواضيع عاطفية حفظها الناس، فسموا ما حفظوه باسميهما، أو أن »ياميجنا« أصلها ( يا ماجنة ) بمعني أيتها العابثة المحبة للمزاح والاستهتار. ولا ضير من تعدد الآراء،فالاختلاف حول أصل تسمية الفنون الشفاهية من الأمور الطبيعية والمعتادة ، والذي يعنينا - في النهاية - هو طبيعة هذا الفن الشفاهي وجمالياته ..!!