أثار فوز الكاتبة العمانية جوخة الحارثي بالجائزة العالمية للبوكر جدلا واسعا بين المثقفين، هناك من أكد علي أحقيتها في الجائزة، وأن روايتها »سيدات القمر» تستحق الفوز، وآخرون رأوا أنها روائية محظوظة بالفوز بهذه الجائزة وأن هناك كتابات أفضل كانت تستحق الجائزة. هذا الجدل طرح سؤالا هاما، حول عالمية المبدع :هل الجوائز وحدها هي التي تصنع العالمية للمبدع؟ بالتأكيد :»لا»، فهناك مبدعون ومبدعات حصلوا علي العالمية نتاج ترجمة أعمالهم إلي اللغات الأخري، ولم يحصلوا علي أي جائزة عالمية، وإنما حققوا شهرتهم من نتاج أعمالهم واكتساب صفة الأكثر مبيعا، علي سبيل المثال الكاتبة التركية أليف شافاق صاحبة الرواية الأشهر » قواعد العشق الأربعون » والكاتبة الامريكية » اليزابيث جيلبيرت » صاحبة رواية » طعام صلاة حب» والتي تحولت إلي فيلم سينمائي شهير قامت ببطولته النجمة الأمريكية جوليا روبرتس. إذن ليست الجوائز وحدها تصنع العالمية للمبدع، والدليل أن هناك الكثيرون لم يحصلوا علي أي جوائز ولكنهم عبروا الحدود بكتاباتهم التي صنعت نجوميتهم في العالم، ومن هنا نجد أن القضايا التي تتناولها الأعمال الإبداعية لها دور كبير في نجاح العمل الإبداعي وانتشاره أيضا، بكل اللغات في كل أنحاء العالم .. وقد اخترت هاتين الكاتبتين، لأنهما تنتظرا صدور أعمالهما الروائية الجديدة أوائل يونيوالقادم، والقارئ تنتظران معهما. مدينة البنات »مدينة البنات» أو»city of girl» هوعنوان أحدث أعمال اليزابيث جيلبيرت الروائية والتي تنتظر صدوره في أربعة يونيوالقادم بشغف وسعادة كما تقول عن روايتها:» إنها رواية مليئة بالسحر والجنس والمغامرة، عن امرأة شابة تكتشف أنه لا يجب أن تكوني فتاة جيدة لتكوني شخصًا جيدًا. وتدور تفاصيل الرواية في صيف عام 1940. عندما تصل فيفيان موريس البالغة من العمر 19 عامًا إلي نيويورك محملة بحقيبة سفرها وماكينة الخياطة التي نفيها والداها اليائسون. علي الرغم من أن مواهبها السريعة ذات الإبرة والالتزام بإتقان لفة الشعر المثالية قد اعتبرت غير كافية بالنسبة لها لتمضية عامها الثاني في فاسار، فإنها سرعان ما تجد عملاً مربحًا كخياطة خياطة في Lily Playhouse، وهي عمتها غير التقليدية الساحرة السمعة في مسرح مانهاتن revue، وهناك سرعان ما تصبح فيفيان أحدي فتيات الاستعراض، ولا تمثل لها مدينة نيويورك المنفي كما كانت تعتقد: هنا في هذه المدينة الغريبة من الفتيات، تعني فيفيان وصديقاتها أن يشربن الكرة العليا في الحياة نفسها حتي آخر قطرة. وعندما تأتي الممثلة الإنجليزية الأسطورية إدنا واتسون إلي ليلي لتُظهر في أكثر عروض الشركة طموحًا علي الإطلاق، فإن فيفيان يدور حولها السحر الذي يتبعها. ولكن هناك دروس صعبة يجب تعلمها، وأخطاء مؤسفة للغاية. تتعلم فيفيان أنه لكي تعيش الحياة التي تريدها، يجب أن تعيش العديد من الأرواح، مما يجعلها لا تتوقف عن الإبداع الجيد. في مرحلة ما من حياة المرأة، سئمت من الشعور بالخجل طوال الوقت. بعد ذلك، أصبحت حرة في أن تصبح من هي حقًا. وهكذا تطرح فيفيان قصتها، وقصة النساء من حولها - النساء اللائي عشن مثلها، بدلًا من قرن من الزمان لم يكن بإمكانهن مواكبة ذلك أبدًا. 10 دقائق و48 ثانية » 10 دقائق و48 ثانية في هذا العالم الغريب » هوعنوان أحدث أعمال الكاتبة التركية صاحبة رواية »قواعد العشق الأربعون» التي أحدثت انقلابا في حياة شافاق من الشعرة العالمية وترجمتها إلي معظم لغات العالم . روايتها الجديدة التي ينتظرها القراء بشغف، والتي وصفها النقاد بأنها»رواية خاطفة ومؤثرة تمت كتابتها بعناية، وتدور حول مجموعة من الشخصيات التي تعكس تنوّع المجتمع التركي في الوقت الراهن»، بينما وصفها الكاتب البريطاني فيليب ساندز ب»بساطة عمل رائع، علي درجة عالية من القوة والجمال، يتمحور حول جوهر الحياة». وقالت البرلمانية والكاتبة البريطانية هيلينا كيندي إن الرواية تعدّ »كرنفالاً حياً عن الحياة والموت والقسوة والعطف والحب والسياسة والإنسانية العميقة» . وكان قد صدر مؤخرا للروائية التركية شافاق عن دار الاداب رواية بعنوان» البنت التي لا تحب اسمها»، قدمت الترجمة الي العربية نورا ياماتش. تدور الرواية حول صبية ذكية وخلاقة، تعاني مشكلة واحدة، تكره اسمها، الذي بسببه يسخر منها تلاميذ صفها، فتصبح الكتب والحكايات أصدقاءها الأوفياء. ذات يوم، تعثر الفتاة في المكتبة علي مجسم للكرة الأرضية، فتتعرف من خلاله علي صديقين غريبي الأطوار، من القارة الثامنة، والقارة الثامنة هذه تستورد الخيال، وتصدر الحكايات، لكنها تصاب بالجفاف بسبب تراجع القراءة، وقلة الخيل، فتتبني وصديقاتها إنقاذ الخيال والقارة الثامنة. طبيعة الروايات طبيعة الروايات، والموضوعات التي تتطرق لها الكاتبات المبدعات لها أثر كبير في صنع العالمية التي تقوم الترجمة بتوصيلها إلي القارئ أينما كان، القضايا التي تهتم بالإنسان والتي تطرح أسئلة الوجود والبحث عن الذات وسط هذا العالم الملئ بالفوضي والانتهاكات الإنسانية جعل من هذه الروايات مطلبا ضروريا للقارئ الذي يفتقد الأمان ويطارد الموت ولا ينعم بالحياة العادية، لأنه يعيش مهددا من أعمال العنف والتخريب،التي سادت العالم وخطفت منه الأمان، ورسخت الخوف في تفاصيل يومه. تقول أليف شافاق :» إن النساء هن أعظم من يروي القصص، لم أنشأ في أسرة تقليدية ذات نظام أبوي، وذلك جعلني أكثر استقلالية وأتاح لي فرصة القيام بأشياء كثيرة ربما منعت منها مثيلاتي ممن عشن تحت سلطة الأب» ويبقي الإبداع بغض النظر عن جنسية مبدعه، هوالوحيد الذي يفصح عن نفسه،ويؤكد وجوده وشرعيته بالجودة، ومس القضايا الإنسانية التي تثير شغف القارئ وتؤثر في حياته وتغير من أفكاره وتضيف جديدا لحياته، وتكشف له حقائق غائبة عنه، وعوالم لم يكن لديه علم بها، وهذا بالتأكيد غير عالمية الروايات »البيست سيلر » التي انتشرت في العالم مؤخرا وأثرت علي الأعمال الجيدة التي تكشفها الجوائز وتؤكدها ذائقة القارئ الحاكم الحاسم في ذيوع الإبداع. وان كنا اخترنا عملين روائيين للمؤلفتين التركية والأمريكية نموذجا فها لأن كلا منهما تنتظر صدور عملا جديدا وينتظر معهما القارئ في كل مكان معهما .