نتانياهو يبحث عن طوق نجاة من قضايا الفساد التي تلاحقه دقت التصريحات الغامضة لرئيس الوزراء نتانياهو كل أجراس الإنذار فيما يتعلق بقانون حصانة النواب والوزراء. فقبل الانتخابات سئل نتانياهو هل سيسعي لو أعيد انتخابه إلي تعديل قانون الحصانة؟ وكانت اجابته المائعة: لا أعتقد اني سأفعل! في هذا الحوار الإعلامي نفي نتانياهو اي علاقة له بمحاولات تعديل القانون المذكور التي قام بها المقربون اليه من نواب الليكود. اليوم تبرز من جديد قضية تعديل قانون الحصانة البرلمانية المعروف في إسرائيل شعبياً باسم القانون الفرنسي والذي يدفع به بنيامين نتانياهو بعد انتخابه مؤخراً ليفلت من المثول أمام القانون والعدالة متحصناً بمنصبه الحكومي. طوال العام الماضي أظهرنتانياهو براعة منقطعة النظير في التلاعب بالسياسة والسياسيين والقدرة علي اقناعهم او تحييدهم واستطاع النجاة من مصير مظلم حين قرر فجأة اللجوء إلي درعه الواقي الأخير وهو الانتخابات المبكرة. الآن وبعد ان انتهت الانتخابات بات نتانياهو في مواجهة احتمال المثول امام القضاء ولم يعد أمامه سوي البحث عن طوق نجاة قانوني وغطاء شرعي يحميه من الوقوف أمام منصة القضاء متهما بالفساد والرشوة وانتهاك الثقة. جوهر التعديلات التي يدفع بها نتانياهو علي قانون حصانة النواب والوزراء هو العودة لصيغته السابقة لما قبل 2005. وفقاً لأول قانون تم تشريعة عام 1951، كان النواب والوزراء يتمتعون بالحصانة التلقائية من المثول امام المحاكم، ومن اجل رفع الحصانة كان علي النائب العام ان يتقدم بطلب إلي اللجنة البرلمانية التي تجتمع وتقترع بالأغلبية ما إذا كان بالإمكان رفع الحصانة عن نائب الكنيست او الوزير أم لا؟ في 2005 تم تعديل القانون باعتبار ان الحصانة ليست حقاً مكتسباً تلقائيا لعضو الكنيست او الوزير. وانه لو قرر المستشار القانوني للحكومة تقديم لائحة اتهام ضد أي من كان فإن الحصانة تسقط تلقائيا. الآن يطالب أعضاء الليكود بتعديل ثان للقانون وإعادته إلي صيغته القديمة. مع ذلك لا يحظي التعديل المطلوب بإجماع حتي علي مستوي الليكود نفسه. فقد شذ عن الأغلبية العضو جدعون ساعر منافس نتانياهو علي زعامة الحزب وصرح تعقيبا علي مطالب بعض اعضاء الحزب بالتعديل: »ان التعديل ليست له اي ميزة بل انه ضار« ثم انضمت اليه نائبة ليكودية اخري واحتدم الخلاف داخل الحزب فضلا عما تثيره المعارضة من انتقادات وتحذيرات من الاطاحة بالديموقراطية التي دأبت الدولة العبرية علي المباهاة بها، ومن تعديل القانون الذي سيحول الائتلاف الحاكم إلي حاضنة تضم تحت سقفها كل المجرمين والخارجين علي القانون. علي حد قول أحد الخبراء القانونيين. علي أية حال لو تم تعديل القانون فسوف يعني هذا انه لو قرر المستشار القانوني للحكومة افيخاي مندلبليت تقديم لائحة اتهام ضد نتانياهو فسيحتاج لتقديم طلب إذن لجنة الكنيست برفع الحصانة ولو صوتت اغلبية اللجنة بالموافقة ساعتها فقط ترفع الحصانة. الأزمة الحقيقية تكمن في ان نتانياهو لا يتحدي بإجراءاته الجديدة قوة القانون وحسب إنما يطيح بصلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا ويتغول عليها ويفعل كل ما في وسعه لتلافي وجود اي سلطة بإمكانهامحاسبته او اخضاعه للقانون. وثمة واقعة وحيدة تثبت ان تعديل القانون وحده لن يكون كافيا لتحصين نتانياهو وتفسر حرصه الجنوني علي نزع صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا. ففي 2003 كانت هناك قضية شهيرة لنائب الكنيست ميخائيل جورلوفسكي الذي قام بالتصويت مرتين وقد رفضت لجنة الكنيست رفع الحصانة عنه لمحاكمته لكن محكمة العدل العليا قررت بالإجماع وبتشكيل موسع ضم سبعة قضاة مثوله امام القضاء. نتانياهو يحاول تلافي هذا المصير بتعديلاته التي شملت إضافة عبارة تسمح للكنيست بتجاهل اي قرارات للمحكمة العيا تتعلق بإدارة البلاد. وبالفعل يعكف اعضاء الليكود علي وضع الآلية التي تسمح بإقصاء المحكمة العليا وإهدار سلطتها. في السياق نفسه تجدر الإشارة إلي ان رئيس الوزراء لن يكون المستفيد الوحيد من تعديل القانون فلو تم التعديل سيستفيد برلمانيون ووزراء من امثال أرييه درعي وحاييم كاتس وديفيد بيطون الخاضعين بدورهم لإجراءات قضائية وبإمكانهم حينئذ استغلال تعديل القانون لصالحهم. • هالة العيسوي