النمل الأبيض استعمر منازل الوادي الجديد منذ 15 عاماً ويرفض الخروج الآمن !

قلة العمالة الفنية وضعف الموازنات وراء استفحال المشكلة ... عدم تنفيذ مكافحة جماعية.. سبب مباشر في تجدد الإصابات

حشرة النمل الأبيض نجحت في استعمار منازل المواطنين بمحافظة الوادي الجديد وفرضت سيطرتها وكلمتها علي المسئولين قبل المواطنين وفي حالات كثيرة نجحت الحشرة في إسقاط أسقف المنازل علي رؤوس الأهالي الذين فضلوا مغادرة منازلهم والاستسلام لتلك الحشرة القاتلة..وهي من أخطر الملفات التي فشلت وزارة الزراعة في إيجاد حلول جذرية لها علي مدار 15 عاما منذ عام 2004 حيث كانت بداية أول ظهور لحشرة النمل الأبيض وحتي الآن وهو ملف مكافحة النمل الأبيض في محافظة الوادي الجديد الذي انتشر في أكثر من 70٪ من قري الوادي الجديد البالغ عددها 46 قرية رئيسية وخمس مدن بالخارجة والداخلة والفرافرة وباريس وبلاط.. »الأخبار»‬ فتحت ملف النمل الأبيض بالوادي الجديد لتكتشف أن الخطورة تكمن في أن أعمال المقاومة ضعيفة للغاية لأسباب ترجع إلي عدم توافر كميات كبيرة من المبيد الخاص بأعمال المكافحة وعدم وجود مكافحة شاملة بالأماكن والقري المصابة نتيجة عدم توافر عمالة فنية كافية، مما يؤدي إلي تجدد الإصابات مهما كانت المقاومات الفردية وأسباب أخري كثيرة سنتعرف عليها في التحقيق التالي.
رصدت »‬الأخبار» في جولتها بأن عدد المنازل التي طالتها حشرة النمل الأبيض 1568 منزلا نجحت حشرة النمل الأبيض المعروفة لدي أبناء الوادي الجديد باسم (القرضة) أن تستعمر بيوتهم وتفرض نفسها وأن تعيش داخل منازلهم وتقاسمهم الأنفاس وتهدد منامهم وتسقط منازلهم في أحيان كثيرة خاصة أن منازل الأهالي بالقري مبنية بالطوب اللبن ومسقوفة بجريد النخيل وهو المناخ المناسب والجيد لتكاثر تلك الحشرة. التي تعيش في الأماكن الرطبة وتعتمد في غذائها علي أكل الأخشاب المشبعة بمادة السليلوز.
وقال صابر علي من أهالي قرية قورمشين 7 التابعة لمركز ومدينة باريس بأن حشرة النمل الأبيض ظهرت بقري المحافظة بشراسة مع بداية 2004 وظهرت خطورتها بوضوح بعد أن دمرت مستعمرات النمل الأبيض مساكن قرية قورمشين القديمة والتي تركها أهلها وقاموا ببناء منازل جديدة... إلا أن الأمر لم ينته حيث ظهرت إصابات في المنازل المبنية والجديدة مما دعا محافظها السابق المرحوم اللواء أحمد مختار بناء قرية جديدة أخري لسكان القرية بالنظام المسلح وعمل المعالجات لها قبل تنفيذ أعمال البناء الآن، كل هذا لم يشفع للنمل أن يتوقف عن مهاجمة البيوت والمنطقة بالكامل.
وفي قرية عدن يقول سكان القرية إن المنطقة الشرقية يوجد بها ما يقرب من 10 منازل توجد بها الإصابة بحشرة النمل الأبيض بالرغم أن معظم تلك البيوت جديدة إلا أن حشرة النمل الأبيض انتقلت إلي هذه البيوت مع مواد البناء (الرمال) التي يتم جلبها من مناطق قريبة من القرية تعيش بها حشرة النمل الأبيض.
وهو نفس الأمر في قرية عبد السلام عارف التي مازالت تشهد حتي الآن إصابات شديدة رغم تنفيذ أعمال المكافحة بالقرية والتي تعتبر بها إصابات شديدة بكل منازلها.
وقال محمد ياسين من أهالي مدينة باريس إن معظم مدينة باريس وقراها توجد بها أصابات بحشرة النمل الأبيض مشيرا بأن مديرية الزراعة تقوم بأعمال المكافحة وقام المسئولون بحصر المنازل المصابة إلا أن استهتار العديد من المواطنين بتنفيذ أعمال المكافحة أدي إلي انهيار العديد من المنازل مؤكدا أنه يجب عدم الاستهتار بهذه المشكلة التي سوف تنتشر خلال السنوات القادمة إلي كل منازل المواطنين بمركز باريس وبغيره من المراكز الأخري إذا لم تتوحد جهود المكافحة لمواجهة النمل الأبيض.
ويطالب محمد ياسين بضرورة أن تضع الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة خطة أكثر إحكاما وأن يتم تدعيم ومد مديرية الزراعة بالمحافظة بالإمكانات المادية والأفراد والموازنات لشراء المبيدات حتي يمكن تحقيق تحرك جماعي يقوده الفكر المستنير النابع من داخل أبناء الوادي الجديد لتحقيق انتصار علي حشرة النمل الأبيض التي نجحت في طرد مواطنين علي مدار السنوات الماضية ومستمرة في تنفيذ غاراتها علي المنازل بجميع قري ومدن المحافظة التي انتشرت بها حشرة النمل الأبيض. مؤكدا أن رصيد مديرية الزراعة من المبيد الخاص بأعمال المكافحة وصل إلي 600 لتر وهي كميات ضعيفة للغاية خاصة أن أعمال المقاومة يجب أن تتم في وقت واحد وفي جميع القري وأن 600 لتر لا تكفي قرية واحدة إذ أن إجمالي المنازل المصابة يبلغ 1568 منزلا، أي أن هناك منازل تمت مكافحتها وأخري في انتظار الفرج.
علي جانب آخر أوضح أحمد حسن من سكان قرية عبد السلام عارف المنكوبة أن سعر اللتر الذي نقوم بشرائه للمكافحة يبلغ ثمنه 180 جنيها وأن أقل منزل يحتاج إلي 20 لترا وهو ما يعني أن المنزل يتكلف 3600 لتحقيق المقاومة الصحيحة وهي مبالغ باهظة لا يستطيع الكثير من أبناء الوادي الجديد علي توفيرها. مطالبا وزارة الزراعة بمضاعفة الدعم الخاص بالمكافحة بتوفير فيما لا يقل عن عشرة آلاف لتر علي الأقل لمكافحة تلك الحشرة التي هدمت المنازل بالقري.
وتؤكد التقارير التي اطلعت عليها »‬الأخبار» أن حالات الإصابة بحشرة النمل الأبيض خلال الستة أشهر السابقة بالمنازل كانت موزعة في مدينة الخارجة 210 منازل وفي باريس 105 منازل وفي الداخلة 78 منزلا وفي بلاط 40 منزلا وفي الفرافرة 39 منزلا وفي القصر 130 منزلا وأن أعلي القري إصابة وحالاتها تستدعي التدخل الفوري ثلاثة أماكن منها قرية عبد السلام عارف بالخرطوم حيث ارتفعت نسبة الإصابة بالمنازل إلي مائة منزل وهي الأكثر وضوحا للإصابة في المنازل وأن حالات المواطنين المادية صعبة للغاية ومنازلهم مبنية بالطوب اللبن وتحتاج إلي مقاومة سريعة وان مديرية الزراعة نجحت في معالجة 25 منزلا ومتبقٍ 75 منزلا جارٍ معالجتها.
وطالب أهالي قري الخرطوم وعبد السلام عارف الحكومة بضرورة التدخل لإنشاء منازل جديدة لهم، كما حدث في الكثير من القري التي استفادت من المنح التي قدمتها وزارتا الإسكان والتضامن بالتعاون مع مؤسسة الوليد ابن طلال الخيرية، حيث تم إنشاء 200 منزل للأسر الأولي بالرعاية، فلماذا لا تتم إعادة تلك التجربة مرة أخري لإنشاء منازل آمنة للمواطنين، ونطالب الحكومة بتوفير الدعم اللازم لتوفير المبيدات للسيطرة علي النمل الأبيض قبل وصوله المحافظة.
جهود الزراعة
أوضح وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الوادي الجديد د.مجدي المرسي أن مسلسل هجوم حشرة النمل الأبيض في قري ومدن محافظة الوادي الجديد مستمر، رغم الجهود المبذولة من مديرية الزراعة بالمحافظة لمواجهة هذا الهجوم الذي أصاب حتي الآن حسب التقارير الرسمية والأخيرة خلال الشهرين الماضيين بلغ 1232 منزلا موزعة في جميع قري ومدن المحافظة بالخارجة والداخلة والفرافرة وباريس وبلاط. وأن المديرية نجحت خلال الفترة السابقة في علاج أكثر من 336 منزلا مقارنة بين الإحصائيات التي تمت بين الفترتين الماضيتين حيث سجلت التقارير إصابة 1568 منزلا منذ عام، وفي آخر حصر سجلته أعمال الحصر إصابة 1232 منزلا.
وأضاف مرسي أننا نعمل جنبا إلي جنب مع المواطن لإنقاذ منزله من حشرة النمل الأبيض المنتشرة في جميع قري ومدن المحافظة. وهي حشرة متوطنة منذ عشرات السنين وأن هناك قري بالكامل انهارت منازلها وقامت الدولة مشكورة بالمساهمة مع المواطنين في مكافحة تلك الحشرة وإعادة بناء منازل جديدة لهم كما حدث في قرية جورمشين 7 بمدينة باريس التي قضي النمل الأبيض عليها تماما منذ عشر سنوات.. وأضاف المرسي أن وزارة الزراعة تدعم كل أربعة أشهر المحافظة ب 200 لتر من المبيدات لمكافحة حشرة النمل الأبيض، بإجمالي عدد 600 لتر علي مدار العام موضحا أن رصيد المديرية الحالي من مبيد مكافحة حشرة النمل الأبيض يبلغ 400 لتر فقط، مشيرا إلي أنه يتم صرف مبيدات بالمجان للحالات الفقيرة التي لا تستطيع تحمل تكاليف المكافحة بالإضافة إلي بيع المبيدات بالثمن لأصحاب المنازل المقامة حديثا طبقا للتعليمات الواردة من الوزارة بهذا الشأن.
وأضاف وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد أنه تم التنسيق مع محافظ الوادي الجديد اللواء محمد الزملوط لإحكام السيطرة علي تنفيذ أعمال مقاومة حشرة النمل الأبيض علي مستوي قري ومدن المحافظة وتم استصدار قرار فيما يتعلق بالمنشآت الجديدة سواء كانت للأهالي أو منشآت حكومية، أن يتم إصدار رخص المباني وتسليمها للمواطنين، بعد تنفيذ أعمال المكافحة لحشرة النمل الأبيض بواسطة رجال المكافحة بمديرية الزراعة وإصدار شهادة من مديرية الزراعة تؤكد تنفيذ أعمال المكافحة. وصلاحية المبني.
وأشار مجدي المرسي إلي أن أعمال المكافحة بسيطة للغاية بأن يقوم المواطن بحفر خنادق بعمق 50 سنتيمترا أسفل الجدران علي إجمالي المساحة المراد مكافحتها وصب بها المبيد الخاص بالمكافحة لمنع ظهور حشرة النمل الأبيض.
وحول الندوات الإرشادية أكد المرسي أننا نقوم بالتعاون مع قناة طيبة والإذاعة المحلية ومركز النيل للإعلام بعقد ندوات وتوعية المواطنين بخطورة تلك الحشرة وكيف يمكن التغلب علي مشاكلها.
وكيفية المكافحة وتنفيذ أعمال المقاومة لتلك الحشرة للسيطرة علي انتشار تلك الحشرة التي بدأت تنتشر في جميع ربوع المحافظة خاصة المباني الجديدة بأحياء الزهور والمروة والسبط والبلد القديمة بالخارجة والداخلة.