د. فرخندة حسن من منا لم ينظر إلي السماء ويتأمل في النجوم التي تتلألأ فيها ليلا؟ كلنا فعلنا ذلك فهي عادة الإنسان منذ القدم والذي كان يعتقد أن هذه السماء هي الكون كله، إلا أن كل ما نراه ما هو إلا جزء ضئيل من مجرة تسمي مجرة »درب اللبانة» وما هي إلا واحدة من بلايين البلايين من المجرات المختلفة الأشكال والأحجام التي يحتويها الكون. تعرف المجرة بأنها مجموعة من النجوم التي نراها بالإضافة إلي ما لا نراه وهو ما يوصف ب »المادة المظلمة»، ومجرة درب اللبانة هي مجرة حلزونية الشكل إذ تلتف حول مركزها عدة أذرع في شكل حلزوني من احدي هذه الأذرع ويسمي »ذراع أوريون» أو »الذراع المحلي» تقع الشمس وهي نجم صغير ضمن حوالي مائتي بليون نجم هو عدد نجوم المجرة. توصف النجوم بأنها أشبه بالمفاعلات النووية تتم فيها عملية اندماج بين مكوناته من الجسيمات الدقيقة وهي البروتونات والنيترونات وغير ذلك لتكوين أنوية ذرات عناصر المواد المعروفة لنا، ينتج عن هذا التفاعل الذي يعرف ب»الاندماج النووي» طاقة هائلة تشمل أشعة ضوئية ذات موجات مختلفة الأطوال لا تري بالعين البشرية منها إلا حزمة صغيرة جدا منها هي ما يطلق عليه »الضوء المرئي». تمكن الإنسان باستخدام تكنولوجيا التحليل الضوئي من قياس المسافات بين الأرض وبعض مواقع النجوم وبين النجوم وبعضها وهي مسافات مهولة تقاس بوحدات قياس مختلفة تماما عما نستخدمه علي الأرض، فوحدة قياس المسافة علي الأرض بين مدينة وأخري هي الكيلومتر والمتر في حالة قياس حجم حجرة.. أما إذا أردنا قياس المسافة بيننا أي بين الأرض والنجوم أو بين النجوم وبعضها البعض فهناك وحدة قياس مختلفة تماما تسمي السنة الضوئية وهي المسافة التي يقطعها الضوء في عام كامل. والضوء يتحرك بسرعة فائقة فهو يقطع في الثانية الواحدة مسافة طولها ثلاثمائة ألف كيلومتر. وبحساب ما يقطعه في الدقيقة ثم الساعة ثم اليوم ثم السنة نجد أن المسافة التي يقطعها الضوء في السنة تصل إلي حوالي عشرة آلاف بليون كيلومتر. يصل ضوء الشمس إلينا في ثماني دقائق أي أن المسافة بيننا وبين أقرب النجوم إلينا هي حوالي مائة وخمسين مليون كيلومتر. وأقرب النجوم إلي الشمس هي مجموعة »سنتوري» وتبعد عنها حوالي 4.2 سنة ضوئية أي علي مسافة حوالي اثنين وأربعين ألف بليون كيلومتر.. وبيننا وبين النجم »سيرياس» 8.6 سنة ضوئية أي حوالي ستة وثمانين ألف بليون كيلومتر... وبيننا وبين مجموعة النجوم التي يطلق عليها العلماء »الجيران» -أي من هم بالقرب منا- أربعون سنة ضوئية أي حوالي أربعمائة ألف بليون كيلومتر... هذه هي مواقع أقرب النجوم إلينا التي هي في جزء ضئيل جدا من إحدي أذرع مجرة درب اللبانة التي تنتمي إلينا والتي هي واحدة من بلايين البلايين من المجرات التي تبعد عنا فهل يمكننا تخيل مواقع باقي النجوم في الكون كله؟ أرجو من القارئ الكريم أن يتدبر قوله تعالي: »فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ»... »صدق الله العظيم» (الواقعة: 75، 76).