مثلت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي العام الماضى لأوزبكستان أهمية كبيرة للغاية، حيث أنها الزيارة الأولى لرئيس مصري بعد زيارة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الى أوزبكستان في الخمسينات من القرن الماضي، ناهيك عن أن هذه الزيارة تأتي بعد زيارتين لرئيس جمهورية أوزبكستان الأسبق إسلام كريموف اللتين قام بهما في ديسمبر عام 1992 م، وأبريل عام 2007م. إن العلاقات الثنائية بين مصر وأوزبكستان شهدت تطورا ملموسا خلال الفترة الماضية، وقد زار جمهورية مصر العربية خلال شهر أغسطس الماضي وفد مركز الحضارة الإسلامية في اوزبكستان برئاسة مدير المركز سعادة السفير شاه عظيم منورف، واجتمع رئيس الوفد مع قادة الوزارات و الإدارات و المؤسسات العلمية والثقافية في مصر، وقام بزيارة لمتحف الفن الإسلامي في القاهرة ومكتبة الإسكندرية والمعالم والاثار التاريخية في البلاد. وكان الهدف الرئيسي من الزيارة هو إغناء جدول أعمال اللقاء المرتقب بين رئيسي الدولتين في 4 و5 من سبتمر بالمضمون الثقافي والعلمي وكذلك دراسة الخبرة المصرية في إنشاء مؤسسات ثقافية وعلمية وتطوير العلاقات الثقافية والعلمية والتعليمية بين مركز الحضارة الإسلامية والمؤسسات الثقافية والعلمية والتعليمية المصرية مثل جامعة الأزهر الشريف ودار الكتب والوثائق القومية ومتحف الفن الإسلامي ومكتبة الإسكندرية ومركز الإهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وغيرها من المؤسسات. كما زار مصر في شهر أغسطس الماضي وفد إقتصادي كبير ضم الوزراء ومساعدي الوزراء وكبار المسؤولين عن الشركات والمؤسسات الإنتاجية في أوزبكستان برئاسة وزير التجارة الخارجية جمشيد خوجاييف، وزار أعضاء الوفد برفقة شركائهم الجدد مشاريع ومواقع إنتاجية وبحثوا في طرق إقامة التعاون الثنائي وجذب وتوظيف الإستثمارات مستقبلا. وقد إجتمع رئيس الوفد والمرافقون له مع الدكتور محمد سعيد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي والدكتورة سحر نصر وزير الإستثمار والتعاون الدولي والدكتور هشام عرفات وزير النقل والدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة والدكتور محمد معيط وزير المالية والدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة و إستصلاح الأراضي والدكتورة هالة زايد وزير الصحة والسكان والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب و الرياضة والمهندس عمرو نصار وزير التجارة و الصناعة. وتطرق الوزراء بصورة مفصلة الى مسائل كثيرة منها عقد إجتماعات الدورة السابعة للجنة المشتركة المصرية الأوزبكية للتعاون الإقتصادي والتجاري والعلمي والفني وتطوير التعاون الإستثماري بين البلدين عن طريق إقامة منتديات الاعمال على هامش اللجنة المشتركة المصرية الأوزبكية، وتقرر عقد مثل هذا المنتدى في إطار زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأوزبكستان خلال يومي 4 و5 من سبتمبر، حيث شارك فيه ممثلون لكبرى الشركات والمؤسسات الإنتاجية في كلا البلدين لمناقشة مناخ وفرص الإستثمار المتاح في مصر وأوزبكستان ومسائل إنشاء مشاريع جديدة مشتركة وتنشيط التعاون في مجالات السياحة والصيدلة والصحة والنقل والزراعة، وركز فيه الإهتمام الرئيسي على رفع حجم التبادل التجاري الذي لا يزال لا يلبي طموحات الطرفين في ظل القدرات والإمكانيات المتاحة، ويتوقع الطرفان أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من التطور لوجود المساعي الحثيثة لدي كلا البلدين لتعميق الروابط الإقتصادية والتجارية خاصة في ظل الإرادة السياسية، كما تدل على هذا زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأوزبكستان على رأس وفد رسمي مرافق كبير. وقد ناقش الرئيسان في لقاء القمة العلاقات بين كلا البلدين وسبل تطويرها ورفعها الى مستوى جديد نوعيا وكذلك الإتجاهات الرئيسية للتعاون الثنائي والقضايا الإقليمية والدولية، كما شاركا في مراسم التوقيع على عدد من الوثائق في مجالات الإقتصاد والسياسة والعلوم والتعليم والثقافة والسياحة والرياضة والشباب، وهذه الوثائق والاتفاقيات، ستفتح أفاقا جديدة للتعاون المثمر بين الدولتين، خصوصًا وأنه قد صدر عن القمة بيان مشترك لرئيسي الدولتين عكس سعي كلا البلدين إلى تطوير التعاون المتعدد الجوانب والعلاقات الودية بين جمهورية أوزبكستان وجمهورية مصر العربية. وفيما يخص العلاقات بين مصر وأوزبكستان فإنها تغوص في أعماق الماضي البعيد، إذ كان طريق الحرير العظيم يعبر المدن القديمة والمشهورة في أوزبكستان، مثل بخارى وسمرقند وفرغانة وطشقند وخيوه ويربط أقصى الشرق بالغرب والبحر الأبيض المتوسط، وكان هذا الطريق شريانا رئيسيا مكن ليس فقط من تطوير التجارة بين القارات والمناطق المختلفة بل ومن تبادل الثقافات والأفكار والفنون والحرف الشعبية وتداخل العادات والتقاليد أيضا. وقد ساهم إنتشار الدين الإسلامي الحنيف والثقافة الإسلامية في تعزيز العلاقات بين البُلدان، وفي هذه الفترة سافر الى مصر من أوزبكستان التي كانت مشهورة آنذاك بإسم منطقة ماوراء النهر عدد كبير من سكانها، إنهم أحمد بن طولون و إبنه خمارويه و حفيدته قطر الندى من مدينة بخارى ومحمد بن طغج الإخشيد المؤسس الأول للدولة الإخشيدية في مصر وكافور وغيرهم من ممثلي الدولة الإخشيدية والسلطان المملوكي سيف الدين قطز والسلطان أيبيك والأمير أوزبك اليوسفي من منطقة ماوراء النهر. وتجدر الإشارة هنا الى حديقة الأزبكية أحد أعرق الحدائق في مصر. كانت أكثرية سكانها قد إنحدرت من أراضي أوزبكستان و سُميت هذه الحديقة بإسم قوميتهم. و كان العلامة أحمد الفرغاني المنحدر من وادي فرغانه في أوزبكستان قد أنشأ مقياس النيل في القاهرة. و قد نُصب تكريما له تمثال شامخ إفتتحه رئيس جمهورية أوزبكستان الأول إسلام كريموف أثناء زيارته لمصر في عام 2007م. إستراتيجية التنمية في أوزبكستان في 4 من ديسمبر عام 2016 جرت في أوزبكستان انتخابات رئاسية لاختيار رئيس جديد، وقد تنافس فيها أربعة مرشحين من أربعة أحزاب، قدمت لهم اللجنة المشرفة على الانتخابات فرصًا متساوية لتقديم الدعاية الانتخابية وعرض برامجهم على الناخبين، وقد أدلى بأصواتهم 17 مليون و900 الف مواطن ما يمثل 87،83 % من إجمالي عدد الناخبين المدرجين في القوائم، وفقا للمادة 35 من قانون “انتخابات رئيس جمهورية أوزبكستان”، وفاز شوكت ميرضيائيف – الرئيس المؤقت، ورئيس وزراء أوزبكستان في الانتخابات الرئاسية التي جرت في جو من الديموقراطية والنزاهة . كان مرسوم “حول إستراتيجية العمل لمزيد من التنمية في جمهورية أوزبكستان” واحدا من المراسيم الأولى التي صدرت عن فخامة الرئيس شوكت ميرضيائيف – رئيس جمهورية أوزبكستان. لقد حُققت في أوزبكستان خلال سنوات الإستقلال تدابير ملموسة رامية الى بناء دولة المؤسسات و القانون الديموقراطية و المجتمع المدني القوي و تنمية الإقتصاد المتأسس على علاقات السوق الحرة و أولوية الملكية الخاصة و توفير الظروف لحياة الشعب السلمية و المرفهة و إحتلال أوزبكستان لمكانة جديرة بها في الساحة الدولية. وآخذا التقديرات الموضوعية للطريق التي قطعتها أوزبكستان والخبرة المكتسبة ونتائج تحليل النجاحات المحققة خلال سنوات الإستقلال بعين الإعتبار وإنطلاقا من متطلبات العصر تم تحديد مهمات مستقبلية مثل تحديد أهم الأولويات وأدق الإتجاهات لتعميق الإصلاحات الديموقراطية وتطوير البلاد بوتائر سريعة لاحقا. و في سبيل تحقيق هذه المهمات عُقدت جلسات بمشاركة فئات واسعة من السكان و ممثلين للأوساط الإجتماعية ودوائر الإعمال وأجهزة الدولة نوقشت خلالها القوانين المعمول بها والمواد الإعلامية والتحليلية والتقارير والتوصيات المقدمة من قبل المنظمات الدولية والوطنية كما ودُرست في سيرها خبرات البلدان الخارجية المتطورة. وعلى أساس جمع ودراسة و تعميم المقترحات الواردة تم إعداد مشروع مرسوم لرئيس جمهورية أوزبكستان بشأن إستراتيجية العمل الخاصة بتطوير جمهورية أوزبكستان لاحقا. و يقضي مشروع المرسوم هذا بالمصادقة على إستراتيجية العمل الخاصة بخمسة إتجاهات أولوية لتطوير جمهورية أوزبكستان خلال السنوات ما بين 2017 – 2021. و قد وُضع في أساس إستراتيجية العمل مسائل مهمة لتنمية البلاد إجتماعيا و سياسيا و إقتصاديا و ثقافيا أُعلنها من قبل رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف في سير الحملة الإنتخابية و العديد من اللقاءات مع ممثلي الأوساط الإجتماعية و دوائر الأعمال و أجهزة الدولة. وتهدف إستراتيجية العمل الى رفع فعالية الإصلاحات الجاري تحقيقها بصورة جذرية و توفير الظروف لإنجاح سير تطوير الدولة و المجتمع و تجديد البلاد و تحرير جميع مجالات الحياة بوتائر سريعة. وقد تم خاصة تحديد 5 إتجاهات اولوية لتنمية البلاد و هي كالآتي: 1. إستكمال عملية بناء الدولة و المجتمع؛ 2. تأمين أولوية القانون و إصلاح النظام القضائي القانوني لاحقا؛ 3. تطوير و تحرير الإقتصاد؛ 4. تنمية المجال الإجتماعي؛ 5. تأمين الأمن و الوفاق بين القوميات والتسامح الديني وممارسة السياسة الخارجية المتزنة والبناءة ذات المنفعة المتبادلة. ولكل إتجاه من هذه الإتجاهات فصول ملموسة لتعميق الإصلاحات و التحولات في البلاد مستقبلا ويقتضي تحقيق إستراتيجية العمل على خمس مراحل، وفي إطار كل منها ستتم المصادقة على برنامج الدولة السنوي الخاص لتحقيقه وفقا لشعار العام المعلن. وقد تقرر في إطار الإتجاه الأول لبرنامج الدولة ألا وهو إستكمال عملية بناء الدولة والمجتمع تعزيزُ دور “عالى مجلس” (برلمان) في نظام سلطة الدولة وتحسين النشاط التشريعي جذريا ورفع دور الأحزاب السياسية في حياة الدولة. ويُخطط كذلك لتحقيق تدابير خاصة بإستكمال إدارة الدولة وبالدرجة الأولى إصلاح خدمة الدولة وتقليص إدارة الإقتصاد من قبل الدولة وتطوير الأشكال الحديثة للتعاون ذي المنفعة المتبادلة بين قطاع الدولة والقطاع الخاص ونظام “الحكومة الإلكترونية”. وقد أصبح إجراء الحوار الفعال مع الشعب واحدا من المهمات الأكثر أهمية و حيوية لبرنامج الدولة، وبهذا الصدد تقرر إستكمال المراقبة الإجتماعية وتطوير المنظمات غير الحكومية وغير التجارية ووسائل الإعلام العام وكذلك تعزيز دور محليات السكان في حياة المجتمع لاحقا. ويستهدف الإتجاه الثاني من برنامج الدولة إتخاذ تدابير خاصة بتأمين أولوية القانون وإستقلالية القضاء الحقيقية، ويُخطط في هذا السبيل لإنشاء مجلس القضاء الأعلى المدعو الى تأمين إستقلالية القضاء لدي إتخاذ قرارات وتشكيل نخبة من القضاة المحترفين وتحقيق تدابير لحماية حقوق و مصالح القضاة المشروعة. و يُخطط لإستكمال القوانين الإجرائية و التشريعية و ذلك بهدف الحيلولة دون المماطلة و التأخير غير المبرر للنظر في القضايا من قبل المحاكم و توسيع صلاحيات الجهات القضائية العليا لكي تتمكن من إزالة النواقص الموجودة في عمل المحاكم الجزئية بصورة مستقلة و من إصدار قرار نهائي. و يضم هذا الإتجاه كذلك إعداد نظرية الإستكمال اللاحق للقوانين الجنائية و قوانين الإجراءات الجنائية لسنوات 2018 – 2021 و إستكمال نظام التعليم و إختيار و توزيع العاملين على المؤسسات القضائية و أجهزة الأمن و تحليل المراجعات الدائم و تجديد نتائجها الدوري و تطوير المحاماة و إصلاح نظام مكاتب التوثيق و السجل المدني. و يقتضي تحقيق الإجراءات في الإتجاه الثالث أ لا و هو تطوير و تحرير الإقتصاد تأمين إستقرار العملة الوطنية و الأسعار و تطبيق آليات السوق المعاصرة على مراحل لتداول العملة و توسيع قاعدة المداخيل للميزانيات الداخلية و ترسيخ العلاقات الإقتصادية الخارجية و تطبيق التكنولوجيات المعاصرة لإنتاج منتجات و مواد صالحة للتصدير و تطوير البنية التحتية للنقل و اللوجيستيات و رفع الجاذبية الإستثمارية لزيادة الإستثمارات الأجنبية و تحسين الإدارة الضرائبية و تطبيق المبادئ و الآليات المعاصرة لتنظيم النشاط المصرفي و تطوير المزارع المتعددة الفروع و كذلك الإسراع في تطوير السياحة. وهذا الإتجاه يشمل كذلك إتخاذ تدابير لحماية القطاع الخاص وسوق الأوراق المالية وتجديد الزراعة وتطوير مجال صناعة المجوهرات وغيرها. ويُخطط خلال السنوات ما بين 2018 – 2021 لتحقيق برامج في مجالات أخرى تهدف الى توظيف إستثمارات في 649 مشروعا بمبلغ قدره 40 ملياردولار، وهذا سيسمح بزيادة إنتاج البضائع الصناعية خلال 5 سنوات قادمة ب1,5 مرة و رفع حصته في الناتج المحلي الإجمالي من 33,6% إلى 36%، وحصة الصناعة التحويلية من 80% إلى 85%. ويشمل الإتجاه الرابع تطوير المجال الإجتماعي، بموجب إجراءات تقضي برفع إنشغال السكان وإستكمال نظام الرعاية الإجتماعية والصحية لهم وتطوير وتجديد البنية التحتية للنقل وهندسة المواصلات وتحسين تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية والغاز ورفع وضع المرأة في الحياة الإجتماعية و السياسية و إصلاح نظام الرعاية الصحية و رفع مستوى التعليم المتوسط و الإختصاصي المتوسط و التعليم العالي و غيره. و في إطار الإتجاه الخامس الذي ينص على ضرورة تأمين الأمن و الوفاق بين القوميات و التسامح الديني و ممارسة السياسة الخارجية المتزنة و البناءة ذات المنفعة المتبادلة تُتخذ تدابير لحماية النظام الدستوري و السيادة و وحدة أراضي الجمهورية و إستكمال نظام القواعد المعلوماتية و الحقوقية المعيارية في مجال الأمن السيبراني و تنظيم و تطوير نظام إنذار السكان في حالات طارئة و تخفيف آثار كارثة إضمحلال بحر آرال و كذلك وضع نظرية الإتجاهات الأولوية للسياسة في مجال العلاقات بين القوميات و نظرية سياسة الدولة في المجال الديني. وسيُوجه الى تنفيذ جميع التدابير المذكورة أعلاه ضمن برنامج الدولة مبلغ قدره 37,7 تريليون سوم و8,3 مليار دولار أمريكي. و تُشكل لتحديد الإتجاهات الإستراتيجية و الأولوية لتنمية البلاد خلال 5 سنوات قادمة بمرسوم صادر عن رئيس أوزبكستان هيئة وطنية لتحقيق إستراتيجية العمل برئاسة رئيس جمهورية أوزبكستان، وقد كُلفت الهيئات المشكلة لخمسة إتجاهات مذكورة لإستراتيجية العمل بمراقبة تحقيق التدابير بصورة تامة و في الوقت المحدد. كما وكُلفت الهيئات الآنفة الذكر ليس فقط بأداء المهمات المشار اليها أعلاه بل و بإعداد مشروعات لبرامج الدولة السنوية الخاصة لتحقيق إستراتيجية العمل خلال السنوات من 2018 الى 2021. ومن شأن تحقيق هذه الإستراتيجية أن تصبح حافزا قويا لتقدم جمهورية أوزبكستان على طريق الإصلاحات و التجديد في جميع المجالات و بناء دولة المؤسسات و القانون الديموقراطية مع إقتصاد السوق المتطور و المجتمع المدني القوي و تأمين أولوية القانون و الأمن و الهدوء و حرمة حدود الدولة و الوفاق بين القوميات و التسامح الديني و قام الطرفان بإنشاء اللجنة الأوزبكية المصرية المشتركة برئاسة وزيري الاقتصاد في كلا البلدين التي عقدت أول دورة لها في طشقند في حزيران/يونيو عام 1996. و نتوقع أن تنعقد الدورة السابعة في شهر سبتمبر من عام 2019م.. و قد أنشت في مطلع العام الجاري 2019م. مجموعة التعاون المصرية الأوزبكية البرلمانية. إن العلاقات الثنائية بين جمهورية أوزبكستان و جمهورية مصر العربية شهدت تطورا ملموسا خلال الفترة الماضية. حيث مثلت زيارة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية لأوزبكستان في شهر سبتمبر عام 2018م أهمية كبيرة للغاية، حيث أنها الزيارة الأولى لرئيس مصري بعد زيارة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الى أوزبكستان في الخمسينات من القرن الماضي، ناهيك عن أن هذه الزيارة تأتي كما قلت آنفا بعد زيارتين لرئيس جمهورية أوزبكستان الأسبق إسلام كريموف اللتين قام بهما في ديسمبر عام 1992 م، وأبريل عام 2007م. وقد ناقش الرئيسان في لقاء القمة العلاقات بين كلا البلدين وسبل تطويرها ورفعها الى مستوى جديد نوعيا وكذلك الإتجاهات الرئيسية للتعاون الثنائي والقضايا الإقليمية والدولية، كما شاركا في مراسم التوقيع على 11 وثيقة في مجالات الإقتصاد والسياسة والعلوم والتعليم والثقافة والسياحة والرياضة والشباب، وهذه الوثائق والاتفاقيات، ستفتح أفاقا جديدة للتعاون المثمر بين الدولتين، خصوصًا وأنه قد صدر عن القمة بيان مشترك لرئيسي الدولتين عكس سعي كلا البلدين إلى تطوير التعاون المتعدد الجوانب والعلاقات الودية بين جمهورية أوزبكستان وجمهورية مصر العربية. و في شهر أكتوبر عام 2018م قام فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف على رأس وفد مشيخة الأزهر الشريف بزيارة لأوزبكستان بدعوة من رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف إستغرقت 4 أيام. و قد أستقبل فضيلة الشيخ من قبل فخامة الرئيس شوكت ميرضيائيف رئيس جمهورية أوزبكستان و رئيس مجلس الشيوخ ببرلمان أوزبكستان نعمة الله يولداشيف و رئيس مجلس الوزراء عبدالله عارفوف. كما و أجرى فضيلته لقاءات مع مسؤولين أخرين في الدولة. و شهد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب رئيس مجلس حكماء المسلمين توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين جامعة الأزهر الشريف و كل من أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية و مركز الإمام البخاري للبحوث العلمية. و تقلد فضيلته الدكتوراه الفخرية من أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية تقديرا لإسهاماته المتميزة و جهوده الدؤوبة في توضيح سماحة الإسلام و تعزيز ثقافة التسامح و الحوار بين أتباع مختلف الأديان و الثقافات. ومما لا شك فيه أن تبادل الزيارات بين البلدين سيسهم في تطوير العلاقات الودية و رفعها الى مستوى جديد نوعيا. غير أننا نعتبر أنها لا تزال لا تلبي طموحات الطرفين في ظل القدرات و الإمكانيات المتاحة. و نتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من التطور لوجود المساعي الحثيثة لدي كلا البلدين لتعميق الروابط الإقتصادية و التجارية خاصة في ظل الإرادة السياسية. وفيما يخص العلاقات التاريخية بين مصر وأوزبكستان فإنها تغوص في أعماق الماضي البعيد، إذ كان طريق الحرير العظيم يعبر المدن القديمة والمشهورة في أوزبكستان، مثل بخارى وسمرقند وفرغانة وطشقند وخيوه ويربط أقصى الشرق بالغرب والبحر الأبيض المتوسط، وكان هذا الطريق شريانا رئيسيا مكن ليس فقط من تطوير التجارة بين القارات والمناطق المختلفة بل ومن تبادل الثقافات والأفكار والفنون والحرف الشعبية وتداخل العادات والتقاليد أيضا. وقد ساهم إنتشار الدين الإسلامي الحنيف والثقافة الإسلامية في تعزيز العلاقات بين البُلدان، وفي هذه الفترة سافر الى مصر من أوزبكستان أي منطقة ماوراء النهر عدد كبير من سكانها، إنهم أحمد بن طولون و إبنه خمارويه و حفيدته قطر الندى من مدينة بخارى ومحمد بن طغج الإخشيد المؤسس الأول للدولة الإخشيدية في مصر وكافور وغيرهم من ممثلي الدولة الإخشيدية والسلطان المملوكي سيف الدين قطز والسلطان أيبيك والأمير أوزبك اليوسفي من منطقة ماوراء النهر. وتجدر الإشارة هنا الى أن حديقة الأزبكية أحد أعرق الحدائق في مصر. كانت أكثرية سكانها قد إنحدرت من أراضي أوزبكستان و سُميت هذه الحديقة بإسم قوميتهم. و كان العلامة أحمد الفرغاني المنحدر من وادي فرغانه في أوزبكستان قد أنشأ مقياس النيل في القاهرة الذي يرمز الى الصداقة الأبدية بين الشعبين المصري و الأوزبكي. و قد نُصب تكريما له تمثال شامخ إفتتحه رئيس جمهورية أوزبكستان الأول إسلام كريموف أثناء زيارته لمصر في عام 2007م.